أعطت محكمة القضاء الادارى بالاسكندرية ” الدائرة الاولى بالبحيرة ” برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة للام المصرية ضمانة جديدة , وانتصرت لحقها فى الحصول على وثيقة الميلاد لطفلها وحصنتها ضد تعسف الأب .

وأكدت المحكمة ان الطفل باعتباره انسانا منذ ولادته له الحق فى الشخصية القانونية , وان التصاق الطفل بالام جعل المشرع الدستورى يلزم الدولة بتوفير الرعاية والحماية للامومة والطفولة الذى لم يذكر الابوة والطفولة , كما اوضحت ان المشرع الدستورى كذلك الزم الدولة بكافة اجهزتها الادارية والتنفيذية والتشريعية تغليب مصلحة الطفل الفضلى فى جميع الاجراءات التى تتخذ حياله , وشددت المحكمة على أن الخلافات الزوجية بين الزوجين وعائلتيهما لا يجب ان تؤدى الى حرمان الطفل من الاوراق الثبوتية لشخصيته وقيده فى شهادة الميلاد , والا عد هذا التجاوز نوعا من الايذاء البدنى والنفسى للام على اخص ما منحه الدستور لطفلها من حقوق فى الوجود والحياة.

ذلك ما سطرته المحكمة فى حكم لها بشأن عائلين متناحرتين لزوجين حديثين , اذ تجرد الاب من عاطفة الابوة كيدا فى زوجته نتيجة الخلافات بين العائلتين , واخطر مكتب الصحة بعدم الموافقة على قيد طفله الا من خلاله او عم الطفل او جد الطفل , فحررت له الزوجة محضرا فى الشرطة , واستجابت الحكومة للاب وضاع الطفل بينهم الا ان المحكمة أنصفت الأم وانتصرت لحقها فى الحصول على وثيقة الميلاد التى اثبتت العلاقة الزوجية بعقد شرعى دون الاعتداد باعتراض الاب او عائلته .

وقضت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين محمد حراز ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة بوقف تنفيذ قرار الحكومة السلبى بالامتناع عن اثبات واقعة ميلاد ابن احدى الزوجات الطفل فى السجلات المعدة لقيد المواليد , وما يترتب على ذلك من اثار اخصها الزام الحكومة باثبات واقعة ميلاد الطفل المذكور فى سجلات المواليد وتسليم والدته شهادة قيد ميلاده دون الاعتداد باعتراض والده وعائلته باعتباره ايذاء بدنيا ونفسيا للام والزمت الحكومة المصروفات وامرت بتنفيذ الحكم بمسودته دون اعلان.

قالت المحكمة إن المشرع الدستورى ارتقى بحقوق الام تجاه وليدها كاشفا عن حقه الطبيعى فى ان يكون له اسم يميزه عن غيره واوراق ثبوتية , وانه لا يجوز للحكومة الاستجابة للاب كيدا للام لحرمان طفلها من حقه الدستورى فى تمتعه بادلته الثبوتية لشخصيته , فالخلافات الزوجية والعائلية لا يجب ان تمتد لحرمان الام التى التصق بها طفلها من حقه الطبيعى بحكم الطبيعة التى خلقها الله عزوجل , فى ان يكون له وثيقة ميلاد دالة على انسانيته وتحمية من غدر الزمان , ذلك ان التصاق الطفل بامه هو التعبير الصادق عن العلاقة الربانية التى تفوق وسائل التواصل البشرى بالكلمة او النظرة بين كائنين متصلين حسيا احدهما فى قيد الحياة والاخر فى الاحشاء , وذلك الاندماج الوجدانى والجسدى هو الذى جعل المشرع الدستورى يلزم الدولة بتوفير الحماية والرعاية للامومة والطفولة وليس الابوة والطفولة , وليس ذلك تقليلا من الاب ولكن تعظيما لشأن الام , ومن ثم وجب تفضيل دور الام على دورالاب , مما كشف عنه الاعجاز العلمى فى العصر الحديث فى قوله تعالى : ” ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله فى عامين ان اشكر لى ولوالديك الى المصير ” الاية 14 سورة لقمان .

واضافت المحكمة ان المشرع الدستورى ايضا الزم الدولة بكافة اجهزتها الادارية والتنفيذية والتشريعية تغليب مصلحة الطفل الفضلى فى جميع الاجراءات التى تتخذ حياله , ويأتى على قمتها حقه ان يكون له الاسم الدال على شخصيته القانونية , وان هذا الالتزام الدستورى ليس واجهة للتباهى وانما يعد التزاما على جميع سلطات الدولة يقتضى منها نزولها على احكامه , فالاسم ليس مجرد بطاقة او رقم قيد , وانما هو علامة مميزة للمولود تعطيه مظهرا من مظاهر الوجود والحياة ,فالله منحه الحياة فلا ينبغى لاحد سواه جل علاه ان يحرمه من حق اصيل له فى الوجود وفى الحياة , وبهذه المثابة فان حرمان الام من يكون لطفلها وثيقة ميلاد يعد نوعا من الايذاء البدنى والنفسى للام , وعدوانا على اخص ما منحه له الدستور من حقوق.

وذكرت المحكمة ان قانون الطفل لم يقصر الابلاغ عن ميلاد الطفل لوالده فقط بل جعل ذلك الحق كذلك للام شريطة اثبات العلاقة الزوجية , بل عقد المشرع للام الافضلية فى التبيلغ عن وليدها عن جميع اهل الزوج , واذ قدمت الزوجة عقد الزواج الشرعى وما يفيد ميلاد الطفل على فراش الزوجية , ومن ثم تتقدم الام على جميع اهل زوجها فى الابلاغ عن وليدها والحصول على وثيقة ميلاد طفلها , وانه على الرغم من صدور قانون الطفل منذ 18 سنة الا ان الحكومة تجاهلت حق الام الدستورى تجاه وليدها والذى يعد كاشفا عن حقها فى الشريعة الغراء و ما كان يجب عليها ان تخالفه تمييزا للاب على خلاف الفطرة الانسانية .

واختتمت المحكمة حكمها ان الثابت من الأوراق أن الخلافات الزوجية دبت بين زوجين حديثين اشعلتهما عائلة كل منهما , على اثرها تركت الزوجة منزل الزوجية وهى حامل وعندما وضعت طفلها , أراد الأب أن يكيد لها فابلغ مكتب الصحة برفضه تسجيل ابنه إلا من خلاله او عم الطفل او جده فقط دون الزوجة او اهلها, وانه لم ينكر نسب الطفل اليه , هادفا تركيع زوجته امامه ,فاستجابت الحكومة للاب ضد الام ووليدها , فاضطرت الام الى تحرير محضر للاب فى مركز شرطة دمنهور برقم 4758 لسنة 2013 , ثم لاذت بهذه المحكمة طالبة الحماية والانصاف , وقد اخطرت المحكمة زوجها للحضور امامها ليبين اسباب عناده تجاه الام ووليدها , الا انه رفض المثول , ومن ثم يكون امتناع الحكومة عن قيد الطفل وتسليم والدته وثيقة ميلاده يعد مخالفا للدستور مخالفة صارخة ومعتديا عدوانا سافرا على ما هو ثابت للطفل من حق دستورى فى ان يكون له اسم وادلة ثبوتية لشخصيته ومشوبا بعيب جسيم ومعتورا بعوار مشين يهوى به الى حد العدم مما يتعين معه الزام الحكومة بتسليم الام وثيقة ميلاد وليدها.