ثار الخلاف في الفقه القانوني حول طبيعة النتاج الفكري (الحقوق الفكرية)، وكان من ثمرة هذا الخلاف العديد من النظريات التي اوجدت بشكل اوبآخر اساسا لهذه الحقوق ،وهذه النظريات اذا ما اردنا عرضها فاننا نحاول التوفيق بينها وطرحها في اتجاهين رئيسيين: اولهما الاتجاه الفردي الذي نظر الى هذه الحقوق من منظار العنصر الفردي غاضا النظر عن بقية العناصر ،والاتجاه الثاني الذي زاوج بين عناصر الحقوق الفكرية محاولا الجمع بينها على اساس قدر من المساواة. وسنوضح ذلك في بنود ثلاثة .

البند الاول : الاتجاه الفردي – الاحادي-

ركز هذا الاتجاه عند دراسته لطبيعة النتاج الفكري على أحد العناصر المكونة لهذه الحقوق دون الاخذ بنظر الاعتبار العناصر الاخرى المكونة لها ،فوجِدتْ في هذا الاتجاه عدة نظريات ندرس اهمها بالاتي :-

اولاً : النظرية الشخصية .

يرى أنصار هذه النظرية ان حقوق النتاج الفكري ماهي الا حقوق شخصية (لا يراد بالحقوق الشخصية حق الدائنية والمديونية ـ الالتزام ـ انما يعني ان هذه الحقوق ذات طبيعة واعتبار شخصي) نابعة من ذات الانسان وشخصه ،وهي ذات اتصال وثيق بها وتعدُّ من مميزاتها وماهي الا جزء من هذه الشخصية، وبالتالي فان أي مساس بهذه الافكار او النتاج الفكري يعتبر مساسا بشخصية الانسان ـ المؤلف ـ ،وبالتالي يشكل خرقا للحرية الشخصية (1)،ويضيف انصارُ هذه النظرية ،ان الافكار التي وضعها المؤلف في المصنف – الشكل المادي – ماهي الا جزء لا يتجزء من شخصيته، فهو من وهبها الحياة فتكون لها حرمة وصيانة كالشخصية الانسانية التي كان لها الفضل في اطلاقها للوجود المادي (2). وهذا يعني ان العنصر الأدبي هو ما استند عليه أنصار هذه النظرية، والمعروفة (بالنظرية الشخصية)،فجعلوا من الشخصية الانسانية الاساس الذي تقوم عليه حقوق النتاج الفكري. وعلى هذا الأساس فان عمل المترجم متصل بشخصيته على اعتباره نتاجا فكريا ،وان هذا النتاج انما يشكل امتدادا لشخصيته وان المصنف المترجم يمتزج بها فيكون من الصعب فصله او التنازل عنه او التصرف فيه أو استغلاله، وان اية محاولة لفصله تشكل مساساً بحرمته الشخصية من وجهة نظر القانون . ويترتب على هذا القول، ان هذه الحقوق لايمكن التنازل عنها او التصرف فيها، وان إبرام عقد النشر بهذا المعنى ماهو الا امتياز ممنوح للناشر فكل مايدون في المصنف يتصل اتصالا وثيقا بالشخصية ،وبالتالي لايمكن التنازل عنه للغير (3) ،وهذا يعني من ناحية اخرى ان المردود المالي الناتج عن النشر لايدخل في الذمة المالية الا بوصفه منفعة مالية، اما النتاج الفكري فلا يدخل في الذمة بذاتها لان طبيعته تابى ذلك (4). فهذه النظرية تدمج كافة العناصر التي يتكون منها النتاج الفكري في عنصر واحد، هو العنصر الشخصي وتقيم تلاحم وثيق بين الشخصية والنتاج الفكري بحيث لايمكن الفصل بينهما مهما كان الأمر .

ثانياً: نظرية الملكية .

يذهب أنصار هذه النظرية الى ان النتاج الفكري ماهو الا نوع من الملكية العادية وشبيه بها ،من حيث امكانية التصرف بالافكار المدونة في المصنف وبالتالي استغلالها والانتفاع بها، وان هذه الحقوق لها ماللملكية العادية من خصائص (5) ،ويضيف انصار هذه النظرية ان الملكية التي تستحق التقديس والحماية هي افكار الانسان وذكائه- نتاجه الذهني – فهذا النوع يعود الى ذات الانسان وشخصه وبالتالي فهو مقدس ،وهذه الملكية طبيعية لا تقوم على الحيازة او الاستيلاء ولا ينقسم فيها المحل عن المالك ، فالمترجم يمتلك المصنف والافكار المدونة فيه بعد معالجتها باسلوبه الشخصي ملكية تامة (6) ،ويرى انصار هذه النظرية ان كلا من النتاج الفكري وحق الملكية العادية نابع من اساس واحد هو العمل ، فالمؤلف- المترجم – يعمل بما ينتجه فكره وذهنه من مصنفات وافكار والمالك يعمل بما يدره عليه جهده البدني والجسماني من عمل يكون ملكا خالصا لجهده وكده (7). واستناداً إلى هذا، فقد ذهبت هذه النظرية إلى القول: بان النتاج الفكري ما هو إلا ملك خالص لصاحبه ،وان هذه الملكية صورة خاصة قائمة على شيء غير مادي، فهي على هذا الأساس تمتاز بخواص تختلف عن تلك التي تمتاز بها الملكية العادية ،وهذا القول جاء تلافيا للأخطاء التي سار عليها أصحاب هذا الرأي عندما شبهوا هذه الحقوق بالملكية العادية(8). ويتبين من هذا القول، إن ما ينتجه المترجم من مصنفات مترجمة انما هي ملك تام له، وبالتالي يمكن له التصرف فيها واستغلالها والانتفاع بها باي شكل كان. وهذه الملكية ترد على اشياء معنوية هي الأفكار، والابداع الفكري الذي عالج فيه المترجم المصنف الذي ترجمه ،فهي تمتاز بخصائص خاصة وان كانت حسب راي اصحاب هذه النظرية قريبة من الملكية العادية وشبيهة بها من حيث خصائصها الجوهرية ،فإمكانية التصرف، والتنازل، والاستغلال، والانتفاع من المميزات التي تكون لصاحب الترجمة وتمكنه بالتالي من الحصول على المنافع المالية لهذه الحقوق . وهذا القول يقترب إلى درجة كبيرة من نظرية لم يكتب لها النجاح ولم تلق رواجا في الفقه، وقد عرفت هذه النظرية (بنظرية الحق المالي)، التي نادت بان النتاج الفكري ما هو الا حق مالي خالص لصاحبه، والحجة في ذلك ان المشرع عندما يحمي الشخصية فان اساس هذه الحماية هو الدفاع عن المصالح المالية ،التي تكون موردا لصاحب النتاج الفكري من اجل الانتفاع المالي واشباع حاجاته باستغلاله نتاج ذهنه ماليا (9). فهذا القول يعني أن الحماية تنصب اساسا على مايملكه المؤلف او المترجم ليتمكن من استغلال نتاجه الفكري والحصول على المنافع المالية ،فالاصل من الحماية إذن، هو الأفكار للحصول على المردود المالي . ومن خلال هذا التحليل يكون النتاج الفكري – التأليف والترجمة – نوعا من الملكية التي اطلق عليها الفقه (الملكية الادبية والفنية)، تشبيها لها بالملكية العادية ،فاصبح بامكان المؤلف والمترجم التصرف بمصنفاته وافكاره واستغلالها. وبهذا تكون النظرية قد غلبت الجانب المالي المتمثل بالاستغلال والانتفاع والتملك المادي غاضة بذلك النظر عن الجانب الادبي الذي يعتبر العنصر الجوهري في الحماية القانونية لحقوق التاليف والترجمة .

البند الثاني : الاتجاه الثنائي – المختلط –

قام هذا الاتجاه على أساس المزج والجمع بين عنصري الحق الفكري في سبيل الوقوف على طبيعة هذه الحقوق، وقد طرحت في هذا الاتجاه العديد من النظريات التي يمكن بيانها في نظريتين :-

اولاً: نظرية الحقوق الفكرية .

يذهب انصار هذه النظرية الى ان هذا النوع من الحقوق لايدخل ضمن التقسيم المعروف للحقوق ،بل هو نوع جديد اغفل الفقه عن دراسته وادراكه ،لذلك فقد اوجدوا طائفة رابعة اطلقوا عليها الحقوق الفكرية، على اعتبار ان هذه الحقوق لايمكن ان تكون ملكية عادية للاختلاف البين بين المادة الملموسة المتجسدة في محل الملكية العادية وبين الفكرة او اسلوب المعالجة التي تكون بعيدة عن الحس المادي الملموس (10)،ويضيف انصار هذه النظرية ان الحق الادبي في هذا النوع من الحقوق انما هو حق لصيق بالشخصية ومستقل تماما عن الحق المالي الذي يكون للمؤلف على نتاجه الفكري، فهذا الاخير يبيح للمترجم الانتفاع والاستغلال بافكاره فيكون هو المقدم على الجانب الأدبي لان القانون اساسا يحمي الحقوق متى كان لها نفع مادي (11). فالنتاج الفكري بموجب هذه النظرية قائم على عنصرين اولهما مالي يعود الى الانتفاع والاستغلال بالمصنف ، والآخر شخصي ينبع من ذات المترجم وقريحته الإبداعية ،فهذا يعني ان المترجم يمتلك حقوقا فكرية على نتاجه الذهني والمتجسدة في أسلوب عرضه لمصنف بلغة أخرى وان هذه الحقوق تتحلل إلى عنصرين ،أولهما مستمد من شخصية المترجم ،والآخر مستمد من كون هذا النتاج قابلا للاستغلال والانتفاع المالي ،والأخير هو العنصر الغالب في نظر أصحاب هذا الرأي وهو المسير للعنصر الأدبي والمسيطر عليه ، فمن خلال الانتفاع المالي يستطيع المترجم الاستمرار في البذل والعطاء حفاظا على مكسبه ودوام حاجاته المعيشية ، فعلى الرغم من مزواجة هذه النظرية بين عنصري النتاج الفكري، إلا أنها أعطت الأولوية لاحدهما كما انها فصلت كلا العنصرين عن بعضهما تمام الانفصال .

ثانياً :نظرية الازدواج.

هذه النظرية كما هو الحال بالنسبة لنظرية الحقوق الفكرية ذهبت الى القول ،ان هذه الحقوق لا تقوم على عنصر واحد انما هي مزيج بين عنصرين ،هما حق مانع في الاستغلال والانتفاع الذي يخول المؤلف – المترجم – واسرته الحصول على المنافع المالية للمصنف بحكم القانون وهذا هو العنصر المالي ،اما العنصر الاخر وهو الادبي الذي عن طريقه يمكن للمؤلف – المترجم – ان ينسب اليه ما ابدعه وان يدافع عنه ،كما له ان يعدل ما قام بتدوينه متى شاء اذا اقتضت ظروف الحال ذلك ،كما يبيح لورثته حق حماية ابداع مورثهم (12)،ويذهب انصار هذه النظرية الى القول بوجود العنصرين معا على الرغم من علو العنصر الادبي على العنصر المالي وسيطرة الاول وسيادته على الثاني ،وما هذا الا وسيلة لحماية نتاج الفكر الانساني وشخصيته (13) ،فالقواعد التي جاءت بها هذه النظرية تهدف اساسا الى حماية شخصية المبدع – المؤلف او المترجم – عن طريق الحق الادبي ،وبالتالي تمكينه من الحصول على المنافع المالية ،وعلى الرغم من استقلال كلا العنصرين عن بعضهما رغم وجودهما معا ،فهناك رابط وثيق يربط بينهما يستند من حيث الاساس والمبدا على حماية كيان الانسان وشخصيته ،هذا الكيان الذي تحكمه روابط معقدة جدا، من هذا المنطلق يمكن الاستعانة بهذا المبدأ لحل المشاكل التي تثار بشان ازدواج حق المؤلف وثنائيته بين حق مالي واخر ادبي(14). ويتبين لنا من خلال هذا العرض، أن هذه النظرية قد مزجت بين كلا العنصرين باعتبارهما الأساس الذي تقوم عليه طبيعة النتاج الفكري على الرغم من تاكيد انصارها على استقلال كل منهما عن الآخر. إلا أنها اكدت على ضرورة وجودهما معا مع التأكيد على علو الحق الادبي وسيادته على الحق المالي فالاول هو الموجه والمسير للثاني، ومن دونه فان النتاج الفكري يفرغ من محتواه وجوهره ،فالحق الأدبي يهدف بالأساس إلى حماية شخصية الإنسان من خلال جهده الذهني في معالجة فكرة معينة بأسلوب شخصي، والذي يتجسد بشكل مادي يمكن صاحبه من الحصول على منافعه المالية هي العنصر الثاني للنتاج الفكري، التي من خلالها يستطيع المبدع والمبتكر الاستمرار في نتاجه الفكري والسير قدما في اظهار ما تجود به قريحته الذهنية إلى الوجود. فهذان العنصران يكمل كل منهما الاخر على درجة من التفاوت والعلو لمصلحة الحق الأدبي .

البند الثالث : تقويم الآراء

ونحن نحاول الوقوف على طبيعة النتاج الفكري، لغرض التعرف على موقع الترجمة، فلابد لنا من تقويم ومناقشة الآراء التي طرحت في كلا الاتجاهين للتوصل بعد ذلك الى الرأي الذي يمكن من خلاله القول بتحديد طبيعة الترجمة .

اولاً :مناقشة الآراء.

في بداية الأمر لابد من القول، ان الاتجاه الاول نظر الى طبيعة النتاج الفكري نظرة قاصرة على احد جوانبه ،واكتفى بمعالجتها بالاعتماد على احد عناصرها متجاهلا العناصر الاخرى ومالها من دور وترابط بارز في اظهار هذه الحقوق الى حيز الوجود . فلو نظرنا، بعد هذا، إلى النظرية الشخصية التي ذهبت الى ان حقوق المؤلف – المترجم – ما هي الا حقوق شخصية، فان اول سؤال يثار، هنا،هو اذا كان النتاج الفكري امتدادا لشخصية المؤلف وجزء منها فكيف يمكن التنازل عنه او التصرف به وهو عنصر من عناصرها ؟ والشخصية بذاتها لا يمكن تجزئتها وفصل عناصرها والتعامل بها على انها شيء قابل لذلك ،فهي قبل كل شيء غير محسوسة ولا يمكن بهذا الوصف ادراكها ،فعبر أي طريق او أي نظام قانوني يتم التنازل عنها والتصرف بها او بجزء منها !؟. وتأسيساً على هذا، فقد واجهت هذه النظرية العديد من الانتقادات فمن ناحية انها غير متوازنة لانها قصرت حق المؤلف على الجانب الشخصي وجعلت الجانب المالي مجرد ملحق وتابع للحق الادبي (15)،ورجحت بذلك كفة المؤلف على جمهور المستفيدين باطلاقها سلطات المؤلف، وهذا ما يتعارض مع مصلحة الجماعة فهذا الحق تأبى طبيعته الخضوع لسلطة الدولة فهو لصيق بشخصية صاحبه (16). ومن ناحية اخرى، مزجت بين المصنف بشكله المادي وبين الشخصية وهي كيان غير مادي وبالتالي عدم امكانية فصل المصنف ،ومن ثم تعذر نشره واستغلاله ،والواقع يقضي بخلاف، ذلك فالمصنف لا يمثل الشخصية من حيث الاصل انما يعكس كوامنها. فالافكار المدونة في المصنف تنفصل عن النشاط الذهني وعن الذكاء، وهو الجانب الشخصي الذي لا يمكن فصله عنها، وبالتالي فان المصنف يكون موضوعا قابلا للنشر ككيان مادي مستقل و من هذه اللحظة تبدأ مرحلة جديدة في حياة المصنف والمؤلف على حد سواء (17). ومن ناحية ثالثة،ان القول بتلازم هذه الحقوق بالشخصية ومميزاتها يؤدي الى انقضائها وزوالها بوفاة المؤلف، وانتهاء الشخصية التي هي امتداد لها ،وهذا يعني ان ورثة المؤلف ليس لهم الحق عندئذ باستغلال حقوق مورثهم، انما يقتصر دورهم على مجرد حمايتها ،وهذا الامر يخالف ما جرى عليه العرف وسار عليه الواقع فلورثة المؤلف بعد موته الحق في الانتفاع والاستغلال بمصنف مورثهم ولهم سلطة تقدير النشر والتعديل اذا اقتضى الامر ذلك في حدود معينة ولمدة حددها القانون(18)،واخيرا فان هذه النظرية بمزجها بين المصنف والشخصية جعلت من المتعذر حجز المصنف فهذه الافكار المدونة في المصنف مستقلة بذاتها عن الذمة المالية التي يمكن للدائنين التنفيذ عليها للحصول على حقوقهم ،فالمصنف بشكله المادي لا يمكن فصله عن الشخصية (19). لذلك نرى، أن هذه النظرية لا تصلح لوضع اساس لطبيعة النتاج الفكري وبالتالي تحديد موقع الترجمة، فهي قد جعلت من الشخصية اساسا لبناء نظريتها ،وهذا يعني ان هذه الحقوق لا تكون محلا للتصرف ولا أداةً للوفاء بالديون وبالتالي قصور قابليتها للاستغلال المالي ،ويترتب على هذا من ناحية أخرى، زوالها بزوال الشخصية التي تنبع منها ،ونتيجة لهذه الانتقادات فقد هجرها الفقه لعدم قابليتها على وضع أساس لطبيعة الحقوق الفكرية ،ونحن بدورنا لا نقول بها كأساس لتحديد موقع الترجمة وطبيعتها باعتبارها نتاجا فكريا حر .أما نظرية الملكية، فترى أن هذه الحقوق ما هي الا حقوق ملكية عادية ،واول ما يثار بهذا الشان، هو كيف يمكن لنا ان نسلم بان الفكر الحر والابتكار الذهني يكون محلا للتملك والاستئثار ويخضع لذات القواعد التي تخضع لها الملكية العادية؟ ولهذا السبب فقد ذهب أنصار هذا الراي إلى القول: بان هذه الملكية ترد على اشياء غير مادية وبالتالي فهي ملكية من نوعٍ خاصٍ (ملكية أشياء معنوية). الا ان هذا القول لم يسلم من النقد من نواحٍ عديدة ،فمن ناحية، ان هذا القول يؤدي الى تشويه الفكرة التقليدية للملكية ويخرجها من نطاقها المادي (20)،فحق المؤلف – المترجم-يتجسد في فكرة يبدع في معالجتها باسلوب شخصي وبالتالي فهي غير ملموسة ولا يمكن الاحساس بها ماديا (21)،ومن ناحية أخرى، ان الملكية العادية بطبيعتها سلطة استئثار للمالك ينفرد بها بصورة مطلقة ،وهذا على خلاف الافكار والنتاج الذهني التي لا تكون لها قيمة الا بالانتشار والذيوع بين الناس باستعمالهم لها (22)،ومن ناحية ثالثة، ان الملكية العادية حق دائم بدوام محله – وان كان هذا المحل يزول بصورة او باخرى بمرور الزمن – (23)،فان حق المؤلف حق ينقضي بمدة محددة بحكم القانون ويسقط بعدها في الملك العام ،لان صاحب الفكرة بدوره قد استفاد من مجموع التراث الفكري لمجتمعه والإنسانية اجمع (24)،واخيرا فان هذه النظرية تجاهلت امرا مهما هو اتصال هذا الحق بشخصية صاحبه اتصالا وثيقا بكونه جزء منها ومن مميزاتها المهمة التي يعكسها المبدع في المصنف (25). ونتيجة لهذه الانتقادات فان هذا القول لا يمكن التسليم به وان كان قائما على أساس ان كل ما ينتجه المرء يكون ملكا له ،فان طبيعة هذا النتاج ومحله يخرج عن ذ لك ،لان محله يأبى الخضوع لخصائص الملكية وبالتالي فانه يخرج من دائرة الحقوق العينية ،لان– حق المؤلف والمترجم – يشاطره جانبان أحدهما مستمد من شخصيته والآخر يعود إلى امكانية استغلاله والانتفاع به . وهذا ماسار عليه اصحاب الاتجاه الثاني والذي ذهب أنصاره الى فكرة الاختلاط فحاولوا بذلك تفادي الاخطاء التي وقع بها القائلون باحادية حق المؤلف ،فاعتمدوا في تحليلهم لطبيعة حقوق التاليف والترجمة على المزج بين عنصري الحق للخروج بأساس لتحديد طبيعة النتاج الفكري، ومع هذا فان ارائهم جاءت مشوبة بشيء من الغموض وعدم الدقة ، فاصحاب نظرية الحقوق الفكرية يرون ان هذه الحقوق ما هي الا نوع جديد اطلقوا عليه الحقوق الفكرية ،واول مايثار بصدد قولهم هذا ،والسؤال الآتي وهو أليست هذه الحقوق ترجع في ذاتها إلى الشخصية الإنسانية؟ فالأفكار أو الذهن ما هو الا جزء منها ويعكس لجانب كبير من مميزاتها فأين طبيعة هذه الحقوق ان كانت جزءا من الشخصية المعبرة عنها ؟ . أما الأمر الآخر، فانهم أوجدوا بقولهم هذا تقسيما جديدا للحقوق أضافوا طائفة رابعة لها ،على خلاف التقسيم التقليدي أسموه الحقوق الفكرية ،فهذا امر فيه نظر، فهذه الطائفة من الحقوق ما هي إلا عرض لحقوق تدخل في الأصل ضمن تقسيمات الحقوق التقليدية ،وكل ما في الأمر انهم البسوا نظريتهم هذه ثوبا جديدا وعرضوها بأسلوب جديد فهي من حيث الأصل لا تختلف في جوهرها عما هو موجود من تقسيمات وان الاختلاف لا يوجد إلا ظاهريا ،فما قالوا به ما هو الا محاولة مفتعلة لا يجاد وصف لحقوق تدخل ضمن تقسيمات الحقوق الموجودة بالأصل (26). ومن ناحية أخرى، فان هذه الحقوق تتكون من عنصرين أحدهما، أدبي مستمد من الشخصية والآخر، مالي نابع من سلطة الانتفاع والاستغلال المالي وهما عنصران على درجة واحدة مع وجود بعض التفاوت ،فالأول مرتبط بشخص المؤلف وكيانه الذهني ،والآخر من الحقوق المنقولة فهي بهذا الوصف لم تحدد الطبيعة القانونية بل حللت العناصر التي يتكون منها الحق ووصفها فقط(27). ومن الملاحظ على هذه النظرية، انها حللت عناصر الحقوق الفكرية إلى عنصرين أحدهما ادبي والاخر مالي ،وقد جعلت هذه النظرية من العنصر المالي العنصر الاساسي والجوهري واعطت له الغلبة والسيادة على العنصر الادبي ،فهي بذلك قد توصلت الى ذات النتائج التي نادت بها نظرية الازدواج مع الفارق انها قد مزجت بين كلا العنصرين ولم تفصل بينهما على نحو مستقل،ومن هذا المنطلق فهي لا تصلح كاساس لتحديد موقع الترجمة باعتبارها نتاجا فكري لاضطرابها وعدم توازنها عند طرحها لعناصر النتاج الفكري اضافة الى انها لم تحدد وبشكل واضح ما هي طبيعة النتاج الفكري ،وكل ما جاءت به مجرد وصف لهذه الحقوق لا غير . أما النظرية الأخرى، فقد قال أصحابها أيضا بازدواج حق المؤلف وشموله على حقين اولهما ادبي ،والاخر مالي. وان اول ما يقال في هذا السياق هو ما مدى درجة هذا الازدواج بين كلا الحقين ويذهب جانب من الفقه(28) الى القول بالفصل التام بين ما هو مالي وادبي لهذه الحقوق، وتكييف كل من الحقين بصورة مستقلة عن الآخر ،فالحق الأدبي حق شخصي لصيق بشخصية الانسان وجزء منها، وبالتالي لا يجوز التصرف به او التنازل عنه ، اما الحق المالي فهو في نظرهم حق عيني على منقول . إلا أنَّ هذا القول لم يسلم من النقد خصوصا في تكيفه للحق المالي على اساس انه لم يرد ضمن الحقوق العينية التي اوردها القانون على سبيل الحصر في نصوصه التشريعية، ومن ثم فان هذا الحق لا ينصب على شيء مادي – عيني – بل يرد على شيء معنوي وهو النتاج الفكري، وهذا الأخير غير محسوس او ملموس وغير ثابت ولا محدد مستقبلا ،وهو في حركة دائمة وتطور مستمر في نطاق الكيان القانوني وبالتالي فهو ثروة في حالة انتقال عبر تراث الإنسانية وبين المجتمعات المختلفة، والقول بالحق المالي انه حق عيني على منقول يستوجب السكون والاستقرار ،والنتاج الفكري تأبى طبيعته الاستقرار والسكون فهو متغير من شخص إلى آخر ومن مجتمع إلى آخر. يتبين لنا بعد هذا، بان الفصل التام الذي نادى به أنصار هذه النظرية لا يمكن الأخذ به على إطلاقه ،بل أن هناك ترابطاً بين الحق الأدبي والحق المالي ،وان لم يكن هذا الترابط ظاهرا للعيان فكلا الحقين مستمد من الفكرة ذاتها ،وهي ان النتاج الفكري انعكاس للشخصية الانسانية فكلاهما يكونان حقا للشخص ذاته واحدهما يكون أساساً للآخر وسبب نشوئه ودوامه ،فالحق الأدبي يعكس مميزات شخصية المترجم وكوامنها الذاتية، متجسدا ذلك في نصوص مترجمة مبنية على قدر من الإمكانات الادبية الدقيقة في اختيار الالفاظ والرصانة العلمية بحيث تجسد وبصدق احاسيس عايشها المترجم عند ترجمته للمصنف موضوع الترجمة ،وهذه الاحاسيس والمشاعر بل الاحرى المميزات الشخصية، هي العوامل التي تساعد على نشر المصنف ورواجه وبالتالي الحصول على منافعه – المردود المالي- التي تنعكس اثارها سلبا وايجابا على شخصية المترجم وامكاناته في الترجمة ،وبالتالي التاثير على نتاجاته الذهنية والحد منها في حالة عدم حصوله على ثمار هذا الجهد والابداع ،فحصوله على المنافع يفسح المجال امامه لزيادة ابداعاته في الترجمة وبالتالي زيادة نتاجه الفكري ، وفي هذا دفع لحركة التطور والتقدم نحو الامام ،ومن هذا المنطلق فان كلا من الحقين يؤثر احدهما بالأخر سلبا وايجابا وهذا هو سر الترابط بين ما هو ادبي ومالي بالنسبة لحقوق التأليف والترجمة .

ثانياً : الاستنتاج والترجيح.

على الرغم مما ما قيل، بشان نظرية الازدواج بأنها لم تحدد وبشكل قاطع طبيعة هذه الحقوق ومحلها بل كل مافعلته مجرد تحليل لعناصر الحقوق الفكرية ووصفها من دون التعرف وبشكل دقيق على اساس هذه الحقوق وطبيعتها (29)،فكل هذا الخلاف ما هو الا خلاف ظاهري حول عناصر تبدو في ذاتها مستمدة من فكرة واحدة هي الكيان الانساني بجوانبه الادبية والمالية، فالحق الادبي يعبر عن شخصية الانسان وابداعاته الذهنية وحقه في صيانة هذه الابداعات وما تجود به قريحته من مشاعر واحاسيس ،اما الحق المالي، فما هو الا صورة للذمة المالية لهذه الشخصية والتي من خلالها يمكن للمترجم الانتفاع بالمردود المالي لنتاجه الذهني ،فهذان الحقان في نهاية الامر ما هما الا وجهان لعملة واحدة ان جاز منا هذا الوصف هي الشخصية الانسانية بكافة جوانبها ومميزاتها ،فالترابط قائم بينهما على أساس وحدة المصدر ووحدة المبدأ الذي تنبع منه هذه الحقوق بجانبيها المادي والأدبي ،فضلا عن هذا فان الفقه والقضاء، وأيضاً القانون متفق على الأخذ بنظرية الازدواج على الرغم من كل ما قيل ويقال بصددها وهذا ما دفعنا الى تأييد الاخذ بهذه النظرية كاساس لتحديد طبيعة حقوق التاليف . والسؤال الذي يُطرح هنا هو هل تصلح هذه النظرية كأساس لتحديد طبيعة الترجمة كنتاج فكري ؟ للإجابة على هذا السؤال، لابد من القول، بان الترجمة هي نتاج ذهني مشتق، وهي بهذا المعنى لا تقوم بذاتها وانما مستمدة من معالجة افكار موجودة في الأصل، وان جهد المترجم لا ينصب على ايجاد معالجة جديدة لذات الافكار ،بل يقتصر جهده على التعبير عما موجود من معالجات بلغة اخرى وفق اسلوبه الشخصي ،فجهده قاصر على معالجة فكرة و نقلها الى لغة اخرى يعود اصل معالجتها الى شخص اخر هو مؤلفها الاصلي ،فضلا على ان النقل الى لغة اخرى يجب ان لا يمس بمادة المصنف الاصلي والافكار المدونة فيه وان تنقل دون أي حذف او تعديل ،والا كنا امام اعتداء على حق المؤلف الاصلي ،هذا مااكدته المادة (10 ) من قانون حماية حق المؤلف العراقي . فالترجمة وفقا لهذا التحليل، هي نتاج فكري نسبي ،والنسبية متاتية من اسلوب نقل المصنف الى لغة اخرى ،وبالتالي فان الحقوق التي تكون للمترجم محددة بحدود ترجمته ،فالحق الادبي للمترجم وفقا لهذا التحليل يتجسد في حقه في نسبة الترجمة اليه وتعديلها والدفاع عنها دون الحق الادبي على المصنف الاصلي اما الحق المالي فيتجسد في امكانية المترجم من الانتفاع بالمردود المالي للترجمة واستغلالها بالصورة التي لا تؤدي الى الاضرار بحقوق المؤلف الاصلي المالية ويبنى على هذا القول، ان الطبيعة القانونية للترجمة انما تكون طبيعة نسبية قائمة على ازدواج نسبي للحقين معا الادبي الذي يعود للاعتبار الشخصي للمترجم ومالي يعود الى استغلا الترجمة والانتفاع بها ،وادلتنا في ترجيح ذلك كالآتي :-

1-ان المترجم لا يأتي بأفكار جديدة لم يسبق معالجتها بل يعمل على طرح افكار معالجة باسلوب معين لشخص المؤلف الاصلي، فيعمل على ترجمتها الى لغة اخرى باختياره الالفاظ والمعاني باسلوبه الشخصي الذي يعبر به عن الفكرة بلغة اخرى ،لذلك فقد اطلق على المصنفات المترجمة تعبير المصنفات المشتقة .

2-ان القانون عندما بسط الحماية على المصنف المترجم رتب على ذلك حقوقا وواجبات على المترجم الاخذ بها، واكد على ضرورة ان لا تمس هذه الحقوق او الواجبات بما للمؤلف الاصلي من حقوق وما عليه من واجبات ،وهذا يعني ان أي استغلال للمصنف المترجم من المترجم يجب ان يحدد باطار عام هو عدم الإخلال بحقوق المؤلف الاصلي ،وهذا قيد يرد على هذه الحقوق وبالتالي يحد من الإطلاق الذي كان من اللازم السماح به لاستغلال المصنف المترجم من المترجم ،و بالتالي يكون هذا الانتفاع او الاستغلال نسبي خلافا للاستغلال والانتفاع المطلق ـ ان جاز منا ذلك ـ الذي يتمتع به المؤلف الاصلي

3-إن جانبا من الفقه القانوني (30) يذهب الى القول بنسبية الابتكار في اعمال الترجمة بعدِّها مستمدة من صور موجودة في الاصل، والمترجم يعمل على عكس هذه الصورة بلغة أخرى وبأسلوب يعتمد فيه على محاكاة أفكار معالجة ومطروحة بأسلوب شخص آخر ،وان الابتكار يظهر في اختياره العبارة والكلمة التي تنسجم قدر الإمكان مع الفكرة الموجودة دون ان تسبب خرقا او تشويها لها .

من هذا المنطلق فان الازدواجية النسبية التي وصفنا بها طبيعة الترجمة، متأتية من نسبية الابتكار الذي هو محور الحماية واساسها بل حجر الاساس في بناء الاحكام القانونية لهذا النمط من الاعمال الفكرية ،فهذه النسبية تنعكس بشكل او بآخر على طبيعة الترجمة لتضفي عليها طابع الازدواج النسبي بين حقين ادبي وآخر مالي وكلاهما يتمتع بالنسبية ايضا. والنسبية هنا ، تعني ان الحقوق التي يتمتع بها المترجم محدودة او قاصرة على اسلوبه في الترجمة ، وهي بهذا الوصف لاتعطي له الحق لمزاولة كافة الحقوق التي يمنحها القانون للمؤلف الاصلي الا في حدود ترجمته فقط .

__________________________________

– اول من نادى بهذه النظرية الفقيه الالماني كانت، نقلا عن د.عبد الرشيد مامون ،الحق الادبي للمؤلف ،مصر ،1978 ،ص23 –25 .

2- د.السنهوري ،الوسيط ،الجزء الثامن ،فقرة 204 ،ص358 – 359، كذلك د.تركي صقر ،ص27 .

3- د. حسام الدين كامل الاهواني ،اصول القانون ،القاهرة ،1988 ،ص654 –655 .

4- د.مصطفى محمد الجمال ود.حمدي عبد الرحمن ،ص163 .

5- د.تركي صقر ،ص28 ـ29 .

6- د.مصطفى الجمال و د.حمدي عبد الرحمن ،ص160 .

7- د.عبد الرشيد مأمون ،ص44ـ45.

8- د.عبد المنعم فرج الصدة ،ص297

9- د.عبد الرشيد مأمون ،ص108 – 109 .

0- د.تركي صقر ،ص33 .

1- د.عبد الرشيد مأمون ، ص 91 –95 .

2- د.جلال العدوي واخرون ،ص401 .

3- د.تركي صقر ،ص 30-31 .

4- د.عبد الرشيد مأمون ، ص 68 .

5- Recht،le droit dauteurun novelle forme de propriete،paris،1969،p.144.

6- د.اسماعيل غانم ،محاضرات في النظرية العامة للحق ،ط2 ،مصر 1966 ،ص 77.

7- د. حسام الدين كامل الاهواني ،ص 655-656 .

8- د.محمد علي عرفة ، حق المؤلف ،مجلة التشريع والقضاء ، السنة الرابعة ، العدد الاول ، 1951 ،ص .

9- د.تركي صقر ،ص 27 .

20- د.محمد حسين منصور ،ص136 .

2- د.جلال العدوي واخرون،ص402 .

22- د.محمد كمال عبد العزيز ،الوجيز في نظرية الحق ،القاهرة (د.ت ) ص 45.

23- ان القول بدوام الملكية العادية من مستلزماتها ويرد على محلها ،والمحل يزول مهما كانت صلة المالك وثيقة بالشيء ،فالملكية هنا تحتمل التابيد، ولكن هذا التابيد لا يدوم الى الابد بل ينقضي بهلاك الشيء محل الحق ،انظر د.محمد علي عرفة ،ص 71،هذا الى جانب ان الحق أي حق الملكية بالاصل غير مادي وهو سلطة غير ملموسة وان الشيء المادي هو المحل الذي يرد عليه الحق فهو ما يمكن الاحساس به ماديا ،وهذا الخلط بين الحق و محله مستمد من القانون الروماني الذي كان لايفرق بين الحق ومحله على اعتبار ان هذا الحق يعطي لصاحبه سلطات واسعة على الشيء،انظر السنهوري ،حق الملكية ،ج8 ،274 ،وعلى هذا الأساس، فان الحقين غير قابلين للدوام مع ان حق الملكية يحتمل التابيد مادام الشيء محل الحق موجودا وهو بطبعه قابلا للزوال لا محالة .

24- د.محمد شكري سرور ،ص 104 .

25- د. محمود جمال الدين زكي ،دروس في مقدمة الدراسات القانونية ،القاهرة ،1964 ،هامش ص350.

26- د.عبد الرشيد مأمون ،ص

27- د.السنهوري ،ج8 ،فقرة 204 ،ص359 ،وايضا د.تركي صقر ،ص34-35 .

28- د.السنهوري ،ج8 ،فقرة 196 ،ص 278 – 281، وايضا د.حسن كيرة ،ص488 ،وايضا د. حسام الدين الاهواني ،ص 661.

د.عبد الرشيد مأمون ،ص 79 ،مستشهدا بذلك بقول للاستاذ روبية: (( .. اننا اذا امكننا ان ندرج حق الملكية وحق الدائنية في السكون القانوني La statiue Juridique فان الحق المالي يدرج في الحركة القانونية La dynamisme Juridique.. )) .

29- د.عصمت عبد المجيد بكر ،الابداع الفكري وموقف القانون منه ،دراسة مقدمة الى المؤتمر العلمي السنوي الرابع المنعقد في كلية الحدباء الجامعة ،الموصل تحت عنوان القانون والتطور في المجتمع العراقي 2001 ،ص 5ـ7.

30- Desbois،op،cit،no8،p4. ، د. خالد حمدي عبد الرحمن ،ص219 .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .