جريمة السب والقذف العلني في ضوء أحكام القانون والقضاء المصري .

الطعن 2264 لسنة 49 ق جلسة 21 / 5 / 1980 مكتب فني 31 ق 127 ص 654 جلسة 21 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار الدكتور أحمد رفعت خفاجي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: محمد أحمد حمدي، وممدوح مصطفى حسن، وإبراهيم حسين رضوان، والدكتور كمال أنور.
————–
(127)
الطعن رقم 2264 لسنة 49 القضائية

(1)سب وقذف. جريمة. “أركانها” قصد جنائي. إثبات. “بوجه عام”.
– إرسال شكوى إلى عدة جهات حكومية متضمنة عبارات القذف والسب. يتوافر به ركن العلانية والقصد الجنائي في جريمة القذف والسب علناً.
– استخلاص القصد الجنائي في جريمة القذف والسب علناً. موضوعي.
(2) موظفون عموميون. سب وقذف. جريمة “أركانها”.
– استثناء الطعن والقذف في أعمال الموظفين العموميين والأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة المكلفين بخدمة عامة من جرائم القذف والسب. شرطه؟
– عدم جواز إثبات صحة وقائع السب والقذف المسندة إلى الموظف العام متى كانت متعلقة بحياته الخاصة.
(3)دعوى جنائية “انقضاؤها بمضي المدة”. دعوى مباشرة. إعلان. نيابة عامة. استئناف. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
– سريان الميعاد المنصوص عليه في المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. مناطه. العلم اليقيني لا الظني.
– التكليف بالحضور هو الإجراء الذي يتم به الادعاء المباشر. ويترتب عليه كافة الآثار القانونية. عدم إعلانه. أثره. عدم دخول الدعوى حوزة المحكمة.
– حق النيابة العامة في استئناف كافة الأحكام الصادرة في مواد الجنح دون قيد.
– الدفاع الجوهري الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه. ماهيته؟
(4) حكم “بياناته. بيانات الديباجة”. “بطلانه”. محضر الجلسة.
محضر الجلسة يكمل الحكم في بيان المحكمة وأعضاء الهيئة وأسماء الخصوم.
(5)نقض. “أسباب الطعن. ما يقبل منها” ظروف مشددة. عقوبة. “تطبيقها”.
إدانة الطاعن على أساس الظروف المشددة المنصوص عليها في المادة 308 عقوبات. عدم توقيع عقوبة الغرامة مع عقوبة الحبس. خطأ في القانون.

————–
1 – متى كان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن ركن العلانية واستظهر الدليل على أن الطاعن قصد إذاعة ما نسبه إلى المجني عليه بما استخلصه الحكم. من أن الطاعن تعمد إرسال شكواه إلى عدة جهات حكومية متضمنة عبارات القذف والسب. وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليه يكون قد دل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور في التسبيب.
2 – من المقرر أن القانون – في سبيل تحقيق مصلحة عامة – قد استثنى من جرائم القذف الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو الأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة متى توافرت فيه ثلاثة شروط (الأول) أن يكون الطعن حاصلاً بسلامة نية أي لمجرد خدمة المصلحة العامة مع الاعتقاد بصحة المطاعن وقت إذاعتها (الثاني) ألا يتعدى الطعن أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة (الثالث) أن يقوم الطاعن بإثبات كل أمر أسنده إلى المطعون فيه، فكلما اجتمعت هذه الشروط تحقق غرض الشارع ونجا الطاعن من العقاب أما إذا لم يتوافر ولو واحد منها، فلا يتحقق هذا الغرض ويحق العقاب، وكانت عبارات القذف موضوع الجريمة – المشار إليها بمدونات الحكم المطعون فيه – لا تتعلق بعمل المطعون فيه بل بحياته الخاصة أي بصفته فرداً فإنه لا يجوز إثباتها قانوناً، ويكون دفاع الطاعن من أنه يتمتع بالإعفاء المنصوص عليه بالمادة 302/ 2 من قانون العقوبات بمقولة أنه قدم المستندات الدالة على صحة ما أسنده للمدعي بالحق المدني من وقائع ليس من شأنه – بفرض صحته – نفي مسئولية الطاعن عن الجريمة التي قارفها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير سند.
3 – من المقرر أن الدفع بسقوط حق المدعي بالحق المدني في تحريك الدعوى الجنائية عن جريمة القذف والسب لمضي ثلاثة أشهر من تاريخ علمه بتلك الجريمة قبل رفع الدعوى بها محله أن يكون هذا العلم علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فلا يجرى الميعاد المنصوص عليه في المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والذي يترتب على مضيه عدم قبول الشكوى في حق المجني عليه إلا من اليوم الذي يثبت منه قيام هذا العلم اليقيني، كما أن المقرر قانوناً – وعلى ما جرى به نص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 – أن التكليف بالحضور هو الإجراء الذي يتبعه الادعاء المباشر ويترتب عليه كافة الآثار وبدون إعلان هذا التكليف لا تدخل الدعوى في حوزة المحكمة، وكان الثابت من المفردات المضمومة أنه قد حصل إعلان الطاعن بصحيفة الادعاء المباشر المتضمنة للشكوى بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1975، وكان غير ثابت منها أن المطعون ضده قد علم علماً يقينياً بجريمة القذف التي ارتكبت في حقه قبل ثلاثة أشهر من هذا التاريخ الأخير فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما قضى به من رفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لعدم تحريكها في ميعاد الثلاثة شهور سالفة الذكر. ولا يغير من ذلك خطأ الحكم المطعون فيه في تحديد بداية ونهاية ميعاد الانقضاء ما دام ما انتهى إليه من رفض الدفع بالانقضاء له أساس سليم في أوراق الدعوى بما يكون معه منعى الطاعن في هذا الصدد غير سليم. لما كان ذلك، وكان نص المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى على أنه “يجوز لكل من المتهم والنيابة العامة أن يستأنف الأحكام الصادرة في الدعوى الجنائية من المحكمة الجزئية في مواد الجنح” بما يبين منه أن القانون لم يقيد حق النيابة العامة في استئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح بأي قيد، فإن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالتفاته عن الدفع بعدم جواز استئناف النيابة يكون على غير أساس من القانون. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعه – من أن المطعون ضده وقع على صحيفة الادعاء بعد إعلانها وأثناء تداول الدعوى أمام محكمة أول درجة مردود بأن الثابت من المفردات أنه وإن أبدي هذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف إلا أنه لم يتخذ طريق الطعن بالتزوير على ما يدعي به من تزوير لحق بورقة الإعلان بعد تمام إعلانها بإضافة التوقيع عليها باعتبار أن ورقة الإعلان من الأوراق الرسمية ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن أعرض عن هذا الدفاع ولم يرد عليه لانتفاء الطريق القانوني لإبدائه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالالتفات له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً لا ينفك مقدمه على التمسك به والإصرار عليه وأن يشهد له الواقع ويسانده، أما إذا لم يصر عليه وكان عارياً من دليله فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناوله في حكمها – وكان الطاعن قد حدد دفاعه بجلسة 15 من أكتوبر سنة 1977 التي قفل فيها باب المرافعة في الاستئناف وحسبما هو وارد بمحضر تلك الجلسة “أنه يدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم…… لسنة 1975 الزيتون وعدم جواز استئناف النيابة لأنها لم تطلب تطبيق الحد الأدنى للعقوبة وانتفاء ركن العلانية إعمالاً للمادة 171 من قانون العقوبات” فإنه يعد قد تنازل عما سبق أن أبداه من طعن بالتزوير على بعض عبارات القذف الواردة بشكواه ويضحى هذا الدفاع غير جدي ولم يقصد به سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها أو سكوتها عن الرد عليه، الأمر الذي يكون معه منعى الطاعن في هذا الصدد بدوره غير سديد.
4 – متى كان حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد اشتمل على بيان الهيئة التي أصدرته وتاريخ صدوره والتهمة بما لا محل للنعي عليه بشيء في هذا الخصوص. أما بشأن خلوه من اسم المتهم فإن المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الخصوص، وكان الثابت من محاضر الجلسات أنها استوفت هذا البيان فإن حكم محكمة أول درجة يكون خلا من شائبة البطلان وتضحى الإحالة على أسبابه من الحكم المطعون فيه سليمة مما يكون النعي عليه بالبطلان في غير محله.
5 – متى كان الحكم المطعون فيه قد دان المتهم على أساس توافر الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 308 من قانون العقوبات، وكانت هذه المادة تنص على عقوبتي الحبس والغرامة في هذه الحالة، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الحكم بعقوبة الغرامة وقضى بعقوبة الحبس فقط يكون أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه – وعملاً بالمادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – تصحيحه بإضافة عقوبة الغرامة.

الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر ضد الطاعن بوصف أنه: تقدم بشكوى ضده تضمنت سباً وقذفاً في حقه وعرضه وشرفه. وطلبت عقابه بالمواد 303، 304، 308 من قانون العقوبات مع إلزامه بأن يدفع مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وإلزامه بأن يؤدي إلى المدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. فاستأنفت النيابة العامة والمتهم – ومحكمة القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وفي الدعوى الجنائية – بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وتغريمه خمسين جنيهاً وفي الدعوى المدنية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فعارض المتهم، وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه والاكتفاء بحبس المتهم ستة أشهر وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة إيقافاً شاملاً وتأييد الحكم فيما عدا ذلك عن الدعوى المدنية. فطعن كل من النيابة العامة والمحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.

المحكمة

(أولاً) الطعن المقدم من المحكوم عليه:
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القذف والسب علناً قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع واعتوره البطلان، ذلك بأن الحكم لم يستظهر ركن العلانية الذي تتحقق به الجريمة المسندة للطاعن ولم يدلل على توافر القصد الجنائي لديه. هذا بالإضافة إلى أنه دفع بتمتعه بالإعفاء المنصوص عليه بالمادة 302/ 2 من قانون العقوبات باعتباره قد قدم المستندات الدالة على صحة ما أسنده المطعون ضده من وقائع، ودفع أيضاً بانقضاء حق المدعي بالحق المدني في تحريك الدعوى الجنائية لمضي أكثر من ثلاثة أشهر على تاريخ علمه بالجريمة وبمرتكبها طبقاً للمادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما دفع بعدم جواز استئناف النيابة العامة لحكم محكمة أول درجة للحكم لها بطلباتها، وقد رفض الحكم المطعون فيه هذه الدفوع الثلاثة على غير سند من القانون. فضلاً عن أنه دفع ببطلان صحيفة الادعاء المباشر لأنها وقت إعلانها كانت خلواً من توقيع المطعون ضده ولم يحصل التوقيع عليها من الأخير إلا بعد إبداء الدفع ومع ذلك رفض الحكم الدفع من أن هذا البطلان لا يرد عليه التصحيح بالتكملة. هذا إلى أن الطاعن طعن بالتزوير بإضافة بعض عبارات إلى الشكوى المقدمة منه ولم يتعرض الحكم لهذا الدفاع. وأخيراً فإن حكم محكمة أول درجة جاء خلواً من تاريخ إصداره واسم المحكوم عليه والهيئة التي أصدرته وبيان التهمة التي عوقب المتهم من أجلها مما يبطله، وإذ اعتنق أسبابه الحكم المطعون فيه يكون قد لحقه البطلان بدوره. كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال الشهود ومن العبارات التي تضمنها الخطاب موضوع الجريمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد تحدث عن ركن العلانية واستظهر الدليل على أن الطاعن قصد إذاعة ما نسبه إلى المجني عليه بما استخلصه الحكم من أن الطاعن تعمد إرسال شكواه إلى عدة جهات حكومية متضمنة عبارات القذف والسب، وكان من المقرر أن استظهار القصد الجنائي في جريمة القذف والسب علناً من اختصاص محكمة الموضوع تستخلصه من وقائع الدعوى وظروفها دون معقب عليها ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج فإن الحكم إذ استخلص على النحو المتقدم قصد التشهير علناً بالمجني عليه يكون قد دل على سوء نية الطاعن وتوافر ركن العلانية بما يسوغ الاستدلال عليه وتنحسر به دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان المقرر أن القانون – في سبيل تحقيق مصلحة عامة – قد استثنى من جرائم القذف الطعن في أعمال الموظفين العموميين أو الأشخاص ذوي الصفة النيابية العامة أو المكلفين بخدمة عامة متى توافرت فيه ثلاثة شروط (الأول) أن يكون الطعن حاصلاً بسلامة نية أي لمجرد خدمة المصلحة العامة مع الاعتقاد بصحة المطاعن وقت إذاعتها (الثاني) ألا يتعدى الطعن أعمال الوظيفة أو النيابة أو الخدمة العامة (الثالث) أن يقوم الطاعن بإثبات كل أمر أسنده إلى المطعون فيه، فكلما اجتمعت هذه الشروط تحقق غرض الشارع ونجا الطاعن من العقاب أما إذا لم يتوافر ولو واحد منها، فلا يتحقق هذا الغرض ويحق العقاب، وكانت عبارات القذف موضوع الجريمة – المشار إليها بمدونات الحكم المطعون فيه – لا تتعلق بعمل المطعون ضده بل بحياته الخاصمة أي بصفته فرداً فإنه لا يجوز إثباتها قانوناً، ويكون دفاع الطاعن من أنه يتمتع بالإعفاء المنصوص عليه بالمادة 203/ 2 من قانون العقوبات بمقولة أنه قدم المستندات الدالة على صحة ما أسنده للمدعي بالحق المدني من وقائع ليس من شأنه – بفرض صحته – نفي مسئولية الطاعن عن الجريمة التي قارفها ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان المقرر أن الدفع بسقوط حق المدعي بالحق المدني في تحريك الدعوى الجنائية عن جريمة القذف والسب لمضي ثلاثة أشهر من تاريخ علمه بتلك الجريمة قبل رفع الدعوى بها محله أن يكون هذا العلم علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً فلا يجري الميعاد المنصوص عليه في المادة 3/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية والذي يترتب على مضيه عدم قبول الشكوى في حق المجني عليه إلا من اليوم الذي يثبت منه قيام هذا العلم اليقيني، كما أن المقرر قانوناً – وعلى ما جرى به نص المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 107 لسنة 1962 – أن التكليف بالحضور هو الإجراء الذي يتم به الادعاء المباشر ويترتب عليه كافة الآثار وبدون إعلان هذا التكليف لا تدخل الدعوى في حوزة المحكمة، وكان الثابت من المفردات المضمومة أنه قد حصل إعلان الطاعن بصحيفة الادعاء المباشر المتضمنة للشكوى بتاريخ 5 من نوفمبر سنة 1975، وكان غير ثابت منها أن المطعون ضده قد علم علماً يقينياً بجريمة القذف التي ارتكبت في حقه قبل ثلاثة أشهر من هذا التاريخ الأخير فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً فيما قضى به من رفض الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى الجنائية لعدم تحريكها في ميعاد الثلاثة شهور سالفة الذكر. ولا يغير من ذلك خطأ الحكم المطعون فيه في تحديد بداية ونهاية ميعاد الانقضاء ما دام ما انتهى إليه من رفض الدفع بالانقضاء له أساس سليم في أوراق الدعوى بما يكون معه منعى الطاعن في هذا الصدد غير سليم. لما كان ذلك، وكان نص المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية في فقرتها الأولى على أنه “يجوز لكل من المتهم والنيابة العامة أن يستأنف الأحكام الصادرة في الدعوى الجنائية من المحكمة الجزئية في مواد الجنح” بما يبين منه أن القانون لم يقيد حق النيابة العامة في استئناف الأحكام الصادرة في مواد الجنح بأي قيد، فإن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالتفاته عن الدفع بعدم جواز استئناف النيابة يكون على غير أساس من القانون. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعه – من أن المطعون ضده وقع على صحيفة الادعاء بعد إعلانها وأثناء تداول الدعوى أمام محكمة أول درجة مردود بأن الثابت من المفردات أنه وإن أبدى هذا الدفاع أمام محكمة الاستئناف إلا أنه لم يتخذ طريق الطعن بالتزوير على ما يدعي به من تزوير لحق بورقة الإعلان بعد تمام إعلانها بإضافة التوقيع عليها باعتبار أن ورقة الإعلان من الأوراق الرسمية ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن أعرض عن هذا الدفاع ولم يرد عليه لانتفاء الطريق القانوني لإبدائه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يشترط في الدفاع الجوهري كيما تلتزم المحكمة بالالتفات له والرد عليه أن يكون مع جوهريته جدياً لا ينفك مقدمه على التمسك به والإصرار عليه وأن يشهد له الواقع ويسانده، أما إذا لم يصر عليه وكان عارياً عن دليله فإن المحكمة تكون في حل من الالتفات عنه دون أن تتناوله في حكمها، وكان الطاعن قد حدد دفاعه بجلسة 15 من أكتوبر سنة 1977 – التي قفل فيها باب المرافعة في الاستئناف. وحسبما هو وارد بمحضر تلك الجلسة “أنه يدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة رقم 5994 لسنة 1975 الزيتون وعدم جواز استئناف النيابة لأنها لم تطلب تطبيق الحد الأدنى للعقوبة وانتفاء ركن العلانية إعمالاً للمادة 171 من قانون العقوبات” فإنه يعد قد تنازل عما سبق أن أبداه من طعن بالتزوير على بعض عبارات القذف الواردة بشكواه ويضحى هذا الدفاع غير جدي ولم يقصد به سوى إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء لم يطلب منها أو سكوتها عن الرد عليه الأمر الذي يكون معه منعى الطاعن في هذا الصدد بدوره غير سديد. لما كان ذلك، وكان حكم محكمة أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد اشتمل على بيان الهيئة التي أصدرته وتاريخ صدوره والتهمة بما لا محل للنعي عليه بشيء في هذا الخصوص، أما بشأن خلوه من اسم المتهم فإن المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الخصوص، وكان الثابت من محاضر الجلسات أنها استوفت هذا البيان فإن حكم محكمة أول درجة يكون خلا من شائبة البطلان وتضحى الإحالة على أسبابه من الحكم المطعون فيه سليمة مما يكون النعي عليه بالبطلان في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

(ثانياً) الطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه انتهى في أسبابه إلى أن المتهم قد رمى المجني عليه بالانحراف والشذوذ في سلوكه الجنسي والتفريط في العرض وطبق في شأنه الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 308 من قانون العقوبات، إلا أنه لما كان نص المادة المذكورة يوجب الحكم بالحبس والغرامة معاً في حالة توافر الظرف المشدد سالف الذكر وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بالحبس فقط دون الغرامة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه قد دان المتهم على أساس توافر الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 308 من قانون العقوبات، وكانت هذه المادة تنص على عقوبتي الحبس والغرامة في هذه الحالة، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه الحكم بعقوبة الغرامة وقضى بعقوبة الحبس فقط يكون أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه – وعملاً بالمادة 39/ 1 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – تصحيحه بإضافة عقوبة الغرامة على أن يمتد لها أثر الإيقاف الشامل المنصوص عليه في الحكم.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .