عبارات السب والقذف في ضوء قضاء النقض المصري

الطعن 5511 لسنة 51 ق جلسة 6/ 4/ 1982 مكتب فني 33 ق 88 ص 434 جلسة 6 من إبريل سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ عادل برهان نور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فوزي المملوك وراغب عبد الظاهر وفوزي أسعد وحسن غلاب.
————–
(88)
الطعن رقم 5511 لسنة 51 القضائية

1 – قذف وسب. جريمة “أركانها”.
تقدير كون عبارات السب والقذف مما يستلزمه الدفاع. موضوعي.
2 – حكم “ما لا يعيبه في نطاق الدليل”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها” حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
انطواء الحكم على تقريرات قانونية خاطئة. لا ينال من سلامته. طالما لم تمس جوهر قضائه. وكان قد انتهى إلى نتيجة تتفق وصحيح القانون.

————
1 – لما كان نص المادة 309 من قانون العقوبات قد جرى على أنه: “لا تسري أحكام المواد 302، 303، 305، 306، 308 على ما يسنده أحد الأخصام لخصمه في الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم فإن ذلك لا يترتب عليه إلا المقاضاة المدنية أو المحاكمة التأديبية”، وكان الفصل فيما إذا كانت عبارات السب أو القذف مما يستلزمه الدفاع متروكاً لمحكمة الموضوع، وكانت المحكمة الاستئنافية قد رأت أن العبارات التي تضمنتها صحيفة المعارضة التي رفعها المدعى عليه (المطعون ضده) والغرض الذي سيقت من أجله إنما تتصل بالنزاع القائم وبالقدر الذي تقتضيه مرافعة الخصم عن حقه وانتهت في منطق سليم إلى أن تلك العبارة مما تمتد إليه حماية القانون، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه وبرفض طلب التعويض تأسيساً على تعلق تلك العبارات بالخصومة ومناسبتها لسياق الدفاع ومقتضياته لا يكون قد أخطأ في شيء.
2 – من المقرر أنه لا يؤثر في سلامة الحكم أن يكون قد انطوى على تقريرات قانونية خاطئة ما دامت لم تمس جوهر قضائه وكانت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم.

الوقائع
أقامت المدعية بالحق المدني (الطاعنة) دعواها بالطريق المباشر أمام محكمة سيدي جابر الجزئية ضد المطعون ضده متهمة إياه بأنه بدائرة قسم سيدي جابر محافظة الإسكندرية: – نسب إليها أمور لو صحت لأوجبت احتقارها والسخرية منها – لدى الناس وأنها ليست أهلاً لحضانة أي صغير لأنها مصابة بمرض عقلي يخشى على الصغير. وطلبت عقابه بالمادتين 302، 303 من قانون العقوبات مع إلزامه أن يدفع لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم خمسين جنيهاً وإلزامه أن يدفع لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف. فاستأنف المحكوم عليه. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ببراءة المتهم وألزمت المدعية بالحق المدني المصاريف عن الدرجتين ومبلغ خمسة جنيهات أتعاب المحاماة.
فطعنت المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.

المحكمة
وحيث إن مبنى ما تنعاه الطاعنة (المدعية بالحقوق المدنية) على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة القذف المسندة إليه – وهو ما ينطوي ضمناً على القضاء برفض الدعوى المدنية – فقد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه اعتبر العبارات التي أوردها المطعون ضده عن الطاعنة في صحيفة معارضته في الحكم الذي استصدرته ضده من محكمة الأحوال الشخصية من قبيل الدفاع المباح عملاً بنص المادة 309 من قانون العقوبات – مع أن هذه العبارات لم تكن من مستلزمات دفاعه ولا تقتضيها وقائع الدعوى، بل إن الحكم المطعون فيه أطلق القول بإباحة كافة ما ينسبه المتقاضون إلى خصومهم مع أن هذه الإباحة مقيدة بوجوب أن تكون وقائع الافتراء قد استلزمها حق الدفاع، ولم تكن بقصد التشهير، الأمر الذي يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الحكم الابتدائي – الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في بيان واقعة الدعوى – أنه حصل واقعة الدعوى بما مفاده أن المطعون ضده كان زوجاً لابنة الطاعنة وإذ وقع الطلاق بينهما فقد أقامت الطاعنة دعوى بضم أبنهما إليها وقد حكم غيابياً لصالحها بذلك، فعارض المطعون ضده في هذا الحكم بصحيفة أعلنها إلى الطاعنة أورد في ختامها ما نصه: “إن المدعية ليست أهلاً لحضانة الصغير لأنها مصابة بمرض عقلي يخشى على الصغير منه”. لما كان ذلك وكان نص المادة 309 من قانون العقوبات قد جرى على أنه “لا تسري أحكام المواد 302، 303، 305، 306، 308 على ما يسند أحد الأخصام لخصمه في الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحاكم فإن ذلك لا يترتب عليه إلا المقاضاة المدينة أو المحاكمة التأديبية”، وكان الفصل فيما إذا كانت عبارات السب أو القذف مما يستلزمه الدفاع متروكاً لمحكمة الموضوع، وكانت المحكمة الاستئنافية قد رأت أن العبارات التي تضمنتها صحيفة المعارضة التي رفعها المدعى عليه (المطعون ضده) والغرض الذي سيقت من أجله إنما تتصل بالنزاع القائم وبالقدر الذي تقتضيه مدافعة الخصم عن حقه وانتهت في منطق سليم إلى أن تلك العبارة مما تمتد إليه حماية القانون، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه وبرفض طلب التعويض تأسيساً على تعلق تلك العبارات بالخصومة ومناسبتها لسياق الدفاع ومقتضياته لا يكون قد أخطأ في شيء. ولا يعيب الحكم – من بعد – ما استطرد إليه من تقرير قانوني خاطئ لم يكن له أثر في منطقه عندما أطلق القول بعدم سريان نص المادتين 302، 303 من قانون العقوبات على ما يسنده الخصم لخصومه من الدفاع الشفوي أو الكتابي أمام المحكمة لما هو مقرر من أنه لا يؤثر في سلامة الحكم أن يكون قد انطوى على تقريرات قانونية خاطئة ما دامت لم تمس جوهر قضائه وكانت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والتطبيق القانوني السليم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .