أن تعاقد الأطراف في حالة اجتماعهم في نفس الزمان والمكان، لا يثير صعوبة ما، لأن التعاقد في هذه الحالة سيعتبر تعاقداً بين حاضرين في مجلس عقد حقيقي، ومن ثم فأن أحكام هذه الصورة من صور مجلس العقد ستطبق على التعاقد. كما لا يثير تعاقد الأطراف في حالة تفرقهم من حيث الزمان والمكان عن طريق الرسول أو الكتابة أو التلكس وما شابه صعوبة ما، لأن التعاقد في هذه الحالة سيعتبر تعاقداً بين غائبين في مجلس عقد حكمي، وبالتالي فأن أحكام هذه الصورة من صور مجلس العقد ستطبق على التعاقد. أما الصعوبة فتثار بصدد تحديد طبيعة التعاقد – من حيث مدى اعتباره تعاقداً في مجلس عقد حقيقي أم حكمي – في بعض حالات التعاقد التي يكون فيها المتعاقدان متعاصرين من حيث الزمان، ومتباعدين بأبدانهما من حيث المكان، فهل سيعتبر التعاقد تعاقداً في مجلس عقد حقيقي استناداً إلى تعاصر الزمان، أم سيعتبر التعاقد تعاقداً في مجلس عقد حكمي استناداً إلى اختلاف المكان أم أن ظروف التعاقد في هذه الحالات ستجعل منه مجلساً حقيقياً من حيث الزمان، وحكمياً من حيث المكان؟ للإجابة عن هذا السؤال، نقول بأن تعاصر الزمان واختلاف المكان لا يتحقق إلا في حالة استخدام المتعاقدين في تعاقدهم جهاز التليفون أو أي جهاز أخر مماثل له. ولذلك سنتناول أولاً، التعاقد بواسطة التليفون، ثم نتناول ثانياً، التعاقد بوسائط مماثلة للتليفون مبينين فيه معيار المماثلة الذي يمكن اعتماده لتطبيق الأحكام التي تنطبق على التعاقد بالتليفون، وبالتالي تحديد زمان ومكان انعقاد العقد في التعاقد بتلك الوسائل.

أولاً:- التعاقد بواسطة التليفون.

يستلزم التعاقد بواسطة التليفون، التبادل الفوري والمباشر للإيجاب والقبول، دون توسط شخص ثالث بينهما فكل من الطرفين يسمع كلام الأخر مباشرة، ويتم تبادل الإيجاب والقبول دون فاصل زمني، وكأن الطرفين حاضران معاً. كما أن طبيعة التعاقد بالتليفون، تجعل من التعاقد تعاقداً بين أطراف متباعدين من حيث المكان، فمكان تواجد الموجب هو غير مكان الموجه إليه الإيجاب. وقد أختلف الفقهاء في تكييف طبيعة التعاقد، فهنالك اتجاهان في هذه المسألة.

الاتجاه الأول:- ذهب جانب من الفقه(1). إلى القول، أن التعاقد بالتليفون يعد صورة من صور التعاقد بين حاضرين وذلك على أساس اعتبار الوحدة الزمنية لمجلس العقد. فقد ذكر أحد الفقهاء(2). ما يأتي: “ويأخذ حكم التعاقد بين حاضرين في مجلس العقد، التعاقد بطريق التليفون أو…….. ، حيث يكون المتعاقدان على اتصال مباشر، يجعل أحدهما يسمع كلام الأخر فور صدوره”. وبذلك فأن أصحاب هذا الاتجاه لا يعيرون لحالة افتراق المتعاقدين بأبدانهم أهمية ما، فالمهم لديهم أن يكون باستطاعة كل من المتعاقدين أن يسمع كلام الأخر ويتبينه في وقت واحد، وليس هناك فترة زمنية تفصل بين صدور الإيجاب والعلم به، وبذلك يتحدد زمان الإيجاب والقبول، ويكون مجلس العقد بينهما هو زمن الاتصال. ويبرر البعض(3). عدم أعطاء مكان التعاقد أهمية ما في تحقق مجلس العقد في هذه الحالة بقوله، إن “اتحاد المجلس متحقق حكماً ومعنى، وذلك بوجود الرابط وهو الهاتف مادام كل منهما لم يغادر موضعه الذي نطق به “. ومقتضى هذا الرأي أن التعاقد بالتليفون يكون مجلسه مجلس عقد حقيقي وليس مجلس عقد حكمي، لأن الأمر لا يختلف عن التعاقد بين حاضرين، لاتحاد العلة في الحالين، إذ أن التليفون يسمح بوصول التعبير إيجاباً كان أو قبولاً إلى علم الموجه إليه فور صدوره، كما لو كان الطرفان يضمهما مجلس واحد(4). ونشير في هذا المجال إلى أن مجمع الفقه الإسلامي قد أعتنق هذا الاتجاه، إذ نص في الفقرة الثانية من قراره المرقم (54|3|6) لسنة (1990م) بشأن أجراء العقد بآلات الاتصال الحديثة على أنه “2-إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فأن التعاقد بينهما يعتبر تعاقداً بين حاضرين وتطبق على هذه الحالة الأحكام الأصلية المقررة لدى الفقهاء………”(5). كما نشير إلى أن القانون المدني المصري قد أخذ بهذا الاتجاه، إذ نص في المادة (94) منه على أنه “1- إذا صدر الإيجاب في مجلس العقد دون أن يعين ميعاد القبول، فأن الموجب يتحلل من إيجابه إذا لم يصدر القبول فوراً، وكذلك الحال إذا صدر الإيجاب من شخص إلى أخر بطريق التليفون أو بأي طريق مماثل. 2- ومع ذلك يتم العقد ولو…….”. يلاحظ أن المشرع المصري، لم يعطِ لظرف تفرق المتعاقدين في التعاقد الذي يتم عن طريق التليفون أهمية ما في تكييف طبيعة التعاقد. ويبدو لنا أن اتجاه المشرع المصري قد جاء منسجماً مع نفسه، إذ أنه لا يفرق في تحديد مكان العقد بصورة مستقلة عن زمانه، إذ بموجب قانونه المدني، فأن العقد لا ينعقد إلا بعلم الموجب بالقبول، سواء أكان التعاقد بين حاضرين أم بين غائبين(6)(7).

الاتجاه الثاني:- ذهب جانب من الفقه(8). إلى القول، أن التعاقد بالتليفون يعد تعاقداً بين حاضرين من حيث الزمان وتعاقداً بين غائبين من حيث المكان، ومقتضى هذا الرأي أن التعاقد بالتليفون يكون مجلساً مختلطاً بين الحقيقي والحكمي، فهو في شق منه وهو شق الزمان وكيفية التعاقد يكون مجلسه مجلس عقد حقيقي، وفي الشق الأخر وهو الشق المكاني يكون مجلسه مجلس عقد حكمي. وقد أخذ المشرع العراقي بهذا الاتجاه، إذ نص في المادة (88) من قانونه المدني، على أنه “يعتبر التعاقد (بالتليفون) أو بأية طريقة مماثلة، كأنه تم بين حاضرين فيما يتعلق بالزمان، وبين غائبين فيما يتعلق بالمكان”(9). وهذا هو موقف المشرع الأردني، إذ نص في المادة (102) من قانونه المدني على أنه “يعتبر التعاقد بالهاتف أو بأية طريقة مماثلة بالنسبة للمكان كأنه تم بين متعاقدين لا يضمهما مجلس واحد حين العقد، وأما فيما يتعلق بالزمان، فيعتبر كأنه تم بين حاضرين في المجلس”. ومن الجدير بالذكر أن المشرع العراقي عندما أورد المادة (88) من قانونه المدني، لم يرتب على الفصل مابين زمان ومكان انعقاد العقد أية فائدة عملية، فيلاحظ على هذه المادة، بأنها عدت أن التعاقد بالتليفون تعاقداً بين حاضرين من حيث الزمان وتعاقداً بين غائبين من حيث المكان، وقد عرفنا، أن التعاقد بحسب القانون المدني العراقي، سواء أكان بين حاضرين أم بين غائبين فأنه سيعتبر منعقداً لحظة علم الموجب بالقبول، وفي مكان الموجب وبهذا يتساوى الحال، ولا يترتب على نص المادة (88) منه إلا اختلافاً لفظياً أو اصطلاحياً، راعى فيه المشرع في الوصف لحالة المتعاقدين من حيث كونهم متصلين بواسطة التليفون بعضهم ببعض من حيث الزمان، وأعطى التكييف لحالة كون المتعاقدين متباعدين من حيث المكان. أما بالنسبة إلى موقف المشرع الأردني وعلى الرغم من تشابه المادة (102) التي أوردها لمعالجة حالة التعاقد عن طريق التليفون مع ما أورده المشرع المدني العراقي في المادة (88)، إلا أن الأحكام التي تترتب على أعمال هذه المادة بحسب القانون المدني الأردني، ستؤدي إلى اختلاف عملي وليس نظري فحسب، فالاختلاف لا يقتصر على التكييف (أو الوصف) لحالة المتعاقدين، بل سيمتد إلى اختلاف في تحديد زمان ومكان العقد. فقد عرفنا أن المشرع الأردني يعتبر العقد منعقداً بين الحاضرين لحظة علم الموجب بالقبول، ويعتبر العقد منعقداً بمجرد تصدير القبول ما بين الغائبين وبذلك يكون العقد منعقداً بحسب القانون المدني الأردني في الزمان الذي علم فيه الموجب بالقبول، بينما يكون مكان انعقاده هو المكان الذي صَدر الموجه إليه الإيجاب قبوله ( مكان القابل) وهذا ما ذهبت إليه محكمة التمييز الأردنية(10). وبعد استعراضنا للاتجاهين اللذين قيلا بصدد تحديد طبيعة مجلس العقد في التعاقد عن طريق التليفون وبينا موقف المشرع العراقي منه. سنحاول ترجيح أحد الاتجاهين استناداً إلى تكييف الحالة التي يكون عليها المتعاقدان عند التعاقد، من أجل محاولة الوصول إلى الحكم الصحيح. وبدايةً نتساءل. أستنطبق على التعاقد بالتليفون سمات مجلس العقد الحقيقي، أم أن طبيعة التعاقد بهذا الجهاز ستستوجب أعطاء تكييف مخالف له؟ للجواب عن هذا السؤال سنبين سمات مجلس العقد الحقيقي، لكي نرى فيما إذا كانت حالة التعاقد بالتليفون ستنطبق عليه أم لا. يتميز مجلس العقد الحقيقي بسمات ثلاث هي:-

1-وجود التعاصر والتزامن بين صدور التعبير عن الإرادة من أحد العاقدين وتلقيها ممن وجهت إليه.

2-وحدة المكان التي تجمع المتعاقدين.

3-انشغال المتعاقدين بشوؤن العقد.

فإذا أفتقد التعاقد سمة التعاصر والتزامن أنقلب إلى تعاقد بين غائبين من حيث الزمان، وإذا أفتقد سمة وحدة المكان بين المتعاقدين أصبح تعاقداً بين غائبين من حيث المكان، وإذا أفتقد السمتين معاً يصبح تعاقداً بين غائبين من حيث الزمان والمكان(11)(12). فنلاحظ أن التعاقد بالتليفون، وإن كان استعماله يحقق التعاصر والتزامن إلا أن سمة وحدة المكان لا يمكن أن تتحقق عن طريقه. ولذلك لا يمكن اعتباره تعاقداً في مجلس عقد حقيقي من حيث الزمان والمكان. كما ويختلف التعاقد بواسطة التليفون عن التعاقد في مجلس العقد الحكمي، وذلك لعدم إمكانية تحقق التعاصر والتزامن بين أطراف المجلس، ولذلك لا يمكن أيضاً اعتباره تعاقداً في مجلس عقد حكمي من حيث الزمان والمكان. ونتيجة لهذا الاختلاف ما بين التعاقد بالتليفون والتعاقد في مجلس العقد الحقيقي من جهة، والاختلاف ما بين التعاقد بالتليفون والتعاقد في مجلس العقد الحكمي من جهة ثانية، نعتقد بأن الاتجاه الثاني هو الجدير بالتأييد (وهو الاتجاه الذي أخذ به القانون المدني العراقي(13). والقانون المدني الأردني ). ومع كون الاتصال بيين المتعاقدين اتصالاً مباشراً، فإن طبيعة وجود المتعاقدين في مكانين مختلفين تبقى لها خصوصية لا يمكن تجاهلها(14). فالتعاقد بالتليفون سيعتبر بمثابة تعاقد بين حاضرين من حيث الزمان، و “لا يجوز أن يستنتج من ذلك أن ظرف عدم الاجتماع بالأبدان يكون عارياً من كل أثر عندئذٍ، لأن من النتائج القانونية التي تترتب على الانعقاد ما يتعلق بتحديد مكانه، فيعتبر هذا الانعقاد حاصلاً بمقر القابل وفقاً لمذهبي الإصدار، وينسب بالعكس إلى محل الموجب في نطاق مذهبي الوصول”(15). فلتحديد مكان التعاقد أهمية كبيرة في تحديد مكان انعقاد العقد(16). وتأثير كبير في تحديد هوية المتعاقد بصورة واضحة. كما وقد يكون لمكان التعاقد تأثير في منح المتعاقدين خياراً للرؤية(17). . فمهما كان وصف المتعاقد لبضاعته (في عقد البيع مثلاً) قريباً من الواقع، فهو سيميل إلى ترجيح مصلحته، وذلك بإعطاء الوصف الإيجابي، وقد يعمد إلى إخفاء الوصف السلبي لبضاعته. كما أن اعتبار المتعاقدين بأنهم قد تعاقدوا في مجلس عقد حقيقي من حيث الزمان والمكان، يتعارض مع بعض الحقوق التي قد تترتب للمتعاقدين، والتي تمنح لهم باعتبار أن التعاقد قد تم في مكانين مختلفين. وكمثال على ذلك، ما ورد في القوانين الفرنسية الخاصة التي تعطي للمتعاقد حق التراجع عن البيع في العقود التي تبرم بواسطة وسائل الاتصالات عن بعد(18). والتي تتميز بطابعها الخاص وهو الطابع المكاني(19). كالقانون الصادر بتاريخ 22/12/1972م، الذي يعطي الحق للمشتري في التخلي عن العقد – في العقود التي تبرم عن بعد – من خلال فترة سبعة أيام من تاريخ انعقاد العقد(20). والقانون رقم (88-21) الصادر في 6/1/1988م والذي أعطى الحق للمشتري في إرجاع البضاعة إلى البائع، إما لاستبدالها ببضاعة أخرى أو لردها واسترداد ثمنها(21). فهذه القوانين المشار إليها أعلاه، تمنح الحماية للمشتري الذي لم يكن قد رأى المبيع رأي العين(22). أو رآه رأي العين بصورته الآتية له عن بعد وسط أضواء وإبهار الدعاية والعرض المغري بالشراء(23). فتكون صورة غير كافية، وعلمه عنه علم لا يصل إلى حد أن ينفي عن الشيء الجهالة الفاحشة(24). ولذا ذهب جانب من الفقه الفرنسي(25). إلى أن التعاقد بالتليفون بين غائبين من حيث المكان. وبهذا يتضح لنا، أن مجلس العقد في التعاقد بواسطة التليفون، سيعتبر حقيقياً فيما يتعلق بتحديد زمان انعقاد العقد، وما يتعلق بكيفية التعاقد فيه، وبهذا فأن استمرار المكالمة التليفونية هو دليل على بقاء مجلس العقد ومن ثم صلاحية الإيجاب لاقترانه بالقبول، ويعتبر المجلس منفضاً بانعقاد العقد أو بانتهاء المكالمة التليفونية قبل الانعقاد أو بتغير موضوع المحادثة(26). وبالتالي فأن زمان انعقاد العقد سيتحدد بلحظة علم الموجب بالقبول(27).كما سيعتبر مجلس العقد في التعاقد بالتليفون حكمياً فيما يتعلق بتحديد مكان انعقاد العقد، ومن ثم سيكون مكان الانعقاد هو المكان الذي يصُدر فيه الموجه إليه الإيجاب قبوله.

ثانياً:- التعاقد بوسائط مماثلة للتليفون

بعد أن تم تحديد طبيعة التعاقد بالتليفون فيما سبق، يمكن القول بأن ما ينطبق من أحكام على هذه الطريقة من طرائق التعاقد سينطبق على الوسائط المماثلة لها، ومنعاً للتكرار أو الإطالة في طرح الموضوع سنبين معيار المماثلة بهذا الجهاز، لأن تناول وسائل الاتصال المتعددة كل على حدة لا يؤدي إلا إلى فائدة محدودة، وسيتحتم علينا التكرار.

ونشير إلى أن المشرع العراقي قد نص في المادة (88) منه على أنه “يعتبر التعاقد (بالتليفون) أو بأية طريقة (مماثلة) كأنه تم بين حاضرين فيما يتعلق بالزمان وبين غائبين فيما يتعلق بالمكان”. وعلى الرغم مما تقدمه هذه المادة من إيجابية تحسب للمشرع العراقي(28). في فتح المجال لاستيعاب أية وسيلة حديثة من وسائل الاتصال في أبرام العقود (فمن يدري ما تخفي لنا الأيام والسنون من تقدم وتطور في وسائل الاتصال)، إلا أنها لم تبين المعيار المتعين تطبيقه على وسائل الاتصال المماثلة للتلفون، لكي يمكن تطبيق الحكم الذي جاءت به على هذه الوسائل(29). لهذا فأن التساؤل يثار فيما إذا كانت أسباب المماثلة التي تستدعي تطبيق الأحكام التي تنطبق على التليفون هي الفورية والمباشرة في نقل ما يصدر من طرف إلى طرف أخر من إيجاب أو قبول دون فاصل زمني، وسواء أتم ذلك سماعاً أم كتابة، أم أن الأسباب تقتصر على سماع كل من العاقدين للأخر، أية وسيلة سماعية أو شفاهية فقط، أم أن هناك معياراً أخر يختلف عن فورية السماع أو فورية النقل؟ إذا كان معيار التماثل هو الفورية في السماع فقط، فأن ما يمكن خضوعه لهذا المعيار من وسائل ينحصر في جهاز اللاسلكي و الهاتف الجوال وفي التعاقدات التي تتم (بالمحادثة عبر الانترنت)(30). لأن هذه الأجهزة توفر أمكانية نقل الكلام شفاهة. أما إذا كان المعيار هو الفورية في النقل للإيجاب أو القبول، فأن هنالك العديد من وسائل الاتصال (كالتلكس والفاكس والبريد الإلكتروني ) فضلاً عن اللاسلكي والهاتف الجوال وبرنامج المحادثة عبر الإنترنت، ستعتبر متماثلة مع التليفون ومن ثم سينطبق عليها نص المادة (88) عراقي(31). ونعتقد أن معيار المماثلة هو ما يتحقق من تواصل مستمر بين المتعاقدين في أثناء استخدام وسيلة الاتصال وفي أثناء فترة الاتصال، في الفترة الفاصلة ما بين الإيجاب والقبول. أي بمعنى أن ما نريد القول به كمعيار للتماثل هو بقاء تفاعل المتعاقدين، وقدرتهم على مناقشة تفاصيل العقد المقدمين على إبرامه، بشكل تبادلي وتحاوري، وفي الزمن الحقيقي، ومن دون وجود فواصل زمنية تذكر. ويتساوى الحال، سواء أكان هذا التفاعل عن طريق الصوت فقط مثلما هو متحقق في مجلس العقد في التعاقد عن طريق اللاسلكي أو الهاتف الخلوي أو بالمحادثة بالصوت عبر الانترنت، أم كان هذا التفاعل عن طريق الصورة فقط، في بعض برامج الانترنت، والتي يمكن من خلالها إرسال صور فيديو للتعبير عن الحركة(32).أم كان هذا التفاعل عن طريق الصوت والصورة مثلما هو متحقق في التعاقد عن طريق برنامج الجات (Chat) عبر شبكة الانترنت(33).أو في مؤتمرات الفيديو(34). أن معيار التفاعل بين المتعاقدين، ليس غريباً عن الفقه المدني، فقد عرف جانب من الفقه(35). فكرة التفاعل بأنها “إمكانية المستخدم من التجول في البرنامج كما يريد، فيستطيع دراسة العرض وطلب المعلومات التي يريدها والانتقال في البرنامج كما يريد. ولذلك فأن موقف المستخدم لا يكون موقفاً سلبياً من البرنامج، أي لا يمثل دوره دور المشاهد فقط، بل يكون دوره دور المتعامل مع البرنامج”. ويلاحظ أنه على الرغم من أن أصحاب هذا التعريف قد عرفوا فكرة التفاعل في مجال شبكة الإنترنت، نعتقد أنه ليس هناك ما يمنع من الأخذ بهذه الفكرة (فكرة التفاعل) في تحديد معيار التماثل ما بين التليفون وما يشبهه. ولذلك يمكننا تعريف معيار التفاعل بأنه “المعيار الذي يُعتمد عليه في تحديد التماثل ما بين طريقة التعاقد عن طريق التليفون، وما يشبهه من وسائل التعاقد. والذي يقصد به (أي يقصد بمعيار التفاعل )، أمكانية المتعاقدين في التحاور في مجال تفاصيل العقد المقدمان عليه، ماداما على اتصال مباشر، من حيث الزمان، على الرغم من أبتعادهما فيما بينهم من حيث المكان، وسواء أكان هذا الاتصال شفاهاً أم مكاتبةً أم بواسطة الصورة”. وبهذا لا نتفق مع ما ذهب إليه جانب من الفقه(36). بقولهم “نعتقد بسريان النص (ويشيرون إلى نص المادة (102) من القانون المدني الأردني المشابهة للمادة (88) مدني عراقي) على حالة التعاقد بالفاكس” وذلك لأن الفاكس وأن حقق التماثل مع التليفون من حيث فورية النقل (نقل الإرادة)، إلا أنه لا يحقق التفاعل ما بين المتعاقدين. فجهاز الفاكس سيعتبر ناقلاً للإرادة فقط ولا يحقق التواصل بين المتعاقدين، وبنقله للإرادة سينقطع الاتصال ما بين الموجب والموجه إليه الإيجاب، فأن أراد الموجه إليه الإيجاب إصدار القبول فسيتوجب عليه الاتصال مرة ثانية ليبدي قبوله، فدور الفاكس كدور الرسول أو الكتابة التقليدية. ويبدو لنا أن الدافع لدى أصحاب الرأي المشار إليه آنفاً في قولهم بهذا الرأي هو تبنيهم في تحديد المعيار الفاصل بين الحاضرين والغائبين هو وجود فاصل زمني ما بين الإيجاب والقبول(37). وقد رأينا أن هذا المعيار لا يصلح في كل الأحوال فقد يكون التعاقد بين حاضرين ومع ذلك يوجد مثل هذا الفاصل (كحالة تعاقد الأطرش أو الأعمى أو التعاقد بلغة أجنبية لا يفهمها المتعاقد الأخر)(38). ولذلك يمكن القول، أن تحديد طبيعة مجلس العقد من حيث كونه حقيقياً كان أم حكمياً في وسائل الاتصال المختلفة، لا يتوقف على نوعية وسائل الاتصال، مثلما ذهب إلى ذلك جانب من الفقه(39). بل سيتحدد بحسب طريقة استخدام هذه الوسيلة أو تلك. فإذا حدث التفاعل ما بين المتعاقدين المتباعدين بأبدانهم، أصبح التعاقد في مجلس عقد حقيقي من حيث الزمان، وأعتبر بأنه مجلس عقد حكمي من حيث المكان. ولغرض توضيح معيار المماثلة سنضرب الأمثلة الآتية:-

1-إذا أستخدم الموجب هاتفاً خلوياً (محمول) من (الجيل الثالث)(40). وقام بإرسال أيجابه بواسطة هاتفه عن طريق البريد الإلكتروني الخاص بالموجه إليه الإيجاب، ثم أقفل الموجب هاتفه الخلوي، فهل من الصواب اعتبار أن التعاقد يجري بين حاضرين في مجلس عقد حقيقي من حيث الزمان، لمجرد أن الجهاز هو هاتف خلوي.

2-إذا صدر الموجب أيجابه عن طريق استخدام برنامج المحادثة الصوتية عن طريق الإنترنت وبعد الاتصال بجهاز الموجه إليه الإيجاب، لاحظ عدم اتصال الموجه إليه الإيجاب بحاسبه الآلي، فترك رسالته الصوتية مسجلة في جهاز الموجه إليه، فهل من الصواب اعتبار التعاقد بأنه تعاقد بين حاضرين في مجلس عقد حقيقي من حيث الزمان، على الرغم من عدم حدوث التفاعل ما بين المتعاقدين.

وبذلك نعتقد عدم صحة وصف التعاقد الذي يتم عن طريق الإنترنت بخدماته المختلفة، بأنه تعاقد بين حاضرين في مجلس عقد حقيقي من حيث الزمان في التعاقدات كافة ، بل يجب تحديد طبيعة التعاقد استناداً إلى طبيعة الخدمة المقدمة عبر شبكة الإنترنت. وفي هذا المجال تجدر الإشارة إلى ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي(41). بخصوص الحاسب الآلي (أي الإنترنت) إذ نصت الفقرة الأولى من هذا القرار على أنه “إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، ولا يرى أحدهما الأخر معاينة، ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول)، وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس (وشاشات الحاسب الآلي)، ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله”. يلاحظ على هذا القرار أنه قد ساوى ما بين وسائل التعاقد ما بين الغائبين والتعاقد عن طريق الحاسب الآلي (أي عن طريق الإنترنت) وأعتبر أن الحكم سيعتبر تعاقداً ما بين غائبين في كلا الحالتين. كما يلاحظ بأنه لم يفرق ما بين الخدمات التي يقدمها الإنترنت في تحديد طبيعة التعاقد. وبهذا الصدد نتفق مع ما ذهب إليه جانب من الفقه(42). في أن الحل الذي أعتمده مجمع الفقه الإسلامي يكون صحيحاً في فترة صدور القرار من المجمع (سنة 1990م) حيث كان التعاقد عبر الإنترنت يختلف عن طريقه في هذا الزمن، إذ لم توجد المحادثة الصوتية أو المحادثة الصوتية والمرئية الـ(Chat)، إنما كان الطرف الراغب في التعاقد يرسل بطريق البريد الإلكتروني رسالة يبين فيها رغبته في التعاقد ثم يحصل الرد من الطرف المقابل بالموافقة أو الرفض، ولا شك في أن ذلك يستغرق شيئاً من الوقت الذي يجعل التعاقد أشبه بالتعاقد عن طريق البريد العادي فيكون له حكم التعاقد بين الغائبين من حيث الزمان والمكان. أما في الوقت الحالي فقد تغيرت طرائق التعاقد عبر الانترنت، فقد يتم التعاقد بالمحادثة بين المتعاقدين بصورة مباشرة.

ولذلك فأن استخدام وسيلة الانترنت لا يمكن أن تحدد طبيعة التعاقد، أهو تعاقدٌ في مجلس عقد حقيقي أم حكمي من حيث الزمان؟ ونشير في هذا الصدد إلى ما ذكره أحد الفقهاء(43). بأنه ” ليس على الانترنت أن يفهم القانون، بل على القانون أن يفهم الانترنت، إذ التكنولوجيا تسبق القانون بشكل شبه دائم، والقانون يسعى غالباً لمواكبتها أو لملاقاتها من أجل أن ينظم مفاعيلها، وقد يخطئ القانون أحياناً إذا سعى لأن يلجم التكنولوجيا، لأنه سرعان ما يتبين له أن هذه الأخيرة قد تجاوزته من جديد، فيعي القانون أن دوره ليس أبداً وقف التطور العلمي، بل على العكس دوره هو أن يجتهد لكي يشمل تطبيقاتها الخيرة”. ولهذا يمكن القول بأن المشرع العراقي وأن كان قد أورد نص المادة (88) منه والتي تسمح بتطبيق ما يحصل من تطور في وسائل الاتصال إلا أنه يجب عليه وضع معيار المماثلة الذي يمكن تطبيقه على مضمون هذه المادة، لكي يواكب التطور الحاصل في وسائل الاتصال (من المحادثة الصوتية أو الجات أو غيرهما من الوسائل) ولكي يتجنب وقوع أي تعارض في تكييف طبيعة التعاقد من قبل القضاء. ولذلك نقترح على المشرع العراقي إضافة فقرتين إلى المادة (88) يوضح فيهما معيار التماثل مع التليفون وكيفية تحديده. فيكون النص كالآتي: “1- يعتبر التعاقد بالتليفون أو بأية طريقة مماثلة كأنه تم بين حاضرين في مجلس عقد حقيقي فيما يتعلق بالزمان، وبين غائبين في مجلس عقد حكمي فيما يتعلق بالمكان. 2- يتحدد معيار المماثلة بما تحققه وسيلة الاتصال من اتصال مباشر ومستمر بين المتعاقدين في الفترة التي تلي بداية مجلس العقد. 3- للقاضي سلطة تقديرية في تقدير تحقق التماثل في وسائل الاتصال المختلفة”.

وبعد أن توضح لنا تحديد طبيعة مجلس العقد في التعاقد بواسطة التليفون أو بوسائط مماثلة له. وتبين لنا أن التعاقد في هذه الأحوال سيعتبر تعاقداً في مجلس عقد حقيقي من حيث الزمان وفي مجلس عقد حكمي من حيث المكان، سنحاول بيان مجلس العقد في التعاقد عن طريق شبكة المواقع (Web) (44). بوصفها مثالاً على وسائل الاتصال لبيان مدى ملاءمة المعيار الذي تم ترجيحه وهو معيار التفاعل بين المتعاقدين، على تكييف طبيعة مجلس العقد.

مجلس العقد في التعاقد عبر شبكة المواقع (Web).

تُعرف شبكة الـ(Web) بأنها الشبكة التي يستطيع المستخدم (مستخدم شبكة الإنترنت) من خلالها تصفح مواقع المعلومات المتعددة والمترابطة مع بعضها في شبكة الإنترنت(45). إذ تستطيع أية جهة أفراداُ كانت أو مؤسسات خاصة أو حكومات أن تفتح موقعاً خاصاً بها، ويكون لكل موقع مفتاح خاص به (Web sit)، إلا أن الغالب هو أن العارض لهذه المعلومات في هذا النوع من الخدمات هو (معرض أو مخزن افتراضي) تابع لأحدى الشركات، إذ تعمد كثير من الشركات إلى عرض سلعها أو خدماتها على شبكة المواقع (Web) وتقوم بتصوير السلعة بطريقة ثلاثية الأبعاد مع تسجيل سعرها ومواصفاتها، ويكون ذلك في موقع خاص بالشركة، وفي المقابل يقوم الراغب في التعاقد بالبحث عن السلعة أو الخدمة التي يريد عن طريق استخدام الرمز الذي يساعد في الوصول إلى هذه السلعة أو الخدمة(46).وتعرض هذه الشبكة، المعلومات بهيئة مكتوبة أو بصوت مسموع أو بشكل صورة، ويتم ذلك على وفق برامج خاصة في الحاسوب تسمى برامج التصفح(47). والأصل أن يكون العرض عاماً لجميع مستخدمي الشبكة في جميع أنحاء العالم، ما لم يقترن هذا العرض بشرط يحدد نطاقه(48). كأن يحدد العرض لمستخدمي أوربا حصراً. وتعتبر المعلومات الموضوعة في تصرف الجمهور عبر مواقع الـ(Web) والمتعلقة بالسلع والخدمات ذات طبيعة إعلانية، طالما أنها تهدف إلى دفع الذين يدخلون الموقع إلى شراء هذه السلع أو الخدمات(49). إلا أنه لا يجوز وصف العرض الإلكتروني في شبكة المواقع على الدوام بأنه اقتراح أو دعوة للدخول في مباحثات(50). إذ يجب التفرقة ما بين الحالتين الآتيتين:-

1-إذا عرضت البضاعة أو الخدمة، دون تحديد سعر للبضاعة أو أجر للخدمة ففي هذه الحالة لا يمكن اعتبار العرض بأنه إيجاباً، إذ أن هذا العرض يفتقد لشرط أساسي فيه وهو الثمن. ولا يمكن أن يثار خلافٌ في هذه المسألة.

2-إذا عرضت البضاعة أو الخدمة وذُكرت أوصافها والثمن وبيان كامل عنها. ففي هذه المسألة يجب التمييز ما بين حالتين، وهما:-

أ-حالة وجود شرط صريح أو ضمني يدل على أن هذا العرض هو مجرد إعلان للبضاعة أو الخدمة، كأن يقترن العرض بتحفظات واسعة، أو أن يستبعد العارض وصف العرض عبر بيان “أن ليس في الأمر عرض، بل مجرد دعوة للتفاوض”، أو يذكر عبارة “……دون أي التزام من جهتنا”، أو أيضاً “…..لا يؤلف العرض وثيقة أو مستنداً تعاقدياً”(51). فهنا لا يمكن اعتبار العرض إيجاباً بل سيكون دعوة للتعاقد.

ب-حالة عدم وجود شرط صريح أو ضمني يشير إلى أن العرض هو أنه مجرد دعوة للتعاقد. ففي هذه الحالة سيكون الأصل هو اعتبار العرض إيجاباً من العارض، وهو إيجاب مستمر على مدار الساعة، فهو لا يختلف في حقيقته عن الإيجاب الصادر مباشرة بين طرفي التعاقد. وفي حالات مستثناة يكون العرض مجرد دعوة للتعاقد وليس إيجاباً، وذلك في الحالات التي تكون فيها شخصية المتعاقد الأخر محل اعتبار عند من صدر منه العرض، كتقديم عرض عن إشغال وظيفة ما، أو طلب مستأجرين ونحو ذلك(52). وقد أعتبر المشرع العراقي أن عرض البضاعة مع بيان ثمنها إيجاباً(53)(54).أما إذا كان العرض عن طريق الشبكة موضع شك مثل وجود بيان على الثمن لا يستطيع العميل أدراك معناه (كأن يكتب نبيع بأقل الأسعار) فلا يعد العرض في هذه الحالة إيجاباً، بل مجرد دعوة إلى التعاقد، وهذا ما نص عليه المشرع العراقي(55)(56). وتكون للمحكمة السلطة التقديرية في حصول الشك من عدمه، أي في اعتبار العرض إيجاباً أم مجرد دعوة للتعاقد(57). فإذا تم التمييز ما بين الإيجاب والدعوة إلى التعاقد في العروض التي تتم عبر شبكة الـ(Web) فإن تحديد طبيعة مجلس العقد ستختلف بحسب كل حالة على حدة. فإذا أعتبر العرض مجرد دعوة إلى التعاقد، فأن الإيجاب سيتحقق إذا أعرب الموجه إليه العرض عن رغبته في التعاقد(58). وبذلك سيكون دور شبكة الـ(Web) لا يختلف عما يحققه الرسول أو الكتابة التقليدية، وذلك لعدم تحقق معيار التفاعل ما بين المتعاقدين، فللموجب (المستخدم لشبكة الـ(Web) مطلق الحرية بعد إرساله الإيجاب في التفرق بالأبدان، وذلك بإغلاق الحاسب الآلي الذي يعمل عليه)، كما سيعتبر إيجابه ملزماً، ومن ثم سيكون التعاقد تعاقداً في مجلس عقد حكمي من حيث الزمان والمكان، أما إذا أعتبر العرض إيجاباً، فأن “مجلس العقد يبدأ من دخول الراغب في التعاقد إلى الموقع الصادر فيه الإيجاب، وبدايته في التفاوض والاختيار، ويستمر مجلس العقد حتى خروج القابل من الموقع(59). أو بانعقاد العقد أو بتحقق حالة أخرى من حالات انفضاض المجلس، فإذا ما أراد المستخدم التعاقد للحصول على أحدى السلع أو الخدمات المعروضة، فما عليه إلا أن يعبر عن إرادته بالقبول باستخدام الشبكة ليقترن قبوله بالإيجاب المعروض فينعقد العقد(60).وما دام التعاقد في هذه الحالة الأخيرة سيتحقق فيه معيار التفاعل ما بين المتعاقدين في التفاوض والاختيار فأن المجلس سيعتبر مجلس عقد حقيقي من حيث الزمان، وبذلك سيتقيد المتعاقدان بأحكام هذه الصورة من صور التعاقد في تعاقدهم ، كما سيعتبر المجلس، مجلس عقد حكمي من حيث المكان، من أجل تحديد مكان الانعقاد، وبالتالي سيعتبر التعاقد (في حالة كون العرض إيجاباً) تعاقداً بواسطة مماثلة للتليفون.

________________________

1- ينظر – علي الخفيف، المصدر السابق، ص177 – د.رجب كريم عبد اللاه، المصدر السابق، ص562.

2- د.رجب كريم عبد اللاه، المصدر السابق، ص562.

3- قاسم صالح علي العاني، المصدر السابق، ص99.

4- د.سليمان مرقس، المصدر السابق، ص128.

5- ينظر – قرار مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية لسنة 1990م، المرقم (54/3/6) بشأن إجراء العقود بالات الاتصال الحديثة.

مشار إليه لدى: د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، المصدر السابق، ج7، ص5174.

6- ينظر – نص المادتين (91) و (97) من القانون المدني المصري.

7- ومن الجدير بالذكر، أن المشرعين اللبناني والألماني، قد أخذا بهذا الاتجاه. حيث جاء في المادة (185) من قانون الموجبات والعقود اللبناني ما يلي:

“إن العقد الذي ينشأ بالمخاطبة التلفونية يعد بمثابة العقد المنشأ بين أشخاص حاضرين، وحينئذٍ يعين محل إنشائه، أما بمشيئة المتعاقدين، وإما بواسطة القاضي وبحسب أحوال القضية”.

كما جاء في المادة (147) من القانون المدني الألماني ما يأتي:-

“العرض الموجه إليه شخص حاضر لا يمكن قبوله إلا فوراً، والأمر كذلك بالنسبة للعرض الموجه من شخص إلى شخص بالهاتف”.

مشار إلى المادة (147) من القانون المدني الألماني لدى:-

د.عبد السلام التونجي، المصدر السابق، ص143.

8- من فقهاء الشريعة الإسلامية: ينظر – د.أحمد فراج حسين، المصدر السابق، ص153.

ومن فقهاء القانون المدني:-

ينظر – د.عبد الرزاق السنهوري، الوسيط، المصدر السابق، ص238-239 – د.عمر السيد أحمد عبد الله، المصدر السابق، ص45-46 – د.عبد الودود يحيى، المصدر السابق، ص43 – مؤتمر الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص2127 – د.عبد الحي حجازي، المصدر السابق، ص183-184.

9- وقد ورد في ملاحظات اللجنة التحضيرية للقانون المدني العراقي ما يأتي “أما فيما يتعلق بالتعاقد بالتليفون، فواضح أنه فيما يتعلق بالزمان لا توجد فترة …. من الوقت تفصل ما بين الإيجاب والقبول، ولذلك يعتبر هذا التعاقد كأنه تم ما بين حاضرين، أما فيما يتعلق بالمكان، فالأمر يختلف، فلو أن البائع وهو في بغداد خاطب تليفونياً المشتري وهو في البصرة، فأوجب البيع وقبل المشتري بالتليفون، فإن التعاقد يعتبر قد تم بوصول القبول إلى علم الموجب وهو في هذا الفرض البائع الموجود في بغداد، وكذلك يعتبر المكان الذي تم فيه العقد هو بغداد لا البصرة”. ينظر – سلمان بيات، القضاء المدني العراقي، ج1، بغداد، 1962م، ص86.

10- ينظر – تمييز حقوق، رقم 364/88، مجلة نقابة المحامين، ص1338 لسنة 1990م.

نقلاً عن: د.عبد القادر الفار، مصادر الالتزام، مكتبة دار الثقافة، عمان، 1998م، ص48.

11- هادي مسلم البشكاني، المصدر السابق، ص90-91.

12- ونشير في هذا الصدد إلى ما ذكره الدكتور محمد السعيد رشدي حيث قال:

“أن مجلس العقد يقوم بين حاضرين إذا جمعهما مكان واحد فيكونان على اتصال مباشر بحيث يسمع أحدهما كلام الأخر مباشرةً حالة كونهما منصرفين إلى التعاقد لا يشغلهما عنه شاغل، وهو يبدأ بتقديم الإيجاب وينتهي إما بالرد على دعوة الإيجاب قبولاً أو رفضاً، وإما بانفضاضه دون رد، سواء أكان هذا الانفضاض بالمفارقة الجسدية، أم بكونهما قد انشغلا أحدهما أو كلاهما عن التعاقد بأمر أخر”. ينظر – د.محمد السعيد رشدي، المصدر السابق، ص28.

13- وجدير بالذكر بأن الدكتور مالك دوهان الحسن قد ذهب إلى القول وهو بصدد التعليق على نص المادة (88) بأنه “نلاحظ على المادة (88) بأنها تقرر بديهية من البديهيات التي لا ضرورة للنص عليها. فتحليل طبيعة التعاقد بالتليفون يوصلنا إلى اعتباره كالتعاقد بين حاضرين من حيث الزمان وكالتعاقد بين غائبين من حيث المكان، ولما كانت لدينا قواعد تحكم التعاقد بين حاضرين، وأخرى تحكم التعاقد بين غائبين (م87) مدني، أمكن تحديد مكان وزمان التعاقد بالتليفون والوصول إلى نفس الحل الذي جاءت به المادة (88)”.

ينظر- د.مالك دوهان الحسن، المصدر السابق، ص213.

14- فعلى سبيل المثال يطلق على جميع التعاقدات التي تتم بين متعاقدين متباعدين من حيث المكان، اصطلاح التعاقد عن بعد أو التعاقد عبر المسافات، سواء تم الاتصال عن طريق رسول أو إرسال خطابات بالبريد أو الكاتالوجات أو النشرات أو البرق أو الهاتف أو التلكس أو الانترنيت أو غيرها من الوسائل التي يكون فيها المتعاقدين متباعدين عن بعضهما البعض.

ينظر – د.محمد السعيد رشدي، المصدر السابق، ص59-60.

15- د.صلاح الدين زكي، المصدر السابق، ص35.

16- وبشكل خاص إذا كان التعاقد بين أشخاص ينتمون إلى دول مختلفة، وذلك لما قد يلعبه مكان التعاقد من تأثير كبير في تحديد الاختصاص القانوني في حالة تنازع القوانين.

فقد نصت الفقرة الأولى من المادة (25) من القانون المدني العراقي على أنه “1- يسري على الالتزامات التعاقدية قانون الدولة التي يوجد فيها المواطن المشترك للمتعاقدين إذا اتحدا موطناً. فإذا اختلفا يسري (قانون الدولة التي تم فيها العقد). هذا ما لم يتفق المتعاقدان أو يتبين من الظروف أن قنوناً أخر يراد تطبيقه”. كما نصت المادة (26) من القانون المدني العراقي على أنه “تخضع العقود في شكلها لقانون (الدولة التي تمت فيها)”.

17- فتكييف التعاقد عن طريق التليفون بأنه تعاقد بين حاضرين من حيث الزمان والمكان يجعل، من اشتراط أحد المتعاقدين لخيار الرؤية لغواً لأن الرؤية متحققة بين المتعاقدين لمحل العقد.

18- وتعرف وسائل الاتصالات عن بعد وفقاً للمادة (2) فقرة (1) من القانون الفرنسي، الصادر في 30 / كانون الثاني / 1986م بشأن حرية الاتصالات بأنه “كل انتقال أو إرسال أو استقبال لرموز أو إشارات أو كتابة أو صور أو أصوات أو معلومات أياً كانت طبيعتها، بواسطة ألياف بصرية أو كهرباء لا سلكية أو أية أنظمة إلكترومغناطيسية أخرى.

نقلاً عن: د.أسامة أبو الحسن مجاهد / سمير برهان / د.محمد بهجت عبد الله قايد / وغيرهم، الجوانب القانونية للتجارة الإلكترونية، ط1، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2003م، ص22.

19- د.محمد السعيد رشدي، المصدر السابق، ص61.

20- Gerard Legier ; Droit Civil ; Op. Cit ; P.23-24 .

21- وقد ورد في المادة الأولى من هذا القانون ما يأتي “في جميع العمليات التي يتم فيها البيع عبر المسافات فإن لمشتري المُنتج وذلك خلال سبعة أيام كاملة، تحسب من تاريخ تسلمه طلبه، الحق في إرجاعه إلى البائع، أما لاستبداله بأخر، أو لرده واسترداد ثمنه دون أية جزاءات من جانبه سوى مصاريف الرد”.

نقلاً عن: د. محمد السعيد رشدي، المصدر السابق، ص85.

22- كما في الحالة محل البحث (وهي التعاقد بالتليفون).

23- كما في بعض حالات التعاقد عن طريق استخدام الوسائل المماثلة للانترنيت والتي سنعالجها فيما سيأتي من هذا المطلب.

24- د.محمد السعيد رشدي، المصدر السابق، ص62.

25- Gerard Legier ، OP. Cit. ، P.24 .

26- د.يزيد أنيس، المصدر السابق، ص115 – د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، المصدر السابق، ج4، ص2921 – د.وهبة الزحيلي، الجديد في عالم الاجتهاد، المصدر السابق، ص169.

27- وما يؤكد أن التعاقد سيعتبر تعاقداً حقيقياً من حيث الزمان، يستوجب علم الموجب بالقبول من أجل الانعقاد هو “أن السماع في التعاقد عن طريق التليفون هو شرط في الإيجاب والقبول، ولذلك فأن نظرية الإعلان أو التصدير غير صالحة لمثل هذا التعاقد، لأن مناط المحادثة بالهاتف هي الإيضاح والكشف عما في النفس، ووسيلة ذلك هو الكلام، والكلام لا يوجد بمجرد أقامة الحروف أقامة مجردة، لأن الحروف أنما جعلت منظومة لتدل على ما في الضمير، ودلالة ذلك في الهاتف لا تكون إلا بما هو مسموع ومفهوم، لأن تحريك اللسان بدون صوت لا يسمى كلاماً، لأنه غير مسموع وليس بٌدال، ولا يحدث كلاماً، لأن الكلام لا يتحقق بدون الأصوات المتقطعة تقطيعاً خاصاً “. ينظر – د.عبد السلام التونجي، المصدر السابق، ص117. وفي نفس المعنى:- ينظر – قاسم صالح علي محمد العاني، المصدر السابق، ص99.

28- وكذلك المشرعين المصري والأردني:- ينظر – نص المادة (94) مصري والمادة (102) أردني.

29- وهذا ما ينطبق كذلك على موقف المشرعين المصري والأردني. ينظر – نصوص المواد المشار اليهما في الهامش السابق.

30- إذ توجد برامج تتيح للشخص تبادل الحديث صوتياً مع الطرف الأخر بشكل مباشر سواء كان طرفاً أو أكثر.

ينظر – مؤتمر الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص2123.

31- وجدير بالذكر “أن الفقه الفرنسي يذهب إلى التشدد في تحديد الحالات المشابهة للتليفون”.

Stark. Par. Roland et boyer. Obligations، t.2،1993،p. 308-309

نقلاً عن:- د.عدنان السرحان / د.نوري حمد خاطر، المصدر السابق، ص79.

32- مؤتمر الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص2123.

33- إذ يتم الاتصال بين المتعاقدين عن طريق الجات، بواسطة شبكة الانترنت، وذلك بسماع صوت المتصل عن طريق جهاز السماعة، ومشاهدته عن طريق الشاشة، المربوطين بجهاز الحاسب الآلي. وتعتبر خدمة الجات من الخدمات الرئيسية التي يقدمها الانترنت. ينظر – عبد الإله الديوه جي، تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات رافدا البنية العالمية، مقال منشور في مجلة أبحاث الحاسوب، المجلد الرابع، العدد الأول، البحرين، 2000م، ص20.

34- يقصد (بمؤتمرات الفيديو) بأنها “طريقة للتفاوض على شروط العقد من أجل الحصول على انعقاد العقد، والتي يتم التفاوض عن طريقها في دور الأعمال المحلية والدولية. ففي الشركات الكبرى توجد أحياناً قاعة مؤتمرات الفيديو عن بعد مجهزة بشاشات تليفزيونية وكاميرات تصوير، تتصل مباشرة بقاعات مماثلة لدى الشركات الأخرى، وإذا ما أرادت شركتان التعاقد بشأن صفقة معينة، فأن كل فريق يجلس في القاعة الموجودة بشركته، فيرى أمامه في نفس الوقت أعضاء الفريق الأخر بالصوت والصورة، ومن ثم يجري التفاوض بينهم بشكل مباشر”. ينظر – د.رجب كريم عبد اللاه، المصدر السابق، ص47.

35- د.أسامة أبو الحسن مجاهد، المصدر السابق، ص50.

36- ينظر – د.عدنان السرحان / د.نوري حمد خاطر، المصدر السابق، ص79.

37- ينظر – د.عدنان السرحان / د.نوري حمد خاطر، المصدر السابق، ص75.

38- يراجع ما سبق ذكره ص 147-150 من هذه الرسالة.

39- د.محمد نجيب عوضين المغربي، نظرية العقد، المصدر السابق، ص49.

40- “يوفر الجيل الثالث من الهاتف الخلوي الإمكانية لصاحبه في الدخول إلى الانترنت ومشاهدة صور حية لمن يتحدثون إليهم، أو بإمكانه إرسال بريد اليكتروني أو غيره من الخدمات المتعددة”. ينظر – مقال بعنوان (مولد الجيل الثالث من الهواتف المحمولة)، منشور في مجلة الرشيد المصرفي، العدد الرابع، 2001م، ص55.

41- ينظر- قرار مجمع الفقه الإسلامي، المرقم (54|3|6) لسنة 1990م بشأن أجراء العقد بآلات الاتصال الحديثة. مشار إليه لدى:- د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، المصدر السابق، ج7، ص5174.

42- مؤتمر الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص2126.

43- Jolibois، internet saisi par le droit. Edition des porques، 1997. p.9

نقلاً عن:- د.طوني ميشال عيسى، التنظيم القانوني لشبكة الإنترنت، المصدر السابق، ص487.

44- وهي اختصار لمصطلح (the world wide web) وتعني باللغة العربية (شبكة المعلومات العالمية).

ينظر – د.أسامة أبو الحسن مجاهد / سمير برهان / د.محمد بهجت عبد الله قايد / وغيرهم، المصدر السابق، ص22.

45- ندى علي عبد اللطيف السلمان، النظام القانوني الدولي للاتصالات، رسالة ماجستير، مقدمة إلى مجلس كلية القانون في جامعة بغداد، 2001م، ص114.

46- الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص2122-2123.

47- ندى علي عبد اللطيف السلمان، المصدر السابق، ص114.

48- نزار حازم محمد حسين الدملوجي، المصدر السابق، ص14.

49- مقال بعنوان (مسائل قانونية خاصة بالتجارة الإلكترونية)، منشور في مجلة اتحاد المصارف العربية، العدد(224)، المجلد التاسع عشر، آب، 1999م، ص49.

50- د.طوني ميشال عيسى، المصدر السابق، ص262.

51- المصدر نفسه، ص262.

52- الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص2129.

53- إذ نص في الفقرة (1) من المادة (80) من القانون المدني العراقي على أنه:- “1- يعتبر عرض البضائع مع بيان ثمنها إيجاباً “.

54- وتقابلها الفقرة (1) من المادة (94) من القانون المدني الأردني.

55- إذ نصت الفقرة (2) من المادة (80) من القانون المدني العراقي على أنه:-

“أما النشر والإعلان وبيان الأسعار الجاري التعامل بها وكل بيان أخر متعلق بعروض أو بطلبات موجهة للجمهور أو للأفراد فلا يعتبر عند الشك إيجاباً وإنما يكون دعوة إلى التفاوض”.

56- وتقابلها الفقرة (2) من المادة (94) من القانون المدني الأردني.

57- أياد أحمد البطاينة، المصدر السابق، ص152.

58- د.أسامة أبو الحسن مجاهد، سمير برهان، د.محمد بهجت عبد الله قايد، المصدر السابق، ص106.

59- الأعمال المصرفية، المصدر السابق، ص2133.

60- نزار حازم محمد حسين الدملوجي، المصدر السابق، ص14.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .