الطعن 33 لسنة 47 ق جلسة 17 / 1/ 1984 مكتب فني 35 ج 1 ق 45 ص 218

برياسة السيد المستشار/ جلال الدين أنسي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: هاشم قراعه، مرزوق فكري، واصل علاء الدين وحسين محمد حسن.
———-
– 1 أحوال شخصية. إعلان. حكم “الحكم الغيابي”.
عدم اعادة اعلان من لم يعلن لشخصه في مسائل الأحوال الشخصية . أثره . اعتبار الحكم الصادر في حقه غيابيا تجوز فيه المعارضة . علة ذلك .
لما كانت الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية يجوز الطعن فيها بطريق المعارضة فإن عدم إعادة إعلان من لم يعلن لشخصه من المدع عليهم الغائبين لا يترتب عليه – وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – بطلان الحكم الصادر في الدعوى و إنما يؤدى إلى مجرد اعتبار الحكم غيابياً في حقه تجوز له المعارضة فيه أمام محكمة الموضوع
– 2 حكم “تأجيل النطق بالحكم”.
الحكم الذي أجل النطق به لأكثر مما نصت عليه المادة 172 مرافعات . لا يلحقه بطلان . علة ذلك .
القاعدة التي تضمنتها المادة 172 من قانون المرافعات لا تعدو أن تكون قاعدة تنظيمية هدف المشرع من ورائها إلى تبسيط الإجراءات والحث على سرعة الفصل في القضايا ، وليس من شأن الإخلال بها التأثير في الحكم و من ثم فلا يلحق البطلان الحكم الذي أجل النطق به لأكثر مما نصت عليه المادة المذكورة .
– 3 أحوال شخصية “أجانب”. وصية. محكمة الموضوع.
استقلال قاضي الموضوع بتقدير مسائل الاكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في مسلك الشخص . شرطه .
تعتبر وسائل الإكراه و مبلغ جسامتها و تأثيرها في مسلك الشخص من الأمور الواقعية التي تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة .
————
الوقائع
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن، وفي حدود ما يقتضيه الفصل فيه – تتحصل في أن الجمعية اليونانية بالإسكندرية المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى رقم 43 لسنة 1967 أحوال شخصية كلي أجانب الإسكندرية ضد مورثي الطاعنين للحكم ببطلان وصية المرحومة ……. المحررة في 4/5/1966 والمقيدة بالقنصلية اليونانية العامة بالإسكندرية برقم 28365 وإثبات انحصار إرث المتوفاة فيها دون شريك ولا وارث آخر إعمالاً لوصيتها المحررة بتاريخ 15/3/1962 والمودعة بالقنصلية اليونانية بالإسكندرية برقم 27562. وقالت شرحاً لدعواها أن المتوفاة المذكورة يونانية الجنسية وتوفيت بتاريخ 31/7/1967 دون ورثة من أصحاب الفروض، وكانت قد عينتها وارثة لها بمقتضى وصية منها مؤرخة 15/3/1962 ومودعة بالقنصلية اليونانية بالإسكندرية برقم 27562 إلا أن مورثي الطاعنين وهما خادمتها وزوج ابنة هذه الخادمة استغلا تقدم الموصية في السن وضعف حالتها الصحية وقواها الذهنية وحملاها على أن تحرر لهما وصية أخرى مؤرخة 4/5/1966 ومودعة بالقنصلية اليونانية برقم 28365 عدلت فيها عن وصيتها الأولى وأوصت لهما بتركتها. وإذ كانت الوصية الأخيرة باطلة لصدورها من الموصية وهي فاقدة الإدراك وتحت تأثير الإكراه، فقد أقامت الدعوى. أحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن الوصية المؤرخة 4/5/1966 صدرت من الموصية وهي فاقدة الإدراك وتحت تأثير استهواء وتسلط وخديعة من المدعى عليهما. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين حكمت في 31/1/1974 برفض الدعوى. استأنفت الجمعية المطعون عليها الأولى هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 2 لسنة 30ق أحوال أجانب، كما استأنفته المطعون عليها الثانية – المتدخلة منضمة إلى تلك الجمعية – بالاستئناف رقم 3 لسنة 30ق أحوال شخصية أجانب إسكندرية، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 8/5/1977 بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان وصية المرحومة السيدة/ ……… المحررة بتاريخ 4/5/1966 والمقيدة بالقنصلية اليونانية العامة بالإسكندرية تحت رقم 28365 وإثبات انحصار إرثها في الجمعية المطعون عليها الأولى دون شريك ولا وارث آخر له سواها إعمالاً لوصيتها الخطية السرية المحررة بتاريخ 15/3/1962 والمودعة بالقنصلية المذكورة برقم 27562. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————–
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعي الطاعنان بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه البطلان والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولان أن مورثيهما المستأنف عليهما الأولى والثاني في الاستئناف رقم 2 لسنة 30ق المقام من المطعون عليها الأولى لم يعلنا لشخصيهما بصحيفة الاستئناف ولم يخطرا مما كان يستلزم لانعقاد الخصومة في الاستئناف بالنسبة لهما إعادة إعلانهما طبقا لنص المادة 84 من قانون المرافعات، وإذ صدر الحكم المطعون فيه دون اتخاذ هذا الإجراء مما ترتب عليه كذلك عدم تمكنهما من إبداء دفاعهما، فإنه يكون فضلا عن بطلانه لصدوره في خصومة لم تنعقد قد أخل بحقهما في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت الأحكام الصادرة في مسائل الأحوال الشخصية يجوز الطعن فيها بطريق المعارضة فإن عدم إعادة إعلان من لم يعلن لشخصه من المدعى عليهم الغائبين لا يترتب عليه – وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – بطلان الحكم الصادر في الدعوى وإنما يؤدي إلى مجرد اعتبار الحكم غيابياً في حقه تجوز له المعارضة فيه أمام محكمة الموضوع – لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية من محاضر جلسات الاستئناف رقم 2 لسنة 50ق أحوال شخصية أجانب الإسكندرية أن المستأنف عليهم جميعا – ومنهم مورثي الطاعنين – قد مثلوا بوكيل عنهم بجلستي 3/2/1975، 9/3/1976 وأجلت الدعوى بالجلسة الأخيرة لتبدي النيابة رأيها وهي آخر من يتكلم طبقا لنص المادة 95 مرافعات مما مفاده أن الحاضر عن هؤلاء قد أبدى دفاعه بطريق المرافعة الشفوية في الجلستين المذكورتين، فإن النعي على الحكم بالبطلان والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه بطلان الإجراءات التي بني عليها. وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أن محكمة الاستئناف قررت بجلسة 4/10/1976 حجز الدعوى للحكم لجلسة 8/12/1976 وبتلك الجلسة قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 3/2/1977 ومنها لجلسة 9/3/1977 ثم لجلسة 8/5/1977 وفي هذه الجلسة الأخيرة صدر الحكم المطعون فيه وذلك على خلاف نص المادة 172 من قانون المرافعات الذي لا يجيز تأجيل إصدار الحكم إلا مرتين.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن القاعدة التي تضمنتها المادة 172 من قانون المرافعات لا تعدو أن تكون قاعدة تنظيمية هدف المشرع من ورائها إلي تبسيط الإجراءات والحث على سرعة الفصل في القضايا، وليس من شأن الإخلال بها التأثير في الحكم ومن ثم فلا يلحق البطلان الحكم الذي أجل النطق به لأكثر مما نصت عليها المادة، ويكون النعي في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع والفساد في الاستدلال. وفي بيان ذلك يقول الطاعنان أن الحكم أقام قضاءه ببطلان الوصية المؤرخة 4/5/1966 على سند من صدورها من الموصية تحت تأثير الإكراه الواقع عليها من الموصى لهما وأقاربهما ودلل على ذلك مما حصله من أقوال شهود المطعون عليها الأولى أمام محكمة أول درجة وما تضمنته مذكرة الأحوال رقم 15 قسم شرطة الرمل الإسكندرية وما استخلصه من تصرفات الموصية السابقة على صدور الوصية وإغفالها الإيصاء لجهات البر على خلاف ما تضمنته وصيتاها السابقتان في حين أن أقوال شهود المطعون عليها الأولى وما تضمنته مذكرة الأحوال وما ساقه الحكم من قرائن أخرى لا تنتج شيئا في إثبات وقوع الموصية تحت تأثير الإكراه المدعى به مما يعيب الحكم بالخطأ في تحصيل الواقع والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كانت المادة 1782 من القانون المدني اليوناني المنطبقة على واقعة الدعوى – تنص على أن “يكون قابلا للبطلان التصرف الوارد بالوصية إذا كان نتيجة تهديد غير مشروع أو مخالفا للآداب ويكون كذلك قابلا للبطلان إذا كان نتيجة خديعة لولاها لما أقدم الموصي على التصرف”. وكان تقدير وسائل الإكراه ومبلغ جسامتها وتأثيرها في مسلك الموصي من الأمور الواقعية التي تستقل بالفصل فيها محكمة الموضوع دون رقابة من محكمة النقض متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، وكانت الصورة طبق الأصل من مذكرة الأحوال رقم 15 قسم شرطة الرمل المحررة في 18/5/1965 والمودعة ملف الدعوى تتضمن أن ابنة أخت الموصية أبلغت بأنها لم تتمكن من رؤيتها لأن خادمتها – والدة الطاعنة الأولى – منعتها من دخول مسكنها ومن الاتصال بها تليفونيا، وأنها ترغب في الاطمئنان عليها لكبر سنها ولعدم وجود أقارب لها سواها، ولم تتمكن من زيارتها إلا بصحبة مندوب القنصلية ورجل الشرطة، وكانت شهادة شهود الجمعية المطعون عليها الأولى أمام محكمة أول درجة مؤداها أن الموصية كانت طاعنة في السن وتعيش في عزلة عن أقاربها وأصدقائها فرضتها عليها خادمتها – والدة الطاعنة الأولى – التي كانت تتسلط عليها وتسيء معاملتها. وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في شأن ثبوت الإكراه الواقع على الموصية قوله “أولا – أن ما ورد بمذكرة الأحوال رقم 15 قسم الرمل المؤرخة 18/5/1965 إنما هو قاطع الدلالة في عزل الموصية عن أقاربها وأصدقائها وفرض الوحدة عليها وقد أوقعها ذلك فريسة للاستهواء والتسلط من جانب خادمتها المستأنف ضدها الأولى وقد سلبها ذلك الإرادة الصحيحة ومكن من الاستحصال على الوصية المطعون عليها. ثانيا – أن أقوال شهود المستأنفة في الاستخلاص السائغ قاطعة في أن المستأنف ضدها الأولى كانت في قمة التسلط على الموصية إذ تنفرد بها وتمنع الاتصال عنها وتحيطها بحلقة من أقاربها وتعمل على بث الرهبة والرعب في نفسها بالتهديد لها بتركها وحدها وهي الطاعنة في السن المنحطة القوة الأمر الذي أدى إلى إحداث الأثر النفسي المنقاد لما هو مطلوب ومن ثم امتثلت الموصية طوعا لما يملى عليها فأفرغت وصيتها …..”. وكان يبين من هذا الذي أورده الحكم أن محكمة الاستئناف عرضت للواقع في الدعوى بما لا مخالفة فيه للثابت بالأوراق ودللت بأسباب سائغة وفي حدود سلطتها التقديرية على وقوع إكراه مؤثر على إرادة الموصية أدى إلى إصدارها الوصية المقضي ببطلانها، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل بغية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي على غير أساس.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .