الطعن 876 لسنة 54 ق جلسة 30 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ج 2 ق 307 ص 856

برئاسة السيد المستشار/ د. جمال الدين محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منصور حسين عبد العزيز، أحمد طارق البابلي نائبي رئيس المحكمة محمد السعيد رضوان، حماد الشافعي.
——–
– 1 عمل ” علاقة العمل . تنظيم العمل”.
الوزير المختص. حقه في نقل العامل من وحده اقتصادية إلى أخرى. حالاته. م 54 ق 48 لسنة 1978. لجهة العمل هذا الحق. شرطه. أن تقتضي مصلحة العمل ذلك وألا يكون يقصد الإساءة أو سترا لجزاء تأديبي.
يدل النص في المادة 54 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام – الذى يحكم واقعة الدعوى – على أن المشرع أجاز للوزير المختص بصفته رئيس المجلس الأعلى للقطاع طبقاً لأحكام القانون رقم 60 لسنة 1971 المعدل بالقانون رقم11 لسنة 1975 نقل العامل من وحدة اقتصادية إلى وحدة أخرى داخل القطاعات التي يشرف عليها في هذه الحالات المشار إليها في المادة السابقة ، وما أوردته المادة في هذه الخصوص لا يخرج عن القواعد العامة في سلطه صاحب العمل في تنظيم منشأته وفقاً لما يقتضيه صالح العمل ، فلجهة العمل نقل العامل في أي وقت طالما اقتضت مصلحة العمل ذلك ، وليس للعامل أي حق في البقاء في جهة معينة أو وظيفة بعينها ضد مصلحة العمل ولا يعيب قرار النقل إلا أن يثبت العامل أنه افتقد مقوماته القانونية لعدم استيفائه الشروط والأوضاع المقررة بأنه تم دون ما يبرره من مقتضيات العمل ودواعيه ، أو بقصد الإساءة إلى العامل أو ستراً لجزاء تأديبي. لما كان الحكم الابتدائي وبما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير قيام التعسف أو إساءة استعمال السلطة قد انتهى إلى أن نقل الطاعن من الشركة المطعون ضدها الثانية إلى شركة …… إنما قصد به الصالح العام ولم يكن وليد تعسف في السلطة أو إساءة استعمال لها ، وكان ما أورده الحكم الابتدائي في هذا الخصوص وأبداه الحكم المطعون فيه – سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
– 2 خبرة ” تقدير عمل الخبير”.
تقدير رأي الخبير وفهم الواقع في الدعوى من سلطة قاضي الموضوع حسبه أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله عدم إلزامه بتتبع حجج الخصوم والرد عليها استقلالا.
المقرر – في قضاء هذه المحكمة – إن رأي الخبير لا يعدو أن يكون دليلاً في الدعوى يخضع لتقدير قاضى الموضوع دون معقب عليه في ذلك . وأن لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى طالما له سنده ، وكان لا خروج فيه على الثابت بالأوراق ويحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغه تكفي لحمله، لا عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول، أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي أقتنع بها وأورد دليلها فيها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
———-
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن الطاعن أٌقام الدعوى بداءة أمام المحكمة التأديبية على المطعون ضدهما “وزير البترول والطاقة، وشركة ….. البترول” وطلب الحكم بإلغاء القرار الصادر من المطعون ضدها الثانية بنقله إلى شركة ……. للبترول، وما يترتب على ذلك من آثار وقال بيانا لها أنه انتخب عضوا بمجلس إدارة الشركة المطعون ضدها الثانية، وبحكم عضويته لاحظ وقوع العديد من المخالفات بالشركة، فقدم – مذكرة بشأنها لرئيس مجلس الإدارة، الذي لم يقبل مسلك الطاعن في كشف أخطاء الشركة فأستصدر قراراً من المطعون ضده الأول، بتنحيه الطاعن عن عضوية مجلس الإدارة لمدة ستة أشهر، ثم أتبع ذلك باستصدار قرار آخر بنقله إلى شركة …… للبترول اعتباراً من 7/6/1979. ولأن القرارين سالفي الذكر قد صدرا بالمخالفة لأحكام القانون، ويستران في الحقيقة جزاءً تأديبيا، فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان. وبتاريخ 26/4/1980 قضت المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة الصناعة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى، وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية التي قيدت الدعوى أمامها برقم 527 سنة 1980 عمال كلي. وبتاريخ 22/2/1981 ندبت المحكمة خبيرا لأداء المهمة بمنطوق الحكم. وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت في 28/11/1982 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1275 سنة 99ق القاهرة وبتاريخ 25/1/1984 حكمت – المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب، بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بجواز نقل الطاعن من الشركة المطعون ضدها الثانية على اعتبار أنه من العمالة الزائدة في حين لم تتمسك بذلك في دفاعها كما أصدر المطعون ضده الأول قرار نقله إلى شركة ….. للبترول، مع أنه لا يملك ذلك وفقا للمادة 52 من القانون رقم 60 لسنة 1971، والتي تجيز له فقط تنحية أعضاء مجلس إدارة الشركة لمدة ستة شهور وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك إن النص في المادة 54 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام – الذي يحكم واقعة الدعوى – على أنه “يجوز بقرار من رئيس مجلس الوزراء نقل العامل من قطاع إلى قطاع آخر في الحالتين الآتيتين: وذلك مع مراعاة حكم المادة 42 من هذا القانون.
1- إذا لم يكن مستوفيا لاشتراطات الوظيفة التي يشغلها أو أي وظيفة أخرى خالية في القطاع الذي يعمل به.
2- إذا كان زائدا عن حاجة العمل في الشركة التي يعمل بها. ويجوز لرئيس المجلس الأعلى للقطاع نقل العامل في الحالتين السابقتين داخل القطاعات التي يشرف عليها “يدل على أن المشرع أجاز للوزير المختص بصفته رئيس المجلس الأعلى للقطاع طبقاً لأحكام القانون رقم 60 لسنة 1971 المعدل بالقانون رقم 111 لسنة 1975 نقل العامل من وحدة اقتصادية إلى وحدة أخرى داخل القطاعات التي يشرف عليها في الحالتين المشار إليها في المادة السابقة وما أوردته المادة في هذا الخصوص لا يخرج عن القواعد العامة في سلطة صاحب العمل في تنظيم منشآته، وفقاً لما يقتضيه صالح العمل، فلجهة العمل نقل العامل في أي وقت طالما اقتضت مصلحة العمل ذلك، وليس للعامل حق في البقاء في جهة معينة أو وظيفة بعينها ضد مصلحة العمل. ولا يعيب قرار النقل إلا أن يثبت العامل أنه افتقد مقوماته القانونية لعدم استيفائه الشروط والأوضاع المقررة، بأن تم دون ما يبرره من مقتضيات العمل ودواعيه، أو بقصد الإساءة إلى العامل أو ستراً لجزاء تأديبي.
لما كان ذلك – وكان الطاعن قد أسس دعواه على مخالفة القرار الصادر من المطعون ضده الأول للقانون لصدوره سترا لجزاء تأديبي، وكان الحكم الابتدائي – وبما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير قيام التعسف أو إساءة استعمال السلطة قد انتهى إلى نقل الطاعن من الشركة المطعون ضدها الثانية إلى شركة …….. للبترول إنما قصد به الصالح العام وأنه لم يكن وليد تعسف أو إساءة استعمال لها، وكان ما أورده الحكم الابتدائي في هذا الخصوص وأيده فيه الحكم المطعون فيه – سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أخذ بتقرير الخبير، رغم إغفاله للشروط التي أوردتها المادة 52 من القانون رقم 48 لسنة 1978 لنقل العامل. وأنه قرر بمحضر أعمال الخبير أن نقله تم بناء على مذكرة مقدمة من أعضاء مجلس الإدارة المنتخبين للوزير، وأن المذكرة المقدمة ضده من أعضاء مجلس النقابة لا تصلح سندا لنقله. وفضلا عن ذلك لم يلتفت الحكم إلى دفاعه بأن قرار تنحيته عن مجلس إدارة الشركة قد ألغي من محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 1494 سنة 33ق مع أنه الأساس في قرار نقله، كما لم يعن ببحث نية مصدر القرار، وما إذا كانت تخفي جزاءا تأديبيا من عدمه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول – ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن رأي الخبير لا يعدو أن يكون دليلاً في الدعوى يخضع لتقدير قاضي الموضوع دون معقب عليه في ذلك وأن لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى طالما له سنده، وكان لا خروج فيه على الثابت بالأوراق، وبحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها، وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليه بعد ذلك أن يتبع الخضوع في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات. وكان الحكم المطعون قد انتهى – وعلى ما جاء في الرد على السببين الأول والثاني من أسباب الطعن سديداً ولأسباب سائغة إلى أن نقل الطاعن من الشركة المطعون ضدها الثانية لم يكن وليد تعسف في السلطة أو إساءة استعمال لها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .