مقابل الخدمات الإضافية بالموانئ والمنافذ الجمركية رسوم تكميلية اختصاص مجلس الدولة بمنازعات استرداد ما دفع منها بغير حق
الدعوى رقم 24 لسنة 39 ق “تنازع” جلسة 2 / 3 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من مارس سنة 2019م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو، ورجب عبد الحكيم سليم، والدكتور حمدان حسن فهمى، وحاتم حمد بجاتو، والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 24 لسنة 39 قضائية “تنازع”.
المقامة من
1- وزير الماليـة
2- رئيس مصلحة الجمارك
ضـــــد
شركة العاشر من رمضان لصناعة خطوط البوليستر
الإجـراءات
بتاريخ السابع والعشرين من سبتمبر سنة 2017، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية بجلسة 13/2/2013، في الاستئنافين رقمى 250، 281 لسنة 68 قضائية، والمؤيِّد للحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 24/4/2012، في الدعوى رقم 386 لسنة 2009 مدنى كلى، وفى الموضوع: بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 24/11/2013، في الدعوى رقم 13364 لسنة 63 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية، المؤيد بحكم محكمة استئناف الإسكندرية المشار إليهما.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعى عليها كانت قد أقامت الدعوى رقم 386 لسنة 2009 مدنى كلى ضد المدعيين، أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية، بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن برد مبلغ 3056114 جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، قولاً منها، إنها قامت باستيراد بضائع من الخارج خلال الفترة من 1996 حتى 2003، وقامت مصلحة الجمارك بفرض رسوم على تلك البضائع، تطبيقًا لقراري وزير المالية رقمي 255 لسنة 1993، 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين لهما رقمي 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997، الصادرة جميعها تطبيقًا لنص المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963، وإذ أصدرت المحكمة الدستورية العليا بجلسة 5/9/2004، حكمها في الدعوى رقم 175 لسنة 22 قضائية ” دستورية “، الذى قضى ” أولاً : بعدم دستورية نص الفقرتين الأولى والأخيرة من المادة (111) من قانون الجمارك الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 66 لسنة 1963. ثانيًا : سقوط الفقرة الثانية من المادة (111) من قانون الجمارك سالف البيان. ثالثًا : سقوط قرار وزير الخزانة رقم 58 لسنة 1963 والقرارين المعدلين له رقمى 100 لسنة 1965 و255 لسنة 1993، وكذا قرار وزير المالية رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمى 1208 لسنة 1996 و752 لسنة 1997 “، ونُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعددها رقم (38) تابع ( أ ) بتاريخ 16/9/2004، ومن ثمَّ غدا تحصيل المصلحة لهذه الرسوم غير مستند إلى سند قانوني. مما حدا بالشركة إلى إقامة دعواها سالفة الذكر، توصلاً للقضاء لها بطلباتها. وبجلسة 24/4/2012، قضت المحكمة بإلزام وزير المالية بصفته، بأن يرد للشركة المدعى عليها مبلغ 1873796 جنيهًا، والفوائد القانونية بواقع 4% سنويًّا، من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 26/5/2009، حتى تمام السداد، وذلك على سند من أن القضاء بعدم دستورية النصوص القانونية سند المطالبة بهذه الرسوم، يؤدى إلى انعدام الأساس القانوني الذى تم تحصيل هذه الرسوم بناء عليه، بما يوجب القضاء بردها عملاً بحكم المادة (181) من القانون المدني. وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً من وزير المالية والشركة المدعى عليها، فقد طعنا عليه أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئنافين رقمي 250، 281 لسنة 68 قضائية، فقضت بجلسة 13/2/2013 – بعد ضم الاستئنافين – برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، فطُعن على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 6533 لسنة 83 قضائية، فقضي فيه بجلسة 10/2/2015، بعـدم القبول. ومن جهة أخرى: أقامت الشركة المدعى عليها الدعوى رقم 13364 لسنة 63 قضائية ضد المدعى وآخر، أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، بطلب القضاء بأحقية الشركة في استرداد المبالغ التي سددتها كرسوم خدمات إضافية فرضتها مصلحة الجمارك استنادًا لنص المادة (111) من قانون الجمارك، والقرارات المنفذة له، على الرسائل الجمركية التي قامت الشركة باستيرادها خلال السنوات من 1996 حتى 2003، والفوائد القانونية ومقدارها 5096900 جنيه، وبجلسة 24/11/2013، قضت المحكمة برفض الدعوى، تأسيسًا على أن القضاء بعدم دستورية النصوص التي قامت مصلحة الجمارك استنادًا إليها بتحصيل الرسوم، لا يوجب أحقية من سددها في استردادها في جميع الأحوال، ذلك أن الاسترداد يكون رهنًا بإثبات عدم التصرف في الرسائل المستوردة إلى المستهلكين، وإضافة ما سُدد من هذه الرسوم إلى ثمنها، وهو ما لم تقدم الشركة الدليل عليه. وإذ ارتأى المدعيان أن ثمة تناقضًا بين الحكمين السابق ذكرهما، بما يتعذر تنفيذهما معًا، فقد أقاما دعواهما المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المشرع قد أقر بالطبيعة الإدارية للطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، وذلك بدءًا من القانون رقم 165 لسنة 1955 في شأن مجلس الدولة، الذى أسند البند سابعًا من المادة (8) منه لمجلس الدولة بهيئة قضاء إداري الاختصاص بالفصل في تلك المنازعات، وأوضحت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون أن الاختصاص بنظر هذه الطعون تقرر لمجلس الدولة، باعتبار أنها ذات طبيعة إدارية بحتة، وقد جرى قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة على ذات النهج، فنص في البند سابعًا من المادة (8) منه على الحكم ذاته، وأكد هذا الاختصاص البند السادس من المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972، الذى عقد الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها، بالفصل في الطعون في القرارات النهائية الصادرة من الجهات الإدارية في منازعات الضرائب والرسوم، وقد أكدت المادة (190) من الدستور هذا الاختصاص، حينما عهدت إلى مجلس الدولة الاختصاص دون غيره، بالفصل في المنازعات الإدارية.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرسم هو فريضة مالية تستأدى جبرًا، وبقيمة ثابتة بالنسبة إلى مختلف المستفيدين منه، وطوال سريان السند التشريعي الذى فرضه، وذلك مقابل خدمة محددة يقدمها الشخص العام لمن طلبها عوضًا عن تكلفتها، وإن لم تكن بمقدارها.
وحيث إن النزاع – موضوع الحكمين محل التناقض – يدور حول أحقية الشركة المدعى عليها في استرداد قيمة مقابل الخدمات الإضافية عن الرسائل التي قامت باستيرادها خلال الأعوام من 1996 حتى 2003، وقامت مصلحة الجمارك بإلزامها بسدادها استنادًا لنص المادة (111) من قانون الجمارك، وقرار وزير المالية رقم 255 لسنة 1993، وكذا قراره رقم 123 لسنة 1994 والقرارين المعدلين له رقمي 1208 لسنة 1999 و752 لسنة 1997، إبان فترة سريان أحكام هذه النصوص والعمل بها، التي كانت تقضى بتحصيل مقابل الخدمات الإضافية بالموانئ والمنافذ الجمركية عن خدمات كشف وحصر وتصنيف ومراجعة الرسائل الواردة للبلاد، بنسب محددة أصبحت بمقتضى قرار وزير المالية الأخير بواقع 2% من قيمة الرسائل الخاضعة لفئة ضريبة من 5% حتى 30% و3% من قيمة الرسائل الخاضعة لفئة ضريبة أكثر من 30%، ولما كان هذا المقابل يفرض بفئة ثابتة لا تقبل تفاوضا، كمقابل للخدمات التي تقدمها الجمارك للرسائل المستوردة، وتستأدى من المستفيدين منها، ومن ثم فإنه يعد بحسب التكييف القانوني الصحيح له رسمًا تكميليًّا، تسري عليه الأحكام الخاصة بالرسوم في شأن الاختصاص القضائي بنظر المنازعات المتعلقة بها والفصل فيها، الذى ينعقد الفصل فيه لجهة القضاء الإداري، ولا يغير من ذلك قضاء المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النصوص المتقدمة، وما يستتبعه ذلك من سقوط الأساس القانوني لفرض هذه الرسوم، ذلك أن إعمال أثر هذا القضاء على وقائع النزاع الموضوعي يظل معقودًا للقاضي المختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بتلك الرسوم، ومن ثم فإن النزاع الماثل يدخل في عداد المنازعات الإدارية التي ينعقد الاختصاص بنظرها والفصل فيها لمحاكم مجلس الدولة، باعتبارها صاحبة الولاية العامة في الفصل في المنازعات الإدارية، وقاضيها الطبيعي، ومن ثم فإن الحكم الصادر من جهة القضاء الإداري يكون هو الأحق بالتنفيذ، مما يتعين معه القضاء بالاعتداد به.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية آنف الذكر، فإن من المقرر أن طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين – أو كليهما – هو فرع من أصل النزاع حول فض التناقض بينهما، وإذ تهيأ النزاع المعروض للفصل في موضوعه – على ما تقدم – فإن الفصل في طلب وقف التنفيذ يكون قد صار غير ذي موضوع.

فلهـذه الأسبـاب

حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 24/11/2013، في الدعوى رقم 13364 لسنة 63 قضائية، دون الحكم الصادر من محكمة الإسكندرية الابتدائية بجلسة 24/4/2012، في الدعوى رقم 386 لسنة 2009 مدنى كلى، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف الإسكندرية، بجلسة 13/2/2013، في الاستئنافين رقمى250، 281 لسنة 68 قضائية.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .