دستورية صحة الوصية بالثلث للوارث وغيره ونفاذها من غير إجازة الورثة (صدورها قبل 1980)

القضية رقم 125 لسنة 6 ق “دستورية ” جلسة 6 / 6 / 1987
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت 6 يونيه سنة 1987م الموافق 10 شوال سنة 1407هـ .
برئاسة السيد المستشار/ محمد على بليغ رئيس المحكمة
وحضور السادة المستشارين/ محمود حمدي عبد العزيز وممدوح مصطفى حسن ومنير أمين عبد المجيد ومحمد كمال محفوظ والدكتور محمد إبراهيم ابو العينين وواصل علاء الدين أعضاء
وحضور السيد المستشار/ السيد عبد الحميد عماره المفوض
وحضور السيد/ رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 125 لسنة 6 قضائية “دستورية “.
المرفوعة من:
محمد رؤف فهمي
ضد
1- علوية يحيى فهمي .
2- السيد رئيس مجلس الوزراء.
3- السيد وزير العدل.

“الإجراءات”
بتاريخ 11 ديسمبر سنة 1984 أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

“المحكمة “
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة .
حيث أن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعى عليها الأولى كانت قد أقامت الدعوى رقم 1966 لسنة 1977 مدني كلي الجيزة ضد شقيقها المدعى طالبة الحكم بصحة ونفاذ الوصية المؤرخة 15 يناير سنة 1975 الصادرة لها من والدتها بثلث ما تملكه من عقارات وأطيان زراعية ، وبجلسة 27 فبراير سنة 1980 قضت محكمة الجيزة الابتدائية بعد سماع الدعوى . فطعنت المدعى عليها الأولى على هذا الحكم بالاستئناف رقم 2284 لسنة 97 قضائية القاهرة، حيث دفع المدعى بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة (37) من قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946. وبتاريخ 13 نوفمبر سنة 1984 رخصت محكمة استئناف القاهرة للمدعى برفع دعواه الدستورية فأقام الدعوى الماثلة.
وحيث أن المدعى عليها الأولى دفعت بعدم قبول الدعوى استناداً إلى قرار محكمة الموضوع بالسماح للمدعى برفع دعواه الدستورية لا يفيد أنها قدرت جدية الدفع، خاصة وأن أوراق الدعوى لم تكن تحت بصرها لسبق إرسالها إلى مكتب الخبراء، كما أنها لم تحكم بوقف الدعوى الموضوعية التي ما زالت متداولة بالجلسات لحين ورود تقرير الخبير.
وحيث أن هذا الدفع مردود بأن تقدير جدية الدفع بعدم الدستورية وقد خص المشرع به محكمة الموضوع التي أثير أمامها الدفع طبقاً لما جرى به نص الفقرة (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1971… أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة، ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً…” فإن مجرد سماح محكمة الموضوع لمن أثار الدفع برفع دعواه الدستورية يفيد بذاته تقديرها لجديته دون ما حاجة إلى دليل آخر لإثبات ذلك، كما أن وقف الدعوى الموضوعية ليس شرطاً لقبول الدعوى الدستورية وإنما هو نتيجة لتقدير جدية الدفع وضرورة الفصل فيه قبل الحكم في الدعوى الأصلية.
وحيث أن الدعوى استوفت أوضاعها القانونية.
وحيث أن المدعى ينعى على الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون الوصية المشار إليه أنها إذ قضت بصحة الوصية بالثلث للوارث وغيره ونفاذها من غير إجازة الورثة تكون قد انطوت على مخالفة لمبادئ الشريعة الإسلامية وهي المصدر الرئيسي للتشريع عملاً بالمادة الثانية من الدستور.
وحيث أن القانون رقم 71 لسنة 1946 بإصدار قانون الوصية والمعمول به ابتداء من أول أغسطس سنة 1946 ينص في الفقرة الأولى من المادة (37) منه – محل الطعن – على أنه “تصح الوصية بالثلث للوارث وغيره، وتنفذ من غير إجازة الورثة، وتصح بما زاد على الثلث، ولا تنفذ في الزيادة، إلا إذا أجازها الورثة بعد وفاة الموصي، وكانوا من أهل التبرع عالمين بما يجيزونه”.
وحيث أنه يبين من تعديل الدستور الذي تم بتاريخ 22 مايو سنة 1980 أن المادة الثانية أصبحت تنص على أن “الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ” بعد أن كان تنص عند صدور الدستور في 11 سبتمبر سنة 1971 على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع، والعبارة الأخيرة من هذا النص لم يكن لها سابقة في أي من الدساتير المصرية المتعاقبة ابتداء من دستور سنة 1923 حتى دستور 1964.
وحيث أنه لما كان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة ــ أن إلزام المشرع باتخاذ مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع- بعد تعديل المادة الثانية من الدستور على نحو ما سلف – لا ينصرف سوى إلى التشريعات التي تصدر بعد التاريخ الذي فرض فيه هذا الإلزام بحيث اذا انطوي اي منها علي ما يتعارض مع مبادئ الشريعة الاسلامية يكون قد وقع في حومة المخالفة الدستورية ، أما التشريعات السابقة على ذلك التاريخ، فلا يتأتى إنفاذ حكم الإلزام المشار إليه بالنسبة لها لصدورها فعلاً من قبله، أي في وقت لم يكن القيد المتضمن هذا الإلزام قائماً، واجب الإعمال، ومن ثم، فإن هذه التشريعات تكون بمنأى عن هذا القيد، وهو مناط الرقابة الدستورية .
وحيث أنه ترتيباً على ما تقدم ولما كان مبنى الطعن مخالفة الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون الوصية الصادر بالقانون رقم 71 لسنة 1946 للمادة الثانية من الدستور تأسيسا على أن المادة المطعون عليها تخالف قواعد الميراث طبقاً لمبادئ الشريعة الإسلامية التي جعلتها المادة الثانية من الدستور المصدر الرئيسي للتشريع، وإذ كان القيد المقرر بمقتضى هذه المادة – بعد تعديلها بتاريخ 22 مايو سنة 1980، والمتضمن إلزام المشرع بعدم مخالفة مبادئ الشريعة الإسلامية – لا يتأتى إعماله بالنسبة للتشريعات السابقة عليه حسبما سلف بيانه، وكانت الفقرة الأولى من المادة 37 قانون الوصية المشار إليه لم يلحقها أي تعديل بعد التاريخ المشار إليه، ومن ثم، فإن النعي عليها، وحالتها هذه – بمخالفة المادة الثانية من الدستور – وأياً كان وجه الرأي في تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون في غير محله، الأمر الذي يتعين معه الحكم برفض الدعوى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات و مبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .