حقوق الإنسان بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي المعاصر

الدكتور خـالـد محمد أبـو شعيـرة ، جامعة حائل- المملكة العربية السعودية

الملخص

هدفت الدراسة إلى تسليط الضوء على حقوق الإنسان في الفكر الإسلامي والفكر الغربي المعاصر، وإبراز اهتمام المفكرين المسلمين والمعاصرين في مجال حقوق الإنسان، بغرض الوصول إلى صورة توفيقية تجمع أفضل ما في الفكرين تتمثل فيهما الأصالة والمعاصرة، وقد استخدم الباحث المنهج النظري مستعيناً بالوصف والتحليل، وخلص إلى أنّ النّظرة الإسلامية المعاصرة لحقوق الإنسان شاملة لجميع أنواع الحقوق؛ كحرية الاعتقاد والفكر، والعمل، والتعليم، وحق الحياة، والحرية الشخصية، وحماية الأموال والأعراض، وحقوق الأطفال، والمرأة، والمساواة أمام القانون، ومكافحة التمييز العنصري، كما أظهرت الدراسة بروز الأصالة والاستقلالية في الحقوق والحريات في الفكر الإسلامي والتوازن في التشريع، وأن أوجه التلاقي إسلامياً وعالمياً في مجال حقوق الإنسان قد برز في الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان عام (1990)، والذي جاء ليؤكد المساهمة في جهود البشر المتعلقة بحقوق الإنسان التي تهدف إلى حمايته من الاستغلال والاضطهاد، وتؤكد على حريته وحقه في الحياة الكريمة والتي تتفق مع الشريعة الإسلامية، مما يدلل على أنَّ كثيراً من هذه المبادئ كان لها جذور متأصلة في الفكر الإسلامي.

الكلمات المفتاحية: حقوق الإنسان، الفكر الإسلامي، الفكر الغربي.

Abstract:

This study aimed at highlighting the human rights in the Islamic and the contemporary western thoughts, and clarifying the interest of the Islamic and the contemporary Western thinkers in this matter in order to get a reconciliation assembling the best of the two thoughts, since representing the originality and contemporaneous. The researcher used the descriptive analytical theoretical approach, The results showed that the Islamic and the contemporary perspectives comprehending all the rights such as: the freedom of thought and belief, work, learning, live, woman rights, equity in front of the law, and struggling the discrimination.

The results also clarifying autonomy and originality in the rights and freedom in Islamic thought, and the equilibrium of legislation, Moreover, the similarities of the human rights in Islam and the West appear in the World Declaration for Human Rights in 1990, which emphasized the contribution in the efforts on this field that aimed at prevent the utilization and persecution, it also emphasized on human rights in freedom and good life which share with the Islamic Sharia (Law), which reveals that the most previous principles originate in the Islamic Thought, In the light of the results the researcher suggests some recommendations.

Key words: human rights, Islamic thought, Western thought)

مقـــدمـــة

يقر الإسلام مبدأ المساواة بين الناس في القيم الإنسانية المشتركة، فالناس متساوون في طبيعتهم البشرية، وليس هناك جماعة تفضل غيرها بحسب عنصرها الإنساني، وخلقها الأول، وانحدارها من سلالة واحدة، وإنّما التفاضل بين الناس إ يقوم على أمور أخرى خارجة عن طبيعتهم وعناصرهم وسلالاتهم وخلقهم الأول، فيقوم على أساس تعاونهم في الكفاية والعلم والأخلاق والأعمال. وقد حرصت التربية الإسلامية على تقرير هذه المساواة في أكمل صورها، وجعلتها من العقائد الأساس التي يجب أن يدين بها كل مسلم، واتخذتها أساساً لجميع ما سنته للمجتمعات من تشريع وما منحته للإنسان من حقوق، وفي هذا يقول الله: {يا أيها الناسُ إِنا خلقناكُم من ذكرٍ وَأُنثى وَجَعَلناكُم شُعوباً وقبائل لِتعارفُوا إنَّ أكْرَمكُم عند اللهِ أتقاكُم، إِن الله عليم خبير} ([1])، أي أنكم جميعاً منحدرون من أب واحد وأم واحدة، فلا فضل لأحدكم على الآخر بحسب عنصره وطبيعته، وإذا كان الله تعالى قد جعلكم شعوباً وقبائل فإنه لم يجعلكم كذلك لتفضيل شعب على شعب ولا قبيلة على قبيلة، وإنما قسّمكم هذا التقسيم ليكون ذلك وسيلة للتعاون والتميز، كشأن الأفراد يحمل كل منهم اسماً ليعرف به ويتميز عن سواه، والفاضل بينكم في نظر الله إنما يجري على أساس أعمالكم ومبلغ محافظتكم على حدود دينكم، فأكرمكم عند الله اتقاكم([2])، الكرامة الإنسانية تستوجب للفرد حقوقاً كثيرة منها: حق الله ورسوله، وحق الحياة الكريمة، وحفظ النفس، وحق التملك والكسب، وحق الوالدين، وحق الأولاد، وحق الأقارب، وحق الزوجين، وحق الولادة والرعاية، وحق الجيران، وحق المسلمين عامة، وحق غير المسلمين([3]).

ويقرر النبي صلى الله عليه وسلم مبدأ المساواة في أقوى عبارة وأبلغها دلالة في خطبة الوداع التي جعلها دستوراً للمسلمين من بعده: “يا آيها الناس! إنّ ربكم واحد، وإنّ أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، إلا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أبيض، ولا لأبيض على أحمر فضلٌ إلا بالتقوى، إلا هل بلغت؟! اللهم فاشهد، إلا فليبلغ الشاهد منكم الغائب”([4])، وقد سمع الرسول صلى الله عليه وسلم أبا ذر الغفاري يحتد على بلال بن رباح بقوله له: “يا ابن السوداء، فغضب عليه الصلاة والسلام غضباً شديداً وانتهر أبا ذر وقال له: إنك أمرؤ فيك جاهلية! ليست لإبن البيضاء على إبن السوداء فضل إلا بالتقوى أو عمل صالح“([5]).

ومن هذا يتبين لنا الفتح العظيم الذي فتحه الإسلام في تاريخ النظم الاجتماعية، إذ قضى بما قرره في صدد المساواة بين الناس في القيمة الإنسانية المشتركة على جميع ما كان سائداً في الأمم والشرائع السابقة له من أنواع التفرقة العنصرية وما شاكلها، وأقام بذلك العلاقات بين الناس على أسس عادلة كريمة.

وسجلت مبادئ حقوق الإنسان في المجتمعات المعاصرة في الآونة الأخيرة اهتماماً دولياً من قبل الكثير من المسئولين في دول العالم المتقدم والدّول النامية، واحتلت مكانة لائقة في مناهج التعليم وفي وسائل الإعلام وعلى ألسنة الناس، ولقد أسهمت مبادئ حقوق الإنسان في الحفاظ على كثير من القيم الإنسانية في العالم المعاصر بنصيبٍ كبير، ولأهميتها أنشئت لها معاهد وكليات ومراكز وهيئات متخصصة عديدة، هذا كله جعل الجماهير تعلق أمالها وطموحاتها على النتائج التي تتمخض عنها، الأمر الذي مهدّ لها لتصبح أكثر إلحاحاً في هذا العصر الذي نعيش فيه المليء بالمآسي والآلام، ومن هنا برزت الحاجة إلى الدفاع عن المحرومين والمساكين والمستضعفين في الأرض، ليجيرهم من عذاب المتجبرين في الأرض ويكفيهم الشرور، ويقف بجانبهم وقت النوازل والكوارث.

إن التدخل الإنساني في ظل القانون الدولي المعاصر تعددت صوره وأشكاله، حيث هو كل تدخل يهدف إلى حماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ويمكن أن يكون عسكرياً أو دبلوماسياً، وليشمل المواطنين والأجانب، هذه بالإضافة إلى التدخل الإنساني المعاصر والذي يمكن أن تقوم به دولة أو مجموعة من الدول أو منظمة دولية عالمية أو إقليمية أو دولة أو مجموعة دول في إطار الأمم المتحدة([6])، فالبعض عدّوا التدخل “حقاً”إذا كان الأمر يتعلق بتأمين المرور إلى الضحايا، و”واجباً” إذا كان التدخل الإنساني يسعى إلى احترام الحقوق الأساسية للفرد كالحق في الحياة، لكن هذا التدخل لا يكون دائما إنسانيا بل يكون مغلفا في معظم الأحيان بدوافع اقتصادية وعسكرية.

ومن الملاحظ أنّ الذين يتحدثون عن حقوق الإنسان ينطلقون من منطلقات أيديولوجية متنوعة، فهي إما ديمقراطية كما هو الحال في المجمعات الغربية ذات النظم الليبرالية التي تختار مبادئها من فلسفة براجمايتة مادية نفعية أرضية، أو كما هو الحال في الدول الاشتراكية التي تختار مبادئها من فلسفة اشتراكية ونظم استبدادية شيوعية، فكل من هذه النظم تحدد علاقتها بالإنسان بقدر ما يخدم أغراضه ويحقق أهداف رسالتها([7]).

الدراسات السابقة: تمَّ الإطلاع على الدراسات العربية والأجنبية التي أجريت في مجال حقوق الإنسان، وقد تضمنت هذه الدراسة الدراسات الأكثر ارتباطاً بالأهداف التي تسعى لتحقيقها، ففي دراسة قامت بها الشرافي([8]) هدفت إلى معرفة واقع التّربية على حقوق الإنسان، وتم إعداد أربع استمارات وجهت إلى وزارات التربية في إحدى وعشرين دولة عربية و(200) مؤسسة في التعليم العالي و(50) منظمة عربية غير حكومية، وتوصلت الدراسة إلى نتائج: غياب استراتيجية عربية في مجال التربية على حقوق الإنسان، وغياب التشريعات الخاصة بالتربية على حقوق الإنسان. وفي دراسة قام بها “Charles ” ذكرها آغا([9])، هدفت إلى معرفة العلاقة بين التربية المدنية والصّحافة وحقوق الإنسان في السلوك الديمقراطي، أجريت الدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، استخدم قيها الباحث الأسلوب التجريبي على عينة بلغت (648) توصل الباحث إلى أنّ هناك علاقة طرديه في سلوك الأفراد وقدرتهم على التّحكم في سلوكهم الإيجابي، وقد أوصى بضرورة أن تكون المواطنة والتربية المدنية قد علمت ما قبل المدرسة لأنها تؤثر من خلال حياة الفرد، وأنّ تكون بمثابة خبرة دائمة للتعلم، وأن لم يتعلم الفرد حقوق الإنسان فإنه حقاً لا ينال إلا بالديمقراطية.

أما دراسة قاقيش([10])، فقد هدفت مساعدة المعلمين والمعلمات في شرح مبادئ حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي، ومساعدتهم على الربط بين النشاط وبين المنهج المقرر بتوفير بيئة صفية مناسبة وجو مريح لتطبيقه، وقد خلص إلى وضع دليل يدرس حقوق الإنسان من خلال التعلم التعاوني، والمناقشة والحوار ولعب الأدوار والقصة. أما “Wade “([11]) فقد قامت بدراسة هدفت تصميم منهج لحقوق الإنسان للصف الرابع من المدارس الحكومية، وذلك من خلال ممارسة الديمقراطية في الفصول، توصلت إلى أنّ خبرة الطلاب الشخصية ومستوى النمو ومستوى العائلة والخلفية الثقافية، قد أثرت على أفكار الطلاب واهتماماتهم بشدة، وبالتالي على تعلم حقوق الإنسان، كما أنّ استخدام الديمقراطية في الفصول أعطى العديد من الطلاب الفرصة لتعليم أفضل، وهدفت دراسة الجرباوي([12]) إلى بيان أنّ تعليم حقوق الإنسان ليس تعليماً تقليدياً، وقد توصل من خلال دراسته وجود محورين لإدخال مجال تعليم حقوق الإنسان للمدارس، أحدهما يقوم على تخصيص حصص محددة لتعليمها بصورة منفصلة عن غيرها من المواد التدريسية، والآخر على اندماجها مع غيرها.

أما دراسة وافي([13])، والتي هدفت إلى التعرف على صورة حقوق الإنسان في الإسلام، وقد خلص إلى أنّ شريعة الإسلام سبقت كل الشرائع في التأكيد على حقوق الإنسان، وأنّ الأمم الإسلامية في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، والخلفاء الراشدين من بعده كانت أسبق الأمم في السير عليها، وأنّ الدول الديمقراطية الحديثة نفسها لا تزال إلى الوقت الحاضر متخلفة في هذا الصدد تخلفاً كبيراً عن النظام الإسلامي.

إن دراسة حقوق الإنسان في الفكر الإسلامي موضوع هام وضروري، وذلك لبيان دور الإسلام وشريعته الغراء في حفظ وحماية وصيانة هذه الحقوق، وتزداد أهمية هذا النوع من الدراسات بعد أن أزداد تعقد العلاقات الدولية والإنسانية، وأصبح العالم يعيش أزمة أخلاقية في ظل ظروف انتهكت فيها الكثير من حقوق البشر وحرياتهم في شرق العالم وغربه، ومن أقصاه إلى أقصاه، كما اختلفت النظرة إلى حقوق الإنسان بين أصحاب النظريات كلٌ وفق منطلقاته.

مشكله الدراسة: حدّدت مشكلة الدّراسة بالسّؤال الرئيس التالي: “ما هي صورة حقوق الإنسان في كلّ من الفّكر الإسلامي، والفكر الغربي المعاصر؟، وتفرع عن هذا السؤال الأسئلة التالية:

ما هي أهم الحقوق الإنسانية الأساسية التي دعى إليها الفكر الإسلامي؟
ما هي صورة حقوق الإنسان في الفكر الغربي المعاصر في ضوء الوثائق العالمية لحقوق الإنسان؟
ما أوجه المقارنة بين النظرة إلى حقوق الإنسان في كل من الفكرين الإسلامي والغربي المعاصر؟

أهميـــة الدراســــة: تأتي أهمية هذه الدراسة من خلال توضيحها أن الإسلام هو دين حقوق الإنسان، وأن النصوص العظيمة في القرآن الكريم والسنة المطهرة هي دستور عظيم خاص بحقوق الإنسان جميعها وخلال مراحل حياته المختلفة، وتبين أيضاً أن الإسلام قد سبق الشرائع الغربية الوضعية المعاصرة والوثائق والصّكوك الدّولية التي جاءت تنادي بحقوق الإنسان، كما تنبع أهمية الدّراسة من خلال توضيح صورة الإسلام الناصعة بكل ما تحتويه من أخلاق فاضلة وتعاليم حكيمة وإرشادات أخلاقية، كما تتأتى أهميتها من خلال إلقاء الضوء على الدّساتير والمواثيق الدولية المعاصرة فيما يخص حقوق الإنسان.

أهـــداف الدراســـة: تسعى هذه الدّراسة تحقيق الأهداف الآتية:

التعرف على أهم الحقوق الإنسانية التي دعى إليها الفكر الإسلامي.
الكشف عن صورة حقوق الإنسان في الفكر الغربي المعاصر.
بيان أوجه الأصالة والمعاصرة في النظرة لحقوق الإنسان في الفكرين الإسلامي والغربي المعاصر.
مصطلحــات الـدراســـة: رأى الباحث ضرورة تحديد المصطلحات الواردة في عنوان الدراسة على النحو الآتي:

1.حقــوق الإنسان: هي مجموعة الحقوق والمطالب الواجب الوفاء بها لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز بينهم، ولهذه الحقوق قواعد آمرة، حيث استقر التعامل الدولي على أنّ تلك القواعد ملزمة حتى وإن لم تقبل بعض الدول بها، كونها تنظم شؤوناً خطرة ومهمة جداً في المحافظة على المجتمع الدولي.

الفكــر الإسلامي: هو الذي يعبر عن اجتهادات العقل الإنساني لتفسير حقوق الإنسان في إطار المبادئ الإسلامية عقيدة، وشريعة وسلوكاً.
3.الفكر الغربي المعاصر: هو مجموعة الأفكار التشريعية الوضعية التي أنتجتها أفكار ونظريات وقوانين ومواثيق المعنيون بها في الغرب المعاصر من دول مجتمعة أو فكر علماء.

منهــج الـدراســة:اعتمد الباحث في دراسته على المنهج النظري معتمداً على التحليل والوصف والمقارنة لاستخلاص صورة حقوق الإنسان في كل من الفكرين الإسلامي والغربي المعاصر.

مناقشـة نتائــج الدراسـة:

أولاً: الحقوق الإنسانية الأساسية في الفكر التربوي الإسلامي

حريـة الاعتقـاد الدّينـي في الإسـلام
يتمتع الإنسان في ظل الدّولة الإسلامية بحرية العقيدة والدّين، فله الحرية المطلقة في اختيار الدّين الذي يناسبه وفي هذا يقول الله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيّ}([14])، ويقول مخاطباً الرّسول صلى الله عليه وسلم: {ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً، أفأنت تكره النّاس حتى يكونوا مؤمنين}([15])، والاستفهام في الآية، كما لا يخفى، استفهام استنكاري؛ أي لا يجوز لك أن تكره النّاس حتى يدخلوا في دينك([16])، فالإسلام رفض منطق العنف والقهر والإكراه فهي أمور لا تقرها عقيدة فضلاً عن أن تغرسها في النّفوس، كما أنّ الإيمان الذي يجئ عن طريقها لا قيمة له، ولا كرامة لصاحبه لأنهُ لم يكن نتيجة اقتناع فكري ووعي عقلي فقد روى الطبري عن ابن عباس أن رجلاً من بني سالم بن عوف يقال له الحصين، كان له والدان مسيحيان وهو مسلم، فسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، عما إذا كان يجوز له إكراههما على اعتناق الإسلام وهما يرفضان كل دين غير المسيحية، فنهاه عليه الصلاة والسلام عن ذلك([17])، ومن ثمّ يوجب الإسلام الدعاة إلى دينه أن يسلكوا في دعوتهم وفي مناقشاتهم الدينية مع أهل الأديان الأخرى أمثل الطرق وأدناها إلى الأدب والمجاملة، وأن يلتزموا جادة العقل والمنطق، فيكون عمادهم قرع الحجة بالحجة والدليل بالدليل، وفي هذا يقول الله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}([18]).

وقد حافظ المسلمون على هذا المبدأ أيما محافظة في معاملتهم مع أهل البلاد التي خضعت لنفوذهم، وسجلوه في عبارات صريحة في جميع ما عقدوه معهم من معاهدات، وفي هذا يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في معاهدته مع أهل بيت المقدس عقب فتحه له: “هذا ما أعطى عمر بن الخطاب أهل إيلياء من الأمان: أعطاهم أماناً لأنفسهم وكنائسهم وصلبانهم، لا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم”، ويقول عمرو بن العاص في معاهدته مع المصريين بعد فتحه لمصر: “هذا ما أعطى عمرو بن العاص أهل مصر من الأمانة: أعطاهم أمناً لأنفسهم وأموالهم وملتهم وكنائسهم وصلبانهم وبرهم وبحرهم، لا يدخل عليهم شيء من ذلك ولا ينقص”([19])، فلربما حسن أخلاق المسلمين أمام غير المسلمين يكون حافزاً ودافعاً لهم لدخول الإسلام واعتناقه، والشاهد في هذا المقام هو بلاد شرق آسيا التي دخلها الإسلام بحسب أخلاق المسلمين التجار الذين كانوا يترددون على تلك البلاد، وأصبحت بلاداً إسلامية يملاءها الإيمان ويغمرها الإسلام برحمته وتسامحه.

حـريـة الفكـر والتفكيـر: بنفس الحرص الذي أبداه الإسلام تجاه الإنسان جسداً ؛حرص في نفس الوقت على حرية عقله وفكره بعيداً عن أية قيود تحدّ انطلاقه وتمنعه من التفكير والتأمل والتدبّر، بل أنّهُ حضّ وشدّد على أن يكون العقل والفكر حرّاً طليقاً يجول في ملكوت السموات والأرض يتدبرها ويعقلها ويتعرف على آيات الله فتزيده إيماناً بالله، وتكون طريقاً موصلاً إلى معرفة خالقه ومولاه، قال تعالى: {أولم يتفكروا في خلق السموات والأرض، ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار}([20]).

والإسلام بحضه الإنسان على التفكير إنما هو يقر له بشيء من طبيعته البشرية وصفة من صفاته الإنسانية، ولكنه بنفس الوقت يوجهه أن يستخدم هذا النشاط الفكري بما يعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع والفائدة دون أن يسبب أذى لغيره من بني جنسه امتثالاً لقاعدة في الإسلام عظيمة “لا ضرر ولا ضرار”([21])، وعلى هذا المبدأ الجليل سار الرسول صلى الله عليه وسلم، وسار الخلفاء الراشدون من بعده، فقد كانت حرية الرأي في عهدهم جميعاً مكفولة ومحاطة بسياج من القدسية. وباستقرار تاريخ هذه المرحلة الذهبية التي تمثل مبادئ الإسلام أصدق تمثيل لا نعثر على أية محاولة من جانب أولى الأمر للحجر على حرية الآراء، ويدخل في حرية الرأي ما يسمونه بالحرية العلمية أو حرية التفكير العلمي، وهي أن يكون لكل فرد الحق في تقرير ما يراه في صدد ظواهر الفلك والطبيعة والنبات والحيوان والإنسان، والأخذ بما يهديه إليه تفكيره وما يقتنع بصحته من نظريات، والتعبير عن رأيه بمختلف وسائل التعبير([22]).

ولا يختلف موقف الإسلام حيال هذه الحرية الفكرية الخاصة عن موقفه حيال الفكرية العامة؛ فالإسلام لم يحاول مطلقاً أن يفرض على العقول نظرية علمية معينة بصدد أية ظاهرة من هذه الظواهر، ولم يتعرض القرآن لتفاصيل هذه الشؤون، وكل ما فعله أنّهُ استحث العقول على النظر في ظواهر الكوّن، وحفز الناس على التأمل في هذه الشؤون واستنباط قوانينها العامة، وفي هذا يقول الله تعالى: {أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء}([23])، بل أنه لا تكاد تخلو سورة من القرآن من توجيه النظر إلى ذلك.

ومن ظواهر تحرير الفكر في الإسلام هو تشجيعه وحضه على طلب العلم، فالفكر هو أداة الحصول على العلم؛ لذا شدد الإسلام على طلب العلم والمعرفة، فأنزل الله سبحانه وتعالى أول آية على رسوله الكريم تطلب منه القراءة، قال تعالى: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}([24])؛ فالقراءة والكتابة هي أدوات العلم الرئيسة التي تكشف عن مكنونات الفكر، والعلم، ويطلق لصاحبه العنان ليتدبر ويتفكر في ملكوت الله وما خلق الله في السموات والأرض، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة”، ويقول الله عز وجل في فضل العلماء والمتعلمين على غيرهم: {قل هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون}([25]) ورفع ديننا الحنيف من قيمة العلماء حيث قال صلى الله عليه وسلم: “لموت قبيلة أيسر من موت عالم”([26]).

3.حريـة العمـل في الإسـلام: العمل في الإسلام سنة الحياة وقانون الوجود، وطريق السعادة في الدنيا والآخرة. وقد حثّ الإسلام على العمل والسّعي والنشاط والحركة حتى تشق سنة العمران طريقها في يسر وسهولة وفي وضوح وجلاء، والعمل في الإسلام يشترط فيه عنصران: أحدهما كونه مشروعاً نافعاً؛ أي نافعاً غير ضار بهم وثانيهما: أنهُ يغني صاحبه عن الحاجة إلى غيره ويجعله قادراً على إعالة نفسه وعياله، لذلك فإن الإسلام إنسجاماً مع هذين العنصرين اللذين يدعو إلى تحقيقهما يحض الناس على حرية الكسب بطريقتين: أولاهما: النهي عن السؤال. وثانيهما: الحض على العمل والترغيب فيه([27])، فالتربية الإسلامية لم تفصل بين العلم والعمل، أو بين النظرية والتطبيق، فقد دعا الإسلام إلى تكاملية جديدة للشخصية الفردية عن طريق التربية العقائدية فتقدمت العلوم، والفنون والآداب في العالم الإسلامي الأول بتأثير روح الإسلام الداعية إلى البحث والتجريب([28]).

وقد حث الإسلام على العمل، وقرر حرية السعي في طلب الرزق، وجعل كل مسلم مكلفاً بمباشرة عمل نافع لنفسه وللمجتمع، “وكفى بالمرء إثماً أن يضيع من يقوت”([29]) حراً في اختيار العمل الذي يباشره، بما يتفق مع ميوله ومواهبه وملكاته، مما دفع ابن سينا إلى تعريف التربية بأنها: “مسايرة ميول الصبي، ثم توجيهه إلى الصناعة أو المهنة التي تتفق مع ميوله”([30])، وتوجد إشارات كثيرة عن العمل على القرآن الكريم، توضح المكانة التي حظي بها والمنزلة التي احتلتها. واهتمام القرآن بالعمل ينطلق من النظرة القرآنية بوصفه فعلاً خلاقاً ورسالة إنسانية تساوي الحياة واستمرارية العيش فيها كدار تكليف وامتحان، وقد تعددت الآيات الكريمة التي تدعو إلى العمل والحث عليه، قال تعالى: {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون}([31])، فهذه الآية الكريمة بينت ودلت على أنّهُ إذا أديتم الصلاة – الجمعة – فيؤذن لكم ويباح أن تتفرقوا وتنتشروا في الأرض وتبتغوا من فضل الله وهو الرزق والتصرف فيما تحتاجون إليه من أمر معاشكم([32]).

ولقد جاءت نصوص القرآن الكريم في مواضع كثيرة واضحة وقوية تحث على العمل والكسب الطيب، ولذا جاءت أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم مدعمة ومفصلة للمعاني التي تضمنتها الآيات الكريمة، كما أنها تصب في نفس الاتجاه، فمفهوم العمل في السنة النبوية مفهوم شامل لجميع أنواع العمل، سواء أكان صناعة أم تجارة أم زراعة، ومن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي تحث على العمل اليدوي واحترام أهله، وتبين لنا أن الله سبحانه وتعالى يحب نتاج عمل اليد، قوله صلى الله عليه وسلم: “ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أَن يأكل من عمل يده”([33])، وسُئل الرسول صلى الله عليه وسلم: “أي الكسب أطيب وأفضل؟، قال: عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور”، ويقول: “من بات كالاً في طلب الحلال بات مغفوراً له”([34]).

وعلى أساس هذه النظرة المقدسة للعمل يقدس الإسلام حق العامل في ثمرات عمله وملكية أجره. فهو يدعو إلى الوفاء بأجر العامل، وينذر من يجوز عليه بحرب من الله ورسوله، وفي هذا يقول عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه في الحديث القدسي، قال الله عز وجل: “ثلاثةٌ أنا خصمهم يوم القيامة وعدّ منهم، رجلاً استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره، وهو يدعو كذلك إلى التعجيل بأداء الأجر، وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقهُ”([35]).

وفي مجال عمل المرأة، رغب الرسول عليه الصلاة والسلام النساء في تعلم المهن التي تتلاءم مع خصائصهنّ ووظيفتهنّ كأمهات وزوجات كالنسيج والخياطة والكتابة فقال: “علموا أبناءكم السباحة والرماية وركوب الخيل، ونعم لهو المؤمنة في بيتها الغزل”([36])، وكان كثير من نساء المؤمنين يشغلن أوقات فراغهنّ بما يعود عليهنّ وعلى المجتمع بالنفع، قالت خولة بنت قيس: “كنا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدر من خلافة عمر في المسجد نسوة، قد يخللن، وربما غزلنا، وربما عالج بعضنا فيه الخوص”([37]).

ويلاحظ الباحث مما تقدم، أن الشريعة الإسلامية حثت على العمل المهني واهتمت به اهتماماً عظيماً، حيث تعددت الأدلة والشواهد التي حظت على العمل اليدوي والمهني، والتي عبرت عن تصور إنساني رفيع لمفهوم الكسب والعمل، انطلاقاً من إدراك عميق إلى أنّ الكسب والعمل يساويان الحياة.

حـريـة التعلـم والثقافـة في الإسـلام: إن للإنسان كيانه المادي والمعنوي، وهو عندما يولد يكون طفلاً ضعيف البدن قاصر الفكر، قال تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون}([38])، وكما كان الحفاظ على كيان الإنسان المادي حقاً من حقوقه الأساسية، فإن الحفاظ على كيانه المعنوي كذلك حقاً من حقوقه الأساسية، وسبيل ذلك التعلم، وهو أحد مكونات شخصية الإنسان الثقافية، وكلما سمت ثقافة الإنسان كلما ارتقى كيانه المعنوي.
وقد أعطى الإسلام كل فرد الحق في أن ينال من العلم والثقافة ما يشاء وما تتيحه له إمكانياته وظروفه، ويتيحه له استعداده، بل جعل ذلك فرضاً عليه في الحدود اللازمة لأمور دينه وشئون دنياه. وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “طلب العلم فريضة على كل مسلم”([39])، وقد جاءت الآيات الأولى نفسها التي نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن الكريم منطوية على تعظيم العلم ووضعه في المكانة الأولى من نعم الله تعالى على الإنسان، ومن دلائل عظمته وقدرته: {اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم}([40]) (.

إن دعوة الإسلام لطلب العلم شاملة لجميع جوانب المعرفة الإنسانية نظرية كانت أم عملية، ذلك أن رسالته فريدة في رحابتها الثقافية، تضم إلى جانب العلوم الدينية من عقائد وعبادات وغيرها دراسات قانونية ومالية وسياسية واجتماعية، لها فيها تعاليم بينة وأحكام شاملة، وهذه الدراسات تناولتها حتى اليوم مذاهب وفلسفات ونحل شتى، وبنيت لها في عواصم الأرض مدارس وجامعات.

لقد نعم العالم الإسلامي بوحدة ثقافية تهيأت لها كل الأسباب حتى في ظل الانقسامات السّياسية الظاهرة، فلم يعرف الحدود المصطنعة التي تحد من حرية انتقال المسلم في بلاد الإسلام، فكان العالم والطالب والكتاب ينتقل بكل حرية في الرقعة الممتدة من سواحل الأطلسي إلى أواسط آسيا، مما أدى إلى توحد الحركة الثقافية والعملية في الأسس والمقومات والاشتراك في كثير من المظاهر؛ لذلك كانت الصلات العلمية بين أرجاء العالم الإسلامي وطيدة أكسبت الحياة العلمية نماءً وتطوراً وازدهاراً، وأضفت عليها النظرة الشاملة والإفادة من خبرات وجهود العالم والمتعلم أينما كانت، يقول فرنت (Vernet): “على الرغم من أنه ليست ثمة واحدة من نواحي الازدهار الأوروبي، إلا يمكن إرجاعها إلى مؤثرات الثقافة الإسلامية بصورة قاطعة، فإن هذه المؤثرات توجد أوضح ما تكون في نشأة تلك الطاقة التي تكوّن ما للعالم الحديث من قوة متمايزة ثابتة، وفي المصدر القوي لازدهاره، أي في روح العلوم الطبيعية وفي روح البحث العلمي”([41]).

فالمعلمون علموا الأوربيين أجل الصفات الإنسانية التي يجب أن يتحلى بها البشر وهي صفة التسامح الديني، وقد أجمعت المراجع والوثائق الأوروبية أنّ المسيحيين واليهود تمتعوا في ظل الحكم الإسلامي في الأندلس بدرجة من التسامح ليس له نظير في البلاد الأوروبية المعاصرة، وذلك أنهم تركوا أحراراً في مباشرة شعائر أديانهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم واستخدمت الأندلس كثيراً من الموظفين المسيحيين الذين وصل بعضهم إلى مناصب الدولة العليا([42])، وهكذا لا يتمالك باحث أوروبي منصف مثل “لوبون” نفسه، فيعترف، بصراحة في تأثير العرب المسلمين الواضح في الأخلاق والطبائع الأوروبية، قائلاً: “تخلص الأوروبيين من همجيتهم بفضل اتصالهم بالمسلمين، واقتباسهم منهم الطبائع النبيلة ومبادئ فروسيتهم التي منها مراعاة النساء والشيوخ والأولاد واحترام العهود والوفاء بالوعود”، ثمَّ يعقب على ذلك متسائلاً لماذا إذا يفكر علماء الوقت الحاضر – الذين يضعون مبدأ حرية الفكر فوق كل اعتبار ديني – تأثير المسلمين؟ إنني لا أرى سوى جواب واحد عن هذا السؤال، وهو أنّ استقلالنا الفكري لم يكن في غير الظواهر، وأننا لسنا أحرار الفكر في بعض الموضوعات، ويترامى لبعض الفضلاء أنّه من العار أن تكون أوروبا مدينة في خروجها من دور الهمجية للمسلمين، ولكن من الصعب أن يحجب مثل هذا العار الوهمي وجه الحقائق([43]).

5.حق الحياة: إنّ المتتبع للأحكام التي جاء بها الإسلام لكفالة حق الحياة يجدها من الشمول والإحاطة إلى المدى والذي يتفق مع أهمية هذا الحق باعتباره أثمن ما يملكه الإنسان في الوجود، جود، وباعتبار ما له من أثر في حفظ كيان المجتمع وحيويته وتماسكه من جهة أخرى، لذا شدد الإسلام – ومن خلال آياته القرآنية – على ضرورة احترام النفس البشرية فحرم القتل بين بني البشر جميعاً صغاراً وكباراً، رجالاً ونساءً، مسلمين وغير مسلمين، واعتبر أنّ إزهاق نفس واحدة إنما هو اعتداء على بشرية جمعاء، قال تعالى: {من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناسَ جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناسَ جميعاً}([44])، يقول القرطبي([45]): ” وهذه الآية نهي عن قتل النفس المحرمة مؤمنة كانت أو معاهدة إلا بالحق الذي يوجب قتلها”. وجاءت السنة النبوية في مواضع كثيرة تؤكد على أهمية احترام النفس البشرية وصيانتها والنهي عن قتلها أو الاعتداء عليها، قال صلى الله عليه وسلم: “لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة”([46])، ومن هذا يظهر أنّ الإسلام يحترم الحياة الإنسانية على الإطلاق، ويحترم حق الإنسان في الحياة أياً كان هذا الإنسان، وأنَّه قد وضع عقوبة القصاص لحماية هذه الحياة، بغض النظر عن جنس القتيل وسنه ومنزلته ودينه، كما تقرر الشريعة الإسلامية بجانب عقوبة القصاص في القتل العمد عقوبات دنيوية أخرى منها حرمان القاتل من الميراث ولا يكتفي الإسلام بهذه العقوبات الدنيوية جميعها، بل يتوعد كذلك القاتل بغضب الله ولعنته وأشد العذاب في الآخرة، قال تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه، ولعنه، وأعدّ له عذاباً عظيماً}([47])، ولم يتوعد القرآن أية جريمة أخرى بمثل ما توعد به جريمة القتل في هذه الآية، فقد جعل عقابها في الآخرة يكاد يكون مساوياً لعذاب الشرك بالله. وأبلغ من هذا كله في الدلالة على حرص الإسلام على احترام الحياة وحماية النفس، وعلى زجر الناس وتخويفهم من عواقب الاستهانة والإهمال في هذه الشؤون، وحملهم على اتخاذ منتهى الحيطة والحذر في صددهما.

حق الحرية الشخصية: حرص الإسلام من خلال ما جاء به من أوامر ونواهي على أَن يكون الإنسان المسلم حراً طليقاً لا يدين بالعبودية لأحد غير الله لتنقاد نفسه وتتجه روحه نحو الواحد الأحد، وما يعزز من توجه الإسلام نحو الحفاظ على حرية الفرد الشخصية، هو المساواة بين العباد، فمعيار التفاضل هو التقوى، قال تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالاً كثيراً ونساء}([48]).

وفي التاريخ الإسلامي شواهد كثيرة تدل على تساوي الأمراء والسلاطين والملوك وأبناءهم من عامة الناس وبسائطهم، حتى أنهم جلسوا في مجالس القضاء في مقابل العامة والبسطاء، فالقاعدة الإسلامية في الحرية الشخصية هي: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً([49])، والإسلام حارب الرق بصوره المختلفة المباشرة بشراء الإنسان وبيعه وغير المباشرة باسترقاقه بالتوجيه والقيادة وعن طريق الإذلال والاستعمار والتحكم في المصير، حيث حاربه الإسلام بصورته الفردية والجماعية، لذا طالب بتحرير الإنسان الفرد، وتحرير الجماعة المسلمة لتكون حرة طليقة قرارها بيدها، وذلك لكي ينهض الفرد ويستعيد مستواه البشري، ولكي تنهض الجماعة وتستعيد كرامتها، وعندما نادى الإسلام بذلك نعلم على اليقين أنّ ليس للإسلام هدف إلا صيانة البشرية من أن تنحدر من جديد فيسقط الإنسان ويعبد أخاه الإنسان، عند ذلك لا يبتذل أحد أَحد ولا يؤذي فرداً فَرداً في بشريته، وبذلك يكون المجتمع أنسانياً، كل فرد يشعر فيه بالطمأنينة والارتياح في صلته بغيره([50]).

7.حماية الإسلام للأموال: أحاط الإسلام الملكية الفردية بسياج قوي من الحماية، وفرض عقوبات قاسية على كل معتد عليها، أياً كانت صورة هذا الاعتداء، فقرر عقوبة قطع اليد في السرقة، قال تعالى: {والسـارق والسارقـة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله، والله عزيز حكيم}([51])، هذا في السرقة العادية أو ما يسميه فقهاء المسلمين؛ السرقة الصغرى. وأما قطع الطريق “السرقة الكبرى” أو “الحرابة” فعقوبته أشد من ذلك كثيراً، وفي سبيل حماية الملكية يجيز الإسلام للمالك أن يدافع عن ماله بكل وسائل الدفاع لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من قتل دون ماله فهو شهيد”([52]).

8.حماية الإسلام للأعراض:شمل الإسلام أعراض الناس بحماية من أقوى الأنواع التي أحاط بها حقوق الإنسان. وتبدو حمايته هذه أوضح مما يكون في العقوبات القضائية الشديدة التي يوقعها في حالات الزنا وهتك العرض والقذف، كما تبدو في تحريمه الغيبة والنميمة، وقد حرم الإسلام تحريماً قاطعاً الغيبة والنميمة والتجسس والهمز، واللمز والتنابز بالألقاب القبيحة وما إلى ذلك من كل ما يمس عرض الإنسان وكرامته، وحقر مقترفي هذه الآثام، وتوعدهم بعذاب أليم يوم القيامة، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا سخر قومٌ من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنَّ خيراً مهنَّ، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}([53])، وقال مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم: {ولا تطع كل حلاف مهين، هماز مشاء بنميم، مناعٍ للخير معتداً أثيم}([54]).

حق الأطفال في الإسلام: لقد أولى الإسلام العناية والرعاية والتعليم لجميع الأطفال بصرف النظر عن الاختلاف في الجنس أوالدين أو اللون أو السن أو الطبقة الاجتماعية، آخذاً بعين الاعتبار أنه يحب إعداد الأطفال وتدريبهم تدريباً جيداً، حتى يتمكنوا من النهوض بمسؤوليات أمتهم في المستقبل، وحقوق الطفل في الإسلام واجبة على والديه من خلال اختيار حق النسب له وحق الاسم وحق الرضاعة، وحق الحضانة وحق حسن التربية والتي هي من المسؤوليات العظيمة التي يكلف بها الآباء تجاه أبناءهم وهي حسن تأديبهم، وتربيتهم التربية السليمة الفاضلة، قال صلى الله عليه وسلم: “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته”([55]).

ومن أفضل وسائل التربية أن يكون الآباء قدوة حسنة لأبنائهم في الأخلاق والسلوك والمعاملة، لأن الولد يقلد أباه، ومن حسن التربية في الإسلام هي تعليم الطفل تعاليم دينه الحنيف، كتعليمه القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم. سواء أكان التعليم نظرياً أم عملياً، نظري كالكتابة والقراءة، والعملي كقول النبي صلى الله عليه وسلم: “علموا أبنائكم الرماية والسباحة وركوب الخيل”([56])، كما طالب الإسلام الآباء بإتاحة حرية التعبير والرأي عن أي سؤال يطرحه الطفل، إذ ما علمنا أن الأطفال الصغار كثيراً ما يطرحون أسئلة في بداية حياتهم، فمن الواجب على الآباء والمربين إجابة الطفل عن كل ما سأل وعدم منعه أو زجره أو تقريعه. كما أن الرحمة والحنان مطلوبة مع الأطفال الصغار وقصة النبي صلى الله عليه وسلم مع الأقرع بن حابس عندما شاهد النبي صلى الله عليه وسلم يداعب الحسن والحسين وتقبيلهما فقال: “إنّ لي عشرة من الولد ما قبلت أحدهم قط، فرد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: “أو أملّ لك بأن الله قد نزع من قلبك الرحمة، لا يرحم الله من لا يرحم الناس”([57])، والعدل والمساواة من سمات الإسلام، قال الرسول صلى الله عليه وسلم “اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم”([58]))، والعدالة هنا قلبية عاطفية، ومادية في الملبس والمأكل، حيث لا يجوز تفضيل طفل على آخر في الهبات والمنع.

10.حـــق المـــرأة: نظر الإسلام للمرأة نظرة لم تعطِ لها من قبله ولا من بعده، ولقد أقام هذه النظرة على أساس حقائق الفطرة لطبيعة للمرأة، مؤداها أن الزوجين في الإسلام متساويان إنسانياً ومن حيث علاقتهما بالله سبحانه وتعالى وبجزائه لهما، وبذلك تختفي النظرة الدونية التي كانت تجعل المرأة في مكانه أقل من الرجل، بل كانت تجعلها من جنس منحط، بل إنّ الإسلام يقرر أكثر من ذلك حينما يقرر وحدة الجنسين ووحدة الزوجين، فنظرة الإسلام إلى تربية المرأة تأتي من أهميتها من تلك المعاني السابقة، ولذلك فهو يربيها لتبني الأجيال فتخدم الجنس البشري كله، ولذلك كان تعليمها واجباً وفريضةً مثل الرجل، فهي تربي لتقوم بوظيفة التربية والتنشئة الأولى لأطفالها إيماناً بأن الأطفال يشبون أسوياء في صحة الراشدين الكبار، وهم الآباء والأمهات، وفي بيت هادئ وديع لأم مؤمنة بربها، ومن هنا فإن للمرأة حظاً وافراً في التعليم في الإسلام، فقد طلبت النساء من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يحدد لهنّ يوماً للنفقة في أمور الدين، حيث قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: “غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوماً من نفسك، فوعدهنّ يوماً يلقهنّ فيه فوعظهنَ وأمرهنّ”([59]).

كما أقرّ الإسلام حق الحياة للأنثى يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها أدخله الله الجنة”([60])، كما أنّ الشريعة الإسلامية أتاحت للمرأة حق التملك والتصرف فيما تملك، فلها ذمة مالية مستقلة ولها حق البيع والشراء، والشراكة والرهن والقبض والتصرف فيما تملك مثلها مثل الرجل لا فرق بينهما فكل منهما له أن يدير أمواله وينميها ضمن حدود الشرع، كما أن هناك حقوق كثيرة للمرأة في الإسلام لم تكفلها أي شريعة كحق المساواة الإنسانية، والميراث، والثقة، والمهر، وحسن التربية، وحرية الكلام وحق الشهادة. وبهذه الحقوق والحريات تستطيع المرأة أن تعيش بكرامة وتقدير وتقديس ضمن كيانها الأنثوي وضمن فطرتها التي فطرها الله عليها وضمن وظائفها التي يفرضها تكوينها البيولوجي والفسيولوجي والسيكولوجي([61]).

11.حقوق غير المسلمين العامة ( يجب التمييز هنا بين الذمي والمستأمن): حظى غير المسلمين في الدولة الإسلامية لحقوق كثيرة، بل أنها تزيدهم احتراماً وتقديراً، وفقاً للقاعدة الفقهية “لهم ما لنا وعليهم ما علينا”، فيما يتعلق بنظام المجتمع وحقوق المواطنين فيه، ومن أبرز الحقوق التي كفلها الإسلام لهم، حرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم، لأن بعض الفقهاء اعتبر أن ظلم الذمي أشد من ظلم المسلم([62])، وشدد الإسلام في إحسان دعوتهم ومجادلتهم بقوله تعالى: {ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن} ([63])، وكفل الإسلام لهم حق تولي الوظائف الحكومية، وجهة التنقل والسكن، والمعاملة الحسنة، والضمان الاجتماعي والكفالة، وحق التعليم والفكر، والحماية من العدوان.

مما سبق يتبين لنا أن شريعة الإسلام – من قبل أن تظهر وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بنحو أربعة عشر قرناً – قد قررت هذه الحقوق في أكمل صورة وأوسع نظام، وأن الأمة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، كانت أسبق الأمم في السير عليها، وأن الدول الديمقراطية الحديثة نفسها لا تزال في الوقت الحاضر متخلفة في هذا الصدد عن النظام الإسلامي.

ثانياً: صورة حقوق الإنسان في الفكر الغربي المعاصر في ضوء الوثائق العالمية لحقوق الإنسان.

يؤكد علماء الفقه الدستوري الغربي على أنّ فكرة حقوق الإنسان تعد الأصل المشترك الذي اشتقت منه المدارس الفلسفية في القرن الثامن عشر، وهي وليدة “مدرسة الحق الطبيعي” كما عرضها الفيلسوف “جون لوك” بتعابير حقوقيه، وفيما بعد الفقيه الإنجليزي (بلاكستون) في أواسط القرن الثامن عشر.ويسعى الفكر الغربي المعاصر لذلك إلى تنظير قواعد ومفاهيم مجردة لحقوق الإنسان، يرتكز عليها في الحد من سلطة الحاكم، وإقرار حقوق الأفراد والمستمدة من فكرة القانون الطبيعي، أو المرجع الأعلى للحقوق والواجبات والذي يستنبط من الطبيعة، ويتوصل الإنسان إلى معرفته عن طريق العقل([64])، يتضح أن حقوق الإنسان ترتكز على الحقوق الطبيعية، ولا يختلف في ذلك منظرو الاشتراكية الذين يختلفون فقط في عدم ربط الحقوق الإنسانية بالحرية الفردية، حيث يرى الفكر الرأسمالي أن هناك تلازماً حتمياً بين فكرة الحقوق الطبيعية والفردية، ويرى الربط بين القانون الطبيعي والحقوق الطبيعية بهدف إقرار قاعدة غربية واضحة وهي حماية حقوق الإنسان.

ولقد ارتبطت حقوق الإنسان في الفلسفة البراجماتية بالاتجاه المرتكز على المنفعة التي تنبثق من النظام الرأسمالي الذي يعلي من قيمة الملكية الخاصة وتحقيق الأرباح وزيادة رأس المال، والأصول الأساسية التي تنبثق عنها هذه الفلسفة هو الدين المسيحي، أما في النظم الاشتراكية فقد انطلقت من أيدلوجية الشيوعية التي نادى بها كل من “ماركس ولينين”، و”ستالين”، التي كانت تعلي من قيمة الملكية العامة، وقامت حقوق الإنسان فيها على التكامل الاجتماعي.إن الظروف التي مرّ بها العالم من حروب في القرن المنصرم وما صاحبها من انتهاكات لحقوق الإنسان؛ كالقتل والتشريد والجوع والاغتصاب، دفع الأمم إلى توقيع اتفاقيات وإعلانات ومواثيق تهدف إلى احترام الإنسان والحفاظ على حقوقه والتي كان من أبرزها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام (1948) والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام (1966)، والعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية أيضاً عام (1966)، والتي جميعها أكدت المساواة بين الناس في الكرامة والحقوق المختلفة؛ كالحق في الحياة، ويستعرض الباحث أهم الحقوق والحريات التي احتوتها المواثيق الدولية بصورة مختصرة حسب ما تقتضيه طبيعة الدراسة:

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان العام (1948م).وقد جاء في الإعلان التأكيد على أنّ جميع الناس ولدوا أحراراً وهم متساوون في الكرامة والحقوق، وعدم التمييز مهما كان نوعه ولأي سبب، وحق الحياة والحرية والأمان، ومنع الرق والاستعباد والاتجار بالرقيق، ومنع التعذيب والممارسة الإنسانية، وأعطى الحق لكل إنسان الشخصية والقانونية، والمساواة أمام القانون مع الحق لأي فرد في اللجوء إلى محاكم بلاده إذا تعرض حقه للانتهاك، كما أعطى الفرد حق الحرية الشخصية والتمتع بالجنسية ومغادرة بلده والعودة إليها، وحق المرأة والرجل بتشكيل أسرة، وأكد على حق الملكية، والتعبير عن الرأي والفكر والوجدان، ومنح الفرد حق المشاركة في الشؤون العامة والعمل والحياة الكريمة والتعليم متاح للجميع([65]).

العهد الدولي لحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (1966): جاء هذا العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية ولاجتماعية والثقافية، ليسعى إلى تعزيز الرفاه وتحقيق الحياة الكريمة للشعوب، وحماية مصالحها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، حيث مثل هذا العهد مع العهد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية نقلة نوعية للمجتمع الدولي فيما يتعلق بإقرار المزيد من الحقوق والحريات للإنسان، كالتأكيد على حق تقرير المصير للشعوب وحقها في التمتع بالثروات والخيرات والمواد الطبيعية الخاصة بها، كما أكد على ضرورة تأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للرجال والنساء دون تمييز، وضرورة تأمين بيئة صحية واجتماعية مناسبة تضمن للأفراد الحماية من الأمراض المعدية والمتفشية، وتيسير التعليم وجعله متاحاً للجميع، وضرورة توفير الحياة الثقافية المناسبة وأجواء الحرية للبحث العلمي.

العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966م): جاء هذا العهد منبثقاً عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ليهدف إلى تعزيز وحماية الحقوق المدنية والسياسية التي هي أساس الأسرة والرخاء، ومن أهم ما يؤكد عليه هذا العهد التأكيد على حق الحياة والمساواة التامة دون تمييز للون والعرق واللغة والجنس والعقيدة والأصل، والتأكيد على منع الرق والاتجار بالرقيق والاستعباد والمساواة التامة بين الجميع أمام القضاء، وحق الأقليات في التمتع بثقافتهم وديانتهم ولغتهم الخاصة.

الاتفاقيات والمواثيق والإعلانات الدولية الخاصة: نبع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية العديد من الاتفاقيات والمواثيق والإعلانات الخاصة ولعلّ أبرزها:
أ. الاتفاقيات الخاصة بمناهضة التعذيب: إن التعذيب ظاهرة غير إنسانية، وقد شهدت البشرية كفاحاً من أجل منع التعذيب والمعاملة القاسية وغير الإنسانية التي تحط من شأن الإنسان وكرامته، وعندما صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تضمن في المادة (5) منه عدم جواز خضوع أحد للتعذيب، حيث اعتمدت هذه الوثيقة عام (1984)، وبذلك حظرت هذه المعاهدة كافة أشكال التعذيب بدون استثناء([66]).

ب. اتفاقيات حقوق المرأة والطفل: وبموجب هذه الاتفاقية التي بدأ تنفيذها عام (1990)، أقرت للطفل الحق في الحياة وحق التمتع بالاسم منذ لحظة ولادته واكتسابه الجنسية والحق في رعايته من قبل والديه، وكذلك منحه حق الهوية وعدم حرمانه والديه، إضافة إلى حقه بالتعبير عن رأيه، وحرية الفكر والوجدان والدين، بالإضافة إلى تأكيدها على حقوق الأطفال المعاقين، واتفاقية القضاء على جميع أشكال العنف والتمييز ضد المرأة “Cedaw” عام (1981)، والتي أعطت حقوقاً كثيراً أهمها الحقوق السياسية، كحق الترشيح والتصويت، وحق التعليم الوظيفي والمهني، وحق الرعاية الصحية، وحقها في الحصول على المنافع الاجتماعية والاقتصادية، وإعطاءها أهلية قانونية مساواة لأهلية الرجل أمام المحاكم، كما تضمنت هذه الاتفاقية حقوق المرأة السرية كحق اختيار الزوج والإنجاب والوصاية على الأطفال([67]).

ج. اتفاقيات مكافحة التّمييز العنصري: عقدت اتفاقيات خاصة لمنع التفرقة العنصرية ومنع التمييز كان أهمها اتفاقية منع الإبادة الجماعية عام (1984)، والقضاء على أشكال التمييز الفكري عام (1963)، والاتفاقية الدولية لمنع جريمة الفصل العنصري (1973)، والإعلان الخاص بشأن التمييز العنصري (1978)، إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو دينية، ولغوية (1992) واتفاقية منع التمييز في التعليم الصادرة عن اليونسكو عام (1960)، رغم هذا الكم الهائل من الاتفاقيات التي تعالج قضايا الأقليات والتمييز العنصري، إلا أن أغلب الأقليات في العالم تتعرض للاضطهاد والمنع والتمييز، وما زال الكثير منها يناضل من أجل الحصول على حقوقه الإنسانية المشروعة له بصفته إنسان، وهذا يتطلب بذل الجهود العملية الحقيقية لمراقبة حقوق الأقليات والعمر على التمييز ضدها.

د.اتفاقيــات حمايـة اللاجئيـن: برزت الحاجة إلى عقد اتفاقيات تحمي اللاجئين بسبب زيادة أعدادهم نتيجة للظروف التي تجبرهم على ترك أراضي بلادهم وأماكن سكناهم بحثاً عن ملجأً آمن خارج بلادهم الأصلية وأسست “UNRWA” لتأهيل اللاجئين، والميثاق الخاص بوضع اللاجئين (1951)، وميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، (1969).

ه. الاتفاقيات الخاصة بحقوق العمال وحرياتهم:أكد الإعلان العالمي والعهدين الدوليين على حق العمل لكل فرد، وتبع هذا الحق توقيع العديد من الاتفاقيات والإعلانات التي تضمنت تطبيق هذا الحق وتنفيذه على أرض الواقع كاتفاقية كفالة حق التنظيم وشروط العمل والاستخدام في القطاع العام (1978)، والاتفاقية الدولية المتعلقة بحماية حقوق العمال والمهاجرين وأسرهم عام (1990).

يلاحظ من خلال مما سبق، الكم الهائل من المواثيق والإعلانات والاتفاقيات التي تنادي بحقوق الإنسان، إلا أن المتتبع لمسارات حقوق الإنسان في العالم يدرك أن الإنسان يعاني بشدة من حرمان لحقوقه؛ كحق الحياة، التي لم يعدله قيمة حيث يموت مئات الأبرياء كل يوم بدعاوى مختلفة وتحت ذرائع متنوعة وتحت مسميات كثيرة منها الأمن القومي، والأمن الوطني، واحترام القانون، سيادة القيم الديمقراطية، حفظ الأمن والسلم… الخ من المسميات، والحجج الكثيرة التي يدفع ثمنها الإنسان.

إن حقوق الإنسان التي يكافح من أجلها العالم اليوم حصيلة لما جاءت به الشرائع السماوية وخصوصاً الإسلام، حيث دعى إلى احترام حقوق وحريات الإنسان كإنسان بغض النظر عن لونه أو جنسه أو عقيدته؛ لذا فعلى العالم اليوم بمنظماته ووثائقه أن يدعو إلى العودة لحوار الحضارات بدلاً من دعاوي صراع الحضارات لكي ترى ما عند المسلمين من قيم ومبادئ ومُثّل وغايات نبيلة هدفها الإنسان أولاً وأخيراً؛ لأن الإسلام وشريعته وحضارته هو بحق دين حقوق الإنسان، وهناك حقيقة لابُد من إيضاحها وهي أنّ نشأة أغلب منظمات حقوق الإنسان العالمية في نطاق هيئة الأمم المتحدة والتي تسيطر عليها الدول الكبرى، أو نشأتها في نطاق إقليمي أوروبي أو أمريكي قد ساهم في خلق خلط كبير لدى الرأي العام في كثير من بلدان العالم بين تلك المنظمات العالمية، وبين ادعاء الدول الكبرى حمايتها لحقوق الإنسان في العالم بينما هي تنهك صراحة لهذا الحقوق، وبتعاملها بمكاييل مزدوجة مع دول العالم الأخرى، حيث تعاقب الدول المعارضة لها باسم حقوق الإنسان، بينما هي لا تعيير أي اكتراث للانتهاكات الجارية لحقوق الإنسان في دول حليفة لها، وهذا الأمر بدوره ساهم في الخلط بين تصورات الرأي العام حول منظمات حقوق الإنسان وبين مبادئ وقيم حقوق الإنسان ذاتها.

ثالثاً: أوجه المقارنة بين النظرة إلى حقوق الإنسان في الفكر الإسلامي والفكر الغربي المعاصر

بعد الحديث عن الأساس الفكري لحقوق الإنسان في الفكر الإسلامي والفكر الغربي المعاصر، لابد أن نبرز حقائق قد أصبحت واضحة بينة منها:

أولاً: بروز الأصالة والاستقلالية في الحقوق والحريات في الفكر الإسلامي ذلك أنهُ مصدرها واحد وهو ثمرة عقيدة مستقلة مميزة، فوجب أن يكون كل ذلك نتاجه، وما تفرع عنه، وليس للحقوق والحريات فيها جذور غير إسلامية استعيرت من هنا وهناك من نظام رأسمالي أو اشتراكي.

ثانياً: التوازن في تشريع الحقوق والحريات في الفكر الإسلامي، ذلك أنّ هذا الفكر قائم على الوسطية والعدل، والذي يؤكد هذه الحقيقة التباين الواضح في الفكر الغربي المعاصر الرأسمالي منه والاشتراكي، مما أدى إلى مشكلات عانت منه الشعوب، الأمر الذي دعا إلى تنقيح تعاليم وإعادة صياغة المبادئ والأسس التي قام عليها هذا الفكر.

ثالثاً: الثبات في تشريع الحقوق والحريات في الفكر الإسلامي، فقد أقام الإسلام ما جاء به من حقوق وحريات على معايير ثابتة لا تقبل التغيير والتبديل بتغير الظروف، فهذه الحقوق دائمة تحتفظ بصحتها وأصالتها في كل الأحوال والأزمنة، لأنها شريعة من الله محكمة مضبوطة.

رابعاً: سمو الغايات والأهداف من تشريع الحقوق والحريات في النظام الإسلامي، فغاية هذا النظام من تشريع الحقوق والحريات تحقيق المقاصد القريبة الآتية:

إصلاح الفرد وتوجيهه نحو الفضيلة كي لا تطغى شهوته ومطامعه على عقله.
إصلاح الأسرة وذلك بكل الحقوق والضمانات التي تجعلها أسرة تعيش حياة هانئة في مجتمع سليم.
إصلاح المجتمع بإقامة علاقة أفراده على أساس من العدل والمساواة والتكافل.
أما النظم الوضعية فغايتها غاية نفعية محددة تتمثل في استقرار المجتمع على أي نحو، ولو كان هذا على حساب قواعد الأخلاق والدين، ولذلك تجد معاني الخيرة والشر والعدل والظلم في تلك النظم لا تتمتع بصفة الثبات أو الصحة المطلقة، لأنها نتيجة تفكير وضعي عرضة للتغير والزوال والاختلاف بتغير الظروف والأحوال.

خامساً: أن الفكر الإسلامي أقر حقوق الإنسان في أكمل صورة وأوسع نطاق منذ أربعة عشر قرناً من قبل أن تظهر وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فكانت الأسبق، وأن الدول الديمقراطية المعاصرة نفسها لا تزال إلى الوقت الحاضر متخلفة في هذا الصدد تخلفاً كبيراً عن الفكر الإسلامي.

سادساً: أن الفكر الغربي المعاصر سعى إلى التأكيد وبشكل صريح على حق الإنسان في الحياة والحرية والعمل والعلم والرأي والتعبير والاهتمام والملكية والتمتع بالجنسية وحق المحاكمة العادلة، والحق في الحياة الفكرية والثقافية، وحرية التنقل والإقامة والمعتقد، ومنع التعذيب والانتقال والنفي، ولكن ورغم إقرار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلا أنّ الإنسان في عالم اليوم – ورغم التطور الهائل في مجال الاتصالات والمواصلات والتكنولوجيا المتقدمة – ما زال يعاني ويئن من الظلم والتعسف والانتهاك والتعذيب والتشرد والجوع والمرض والاغتصاب. أما أوجه التلاقي إسلامياً وعالمياً في مجال حقوق الإنسان، فقد برز جلياً في الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان عام (1990) والذي جاء ليؤكد على المساهمة في جهود البشر المتعلقة بحقوق الإنسان التي تهدف إلى حمايته من الاستغلال والاضطهاد وتؤكد على حريته وحقه في الحياة الكريمة والتي تتفق مع الشريعة الإسلامية، ومن أبرز مواده:

أولاً: أنّ جمع البشر أسرة واحدة متساوين في أصل الكرامة الإنسانية دون تمييز بينهم بسبب اللون أو العرق أو الجنس.

ثانياً: احترام الأسرة التي هي أساس المجتمع وأكد على احترام المرأة ومساواتها بالرجل في الكرامة الإنسانية.

ثالثاً: التأكيد على القاعدة (لا إكراه في الدين) بالإضافة إلى حق تقرير المصير ومقاومة الاستعمار والاحتلال، مع التأكيد على حرية التنقل والضمان الاجتماعي والكسب المشروع، وحق الملكية، والملكية الفكرية أيضاً، وحرية الحياة الخاصة والشخصية والمسكن والأسرة وحق الإنسان في أن يحظى بمحاكمة عادلة، ومنع تعذيبه وإذلاله أو أخذه رهينة.

رابعاً: أكد الميثاق على احترام الأنبياء جميعاً والمقدسات وعدم إثارة النعرات القومية والمذهبية.

خامساً: أكد الميثاق حق الإنسان في الاشتراك في الشأن العام وتولي الوظائف العامة، وأنّ ولاية الناس أمانة يحسب الإخلاص فيها والقيام بها خير قيام.

سادساً: الإعلان الإسلامي جاء بحقوق وحريات لم تأتي بها المواثيق الدولية كحق الإنسانية في عدم إتلاف المزروعات وحرمة الجنازة الإنسانية، وتحريم إغلاق الينبوع البشري، وحق الدعوة إلى الخير والنهي عن المنكر.

إن ما سبق ذكره من حقوق وحريات جاء بها الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان، إنما هي نابعة متوافقة مع كل ما جاءت به الشريعة الإسلامية الغراء بنصوصها الثابتة من أخلاقيات ومثاليات ومبادئ سامية لا تستقيم حياة الإنسان ولا تكتمل بدونها، بالإضافة إلى أنها جميعاً متوافقة مع الفطرة الإنسانية التي فطر الله عليها بني البشر.

الخـــاتمــــــة

يلاحظ مما سبق، أنّ الفكر الإسلامي ممثلاً بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة وأقوال الصحابة والتابعيين، قد وضع ميزاناً دقيقاً ينظم حقوق الإنسان وواجباته، لأن تقدير الحقوق والواجبات في الإسلام مصدره الله عز وجل، كما لا يميز الإسلام في الكرامة والحقوق بين إنسان وآخر بسبب العرق والجنس أو النسب أو اللون واللغة، فالإسلام اتسم بالعالمية لأنه شريعة للبشرية جميعاً، واتسم بالشمولية لأنه تنزل لمناهج الحياة، واتسم بالعطاء لأنه يفي بحاجة البشرية في كل زمان ومكان، والفكر الإسلامي يرى أن إقرار حقوق الإنسان في المجتمع هو المدخل الصحيح للسعادة البشرية، فالناس جميعاً فيه سواء، لا امتياز ولا تمييز بين فرد وفرد على أساس الأصل والعرق فكلٌ له حقوقه وواجباته، مجتمع ينتفي فيه الظلم، كما أعطاهم حقوقاً توفر في ظلها أمناً من الكبت، والقهر، والإذلال، والاستعباد، والأمانة والأمن والاطمئنان والسلام والعدل والاستقرار والتقدم والحرية والكرامة يلمسها المسلم حالة التطبيق؛ فالفكر الإسلامي يختلف عن الفكر الغربي المعاصر خاصة في موضوع حقوق الإنسان الذي ارتبطت فكرته بالنظريات التربوية والفلسفات المعاصرة الوضعية المادية التي لا تحقق للإنسان إلا بعضاً من هذه الحقوق.في ضوء مناقشة نتائج الدراسة يخرج الباحث بمجموعة من التوصيات والمقترحات من أهمها:

1.ضرورة إعادة صياغة حقوق الإنسان وتأصيلها إسلامياً على ضوء الكتاب والسنة، وكذلك للإستفادة مما توصلت إليه البحوث والدراسات العربية والأجنبية في هذا المجال.

2.وضع تصور مقترح لمنهج حقوق الإنسان لجميع المراحل التعليمية وأن يدرس هذا التصور من منظور إسلامي.

تفعيل دور الجامعات وكليات المجتمع في إعداد الطالب المعلم لممارسة حقوق الإنسان واحترامها؛ بوضع خطة دائمة وعقد ورش عمل تعليمية لتدريبهم على هذه المبادئ وكيفية تدريسها بشكل فعال.
4.الارتقاء بوعي الطلبة لمفاهيم حقوق الإنسان وتعليمهم مهارات حل النزعات والخلافات، وهي مسئولية جميع المؤسسات التربوية الرسمية وغير الرسمية النظامية وغير النظامية.

5.تنظيم الندوات وحلقات البحث والحوار والنقاش وجلسات العصف الفكري والتي تتاح فيها مشاركة أكبر عدد ممكن من أفراد الشعب، وخاصة الطلبة حتى يتعلموا مهارات الحوار والنقاش والتعبير والإصغاء وحل المشكلات.

6.استضافة قيادات المجتمع المدني لتنظيم جلسات نقاش حول مواضيع تعزيز مفاهيم حقوق الإنسان.

مراجع البحث

أولا: المراجع باللغة العربية

القرأن الكريم

الكتب
أخرجه أبو داود، في كتاب الزكاة، رقم(1692).
أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد في الجامع الصغير رقم الحديث(7621).
ابراهيم عبد الله المرزوقي: حقوق الإنسان في الإسلام، منشورات المجتمع الثقافي، أبو ظبي،
اسحق الفرحان: التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة، دار الفرقان، الأردن،
بدري يونس: العولمة وقضايا الاقتصاد السياسي، دار الفارابي، بيروت،
تيسير ابراهيم، قديح: التدخل الدولي الإنساني، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الأزهر.
أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: تاريخ الرسل والملوك، دار المعارف، القاهرة،
الحافظ أبو قاسم ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق، تحقيق صلاح الدين المنجد، (ط1)، المجتمع العربي، دمشق،
خالد أبو شعيرة: التربية المهنية في الفكر التربوي الإسلامي وعلاقتها بالفكر التربوي الحديث، دار جرير للنشر، الأردن،
خالد، أبو شعيرة، الأثر الثقافي للنظام التعليمي القرطبي على العالم الإسلامي وأوروبا، دار المجتمع العربي، عمان،
خالد عمر الحاج: إعلام التربية والمربين من القدماء والمحدثين، الناشر، المؤلف، عمان،
حمد بن إسماعيل البخاري: الجامع الصحيح، تحقيق محمد ذهني افندي (ج2)، طبيعة دار الدعوة، تركيا،
سالم قاقيش: تعلم حقوقك وعلمها، الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان، الأردن،
سالم السيد عبد العزيز:تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس، بيروت
رواه البخاري وأبو داود وابن ماجة في الشرح المختصر، راتب النابلسي
رواه البخاري في كتاب الأدب، باب ما نهى عن السباب واللعان رقم (5590).
عطية حمودة،: الوجيز في حقوق الإنسان، دار يافا العلمية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن،
سلوى الشرافي: واقع التربية على حقوق الإنسان في الدول العربية، المركز العربي لحقوق الإنسان، تونس،
علي الجرباوي: البيان في تعليم حقوق الإنسان مادة مرجعية للمدرسين والمدرسات، الأونروا، دائرة التربية والتعليم، الأردن، 2001
علي الجرباوي: البيان في تعليم حقوق الإنسان مادة مرجعية للمدرسين والمدرسات، الأونروا، دائرة التربية والتعليم، الأردن،
محمد البهي: الدين والحضارة الإنسانية، دار الفكر، بيروت،
محمد أحمد مفتي، وسامحي صالح الوكيل: حقوق الإنسان في الفكر السياسي العربي، دار النهضة، بيروت،
محمود السيد سلطان: سيرة الفكر التربوي عبر التاريخ، دار الشروق، جدة،
مدرية الافتاء: محاضرات في الثقافة الإسلامية، عمان:د.ت.
محمد علي الشخيري: حقوق الإنسان من الإعلانيين الإسلامي والعالمي، دار الثقلين، بيروت،
محمد علي الهاشمي: شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة، وكالة المطبوعات، الرياض،
هايل عبد المولى طشطوش: حقوق الإنسان، دار الكندري، الأردن،
هادي رشيد الجاوشلي: الخدمة الاجتماعية في النظام الإشتراكي، الأنجلو المصرية، القاهرة
يوسف، عواد: حقوق الإنسان في الحياة التربوية، دار المناهج للنشر والتوزيع، عمان الأردن،
المجلات
علي عبد الواحد الوافي: حقوق الإنسان في الإسلام، مجلة اتحاد الجامعات العربية العدد (107)، مجلد (20، 2006.

الرسائل والمذكرات
المركز الوطني لحقوق الإنسان، مذكرات في حقوق الإنسان، القاهرة،
محمد هاشم أغا: دور كليات التربية في الجامعات الفلسطينية في تحقيق جوانب التربية المدنية لدى طلبتها، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الأزهر، غزة،
ثانيا: المراجع باللغة الأجنبية:

Vernt، Physical، Natural and technical Sciences in Al – Andalus. in AL – Jayouse، S. (edt)، London، the Legacy of Muslim Spain، The Center of Arab Union Studies. (1998.
Wade، Rahima C. Conceptual change in Elementary Social Studies: Accesses Study of fourth Graders، Understanding of Human Rights. Theory and Research is Social Education، 22, 2002, PP. (74 – 95).
([1]) سورة الحجرات، الآية 12.

([2]) علي عبد الواحد الوافي: حقوق الإنسان في الإسلام، مجلة اتحاد الجامعات العربية، 2006 العدد (107)، مجلد (20)، ص69 – 94.

([3])يوسف، عواد: حقوق الإنسان في الحياة التربوية، دار المناهج للنشر والتوزيع، عمان الأردن، 2008.

([4]) الحافظ أبو قاسم ابن عساكر: تاريخ مدينة دمشق، تحقيق صلاح الدين المنجد، (ط1)، المجتمع العربي، دمشق، 1979.

([5]) رواه البخاري في كتاب الأدب، باب ما نهى عن السباب واللعان، رقم (5590).

([6]) تيسير ابراهيم، قديح:التدخل الدولي الإنساني، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الأزهر.

([7]) عطية حمودة، : الوجيز في حقوق الإنسان، دار يافا العلمية للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2008.

([8]) سلوى الشرافي: واقع التربية على حقوق الإنسان في الدول العربية، المركز العربي لحقوق الإنسان، تونس، 1993.

([9]) محمد هاشم أغا: دور كليات التربية في الجامعات الفلسطينية في تحقيق جوانب التربية المدنية لدى طلبتها، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة الأزهر، غزة، 2003.

([10])سالم قاقيش: تعلم حقوقك وعلمها، الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان، الأردن، 2005.

([11]) Wade, Rahima C. Conceptual change in Elementary Social Studies: Accesses Study of fourth Graders, Understanding of Human Rights. Theory and Research is Social Education, Voll. 22,2002 , PP. (74 – 95)

([12]) علي الجرباوي: البيان في تعليم حقوق الإنسان مادة مرجعية للمدرسين والمدرسات، الأونروا، دائرة التربية والتعليم، الأردن، 2001.

([13]) علي عبد الواحد الوافي، المرجع السابق ذكره.

([14]) سورة البقرة، الآية 256.

([15]) سورة يونس، الآية 99.

([16]) بدري يونس: العولمة وقضايا الاقتصاد السياسي، دار الفارابي، بيروت، 2005.

([17]) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري: تاريخ الرسل والملوك، دار المعارف، القاهرة، 1990.

([18]) سورة النحل، الآية 125.

([19]) علي عبد الواحد الوافي:المرجع السابق ذكره،

([20]) سورة آل عمران، الآية 191.

([21]) هايل عبد المولى طشطوش: حقوق الإنسان، دار الكندري، الأردن، 2007.

([22]) المرجع السابق ذكره،

([23]) سورة الأعراف، الآية 185.

([24]) سورة العلق، الآية 1.

([25]) سورة التوبة، الآية 162.

([26]) إسحق الفرحان: التربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة، دار الفرقان، الأردن، 2001.

([27]) خالد أبو شعيرة: التربية المهنية في الفكر التربوي الإسلامي وعلاقتها بالفكر التربوي الحديث، دار جرير للنشر، الأردن، 2006.

([28]) المرجع السابق ذكره.

([29]) أخرجه أبو داود، في كتاب الزكاة، رقم (1692).

([30]) خالد عمر الحاج: إعلام التربية والمربين من القدماء والمحدثين، الناشر، المؤلف، عمان، 2001.

([31]) سورة الجمعة، الآية10.

([32]) ابراهيم عبد الله المرزوقي: حقوق الإنسان في الإسلام، منشورات المجتمع الثقافي، أبو ظبي، 2005.

([33]) رواه البخاري وأبو داود وابن ماجة في الشرح المختصر، راتب النابلسي، 2001.

([34]) المرجع السابق ذكره.

([35]) المرجع السابق ذكره.

([36]) محمد البهي: الدين والحضارة الإنسانية، دار الفكر، بيروت، 1999.

([37]) المرجع السابق ذكره.

([38]) سورة النحل، الآية 78.

([39]) رواه ابن ماجة وصححه الألباني.

([40]) سورة العلق، الآيتين 1-5.

([41])Vernt, J. Physical, Natural and technical Sciences in Al – Andalus. in AL – Jayouse, S. (edt), London, the Legacy of Muslim Spain, The Center of Arab Union Studies. (1998).

([42]) سالم السيد عبد العزيز:تاريخ المسلمين وآثارهم في الأندلس، بيروت، 2000.

([43]) خالد أبو شعيرة، الأثر الثقافي للنطام التعليمي القرطبي على العالم الإسلامي وأوروبا، دار المجتمع العربي، عمان، 2007.

([44])سورة المائدة، الآية 32.

([45]) محمد أحمد مفتي، وسامحي صالح الوكيل: حقوق الإنسان في الفكر السياسي العربي، دار النهضة، بيروت، 2004.

([46])أخرجه البخاري في كتاب الديات رقم (6878).

([47])سورة: النساء، الآية، 93.

([48])سورة: النساء، الآية، 1.

([49])بدري يونس: المرجع السابق ذكره

([50])محمد البهي: المرجع السابق ذكره

([51]) سورة: المائدة، الآية38.

([52])أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد في الجامع الصغير رقم الحديث (7621).

([53])سورة الحجرات، الآية11.

([54])سورة القلم، الآية 46.

([55]) حمد بن إسماعيل البخاري: الجامع الصحيح، تحقيق محمد ذهني افندي (ج2)، طبيعة دار الدعوة، تركيا، 2001.

([56]) اسحق الفرحان، المرجع السابق ذكره.

([57]) حمد بن إسماعيل البخاري: المرجع السابق ذكره.

([58]) المرجع السابق.

([59]) محمود السيد سلطان: سيرة الفكر التربوي عبر التاريخ، دار الشروق، جدة، 1997.

([60])أخرجه أبو داود في مسنده في الأدب والحاكم، رقم (5146).

([61])مدرية الافتاء: محاضرات في الثقافة الإسلامية، عمان:د.ت.

([62])محمد علي الشخيري: حقوق الإنسان من الإعلانيين الإسلامي والعالمي، دار الثقلين، بيروت، 1996.

([63]) سورة العنكبوت، الآية 46 .

([64]) محمد علي الهاشمي: شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة، وكالة المطبوعات، الرياض، 2000.

([65]) هادي رشيد الجاوشلي: الخدمة الاجتماعية في النظام الإشتراكي، الأنجلو المصرية، القاهرة 1996.

([66]) علي الجرباوي: البيان في تعليم حقوق الإنسان مادة مرجعية للمدرسين والمدرسات، الأونروا، دائرة التربية والتعليم، الأردن، 2001.

([67]) المركز الوطني لحقوق الإنسان، مذكرات في حقوق الإنسان، القاهرة، 2005.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت