عدم تناقض حكم مجلس الدولة (تأديب) بإلغاء قرار فصل العامل واعادته لعمله مع حكم المحكمة العمالية بالتعويض عن هذا الخطأ العقدي

الدعوى رقم 1 لسنة 39 ق “تنازع” جلسة 1 / 6 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من يونيه سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 1 لسنة 39 قضائية “تنازع”.
المقامة من
رئيس مجلس إدارة شركة أطلس العامة للمقاولات والاستثمارات العقارية وأعمال التكييف والمصاعد
ضــــــد
شريف مراد محمود مسلم

الإجراءات
بتاريخ السابع من فبراير سنة 2017، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبةً الحكم بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها بجلسة 29/4/2015، في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية، وفى الموضوع: الفصل في التنازع القائم بين الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة – الدائرة 162 عمال – بجلسة 19/12/2016، في الاستئنافين رقمى 646 و648 لسنة 133 قضائية، المقامين طعنًا على الحكم الصادر من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية – الدائرة 16 عمال – بجلسة 26/1/2016، في الدعويين رقمى 669 و695 لسنة 2012 عمال كلى جنوب القاهرة، وحكم المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها المشار إليه، والاعتداد بالحكم الأول، دون الحكم الصادر من المحكمة التأديبية السالف الذكر.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه وآخر كانا قد أقاما الدعوى رقم 1295 لسنة 2012 أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، ضد الشركة المدعية، بطلب الحكم باعتبار القرار 57 لسنة 2012 الصادر بفصلهما كأن لم يكن، وما يترتب على ذلك من آثار، تأسيسًا على أنهما يعملان في الشركة المدعية، وفوجئا بصدور القرار المطعون فيه بتاريخ 22/3/2012، بفصلهما من العمل، على سند من إخلالهما بواجباتهما الوظيفية خلال الفترة من 5/3/2012 حتى 22/3/2012، بإضرابهما عن العمل، والتحريض وإثارة العاملين، وتعطيل العمل، واحتجاز العاملين يوم 22/3/2012، وقد نعى المدعيان على القرار مخالفة القانون بصدوره من غير ذى صفة، وبغير الطريق الذى رسمه القانون واللوائح، ولعدم توافر ضمانات التحقيق معهما، وبجلسة 24/11/2012، قضت المحكمة في مادة مستعجلة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر الطعن، وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة، ونفاذًا لذلك أحيل الطعن إلى محكمة القضاء الإداري، وقيد أمامها برقم 18024 لسنة 67 قضائية، وبجلسة 27/1/2014، قضت المحكمة بعدم اختصاصها نوعيًّا بنظر الطعن، وإحالته إلى المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها للاختصاص، وقُيد أمامها برقم 245 لسنة 48 قضائية، وبجلسة 29/4/2015، قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 57 لسنة 2012 الصادر بتاريخ 22/3/2012، فيما تضمنه من فصل الطاعنين من الخدمة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها عودتهما إلى العمل. وإذ لم ترتض الشركة المدعية هذا القضاء فقد طعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 73195 لسنة 61 قضائية، وبجلسة 29/8/2018، قضت المحكمة برفض الطعن. كما أقام المدعى عليه الدعويين رقمي 669 و695 لسنة 2012 عمال كلى جنوب القاهرة، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية – الدائرة 16 عمال – ضد الشركة المدعية، وحدد طلباته الختامية فيهما في إلزام الشركة بصفة مستعجلة وبحكم واجب النفاذ بتعويض مؤقت يعادل أجره الشامل لمدة اثنى عشر شهرًا طبقًا لنص المادة (71) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، وإلغاء قرار فصله من العمل المشار إليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها إعادته إلى عمله، وصرف كافة مستحقاته المالية، وإلزام الشركة بأن تؤدى له مبلغ سبعمائة وخمسون ألف جنيه تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت به، وقد قررت المحكمة ضم الدعويين للارتباط، وبجلسة 26/1/2016، قضت المحكمة بإلزام الشركة بأن تؤدي للمدعى في الدعوى المعروضة تعويضًا ماديًّا وقدره مائة وأربعة وأربعون ألفًا وستمائة وثمانية وأربعون جنيهًا، وتعويضًا أدبيًّا وقدره خمسة آلاف جنيه، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات، وقد انتهت المحكمة – على نحو ما أثبتته بأسباب حكمها – بالنسبة لطلب إلغاء قرار الفصل من العمل السالف الذكر، إلى عدم جواز نظر هذا الطلب لسابقة الفصل فيه من المحكمة التأديبية في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية – مكتفية بإثبات ذلك في حيثيات الحكم دون المنطوق – كما قضت برفض طلب إلزام الشركة بتعويض مؤقت، تأسيسًا على أن الفصل في الموضوع يغنى بحسب الأصل عن البحث في الشق المستعجل، واستندت في القضاء برفض طلب صرف المستحقات المالية، إلا أن هذا الطلب قد جاء مجهلاً، ودون تحديد لتلك المستحقات، وأسست المحكمة القضاء بالتعويض المادي والأدبي، على سند من قيام الشركة بإنهاء عقد العمل دون أن تستند في ذلك إلى إحدى الحالات الواردة بنص المادة (69) من قانون العمل المشار إليه، أو لعدم كفاءة العامل وإخلاله بالتزاماته الجوهرية وفقًا لنص المادة (110) من هذا القانون، وأن إنهاء عقد العمل من قبلها جاء مشوبًا بالتعسف من جانب الشركة، مما يتوافر معه الخطأ العقدي في حقها، الذى ألحق ضررًا ماديًّا وأدبيًّا بالعامل يستحق معه التعويض طبقًا لنص المادة (122) من قانون العمل السالف الذكر. وإذ لم ترتض الشركة المدعية والمدعى عليه في الدعوى المعروضة هذا القضاء فقـد طعنا عليه أمام محكمة استئناف القاهرة – الدائرة 162 عمال – بالاستئنافين رقمي 646 و648 لسنة 133 قضائية، وبجلسة 19/12/2016، قضت المحكمة في موضوع الاستئناف رقم 648 لسنة 133 قضائية برفضه، وفى موضوع الاستئناف رقم 646 لسنة 133 قضائية بتعديل الحكم المستأنف، وإلزام الشركة بأن تؤدى للمستأنف عليه – المدعى عليه في الدعوى المعروضة – تعويضًا ماديًّا مقداره مائة ألف جنيه، وتأييده فيما عدا ذلك، وقد طعنت الشركة على هذا الحكم أمام محكمة النقض بالطعن رقم 2782 لسنة 87 مدنى، الذى لم يفصل فيه بعد، وإذ ارتأت الشركة المدعية أن ثمة تناقضًا بين الأحكام المشار إليها، أقامت دعواها المعروضة.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين – في تطبيق أحكام قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق التي فُصل فيها . بيد أن وحدة الموضوع، لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا فيه، كذلك فإن تناقضهما – إذا قام الدليل عليه – لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما معًا، بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض بين حكمين نهائيين تعذر تنفيذهما معًا، يقتضيها أن تتحقق أولاً من وحدة موضوعهما، ثم من تناقض قضائيهما وبتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض، كان عليها عندئذ أن تفصل فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا، وهو ما يعنى أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين الحكمين، يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض – بداهة – إذا كان موضوعهما مختلفًا .
وحيث إن قضاء المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها الصادر بجلسة 29/4/2015، في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية، قد انصب على إلغاء القرار رقم 57 لسنة 2012 فيما تضمنه من فصل المدعى عليه – في الدعوى المعروضة – من الخدمة، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها عودته إلى العمل، وتأيد هذا القضاء من المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 29/8/2018، في الطعن رقم 73195 لسنة 61 قضائية، وهو الطلب الذي قضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة 16 عمال) بمدونات حكمها الصادر بجلسة 26/1/2016، في الدعويين رقمى 669 و695 لسنة 2012 عمال كلى جنوب القاهرة بعدم جواز نظره لسابقة الفصل فيه من المحكمة التأديبية في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية المشار إليه، وكذا رفض طلب صرف كافة المستحقات المالية للمدعى عليه، لكون هذا الطلب قد جاء مجهلاً، ودون تحديد لتلك المستحقات، والذى لا يتضمن قضاءً منها قاطعًا وحاسمًا في الموضوع بالنسبة لهذه المستحقات، وقد تأيد هذا القضاء من محكمة استئناف القاهرة بحكمها الصادر بجلسة 19/12/2016، في الاستئنافين رقمي 646 و648 لسنة 133 قضائية، مما ينتفى معه مناط قيام التناقض بين الأحكام المشار إليها في هذا الخصوص.
وحيث إنه في خصوص طلب صرف التعويض المؤقت للمدعى عليه، الذى انتهت فيه محكمة جنوب القاهرة الابتدائية (الدائرة 16 عمال) بحكمها المشار إليها إلى رفضه، على سند من أن الفصل في الموضوع يُغنى بحسب الأصل عن البحث في الشق العاجل، وكذا طلب صرف التعويض المادي والأدبي الذى قضت فيه بإلزام الشركة بأن تؤدى للمدعى عليه في الدعوى المعروضة تعويضًا ماديًّا وقدره مائة وأربعة وأربعون ألفًا وستمائة وثمانية وأربعون جنيهًا، وتعويضًا أدبيًّا قدره خمسة آلاف جنيه، عما لحقه من أضرار نتيجة الخطأ العقدي الثابت في حق الشركة بإنهاء عقد العمل غير المحدد المدة بإرادتها المنفردة، ودون سند من القانون، بالمخالفة لنصوص المواد (68، 69، 110، 122) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، وقد قضت محكمة استئناف القاهرة بتعديل قيمة التعويض المادي إلى مائة ألف جنيه، وتأييد القضاء المتقدم فيما عدا ذلك، فإنه فضلاً عن اختلاف موضوع تلك الطلبات، والثى صدر القضاء المتقدم فاصلاً فيها، عن تلك المطروحة على المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها،, فإن قضاء محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ومحكمة استئناف القاهرة في شأنها لا يتناقض مع قضاء المحكمة التأديبية المشار إليه، ولا يتعذر – بالتالي – تنفيذهما معًا، بما مؤداه انتفاء قيام التناقض الذى يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول هذه الدعوى.
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية وملحقاتها في الطعن رقم 245 لسنة 48 قضائية، فإنه يعُد فرعًا من أصل النزاع، وإذ انتهت المحكمة فيما تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيام رئيس المحكمة الدستورية العليا – طبقًا لنص المادة (32) من قانونها سالف الإشارة إليه – بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، يكون قد بات غير ذى موضوع.

فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .