تزوير وثيقة الزواج – القانون المصري .

الطعن 1851 لسنة 59 ق جلسة 9 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 125 ص 751 جلسة 9 من أكتوبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر نائب رئيس المحكمة وحامد عبد الله وفتحي الصباغ ومصطفى كامل.
————-
(125)
الطعن رقم 1851 لسنة 59 القضائية

(1)إثبات “شهود”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
حق محكمة الموضوع في تجزئه أقوال الشاهد. حد ذلك؟.
(2) محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. إثبات “اعتراف”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً. لا ينال من سلامة الحكم. طالما أنها لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف.
(3)تزوير “تزوير الأوراق الرسمية”. جريمة “أركانها”. اشتراك. أحوال شخصية. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
عقد الزواج وثيقة رسمية. مناط العقاب على التزوير فيها؟.
مثال لتسبيب سائغ لإثبات الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج.
(4)قانون “تفسيره” “سريانه” “الاعتذار بالجهل بالقانون”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. موظفون عموميون. شريعة إسلامية. أحوال شخصية “زواج”.
قبول الاعتذار بالجهل لحكم من أحكام قانون غير قانون العقوبات. شرطه؟
نص المادتان 63، 60 من قانون العقوبات. مفاده؟.
دفاع الطاعن بحسن نيته في زواجه ممن تتوافر فيها الموانع الشرعية للزواج لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بالاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية.
(5)تزوير “الأوراق الرسمية”. جريمة “أركانها”. قصد جنائي. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
القصد الجنائي في جريمة التزوير. مناط تحققه؟.
تحدث الحكم استقلالاً عن توافره، غير لازم.

————–
1 – من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشاهد إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه طالما أنها لم تمسخ الشهادة أو تحيلها عن معناها.
2 – من المقرر أنه لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً طالما أنها لم ترتب عليه وحدة الأثر القانوني للاعتراف – كما هو الحال في الدعوى المعروضة – ومن حقها كذلك أن تستمد اقتناعها من أي دليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى. ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد.
3 – لما كان عقد الزواج وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف عام هو المأذون الشرعي وهذه الورقة قد أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لأن بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون الآثار المترتبة عليها – فمتى تمت صحيحة – إذا ما جد النزاع بشأنها. ومناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد المتعاقدين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعد تزويراً. وكون المحكوم عليها الأولى ابنة لزوجة الطاعن المدخول بها هو من الموانع الشرعية للزواج. وإثبات المأذون على لسان المتعاقدين خلوهما من الموانع الشرعية مع علمهما – بقيام المانع – مما تتحقق به جريمة الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج ويكون الحكم إذ انتهى إلى ذلك صحيحاً في حكم القانون ويكون النعي في غير محله ويتعين الالتفات عنه.
4 – من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً له أسباباً معقولة. وهذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون فإنه مع تقرير قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: أولاً: إذا ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه طاعته أو اعتقد أنها واجبة عليه. ثانياً: إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجرائه من اختصاصه وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاه كان مبنياً على أسباب معقولة. كما أورد في المادة 60 من قانون العقوبات أن أحكام هذا القانون لا تسري على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة. وكان دفاع الطاعن بحسن نيته لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بالاعتذار بعدم العلم بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية الذي يحرم الجمع بين الزوجة ووالدتها. ما دام لم يقوم الدليل القاطع على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً كانت له أسباباً معقولة تبرر له هذا الاعتقاد – وهو ما لا يجادل فيه الطاعن إذ أنه لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على ذلك – ومن ثم يكون ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص بعيداً عن محجة الصواب.
5 – من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغير الحقيقة منه وأنه لا يلزم الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن هذا الركن ما دام أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن قد اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواج المحكوم عليها الأولى من الطاعن حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أدلى أمامه على خلاف الحقيقة بخلوهما من الموانع الشرعية حال كون الطاعن زوجاً لوالدة المحكوم عليها الأولى وقت زواجه من الأخيرة وقام الموظف بإثبات هذه البيانات بوثيقة الزواج وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة بما يشهد بتوافر القصد الجنائي في حقه. ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد ويكون النعي برمته في غير محله متعيناً رفضه.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 – ……. 2 – ……. (الطاعن) بأنهما: اشتركا بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو…… مأذون ناحية…… دائرة مركز الجيزة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواج الأولى من الثاني حال تحريرها الموظف المختص بوظيفته وذلك بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن أدليا أمامه على خلاف الحقيقة بخلوهما من الموانع الشرعية حال كون المتهم الثاني زوجاً لوالدة المتهمة الأولى وقت زواجه من الأخيرة فقام الموظف المذكور بإثبات هذه البيانات بوثيقة الزواج سالفة البيان وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بالنسبة للمتهمة الأولى وحضورياً بالنسبة للمتهم الثاني (الطاعن) عملاً بالمواد 40/ 3، 41، 211، 213 من قانون العقوبات بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.

المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاشتراك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو مأذون ناحية…….. في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواجه من المحكوم عليها الأولى. قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في القانون – ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة كذلك فإنه اجتزأ من أقوال الشاهد الأول ومن أقوال الطاعن التي أسماها اعترافاً على غير سند ما ينفي ارتكاب الجريمة. كذلك أخذ الطاعن بالمواد 40/ 3، 41، 211، 213 عقوبات على الرغم من أن هذه المواد لا تنطبق على واقعة الدعوى. فضلاً عن أن الطاعن دفع بعدم علمه بالقاعدة الشرعية التي تمنعه من الجمع بين الزوجة ووالدتها وبما ينتفي معه القصد الجنائي في جريمة التزوير إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغه. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بقوله “حيث إن الواقعة حسبما استيقنتها المحكمة من الأوراق وما انطوت عليه من تحقيقات وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تخلص في أن المتهم الثاني……. متزوج من والدة المتهمة الأولى في 3/ 11/ 1953 بوثيقة زواج رقم…… وعاشرها معاشرة الأزواج. ثم قام بالزواج من المتهمة الأولى……. – ابنة زوجته – في…… بموجب وثيقة زواج رقم…… مركز الجيزة وأقر المتهمان عند توثيق الزواج أنهما خاليان من الموانع الشرعية”. ثم دلل على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعن مما شهد به…… و…… وما هو ثابت بالوثيقتين……، ……. مركز الجيزة”. ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور في بيان الواقعة وعدم إيراد مؤدى الأدلة يكون في غير محله – لما كان ذلك وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بأن تورد من أقوال الشاهد إلا ما تقيم عليه قضاءها ولها في سبيل استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة أن تجزئ أقوال الشاهد وتأخذ بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه طالما أنها لم تمسخ الشهادة أو تحيلها عن معناها. ومن ثم يكون نعي الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، كما وإنه لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافاً طالما أنها لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف – كما هو الحال في الدعوى المعروضة – ومن حقها كذلك أن تستمد اقتناعها من أي دليل له مأخذه الصحيح من أوراق الدعوى. ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان عقد الزواج وثيقة رسمية يختص بتحريرها موظف عام هو المأذون الشرعي وهذه الورقة قد أسبغ عليها القانون الصفة الرسمية لأن بمقتضاها تقوم الزوجية قانوناً بين المتعاقدين وتكون الآثار المترتبة عليها – فمتى تمت صحيحة – إذا ما جد النزاع بشأنها. ومناط العقاب على التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد المتعاقدين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعد تزويراً. وكون المحكوم عليها الأولى ابنة لزوجة الطاعن المدخول بها هو من الموانع الشرعية للزواج. وإثبات المأذون على لسان المتعاقدين خلوهما من الموانع الشرعية مع علمهما – بقيام المانع – مما تتحقق به جريمة الاشتراك في تزوير وثيقة الزواج ويكون الحكم إذ انتهى إلى ذلك صحيحاً في حكم القانون ويكون النعي في غير محله ويتعين الالتفات عنه. لما كان ما تقدم وكان من المقرر أنه يشترط لقبول الاعتذار بالجهل بحكم من أحكام قانون آخر غير قانون العقوبات أن يقيم من يدعي هذا الجهل الدليل على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً له أسباباً معقولة. وهذا هو المعول عليه في القوانين التي أخذ عنها الشارع أسس المسئولية الجنائية وهو المستفاد من مجموع نصوص القانون فإنه مع تقرير قاعدة عدم قبول الاعتذار بعدم العلم بالقانون أوردت المادة 63 من قانون العقوبات أنه لا جريمة إذا وقع الفعل من موظف أميري في الأحوال الآتية: أولاً: إذا ارتكب الفعل تنفيذاً لأمر صادر إليه من رئيس وجبت عليه طاعته أو اعتقد أنها واجب عليه. ثانياً: إذا حسنت نيته وارتكب فعلاً تنفيذاً لما أمرت به القوانين أو اعتقد أن إجرائه من اختصاصه وعلى كل حال يجب على الموظف أن يثبت أنه لم يرتكب الفعل إلا بعد التثبت والتحري وأنه كان يعتقد مشروعيته وأن اعتقاه كان مبنياً على أسباب معقولة. كما أورد في المادة 60 من قانون العقوبات أن أحكام هذا القانون لا تسري على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة. وكان دفاع الطاعن بحسن نيته لا ينهض بمجرده سنداً للتمسك بالاعتذار بعدم العلم بحكم من أحكام قانون الأحوال الشخصية الذي يحرم الجمع بين الزوجة ووالدتها. ما دام لم يقوم الدليل القاطع على أنه تحرى تحرياً كافياً وأن اعتقاده الذي اعتقده بأنه يباشر عملاً مشروعاً كانت له أسباباً معقولة تبرر له هذا الاعتقاد – وهو ما لا يجادل فيه الطاعن إذ أنه لم يقدم إلى محكمة الموضوع الدليل على ذلك – ومن ثم يكون ما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص بعيداً عن محجة الصواب. لما كان ذلك وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجاني تغير الحقيقة منه وأنه لا يلزم الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن هذا الركن ما دام أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن الطاعن قد اشترك بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة زواج المحكوم عليها الأولى من الطاعن حال تحريرها المختص بوظيفته وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها بأن أدلى أمامه على خلاف الحقيقة بخلوهما من الموانع الشرعية حال كون الطاعن زوجاً لوالدة المحكوم عليها الأولى وقت زواجه من الأخيرة وقام الموظف بإثبات هذه البيانات بوثيقة الزواج وتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة بما يشهد بتوافر القصد الجنائي في حقه. ومن ثم يكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد ويكون الطعن برمته في غير محله متعيناً رفضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .