الطعن 348 لسنة 31 ق جلسة 14 / 4 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 116 ص 852

جلسة 14 من أبريل سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم حسن علام، وسليم راشد أبو زيد.
————-
(116)
الطعن رقم 348 لسنة 31 القضائية

(أ) أحوال شخصية. “الولاية على المال”. “دعوى القاصر على وصيه”. تقادم. “التقادم المسقط للدعوى”.
تقادم دعوى القاصر أو المحجور عليه على الوصي أو القيم بخمس سنوات من تاريخ انتهاء الوصاية أو القوامة. انطباق هذا التقادم على ما يكون للقاصر أو المحجور عليه من الدعاوى الشخصية الناشئة عن أمور الوصاية أو القوامة بعد انتهائها ومنها دعاوى الحساب إذا لم يكن الوصي أو القيم قد قدمه إلى المحكمة الحسبية.
(ب) خلف. “خلف عام”. غير. تقادم “التقادم المسقط للدعوى”. أحوال شخصية. “الولاية على المال”.
وارث المحجور عليه في رفعه دعوى الحساب على القيم بعد وفاة المحجور عليه. ليس من الغير. اعتباره خلفاً عاماً لا يملك من الحقوق أكثر مما كان لسلفه. تقادم هذه الدعوى بخمس سنوات من تاريخ انتهاء القوامة بوفاة المحجور عليه.
(ج) تقادم. “قطع التقادم”. “المطالبة القضائية”. حكم. “عيوب التدليل”. “قصور. ما يعد كذلك”. دعوى. “اعتبار الدعوى كأن لم تكن”.
إعلان المدعى عليه بعريضة الدعوى. مطالبة قضائية ينقطع بها التقادم. تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بانقطاع تقادم دعواه بالمطالبة القضائية في دعوى سابقة. على المحكمة بحث هذا الدفاع بما يستتبعه من بحث ما تم في الدعوى الأولى وتأثيره على إعلان صحيفتها. إغفال محكمة الاستئناف ذلك. قصور.
تمسك المطعون ضده أمام محكمة النقض بانعدام أثر إعلان الدعوى في قطع التقادم لعدم قيد الدعوى مما يعتبر معه كأن لم تكن قانوناً وفقاً للمادة 78 مرافعات قبل تعديلها. لا يجدي متى كان لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع باعتبار الدعوى كأن لم تكن.

————
1 – كانت المادة 36 من قانون المحاكم الحسبية رقم 99 لسنة 1947 تنص على أنه “كل دعوى للقاصر على وصيه أو للمحجور عليه على قيمه تكون متعلقة بأمور الوصاية أو القوامة تسقط بمضي خمس سنوات من التاريخ الذي انتهت فيه الوصاية أو القوامة”. ولما كانت هذه المادة تتناول ما يكون للقاصر أو المحجور عليه من الدعاوى الشخصية الناشئة عن أمور الوصاية أو القوامة بعد انتهائها فإنه تندرج فيها دعاوى طلب الحساب إذا لم يكن الوصي أو القيم قد قدمه إلى المحكمة الحسبية. ويؤكد ذلك أن المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال في تعليقها على نص المادة 53 من القانون المذكور المطابق لنص المادة 36 سالفة الذكر، قد أوردت دعاوى المطالبة بتقديم الحساب عن الوصاية أو القوامة ضمن الأمثلة التي ضربتها للدعاوى التي يسري عليها التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 53 المذكورة.
2 – لا يعتبر وارث المحجور عليه في رفعه دعوى الحساب على القيم بعد وفاة المحجور عليه من الغير وإنما يعد خلفاً عاماً فلا يملك من الحقوق أكثر مما كان لسلفه ومن ثم فإن هذه الدعوى تسقط بمضي خمس سنوات من التاريخ الذي انتهت فيه القوامة بوفاة المحجور عليه.
3 – إعلان المدعى عليه بعريضة الدعوى يعتبر مطالبة قضائية ينقطع بها التقادم طبقاً للمادة 383 من القانون المدني. فإذا كان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بانقطاع تقادم دعواه بالمطالبة القضائية في دعوى سابقة فقد كان على المحكمة أن تبحث هذا الدفاع بما يستتبعه من بحث ما تم في الدعوى الأولى وتأثيره على إعلان صحيفتها باعتبار هذا الإعلان إجراء قاطعاً للتقادم فإذا أغفلت محكمة الاستئناف ذلك ولم تقل كلمتها في هذا الدفع فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور ولا يقدح في ذلك ما تمسك به المطعون ضده أمام محكمة النقض من أن إعلان الدعوى الأولى قد انعدم أثره في قطع التقادم لعدم قيد تلك الدعوى خلال سنة من تاريخ الجلسة الأولى المبينة في ورقة الإعلان مما تعتبر معه الدعوى كأن لم تكن قانوناً بحكم المادة 78 من قانون المرافعات – قبل تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 – وذلك متى كان المطعون ضده لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع باعتبار الدعوى المذكورة كأن لم تكن.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 2337 سنة 1954 كلي القاهرة ضد الطاعن بعريضة معلنة في 30 مايو سنة 1954 وقال فيها إنه في سنة 1935 فرض الحجر على والده عبد العليم الجسطيني وأنه عين قيماً عليه بإشراف والدته السيدة عزيزة خليل وقد روعي في ذلك أنه أكبر سناً من شقيقه الطاعن على أنه اتفق فيما بينهم على أن يعهدوا لهذا الأخير بإدارة أموال المحجور عليه نظراً إلى أنه كان وقتذاك طالباً بكلية الحقوق وهو ما يجعله أكثر دراية بشئون هذه الإدارة، وأنه بموجب حكم صادر من قاضي الأمور المستعجلة بمحكمة مصر المختلطة بتاريخ 7 يونيه سنة 1939 عينت والدته السيدة عزيزة خليل حارسة قضائية على حصة مملوكة للمحجور عليه في أربع عمارات بالفجالة لإدارتها وإيداع صافي إيرادها خزينة تلك المحكمة فعهدت بدورها للطاعن بإدارة هذه العمارات وبذلك أدار جميع أملاك والدهما إلى أن توفي في 11 مارس سنة 1945 وانحصر إرثه في الطاعن وفي المطعون ضده ووالدتهما المذكورة واقتسم ثلاثتهم الأرض الزراعية التي خلفها لهم المورث بجهة ملوي ووضع كل وارث يده على نصيبه فيها تاركين للطاعن إدارة باقي أعيان التركة لحسابهم جميعاً غير أنه لم يقدم عن إدارته حساباً وانتهى المطعون ضده في دعواه إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يقدم حساباً عن إدارته لهذه الأعيان منذ 17 يونيه سنة 1935 تاريخ الحجر على والده حتى تاريخ رفع هذه الدعوى وأنكر الطاعن عليه دعواه قائلاً إن المطعون ضده عين قيماً على والدهما بإشراف والدتهما وأنه تسلم أموال المحجور عليه بهذه الصفة وتولى إدارتها. وشفع الطاعن ذلك بأن وجه للمطعون ضده طلباً عارضاً بجلسة 22 نوفمبر سنة 1954 طلب فيه الحكم بإلزامه بأن يقدم له حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارته لأموال المورث منذ عين قيماً عليه في 17 يونيه سنة 1935 حتى وفاته في 11 مارس سنة 1945. ودفع المطعون ضده هذا الطلب بسقوط حق الطاعن في مطالبته بتقديم ذلك الحساب بمضي خمس سنوات من تاريخ انتهاء القوامة وأجاب الطاعن على هذا الدفع بأن مدة السقوط قد انقطعت بالدعوى التي أقامها على المطعون ضده في 2 مارس سنة 1950 يطالبه فيها بتقديم الحساب. وبتاريخ 24 من أبريل سنة 1957 قضت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بإلزام الطاعن بأن يقدم حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارته لجميع أعيان تركة المرحوم عبد العليم الجسطيني فيما عدا هذه العمارات عن المدة من أول سنة 1945 حتى تاريخ صدور الحكم وفي الطلب العارض بقبول الدفع المبدى من المطعون ضده بسقوط حق الطاعن في مطالبته بتقديم الحساب عن قوامته على مورثه بمضي المدة القانونية وبسقوط هذا الحق. فاستأنف الطاعن ذلك الحكم بالاستئناف رقم 816/ 74 ق لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه وبتاريخ 31 مايو سنة 1961 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف أخذاً بأسبابه فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيه الرأي بنقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فأحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتناول السببان الأولان منها قضاء الحكم المطعون فيه بسقوط حق الطاعن بالتقادم في مطالبة المطعون ضده بتقديم الحساب عن مدة قوامته على المرحوم والده عبد العليم الجسطيني بينما يتجه السبب الثالث إلى قضاء الحكم بإلزام الطاعن بتقديم حساب عن إدارته لأعيان التركة ابتداء من أول سنة 1945 – ويتحصل السبب الأول في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه استند في قضائه بسقوط الحق في مطالبة المطعون ضده بتقديم الحساب عن مدة قوامته إلى أن هذا الحق قد سقط طبقاً للمادة 36 من القانون رقم 99 لسنة 1947 بمضي خمس سنوات من التاريخ الذي انتهت فيه هذه القوامة بوفاة المحجور عليه – هذا في حين أن مقتضى نص المادة المذكورة أن السقوط بمضي الخمس سنوات المنصوص عليه فيها مقصور على حالة الدعوى التي ترفع من القاصر الذي يبلغ رشيداً أو من المحجور عليه الذي زال سبب وضعه تحت الحجر. أما إذا توفي المحجور عليه ورفعت دعوى الحساب من غيره على القيم كما هو الحال في هذه الدعوى فإنه لا تسري على دعوى هذا الغير التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 36 آنفة الذكر وإنما تسقط بالتقادم العادي وذلك على اعتبار أن القيم يسأل مسئولية الوكيل طبقاً للمادتين 34، 46 من القانون المشار إليه. هذا إلى أن الطلب العارض الذي تقدم به الطاعن قد شمل علاوة على إلزام المطعون ضده بتقديم الحساب ندب خبير لتقدير أعيان التركة التي كان يديرها ومعرفة المستحق على المطعون ضده مما يجعل دعوى الطاعن خاصة بمطالبة المطعون ضده بالمتخلف في ذمته في مدة القوامة. وهذه الدعوى لا تسقط بالتقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 36 من القانون رقم 99 لسنة 1947 ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه بقضائه بسقوط دعوى الطاعن العارضة بهذا التقادم الخاص مخالفاً للقانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن المادة 36 من قانون المحاكم الحسبية رقم 99 لسنة 1947 الذي يحكم النزاع قد نصت على أن “كل دعوى للقاصر على وصيه أو للمحجور عليه على قيمه تكون متعلقة بأمور الوصاية أو القوامة تسقط بمضي خمس سنوات من التاريخ الذي انتهت فيه الوصاية أو القوامة” ولما كانت هذه المادة تشير إلى ما يكون للقاصر أو المحجور عليه من الدعاوى الشخصية الناشئة عن أمور الوصاية أو القوامة بعد انتهائها فتندرج فيها دعاوى طلب الحساب في صورة ما إذا كان الوصي أو القيم لم يقدمه للمحكمة الحسبية. يؤكد ذلك أن المذكرة الإيضاحية للمرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال أوردت في تعليقها على النص الوارد في صدر المادة 53 من هذا القانون والمطابق لنص المادة 36 من القانون رقم 99 لسنة 1947 أوردت تلك المذكرة دعاوى المطالبة بتقديم الحساب عن الوصاية أو القوامة ضمن الأمثلة التي ضربتها للدعاوى التي يسري عليها التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 53 المذكورة لما كان ذلك، وكانت دعوى الطاعن قبل المطعون ضده هي دعوى بطلب حساب عن قوامته على والده الذي كان محجوراً عليه وانتهت هذه القوامة بوفاته في 11 مارس 1945 وليست كما يدعي الطاعن دعوى بطلب مبالغ تخلفت في ذمة هذا القيم بسبب القوامة إذ أن نص طلبه العارض الذي تقدم به للمحكمة الابتدائية هو كما أثبتته هذه المحكمة في حكمها “إلزام المطعون ضده بأن يقدم حساباً مؤيداً بالمستندات عن مدة قوامته على والده وذلك في المدة من 17/ 6/ 1935 إلى تاريخ وفاته في 11/ 3/ 1945 وعند تقديمه أو الامتناع عن تقديمه ينتدب خبير لفحص الحساب أو تقدير ريع أملاك المحجور عليه ليحكم بإلزام المدعي (الطاعن) بنصيبه في صافي الحساب” وهذا الطلب لا يفيد إدعاء الطاعن بوجود مبالغ ظهر أنها تخلفت في ذمة القيم المطعون ضده بسبب القوامة وأنه يطالب بها. هذا إلى أن هذا التخلف لا يثبت إلا بعد محاسبة القيم وهو ما لم يحصل وما لم يدع الطاعن حصوله بعد لما كان ذلك، وكان الأمر في تقادم دعوى طلب الحساب لا يتغير إذا رفعت هذه الدعوى من وارث المحجور عليه بعد وفاته لأن هذا الوارث لا يعتبر في رفعه تلك الدعوى من الغير كما يدعي الطاعن وإنما خلفاً عاماً للمورث فلا يملك من الحقوق أكثر مما كان لسلفه، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسقوط حق الطاعن في مطالبة المطعون ضده بتقديم الحساب عن مدة قوامته لانقضاء مدة تزيد على خمس سنوات على انتهاء القوامة بوفاة المحجور عليه في 11 من مارس سنة 1945 قبل رفع الدعوى بطلب هذا الحساب في 22 من نوفمبر سنة 1954. فإن هذا الحكم لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعن ينعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في عريضة استئنافه وفي المذكرة المقدمة منه إلى محكمة الاستئناف بأنه بفرض أن دعواه بمطالبة المطعون ضده بتقديم الحساب تسقط بمضي خمس سنوات فإن مدة التقادم هذه قد انقطعت بالدعوى التي رفعها على المطعون ضده في 2 مارس سنة 1950 يطالبه فيها بتقديم حساب عن مدة قوامته على والده وأنه لم يمض من تاريخ وفاة المحجور عليه المذكور في 11 مارس سنة 1945 حتى تاريخ رفع دعواه الأولى تلك مدة خمس سنوات، كما لم تمض هذه المدة من هذا التاريخ إلى تاريخ رفع دعواه الحالية في 22 من نوفمبر سنة 1954 وعاب الطاعن في عريضة استئنافه على الحكم الابتدائي إغفاله الرد على هذا الدفاع مع أن هذا الحكم أشار في أسبابه إلى تقديم الطاعن عريضة الدعوى الأولى التي أعلنها للمطعون ضده في 2 من مارس سنة 1950 وتمسك بأنها تقطع مدة التقادم ومع ذلك فقد خلا الحكم المطعون فيه هو الآخر من الرد على هذا الدفاع واكتفى بالإحالة في شأن الاستئناف المرفوع من الطاعن إلى أسباب الحكم الابتدائي التي خلت من الرد عليه وبذلك جاء الحكم فيه مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي أنه أشار في أسبابه إلى أن الطاعن قدم ضمن مستنداته إعلان عريضة دعوى موجهة منه إلى المطعون ضده في 2 مارس سنة 1950 طلب فيها إلزام الأخير بأن يقدم حساباً عن إدارته لأموال والده المحجور عليه في المدة من 18 يونيه سنة 1935 إلى 11 مارس سنة 1945 لكن الحكم الابتدائي قد اقتصر على هذه الإشارة وقضى بسقوط حق الطاعن في مطالبة المطعون ضده بتقديم الحساب عن مدة القوامة دون أن يرد على ذلك المستند أو يبحث ما عسى أن يكون له من أثر في قطع مدة التقادم. ولما كان يبين من عريضة الاستئناف رقم 816 سنة 74 ق المرفوع من الطاعن عن هذا الحكم ومن مذكرته المقدمة إلى محكمة الاستئناف لجلسة 11 مايو سنة 1961 أن الطاعن تمسك فيهما بأن رفعه دعوى الحساب الأولى بالعريضة التي قدمها إلى المحكمة الابتدائية. والمعلنة إلى المطعون ضده في 2 مارس سنة 1950 تعتبر مطالبة قضائية تقطع التقادم كصريح نص المادة 383 من القانون المدني وعاب الطاعن على الحكم الابتدائي إغفاله الرد على هذا الدفاع مع أنه أشار في أسبابه إلى تقديمه تلك العريضة. لما كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اكتفى في الرد على استئناف الطاعن بالإحالة إلى أسباب الحكم الابتدائي التي خلت من الرد على دفاع الطاعن آنف الذكر، وإذ كان إعلان المطعون ضده بعريضة الدعوى الأولى في 2 مارس سنة 1950 يعتبر مطالبة قضائية ينقطع بها التقادم طبقاً لنص المادة 383 من القانون المدني فإن ذلك كان يقتضي من محكمة الاستئناف وقد تمسك الطاعن أمامها بانقطاع تقادم دعواه الأخيرة بطلب الحساب بإعلان تلك العريضة في 2 مارس سنة 1950 أن تبحث هذا الدفاع بما يستتبعه من بحث ما تم في الدعوى الأولى وتأثيره على إعلان صحيفتها باعتبار هذا الإعلان إجراء قاطعاً للتقادم. أما وقد أغفلت محكمة الاستئناف هذا البحث ولم تقل كلمتها في دفاع الطاعن آنف الذكر فإن حكمها المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في هذا الخصوص بما يستوجب نقضه ولا يقدح في ذلك ما تمسك به المطعون ضده في مذكرته المقدمة إلى محكمة النقض من أن إعلان الدعوى الذي تمسك به الطاعن كإجراء قاطع للتقادم قد انعدم كل أثر له بما في ذلك أثره في قطع التقادم وذلك لعدم قيد تلك الدعوى خلال سنة من تاريخ الجلسة الأولى التي سبق تحديدها والمبينة في ورقة الإعلان مما تعتبر معه الدعوى كأن لم تكن بحكم القانون طبقاً للمادة 78 من قانون المرافعات قبل تعديلها القانون رقم 100 لسنة 1962. هذا الذي قرره المطعون ضده لا يبرئ الحكم المطعون فيه من القصور المستوجب لنقضه ذلك أن المطعون ضده لم يقدم ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع باعتبار الدعوى كأن لم تكن علاوة على أنه لم يقدم إلى محكمة النقض ما يقطع بعدم قيد تلك الدعوى خلال سنة من تاريخ الجلسة الأولى التي سبق تحديدها لنظرها.
وحيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه قصور يبطله ذلك أن الحكم الابتدائي لم يستند في قضائه بإلزام الطاعن بتقديم الحساب عن إدارته لأعيان تركة والده ابتداء من أول سنة 1945 إلا على عبارة مشوشة جاءت بمحضر جلسة 30 مارس سنة 1955 اعتبرها ذلك الحكم متضمنة إقراراً من الطاعن بإدارة تلك الأعيان ابتداء من سنة 1945 وقد اعترض الطاعن في صحيفة استئنافه على قضاء الحكم الابتدائي في هذا الخصوص وناقش العبارة التي اعتمد عليها وسرد الحجج التي تثبت فساد إسناد ذلك الإقرار إليه لكن الحكم المطعون فيه لم يعن ببحث اعتراضه هذا والحجج المقدمة تأييداً له واكتفى بالرد عليه بقوله إن ما أورده المستأنف (الطاعن) سواء في صحية استئنافه أو في مذكراته إنما هو ترديد لما سبق أن أثاره أمام محكمة أول درجة وتناولته بالرد بما فيه الكفاية وهذا من الحكم المطعون فيه قصور ظاهر ذلك أن دفاعه آنف الذكر وهو يقوم على تعييب الحكم الابتدائي فيما نسبه من إقرار إليه لم يعرض وما كان يتصور أن يعرض على محكمة أول درجة حتى يقول الحكم المطعون فيه إنها تناولته بالرد بما فيه الكفاية.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بإلزام الطاعن بتقديم الحساب عن إدارة أعيان التركة ابتداء من سنة 1945 على قوله “وحيث إنه عن الدعوى المنضمة التي يطلب فيها المدعي (المطعون ضده) إلزام المدعى عليهما (الطاعن ووالدته) بأن يقدما حساباً مؤيداً بالمستندات عن إدارتهما للتركة من وقت مرض مورثهما في سنة 1935 حتى تاريخ رفع الدعوى استناداً إلى ما أورده من الحجج السابق الإشارة إليها فإنه بالنسبة للمدعي عليه (الطاعن) فلا ترى المحكمة من أوراق الدعوى وما قدم من مستندات فيها أنه مسئول عن تقديم ذلك الحساب عن تلك المدة جميعها إذ يبين من مراجعة تلك المستندات أن المدعي (المطعون ضده) قد أقيم قيماً على مورثه المحجور عليه في 4/ 7/ 1935 وانتهت قوامته في 11/ 3/ 1945 فهو المسئول أساساً عن إدارة أعيان التركة في تلك المدة، وأما ما استند إليه المدعي من حجج استدل بها على أن المدعى عليه هو الذي كان يقوم بإدارة التركة فهي لا تتضمن دليلاً على ما يدعيه في ذلك الصدد غير أن المحكمة تلحظ أن المدعى عليه (الطاعن) قد أقر حسبما ثبت بمحضر جلسة 30/ 3/ 1955 بأنه لم يتول الإدارة إلا حوالي سنة 1945 عندما كان طالباً بالسنة النهائية بكلية الحقوق ومن ثم فتأخذه المحكمة بإقراره وتلزمه بتقديم الحساب عن إدارته لتركة المرحوم والده عن المدة من أول يناير سنة 1945 حتى الآن وذلك فيما عدا المنازل التي كانت موضوعة تحت حراسة والده الطرفين أما عن المدة السابقة على ذلك فلا ترى المحكمة وجهاً لإلزام المدعى عليه بتقديم الحساب عنها لما سلف بيانه”.
ولما كان يبين من مطالعة عريضة الاستئناف المرفوع من الطاعن عن هذا الحكم ومن المذكرة المقدمة منه إلى محكمة الاستئناف لجلسة 11 مايو سنة 1961 أنه عاب فيهما على الحكم الابتدائي إسناد إقرار إليه بإدارته أعيان التركة ابتداء من سنة 1945 وقال إن العبارة التي اعتبرها الحكم متضمنة هذا الإقرار هي عبارة مشوشة تتعارض مع ما تبعها من أقوال أثبتت على لسان محاميه في نفس محضر جلسة 30 مارس سنة 1955 وتتضمن إنكاراً منه باتاً لإدارة أعيان التركة المملوكة لغيره من الورثة كما تتعارض تلك العبارة أيضاً مع دفاعه الشفوي الثابت في جميع الجلسات السابقة على تلك الجلسة واللاحقة لها وفي المذكرات المقدمة منه وخلص الطاعن من ذلك إلى أن كاتب الجلسة لا بد وأن يكون قد أخطأ في إثبات هذه العبارة على لسان محاميه وأنه لم يكن لمحكمة أول درجة أن تجزئ أقواله الواردة في محضر الجلسة المذكورة وأن تقتطع منها عبارة وتفسرها مجردة عن باقي العبارات.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا من الرد على هذا الدفاع مكتفياً بالإحالة في الرد على الاستئناف المرفوع من الطاعن إلى أسباب الحكم الابتدائي وقولاً منه بأن ما أورده المستأنف سواء في صحيفة استئنافه أو في مذكراته إنما هو ترديد لما سبق أن أثاره أمام محكمة أول درجة وتناولته بالرد عليه بما فيه الكفاية. هذا في حين أن دفاع الطاعن في هذا الخصوص لم يسبق عرضه على المحكمة الابتدائية وليس في أسباب حكمها ما يصلح رداً عليه. وإذ كان هذا الدفاع جوهرياً وله سند في الأوراق وذلك لما يبدو من الاطلاع على الصورة الرسمية لمحضر جلسة 30 مارس سنة 1955 من وجود اضطراب في العبارة التي اعتبرها الحكم الابتدائي متضمنة إقراراً من الطاعن بإدارة جميع أعيان التركة ابتداء من سنة 1945 وتناقض بينها وبين ما تبعها من عبارات أثبتت في نفس محضر الجلسة المذكورة على لسان محامي الطاعن فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل بحث دفاع الطاعن في هذا الشأن ولم يرد عليه فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص أيضاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .