الطعن 2446 لسنة 58 ق جلسة 28 / 5 / 1992 مكتب فني 43 ج 1 ق 158 ص 766

جلسة 28 من مايو سنة 1992
برئاسة السيد المستشار/ محمد خيري الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، عبد العال السمان، محمد محمد محمود نواب رئيس المحكمة ومصطفى نور الدين فريد.
————–
(158)
الطعن رقم 2446 لسنة 58 القضائية

(4 – 1)مسئولية “المسئولية التقصيرية: عناصرها” “مسئولية المتبوع” “المسئولية عن النشر”. محكمة الموضوع. تعويض.
1 – علاقة التبعية. وجوب أن يكون للمتبوع سلطة فعلية – طالت مدتها أو قصرت – في إصدار الأوامر للتابع بأداء عمل معين لحساب المتبوع.
2 – النقد المباح هو مجرد إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته.
3 – تناول القضايا بالنشر باعتبارها من الأحداث العامة. ليس بالفعل المباح على إطلاقه وإنما محدد بالضوابط المنظمة له. مناطها. المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحقوق العامة واحترام حرية الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم أو انتهاك محارم القانون.
4 – محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير عناصر الضرر الموجب للتعويض واستخلاص علاقة السببية بينه وبين الخطأ متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.

————-
1 – من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص المادة 174 من القانون المدني أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعلية – طالت مدتها أو قصرت – في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقه أداء عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها حتى ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار التابع.
2 – من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به والحط من كرامته.
3 – إنه ولئن جاز للصحف – وهي تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع تناول القضايا بالنشر باعتبارها من الأحداث العامة التي تهم الرأي العام إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه وإنما هو محدد بالضوابط المنظمة له ومنها أن يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون.
4 – تقدير عناصر الضرر الموجب للتعويض واستخلاص علاقة السببية بينه وبين الخطأ من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنين وأمين عام الحزب الوطني الديمقراطي الدعوى رقم 8439 سنة 1982 مدني محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له تعويضاً مقداره مائة ألف جنيه ونشر الحكم الذي يصدر، وقال في بيانها إنه بتاريخ 14/ 9/ 1984 نشرت جريدة مايو التي يرأس الطاعن الأول مجلس إدارتها ويعمل الثاني رئيس تحريرها مقالاً ذكر فيه أنه عميل لدولة أجنبية ويتعاون مع أجهزة مخابراتها، وإذ كان الغرض من هذا النشر هو التشهير به، وقد أدى إلى وقف التعامل مع مجلة الموقف العربي التي يرأس تحريرها وأصابه بضرر يقدر التعويض عنه بالمبلغ المطالب به أقام الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت بتاريخ 26/ 11/ 1985 بعدم قبول الدعوى بالنسبة لأمين عام الحزب الوطني وإلزام الطاعنين متضامنين بتعويض مقداره عشرة آلاف جنيه ونشر الحكم. استأنف الطاعنات هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 880 لسنة 103 ق كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 7927 لسنة 102 ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 12/ 4/ 1988 في الاستئناف الأول بتعديل الحكم المستأنف بإنقاص التعويض المقضي به إلى خمسة آلاف جنيه، وفي الاستئناف الثاني برفضه. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت لنظره جلسة وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعنان بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولان إنهما دفعا بعدم قبول الدعوى ضد الطاعن الأول – بصفته رئيس مجلس إدارة مؤسسة مايو للنشر – لأن صحيفة مايو مملوكة للحزب الوطني الديمقراطي وتقوم دار مايو بإدارتها فيما يتعلق بالطباعة والإعلان والتوزيع فقط أما رئيس تحرير الصحيفة ومحرريها فإنهم تابعين للحزب الوطني وبالتالي لا تسأل دار مايو عن أعمالهم طبقاً للمادة 174 من القانون المدني إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع وانتهى إلى مسئولية الطاعن الأول عن تعويض الضرر الذي أصاب المطعون ضده استناداً إلى مسئولية المتبوع عن أعمال التابع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص المادة 174 من القانون المدني أن علاقة التبعية تقوم على توافر الولاية في الرقابة والتوجيه بأن يكون للمتبوع سلطة فعلية – طالت مدتها أو قصرت – في إصدار الأوامر إلى التابع في طريقه أداء عمل معين يقوم به التابع لحساب المتبوع وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته على الخروج عليها حتى ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار التابع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى توافر علاقة التبعية بين الطاعن الأول والطاعن الثاني على ما أورده بأسبابه من أن امتلاك الحزب الوطني لصحيفة مايو لا يؤثر في توافر مسئولية الطاعن الأول عما تنشره لأنه بصفته رئيساً لمجلس إدارة مؤسسة مايو للنشر يعد رئيساً مباشراً للطاعن الثاني الذي يعمل رئيساً للتحرير بها ورتب على ذلك تحقق مسئولية الطاعن الأول عن أعمال رئيس تحرير الجريدة التي نشرت المقال محل النزاع وكان ما خلص إليه الحكم في هذا الشأن له معينه في أوراق الدعوى ويؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ويتفق والتطبيق الصحيح للقانون فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان إنه على الرغم من أن ما نشر بصحيفة مايو عن المطعون ضده يدخل في حدود النقد المباح لتعلقه بنشاطه في حزب سياسي مناهض لنظام الحكم ولا يمس صفاته الشخصية، وأن الأخير لم يقدم للمحكمة الدليل على أن هناك ضرراً لحقه من هذا النشر وعناصر هذا الضرر وخطأ الصحيفة – على فرض حدوثه – غير متوافرة لأن أجهزة الإعلام الأخرى تصدت لنشر هذا الخبر بما يستغرق خطأ الصحيفة فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى مسئوليتهما عن تعويض المطعون ضده يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن النعي مردود في وجهه الأول ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به والحط من كرامته، أنه ولئن جاز للصحف – وهي تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع – تناول القضايا بالنشر باعتبارها من الأحداث العامة التي تهم الرأي العام إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه وإنما هو محدد بالضوابط المنظمة له ومنها أن يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم وسمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى توافر الخطأ في حق الطاعنين استناداً إلى أن الجريدة التي يمثلانها انفردت بنشر خبير تضمن بين طياته المساس باعتبار ومكانة المطعون ضده بأن وصفته بأنه من عملاء المخابرات السوفيتيه في حزب التجمع بمصر وأن ذلك لم يكن نشراً لإجراءات قضائية علنية وإنما كان في نطاق نشر التحقيقات الأولية المنسوبة إليه، وكان هذا الذي أورده الحكم كافياً في إثبات الخطأ التقصيري في جانب الطاعنين ومن شأنه أن يؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من مساءلتهما عن الضرر الذي لحق المطعون ضده بسبب هذا الخطأ فإن ما يثيره الطاعنين في هذا الشأن يكون غير سديد.
والنعي مردود في وجهه الثاني بأن تقدير عناصر الضرر الموجب للتعويض واستخلاص علاقة السببية بينه وبين الخطأ في من سلطة محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، وإذ كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد أورد في توافر ركن الضرر القول “أن هناك ضرراً أدبياً أصاب المدعي من جراء نشر المقال أثناء التحفظ عليه والتحقيق معه يتمثل في المساس بشرفه واعتبار بوصفه عميلاً بما ينطوي عليه هذا الوصف من صفة الخيانة والرشوة واحتقاره عند أهل وطنه ومما يزيد من جسامة الضرر أن المدعى يعمل صحفياً وناشراً فهذا الوصف يكون أشد أثراً عليه من آحاد الناس” كما أورد الحكم المطعون فيه في مجال تأسيس قضائه بتوافر علاقة السببية بين الخطأ الذي وقع من الطاعنين وهذا الضرر ما يلي “الثابت بالأوراق أن جريدة مايو قد انفردت دون غيرها بالموضوع الذي نشرته في عددها الصادر في 14/ 9/ 1984 بالنسبة للمستأنف عليه – المطعون ضده – إذ لم تنسب جريدة الأهرام أو الجمهورية المشار إليهما بحافظة المستأنفين للمستأنف عليه المنسوب إليه بصحيفة مايو وعلى التفصيل الوارد بالخبر” لما كان ذلك وكان استخلاص الحكم لعناصر الضرر وتوافر علاقة السببية بينه وبين الخطأ الذي وقع من الطاعنين يقوم على أسباب تكفي لحمله وتؤدي إلى ما رتبه عليها فإن النعي بهذا الوجه لا يعدو أن يكون جدلاً في سلطة محكمة الموضوع لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .