جريمة التزوير في محرر رسمي – أحكام محكمة النقض المصرية

الطعن 4870 لسنة 51 ق جلسة 9/ 3/ 1982 مكتب فني 33 ق 64 ص 310 جلسة 9 من مارس سنة 1982

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حمدي وأحمد محمود هيكل ومحمد عبد المنعم البنا ومحمد الصوفي عبد الجواد.
———
(64)
الطعن رقم 4870 لسنة 51 القضائية

1 – إثبات “بوجه عام”. اشتراك تزوير. “أوراق رسمية”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
تمام الاشتراك في التزوير غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة. كفاية الاعتقاد بحصوله من ظروف الدعوى وملابساتها. وما دام سائغاً.
2 – تزوير “الأوراق الرسمية”. جريمة. “أركانها” “قصد جنائي. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
القصد الجنائي في جريمة التزوير. مناط تحققه؟ تحدث الحكم استقلالاً عن توافره. غير لازم.
3 – تزوير “تزوير الأوراق الرسمية” إثبات “إثبات بوجه عام”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
افتراض الضرر في تزوير الأوراق الرسمية. علته؟.
4 – تزوير. ضرر. تقليد – إثبات “شهود”.
إتقان التزوير ليس بلازم لتحقق الجريمة.
5 – تزوير “تزوير الأوراق الرسمية”. إثبات “بوجه عام”.
إمكان كشف التزوير ممن لديهم دراية خاصة. عدم انتفاء الجريمة ما دام أنه ينخدع بالمحرر بعض الناس.
6 – تزوير “تزوير المحررات الرسمية”. أوراق رسمية”. موظفون عموميون”.
جريمة التزوير في محرر رسمي. إمكان تحققها باصطناع المحرر ونسبته كذباً إلى موظف عام.
7 – تزوير المحرر الرسمي.
صفة الرسمية لا يشترط لإسباغها على الورقة أن تكون محررة على نموذج خاص.
8 – تزوير. استعمال محرر مزور. جريمة “أركانها”.
الركن المادي في جريمة استعمال محرر مزور. مناط تحققه؟
9 – تزوير “استعمال الورقة المزورة”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
إثبات مساهمة الطاعن في مقارفة جريمة التزوير. كفايته لإثبات علمه بتزوير المحرر الذي أسند إليه استعماله.
10 – إجراءات المحاكمة. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”.
ثبوت فض المحكمة المظروف المحتوى على المحرر المزور في حضور الطاعن والمدافع عنه. اعتبار المحرر معروضاً على بساط البحث.
11 – إجراءات “إجراءات التحقيق”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية. تنظيمية. عدم ترتب البطلان على مخالفتها.

————–
1 – من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليها ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
2 – القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه.
3 – من المقرر أن الضرر في تزوير الأوراق الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما ورد فيها.
4 – لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس.
5 – إمكان كشف التزوير لمن تكون لديهم دراية خاصة تسهل لهم إدراك هذه الحقيقة لا ينفي صفة الجريمة ما دام المحرر ذاته يجوز أن ينخدع به بعض الناس.
6 – لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحريرها بل إن الجريمة – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – تتحقق باصطناع المحرر ونسبته كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميته.
7 – لا يشترط – كيما تسبغ الرسمية على الورقة – أن تكون محررة على نموذج خاص ذلك أن صفة الورقة إنما يسبغها عليها محررها وليس طبعها على نموذج خاص.
8 – الركن المادي في جريمة استعمال محرر مزور يتم مجرد تقديم ورقة تكون في ذاتها مزورة تزويراً يعاقب عليه القانون.
9 – إثبات مساهمة الطاعن في مقارفة جريمة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر الذي أسند إليه استعماله.
10 – لما كان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة فضت الحرز المحتوي على المحرر المزور في حضور الطاعن والمدافع عنه ومن ثم فقد كان المحرر معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليه إذا ما طلب من المحكمة ذلك.
11 – من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل.

الوقائع
اتهمت النيابة الطاعن في قضية الجنائية بأنه بدائرة دمنهور محافظة البحيرة – 1 – اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو رخصة القيادة بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات وأختام مزورة بأن اتفق مع هذا المجهول وساعده على اصطناع هذا المحرر فأثبت به كافة البيانات اللازمة للرخص الصحيحة ووقعها بإمضاءات وأختام نسبها زوراً إلى موظفي إدارة قسم مرور البحيرة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. 2 – استعمل المحرر المزور سالف الذكر بأن قدمه لرجال المرور مع علمه بذلك. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 2 – 3، 41، 206، 211، 214، 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.

المحكمة
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والبطلان في الإجراءات ذلك أن الحكم لم يستظهر الأركان القانونية لجريمة التزوير، إذ لم يبين الطريقة التي اتبعت في تزوير المحرر، ولم يدلل على توافر القصد الجنائي في حق الطاعن، ولم يعرض لركن الضرر رغم ما هو ثابت من أن التزوير كان مفضوحاً بحيث اكتشفه ضابط المرور بمجرد اطلاعه على الرخصة المزورة، كما لم يعن الحكم ببيان الصفة الرسمية للورقة حالة كونها مصطنعة بأكملها ولم تحرر على النموذج المعد لذلك، وكذلك فقد أغفل الحكم التحدث عن جريمة الاستعمال، ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر الركن المعنوي فيها، هذا إلى أن المحكمة لم تثبت حالة الحرز المحتوي على المحرر المزور خاصة وقد خلت التحقيقات مما يفيد حصول التحريز بمعرفة وكيل النيابة المحقق وأنه قد اتبعت فيه الإجراءات المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجنائية، وأيضاً قد خلا محضر الجلسة من إثبات محتوى الحرز ووصف الورقة المزورة وإثبات عرضها على الطاعن ومحاميه وذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين الواقعة بما مجمله أن الطاعن – الذي لم يكن يتحقق فيه شرط الإلمام بالقراءة والكتابة اللازم توافره للحصول على رخصة قيادة – اتفق مع مجهول على أن يزور له رخصة قيادة درجة ثالثة وساعده على ذلك بأن أمده بالبيانات المتعلقة بشخصه، فاصطنع له ذلك المجهول رخصة قيادة وضع عليها إمضاءات وأختام مزورة، وتسلم الطاعن هذه الرخصة وظل يستعملها إلى أن ضبط لارتكابه عدة مخالفات مرور فأرسلت الرخصة مع أورنيك مجازاة إلى قسم مرور البحيرة المنسوب صدور الرخصة إليه، وإذ عرضت الرخصة على الضابط المختص في قسم المرور فقد اكتشف تزويرها، وساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة أدلة مستمدة من أقوال الملازم أول…….، ومن تقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية، وبما أظهر اختبار الطاعن من عدم إلمامه بالقراءة والكتابة. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم من أن المتهم المجهول اصطنع الرخصة ووضع عليها إمضاءات وأختام مزورة كافياً في بيان الطريقة التي اتبعت في ارتكاب التزوير، وكان من المقرر أن الاشتراك في التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليها ومن ثم يكفي لثبوته أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وكان الحكم المطعون فيه دلل على اشتراك الطاعن في تزوير الرخصة في قوله “إن ملابسات الدعوى قاطعة الدلالة في أنه يجهل القراءة والكتابة وأن الإلمام بالقراءة والكتابة لازم لاستخراج الرخصة قانوناً الأمر الذي يستخلص منه باللزوم العقلي – والمتهم صاحب المصلحة الوحيدة في الحصول على الرخصة والمستفيد من ذلك دون سواه – أن استخراجها على ذلك النحو المزور لا يمكن أن يكون إلا باتفاقه مع شخص مرتكب التزوير ومساعدته إياه بإمداده بالبيانات الخاصة بشخصه”، وكان ما أورده الحكم – فيما تقدم – سائغاً في التدليل على اشتراك الطاعن في ارتكاب جريمة التزوير، وكان القصد الجنائي في الجريمة يتحقق متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وأنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن قد اشترك في اصطناع الرخصة ونسبة صدورها إلى الموظف بقسم المرور ثم استعملها بالفعل مما يشهد بتوافر القصد الجنائي في حقه، وكان من المقرر أن الضرر في تزوير الأوراق الرسمية مفترض لما في التزوير من تقليل الثقة بها على اعتبار أنها من الأوراق التي يعتمد عليها في إثبات ما ورد فيها، فإن كافة ما ينعاه الطاعن بشأن عدم استظهار الحكم لأركان جريمة التزوير يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لا يلزم في التزوير المعاقب عليه أن يكون متقناً بحيث يلزم لكشفه دراية خاصة بل يستوي أن يكون واضحاً لا يستلزم جهداً في كشفه أو متقناً يتعذر على الغير أن يكشفه ما دام أن تغيير الحقيقة في الحالتين يجوز أن ينخدع به بعض الناس، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن الطاعن ظل فترة يستعمل الرخصة المزورة قبل كشف تزويرها مما يفيد انخداع البعض بالتزوير الحاصل فيها فإن ما يثيره الطاعن من أن التزوير كان مفضوحاً لا يكون له محل. ولا يقدح في ذلك أن يكون الضابط المختص بقسم المرور قد اكتشف تزوير الرخصة بمجرد اطلاعه عليها ذلك أن إمكان كشف التزوير لمن تكون لديهم دراية خاصة تسهل لهم إدراك هذه الحقيقة لا ينفي صفة الجريمة ما دام المحرر ذاته يجوز أن ينخدع به بعض الناس. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة تزوير المحررات الرسمية أن تصدر فعلاً من الموظف المختص بتحريرها بل إن الجريمة – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – تتحقق باصطناع المحرر ونسبته كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميته. كما أنه لا يشترط – كيما تسبغ الرسمية على الورقة – أن تكون محررة على نموذج خاص ذلك أن صفة الورقة إنما يسبغها عليها محرر وليس طبعها على نموذج خاص، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول رسمية الورقة موضوع الجريمة يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان الركن المادي في جريمة استعمال محرر مزور يتم بمجرد تقديم ورقة تكون في ذاتها مزورة تزويراً يعاقب عليه القانون، وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن العلم في هذه الجريمة ما دامت مدوناته تكفي لبيانه، وكان إثبات مساهمة الطاعن في مقارفة جريمة التزوير يفيد حتماً توافر علمه بتزوير المحرر الذي أسند إليه استعماله فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم لم يتحدث عن جريمة الاستعمال ولم يدلل على توافر ركنها المعنوي يكون غير سديد، هذا إلى أنه لا جدوى مما ينعاه الطاعن في خصوص جريمة الاستعمال ما دامت العقوبة التي أنزلها به الحكم مبررة بثبوت اشتراكه في جريمة التزوير. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة قضت الحرز المحتوي على المحرر المزور في حضور الطاعن والمدافع عنه ومن ثم فقد كان المحرر معروضاً على بساط البحث والمناقشة في حضور الخصوم وكان في مكنة الطاعن الاطلاع عليه إذا ما طلب من المحكمة ذلك، وكان من المقرر أن إجراءات التحرير المنصوص عليها في المواد 55، 56، 57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وكان الطاعن لا يذهب إلى أن يد العبث قد امتدت إلى الحرز المحتوي على المحرر المزور على نحو معين فإن كافة ما يثيره بشأن الإجراءات التحريز، وفض الحرز وعرضه بالجلسة لا يكون له محل. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس فيتعين رفضه موضوعاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .