الغيبوبة المانعة من المسؤولية الجنائية في قانون العقوبات المصري .

الطعن 2388 لسنة 49 ق جلسة 26 / 5 / 1980 مكتب فني 31 ق 130 ص 670 جلسة 26 من مايو سنة 1980

برياسة السيد المستشار عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: مصطفى جميل مرسي، وفوزي المملوك؛ وفوزي أسعد، وهاشم قراعة.
—————
(130)
الطعن رقم 2388 لسنة 49 القضائية

(1) إثبات “بوجه عام”. “شهادة”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. ضرب “ضرب أفضى إلى موت”.
بيان واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة. وإيراد مؤدى أقوال شهود الإثبات. في بيان واف. لا قصور.
(2)دفاع شرعي. أسباب الإباحة وموانع العقاب. “الدفاع الشرعي”. إثبات “بوجه عام”. ضرب “ضرب أفضى إلى موت”.
حالة الدفاع الشرعي. متى لا تتوافر؟.
تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيامها أو انتفاؤها، موضوعي.
(3)إثبات “بوجه عام”. “شهادة” حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. ضرب. “ضرب أفضى إلى موت”.
تطابق شهادة الشاهد. مع ما أورده الحكم بشأنها. لا خطأ في الإسناد.
(4)إثبات “بوجه عام”. أسباب الإباحة وموانع العقاب. “موانع العقاب”. مسئولية جنائية. ضرب “ضرب أفضى إلى موت”.
المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب. ما لم يدفع بها أمامها تناول المسكر اختياراً. لا جدوى معه من بحث درجة السكر. علة ذلك؟.
الغيبوبة المانعة من المسئولية. على مقتضى المادة 62 ع.

—————–
1 – لما كان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات – التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة – في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب.
2 – لما كان حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه، وأن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن ما قارفه الطاعن من تعد إنما كان من قبيل القصاص والانتقام فإن ما أورده الحكم ودلل عليه تدليلاً سائغاً من نفي توافر حالة الدفاع الشرعي يتفق وصحيح القانون وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبتها عليها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله.
3 – لما كان يبين من مراجعة شهادة شاهد الإثبات……. بالتحقيقات في المفردات المضمومة أنها تتطابق وما أورده الحكم بشأنها وما استخلصه منها في شأن نفي حالة الدفاع الشرعي فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من خطأ في الإسناد في هذا الخصوص لا يكون له محل.
4 – لما كان ما يثيره الطاعن من أنه كان في حالة سكر عند مقارفة الجريمة مردوداً بأن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان معدوم الإرادة بسبب تلك الحالة فليس له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك، هذا فضلاً عن أنه لما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن تناول المسكر باختياره وهو ما لم يجادل الطاعن فيه بوجه الطعن فإنه ليس له – من بعد – أن يعيب على الحكم قعوده عن بحث درجة هذا السكر الاختياري ومبلغ تأثيره في إدراكه وشعوره في صدد جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دين بها ما دام القانون لا يستلزم فيها قصداً خاصاً اكتفاء بالقصد العام لعدم جدوى هذا البحث، ذلك أن الأصل – على ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي تلك التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم بحقيقة أمرها ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختاراً أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب عمداً…… بآلة حادة “مطواة” في أعلى يمين مقدم صدره فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت، فقد شابه القصور في التسبيب وانطوى على فساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون. ذلك بأن حصل أقوال شهود الإثبات التي استند إليها في الإدانة في بيان موجز لا يكفي في استظهار توفر أركان الجريمة، وأطرح ما دفع به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه بما لا يسوغ إطراحه، وعول في هذا الصدد على أقوال أسندها للشاهد……. تخالف ما شهد به هذا الشاهد بالتحقيقات، هذا إلى أن الحكم رغم تسليمه بأن الطاعن عند ارتكاب الجريمة كان ثملا بعد تناوله شراباً مسكراً إلا أنه قضى بإدانته دون أن يعرض لمدى تأثير هذه الحالة في توفر القصد الجنائي لديه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما حاصله أنه على أثر انصراف الطاعن والمجني عليه من محل لعصير القصب اعتادا على ارتياده لتناول شراب مخمر، حدثت بينهما مشاجرة أثناء سيرهما في الطريق فاعتدى المجني عليه على الطاعن بآلة حادة وأحدث به إصابة بأسفل ذقنه فجرى الطاعن إلى منزل الشاهد الثاني الذي يمارس فيه حرفة الحدادة واختطف منه قضيباً من الحديد وأسرع عائداً إلى المجني عليه محاولاً الاعتداء عليه بهذا القضيب غير أنه لم يتمكن من ذلك فأمسك بالمجني عليه وطرحه أرضاً وجثم فوقه وضربه بقبضة يده وبمقبض مطواة ثم طعنه بتلك المطواة طعنة واحدة في صدره أدت إلى موته، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استمدها من تقرير الصفة التشريحية ومما شهد به بالتحقيقات شهود الإثبات الذين حصل مؤدى أقوال كل منهم بما يتطابق وما أثبته في بيان واقعة الدعوى. لما كان ذلك وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بارتكابها وأورد مؤدى أقوال شهود الإثبات – التي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة – في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس ورد عليه في قوله “وحيث إن التصوير الذي أخذت به المحكمة واعتنقته لا يعني أن المتهم (الطاعن) كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه يسيغ له استعمال القوة لرد الاعتداء الذي كان قد وقع وانتهى، إذ الثابت من أقوال……. التي اطمأنت إليها المحكمة أن المتهم قد دخل إليه بمنزله وسارع باختطاف قضيب من الحديد وحمله وعاد من حيث أتى، ولما تبعه وجده وقد طرح المجني عليه أرضاً وجثم فوقه وكان المجني عليه المذكور يستغيث، وبأن المتهم طعنه بالمطواة في صدره وأحدث به الإصابة التي أحدثت……. نتج عنها الوفاة وهو على هذه الحال، ولم يذكر الشاهد أن المجني عليه تابع المتهم إلى منزله آنذاك أو أنه كان يحمل مطواة أو أي سلاح آخر بل كان مغلوباً على أمره يستنجد من يغيثه ويمنع عنه المتهم. وأنه إن صح أن المطواة كانت خاصة بالمجني عليه فقد انتزعها منه المتهم وصرعه فعلاً مما يكون قاطعاً في أن خطر اعتدائه على المتهم قد زال وانتهى، ولم يعد ذلك الخطر ماثلاً أمامه أو وشيك الوقوع وبالتالي فإن استعمال القوة بعد انتهاء هذا الخطر وزواله لا يكون إلا من قبيل الانتقام والتعدي ويكون فعله مؤثماً ولا محل للقول بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه…….” ولما كان حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه، وأن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن ما قارفه الطاعن من تعد إنما كان من قبيل القصاص والانتقام فإن ما أورده الحكم ودلل عليه تدليلاً سائغاً من نفي توافر حالة الدفاع يتفق وصحيح القانون وإذ كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبتها عليها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله، ولما كان يبين من مراجعة شهادة شاهد الإثبات……. بالتحقيقات في المفردات المضمومة أنها تتطابق وما أورده الحكم بشأنها وما استخلصه منها في شأن نفي حالة الدفاع الشرعي فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم من خطأ في الإسناد في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن من أنه كان في حالة سكر عند مقارفة الجريمة مردوداً بأن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها وإذ ما كان الثابت أن الطاعن لم يتمسك أمام المحكمة بأنه كان معدوم الإرادة بسبب تلك الحالة فليس له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك، هذا فضلاً عن أنه لما كان الحكم قد أثبت أن الطاعن تناول المسكر باختياره وهو ما لم يجادل الطاعن فيه بوجه الطعن فإنه ليس له – من بعد – أن يعيب على الحكم قعوده عن بحث درجة هذا السكر الاختياري ومبلغ تأثيره في إدراكه وشعوره في صدد جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دين بها ما دام القانون لا يستلزم فيها قصداً خاصاً اكتفاء بالقصد العام لعدم جدوى هذا البحث، ذلك أن الأصل – على ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن الغيبوبة المانعة من المسئولية على مقتضى المادة 62 من قانون العقوبات هي تلك التي تكون ناشئة عن عقاقير مخدرة تناولها الجاني قهراً عنه أو على غير علم بحقيقة أمرها ومفهوم ذلك أن من يتناول مادة مخدرة أو مسكرة مختاراً أو عن علم بحقيقة أمرها يكون مسئولاً عن الجرائم التي تقع منه وهو تحت تأثيرها، فالقانون في هذه الحالة يجري عليه حكم المدرك التام الإدراك، مما ينبني عليه توافر القصد الجنائي لديه في الجرائم ذات القصد العام. لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل ويكون الطعن برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .