الطعن 1459 لسنة 58 ق جلسة 28 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ج 1 ق 157 ص 759

جلسة 28 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعة حسين، فتيحه قرة ومحمد الجابري.
————–
(157)
الطعن رقم 1459 لسنة 58 القضائية

(3 – 1) عقد “تكييف العقد” “العقود الإدارية”. محكمة الموضوع. إيجار “إيجار الأماكن” “عقد الإيجار” “ترك العين المؤجرة”. التزام “أوصاف الالتزام”. أموال “الأموال العامة”. قانون “القانون الواجب التطبيق”. تجزئة.
(1)لمحكمة الموضوع تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها واستخلاص ما عناه المتعاقدان دون الاعتداد بأوصاف وعبارات التعاقد.
(2)العقارات التي تنشئها مجالس المدن لإسكان المواطنين. عدم اعتبارها أموالاً عامة. الأموال العامة. ماهيتها. م 87 مدني. اعتبار العقد إدارياً. شروطه. تخلف هذه الشروط. أثره. اعتبار عقود الإيجار المبرمة بين تلك الجهة والمنتفعين بهذه المباني خاضعة لقواعد القانون الخاص ولو تم وصفها بالتراخيص. علة ذلك.
(3)تحرير مجلس المدينة عقد إيجار شقة النزاع – غير القابلة للانقسام بطبيعتها – للمطعون ضدهما الأول والثاني. أثره. حق كل منهما في الانفراد بالانتفاع بها. تخلي الثاني للأول عنها. لا يعد من قبيل التنازل عن الإيجار المحظور قانونا. م 302 مدني.

—————
1 – المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها من مسائل القانون التي تفصل فيها محكمة الموضوع بما تستخلصه بما عناه العاقدان والتعرف على حقيقة مرماهم دون الاعتداد في ذلك بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمنوها من عبارات.
2 – المقرر – في قضاء المحكمة العليا وقضاء هذه المحكمة – أن العقارات التي تنشئها مجالس المدن لإسكان بعض المواطنين بقصد تخفيف أزمة الإسكان لا تعتبر أموالاً عامة في حكم المادة 87 من القانون المدني ذلك أن الأموال العامة طبقاً لهذا النص هي العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة التي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص، فمعيار التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة، وهذا التخصيص لا يتوافر بالنسبة لهذه العقارات ذلك أن هذه المباني مخصصة لفئة معينة محددة من المواطنين بقصد تخفيف أزمة المساكن ومن ثم تدخل في الملكية الخاصة لمجلس المدينة، كذلك فإن العلاقة بين المنتفعين بها ومجلس المدينة تقوم على أساس تعاقدي وهذا التعاقد لا يتسم بمميزات وخصائص العقود الإدارية، إذ يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه أو يتميز بانتهاج أسلوب القانون العام فيما يتضمن من شروط استثنائية غير مألوفة في روابط القانون الخاص، وهذه الخصائص لا تتوافر في العقود المحررة بين مجلس المدينة والمنتفعين بهذه المباني، أما الشروط غير المألوفة المنصوص عليها في هذه العقود فضلاً عن أنها لا تكفي وحدها لاعتبار العلاقة عقداً إدارياً مع تخلف الخصيصتين الآخرتين المميزتين للعقود الإدارية آنفة الذكر فإن تلك الشروط مألوفة مع نوع خاص من العقود المدنية وهي عقود الإذعان وقد نظمها القانون المدني بنصوص تكفل دفع أضرارها عن الطرف الضعيف في التعاقد، ومن ثم فإن هذه العقود من قبيل عقود الإيجار التي يطبق في شأنها قواعد القانون الخاص ولا يغير من هذا النظر ما وصفت به هذه العلاقة في العقود بأنها تراخيص إذ العبرة في هذا الشأن بحقيقة العلاقة وفقاً للتكييف الصحيح.
3 – إذ كان الواضح من بيانات – عقد النزاع – أنه حرر لمصلحة المطعون ضدهما الأول والثاني بما يفيد تعدد المستأجرين لعين النزاع وقد انصرفت نية الطرفين وقت التعاقد إلى انصراف الأثر القانوني للعقد إليهما بما يرتبه من حقوق ويفرضه من التزامات فيعتبر كل منهما مستأجراً للعين، وأنه ليس هناك ثمة ما يمنع في القانون أن ينفرد أحدهما بالانتفاع بالعين ولا يعد ذلك من قبيل التنازل عن الإيجار المحظور في العقد ونصوص قوانين إيجار الأماكن، إذ أن حق كل منهما بالانتفاع بالعين كاملاً ناشئ عن عقد الإيجار ذاته الذي لم يخصص لكل منهما الانتفاع بجزء معين ومن ثم فإن تخلي المطعون ضده الثاني أحد المستأجرين للمطعون ضده الأول لا يعد تنازلاً حظره العقد أو القانون إذ أنه عملاً بالمادة 302 من القانون المدني إذا تعدد الدائنون – المستأجرون – في الانتفاع بالعين المؤجرة وكان محل هذا الالتزام بحسب طبيعته وشروط العقد غير قابل للانقسام لا يعتبر المستأجر المتنازل إليه من الغير الذي يحظر القانون التنازل له.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – وبالقدر اللازم لحاجة هذا الطعن – في أن المطعون ضده الأول أقام على المطعون ضده الثاني الدعوى رقم 4050 سنة 1986 مدني أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية للحكم في مواجهة الطاعن بصفته بصحة ونفاذ التنازل عن إيجار الشقة المبينة بالصحيفة والمؤرخ 25/ 3/ 1978 الصادر له من المطعون ضده الثاني، وفي بيان ذلك يقول إنه والمطعون ضده الثاني استأجرا الشقة محل النزاع من الطاعن بموجب عقد مؤرخ 1/ 9/ 1975، وإذ تنازل له المطعون ضده الثاني عن حقه في الإيجار بموجب هذا الإقرار فأقام الدعوى. أجابت المحكمة المطعون ضده الأول إلى طلباته، استأنف الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 638 لسنة 19 ق استئناف طنطا “مأمورية شبين الكوم” وبتاريخ 3/ 2/ 1988 قضت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن بصفته في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي بهما الطاعن – بصفته – على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول إن الشقة محل النزاع من المساكن المتوسطة المملوكة لهيئة الأوقاف، ويقوم مجلس المدينة بالترخيص بشغلها للانتفاع بها لإيواء من أخليت مساكنهم بسبب الكوارث وحالات الضرورة ولا يعتبر شاغل هذه الوحدات مستأجراً أصلياً فلا يحق له التنازل عنها للغير ولو كان مرخصاً له بالانتفاع بها، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بصحة ونفاذ التنازل الصادر من المطعون ضد الثاني إلى المطعون ضده الأول عن حقه في استئجار الشقة محل النزاع بدون موافقة كتابية منه – أي الطاعن – بصفته مؤجراً فإنه يكون قد خالف الحظر الوارد في الترخيص المؤرخ 1/ 9/ 1975 والحظر الوارد في المادة 18 من القانون رقم 136 لسنة 1981 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تكييف العقود وإنزال حكم القانون عليها من مسائل القانون التي تفصل فيها محكمة الموضوع بما تستخلصه بما عناه العاقدان والتعرف على حقيقة مرماهم دون الاعتداد في ذلك بما أطلقوه عليها من أوصاف وما ضمنوها من عبارات، ومن المقرر – في قضاء المحكمة العليا وقضاء هذه المحكمة – أن العقارات التي تنشئها مجالس المدن لإسكان بعض المواطنين بقصد تخفيف أزمة الإسكان لا تعتبر أموالاً عامة في حكم المادة 87 من القانون المدني ذلك أن الأموال العامة طبقاً لهذا النص هي العقارات والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة التي تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار جمهوري أو قرار من الوزير المختص، فمعيار التعرف على صفة المال العام هو التخصيص للمنفعة العامة، وهذا التخصيص لا يتوافر بالنسبة لهذه العقارات ذلك أن هذه المباني مخصصة لفئة معينة محددة من المواطنين بقصد تخفيف أزمة المساكن ومن ثم تدخل في الملكية الخاصة لمجلس المدينة، كذلك فإن العلاقة بين المنتفعين بها ومجلس المدينة تقوم على أساس تعاقدي وهذا التعاقد لا يتسم بمميزات وخصائص العقود الإدارية، إذ يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه أو يتميز بانتهاج أسلوب القانون العام فيما يتضمن من شروط استثنائية غير مألوفة في روابط القانون الخاص، وهذه الخصائص لا تتوافر في العقود المحررة بين مجلس المدينة والمنتفعين بهذه المباني، أما الشروط غير المألوفة المنصوص عليها في هذه العقود فضلاً عن أنها لا تكفي وحدها لاعتبار العلاقة عقداً إدارياً مع تخلف الخصيصتين الآخرتين المميزتين للعقود الإدارية آنفة الذكر فإن تلك الشروط مألوفة مع نوع خاص من العقود المدنية وهي عقود الإذعان وقد نظمها القانون المدني بنصوص تكفل دفع أضرارها عن الطرف الضعيف في التعاقد، ومن ثم فإن هذه العقود من قبيل عقود الإيجار التي يطبق في شأنها قواعد القانون الخاص ولا يغير من هذا النظر ما وصفت به هذه العلاقة في العقود بأنها تراخيص إذ العبرة في هذا الشأن بحقيقة العلاقة وفقاً للتكييف الصحيح. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق – ولا خلاف فيه بين الطرفين – أن مسكن النزاع مملوك للهيئة العامة للأوقاف ويقوم مجلس مدينة شبين الكوم بشغله وغيره من الوحدات السكنية للانتفاع بها لحل أزمة المساكن ولإيواء من أخليت مساكنهم بسبب الكوارث وحالات الضرورة كالهدم وانهيار المساكن، ومن ثم فإن التعاقد المؤرخ 1/ 9/ 1975 بشأن مسكن النزاع هو في حقيقته يكشف عن علاقة إيجارية من علاقات القانون الخاص وليس عقد إدارياً حيث إن هذا العقد لا يتصل بمرفق عام ولما كان الواضح من بيانات العقد أنه حرر لمصلحة المطعون ضدهما الأول والثاني بما يفيد تعدد المستأجرين لعين النزاع وقد انصرفت نية الطرفين وقت التعاقد إلى إحداث الأثر القانوني للعقد إليهما بما يرتبه من حقوق ويفرضه من التزامات فيعتبر كل منهما مستأجراً للعين، وأنه ليس هناك ثمة ما يمنع في القانون أن ينفرد أحدهما بالانتفاع بالعين ولا يعد ذلك من قبيل التنازل عن الإيجار المحظور في العقد ونصوص قوانين إيجار الأماكن، إذ أن حق كل منهما بالانتفاع بالعين كاملاً ناشئ عن عقد الإيجار ذاته الذي لم يخصص لكل منهما الانتفاع بجزء معين ومن ثم فإن تخلي المطعون ضده الثاني أحد المستأجرين للمطعون ضده الأول لا يعد تنازلاً حظره العقد أو القانون إذ أنه عملاً بالمادة 302 من القانون المدني إذا تعدد الدائنون – المستأجرون – في الانتفاع بالعين المؤجرة وكان محل هذا الالتزام بحسب طبيعته وشروط العقد غير قابل للانقسام لا يعتبر المستأجر المتنازل إليه من الغير الذي يحظر القانون التنازل له. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد أورد في مدوناته “……. وحيث إن حق المستأجر على العين المؤجرة هو في طبيعته حق شخصي وليس حقاً عينياً وهو بهذه المثابة يعتبر مالاً منقولاً ولو كان محل الإجارة عقاراً ومن ثم يترتب على ذلك جواز أن يرد عليه ما يمكن أن يرد على الحقوق الشخصية من تصرفات فيجوز نقله إلى الغير معاوضة أو تبرعاً ويجوز استغلاله عن طريق تأجيره من الباطن أو التنازل عنه ما لم يقض الاتفاق أو القانون بغير ذلك، ولما كان موضوع الدعوى الماثلة هو طلب الحكم بصحة ونفاذ إقرار التنازل المؤرخ 25/ 3/ 1978 الصادر من المدعي عليه الأول للمدعي في مواجهة المدعى عليه الثاني. وكان الثابت لهذه المحكمة من مطالعة الإقرار أنه يتضمن تنازل المدعى عليه الأول عن الشقة رقم…… مدخل……، بمساكن الأوقاف الجديدة المؤجرة من المدعى عليه الثاني وأن المدعي أصبح المستأجر للشقة من تاريخ التنازل ومن ثم فإن هذا الإقرار لا يتضمن ما يخالف القانون أو النظام العام أو حسن الآداب العامة وصحيح ونافذ في حق المدعى عليه الأول ولا ينال من ذلك ما نصت عليه المادة 18/ حـ من حظر تنازل المستأجر عن المكان المؤجر أو تأجيره من الباطن بغير إذن كتابي صريح من المؤجر لأن الثابت للمحكمة من مطالعة ترخيص شغل المدعي والمدعى عليه الأول للشقة محل الترخيص أنه يبدأ في 1/ 9/ 1975 ورخص فيه المدعى عليه الثاني للمدعي والمدعى عليه الأول بشغل والانتفاع بالشقة محل الترخيص ومن ثم فكل منهما مرخص له بالانتفاع بشقة التداعي وليس هناك ما يمنع أيّاً منهما أن يتنازل للآخر عن الانتفاع وسكنى الشقة بمفرده وأن ذلك لا يعد تنازلاً عن مكان مؤجر لأن كلاًّ منهما يعد مستأجراً أصلياً للشقة محل الترخيص ومن حقه أن يسكنها وأفراد أسرته إذا تنازل له المستأجر الآخر إذ أن المدعى عليه الثاني قد رخص لكل منهما بسكنى الشقة، وإذ انتهت المحكمة إلى ما تقدم فإنها تجيب المدعي إلى طلبه في الدعوى وتقضي بصحة ونفاذ الإقرار سند الدعوى المؤرخ 25/ 3/ 1987 لأنه صادف محله من الواقع والقانون…..” وأضاف إليها الحكم المطعون فيه “وكان الواقع في الدعوى أخذاً من أسباب الاستئناف أن المستأنف يدعي بحدوث تنازل من المستأنف عليه الثاني عن حقه في الانتفاع بالعين المؤجرة للمستأنف عليه الأول وكان الحكم الابتدائي قد أسس قضاءه برفض ذلك الدفاع على سند من أن كلا المستأنف عليهما مستأجران لعين التداعي بموجب عقد واحد مؤرخ 1/ 9/ 1975 من حجرتين وكلاهما مستأجران أصليان وكانا يقيمان بالعين مع ذويهما وهو ما لم يجادل فيه المستأنف وأنه ليس هناك تنازل عن استغلال حق الإجارة أو التنازل عنها لغير المستأجرين الأصليين أو تقاضي مقابل عنها كما وأن الثابت من عقد الإيجار سالف الذكر أنه صدر للمستأنف عليهما على الشيوع وليس عن جزء مفرز لكل منهما أو أجرة خاصة بكل واحد منهما بل أن القيمة الإيجارية عن العين جميعها وقدرها 5 ج و250 م شهرياً بخلاف المياه والإنارة ورسم النظافة الأمر الذي تنتفي معه واقعة التأجير من الباطن ويضحى النعي على الحكم المستأنف بالسببين المشار إليهما على غير سند من القانون خليقاً بالرفض” وكانت هذه الأسباب سائغة وتتفق مع عبارات العقد الواضحة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم وهي صحة ونفاذ إقرار التنازل المؤرخ 25/ 3/ 1978 الصادر من المطعون ضده الثاني أحد المستأجرين إلى المطعون ضده الأول المستأجر الآخر فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أعمل حكم القانون ويضحى النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .