قرار النيابة العامة بالحيازة إجراء أوليً مؤقتً تحفظي قلقً لا يستقر إلا بتأييده بعد التظلم منه في المواعيد القانونية

الدعوى رقم 29 لسنة 40 ق “تنازع” جلسة 2 / 3 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من مارس سنة 2019م، الموافق الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار، والدكتور عادل عمر شريف، وبولس فهمى إسكندر، ومحمود محمـد غنيم، والدكتور محمـد عماد النجار، والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى:
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 29 لسنة 40 قضائية “تنازع”.
المقامة من
عبد العظيم هارون حسين بحيرى
ضــــــد
1- مريم يس أحمد بحيرى
2- رئيس مجلس النواب
3- رئيس مجلس الـوزراء
4- المحامي العام الأول لنيابـــات شمال الجيزة
5- مدير إدارة التنفيذ بمحكمة الجيزة الابتدائية
6- رئيس هيئة قضايا الدولة
الإجراءات
بتاريخ السادس من أغسطس سنة 2018، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر من المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة المقيد برقم 264 لسنة 2017 حيازات شمال الجيزة، وعدم الاعتداد به، والاعتداد بالحكم الصادر في الدعوى المقيدة برقم 187 لسنة 2016 مدنى مركز أوسيم.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل– على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد استصدر حكمًا من محكمة أوسيم الجزئية، بجلسة 22/2/2017، في الدعوى رقم 187 لسنة 2016 مدنى مركز أوسيم، قُضى في منطوقه “بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/9/2015، المحرر بين المدعى والمدعى عليه – من غير خصوم الدعوى المعروضة – عن العين المبينة المعالم والأوصاف بصحيفة الدعـوى والعقد سالف الذكر، وألزمت المدعى عليه في تلك الدعوى بتسليم العين للمدعى خالية من الأشخاص والشواغل”. ومن جانب آخر، استصدرت المدعى عليها الأولى، قرارًا من النيابة العامة في المحضر رقم 1200 لسنة 2017 إداري أوسيم، قيد برقم 264 لسنة 2017 حيازات شمال الجيزة، جرى منطوقه في بنده الأول بتمكين المدعى عليها الأولى – في الدعوى المعروضة – من الحانوت عين النزاع والمبين الحدود والمعالم ومحضر معاينة الشرطة المؤرخ 23/2/2017، ومحضر استيفاء النيابة العامة المؤرخ 14/11/2017، ومنع تعرض المدعى وآخرين لها في ذلك. وإذ تراءى للمدعى أن ثمة تناقضًا بين حكم محكمة أوسيم الجزئية وقرار النيابة العامة سالفى الذكر، فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع، الذى يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين، طبقًا للبند “ثالثًا” من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صـادرًا عن أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى، وأن يكونا قد حسما النزاع في موضوعه، وتناقضا، بحيث يتعذر تنفيذهما معًا.
وحيث إن اختصاص النيابة العامة بنظر منازعات الحيازة، قد مر، من الناحية التشريعية بمرحلتين:- أولاهما تلك التي صدر فيها القانون رقم 29 لسنة 1982 بشأن تعديل بعض أحكام قانون العقوبات، الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، متضمنًا إضافة المادة (373) مكررًا إلى المواد الخاصة “بجرائم انتهاك حرمة ملك الغير”، الواردة في الباب الرابع عشر، من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، ليجري نصها على النحو الآتى:- “يجوز للنيابة العامة، متى قامت دلائل كافية على جدية الاتهام في الجرائم المنصوص عليها في المواد السابقة من هذا الباب، أن تأمر باتخاذ إجراء تحفظي لحماية الحيازة، على أن يُعرض هذا الأمر، خلال ثلاثة أيام، على القاضي الجزئي المختص، لإصدار قرار مسبب، خلال ثلاثة أيام على الأكثر، بتأييده، أو بتعديله، أو بإلغائه، ويجب رفع الدعوى الجنائية، خلال ستين يومًا من تاريخ صدور هذا القرار، وعلى المحكمة – عند نظـــــر الدعـــــوى الجنائية – أن تفصل في النزاع، بناءً على طلـب النيابة العامة، أو المدعى بالحقوق المدنية، أو المتهم، بحسب الأحوال، وبعد سماع أقــوال ذوى الشأن بتأييد القرار، أو بإلغائه، وذلك كله دون مساس بأصل الحق. ويعتبر الأمر، أو القرار، الصادر كأن لم يكن، عند مخالفة المواعيد المشار إليها، وكذلك إذا صدر أمر بالحفظ ، أو بأن لا وجه لإقامة الدعوى”. ثانيتهما تلك المرحلة، التي قدر المشرع فيها، تزايد منازعات الحيازة، التي ضاعف من أهميتها حدة أزمة الإسكان، فضلًا عن تفاقمها، وأنها قد تبلغ درجة الجريمة في بعض الأحيان، وقد تتوقف في بعض أطوارها عند حدود النزاع المدنى، وأن كثيرًا من هذه المنازعات، وإن بدت مدنية بحتة، فإنها قد تشتعل بين أطرافها إلى حد يوشك أن ينتقل بها إلى نطاق الجريمة، إذا تركت دون حل وقتي عاجل، ومن ثم وضع المشرع تنظيمًا جديدًا لمنازعات الحيازة، يُدخلها في إطار قانون المرافعات المدنية والتجارية، فأصدر القانون رقم 23 لسنة 1992 بتعديل بعض أحكام قوانين المرافعات المدنية والتجارية والإثبات في المواد المدنية والتجارية والعقوبات والإجراءات الجنائية وحالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض والرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، الذى أضاف إلى هذا القانون المادة (44) مكررًا، التي يجرى نصها على النحو الآتى:- “يجب على النيابة العامة متى عرضت عليها منازعة من منازعات الحيازة، مدنية كانت أو جنائية، أن تصدر فيها قرارًا وقتيًّا مسببًا واجب التنفيذ فورًا بعد سماع أقوال أطراف النزاع وإجراء التحقيقات اللازمة، ويصدر القرار المشار إليه من عضو نيابة بدرجة رئيس نيابة على الأقل.
وعلى النيابة العامة إعلان هذا القرار لذوى الشأن خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره.
وفى جميع الأحـوال يكون التظلم من هذا القـرار لكل ذي شأن أمام القاضي المختص بالأمور المستعجلة، بدعوى ترفع بالإجراءات المعتادة في ميعاد خمسة عشر يومًا من يوم إعلانه بالقرار، ويحكم القاضي في التظلم بحكم وقتى بتأييد القــرار، أو بتعديله أو بإلغائه، وله، بناءً على طلب المتظلم أن يوقف تنفيذ القرار المتظلم منه إلى أن يُفصل في التظلم”.
وحيث إن قرار النيابة العامة – على امتداد هاتين المرحلتين التشريعيتين- ظل إجراءً أوليًّا، مؤقتًا، كاشفًا عن طبيعته التحفظية، متوخيًا حماية الحيازة المادية للعقار، وكان هذا القرار قلقًا، لا يستقر إلا بتأييده، بعد التظلم منه في المواعيد التي حددها القانون، ووفق الإجراءات التي بينها، وأمام الجهة القضائية التي عينها، فإن قرار هذه الجهة، دون غيره، هو الذى يعتبر حكمًا قضائيًّا في تطبيق أحكام البند ثانيًا من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا، دون قرار النيابة العامة الصادر في هذا الشأن.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت الدعوى المعروضة لا تعكس إلا حكمًا قضائيًّا واحدًا، هو ذلك الذى أصدرته محكمة مركز أوسيم الجزئية السالف بيانه، وكان التناقض بين الأحكام، الذى تختص هذه المحكمة بفضه، طبقًا للبند “ثالثًا” من المادة (25) من قانونها، لا يقوم إلا بين حكمين نهائيين صادرين عن جهتين أو هيئتين قضائيتين مختلفتين، وهو ما لم يتوافر في الدعوى المعروضة، مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ قرار المحامي العام الأول لنيابات شمال الجيزة السالف ذكره، فإنه يُعد فرعًا من أصـــل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى عدم قبول الدعوى، فإن قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، طبقًا لنص المادة (32) من قانونها، يكون – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قد بات غير ذي موضوع.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .