جريمة اخفاء الأشياء المسروقة وعقوبتها في القانون المصري .

الطعنان 1319 ، 1320 لسنة 49 ق جلسة 3 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ق 4 ص 25 جلسة 3 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار عثمان مهران الزيني نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: صلاح نصار وحسن جمعة ومحمد عبد الخالق النادي وحسين كامل حنفي.
—————
(4)
الطعنان رقما 1319 و1320 لسنة 49 القضائية

(1)حكم. “وضعه وإصداره”. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
عدم تقرير القانون شكلاً خاضعاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2)إثبات. “اعتراف”. حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. محكمة الموضوع. “سلطتها في تقدير الدليل”.
تقدير قيمة الاعتراف وصحته. موضوعي.
حق محكمة الموضوع في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه. وحق غيره وإن عدل عنه متى اطمأنت إليه.
(3)حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. محكمة استئنافية. “نظر الدعوى والحكم فيها”. إثبات. “اعتراف”.
إغفال المحكمة الاستئنافية الإشارة إلى أقوال أدلى بها متهم أمامها. مفاده: إطراحها لتلك الأقوال واقتناعها بالحكم الابتدائي.
(4)إخفاء أشياء مسروقة. جريمة. “أركانها” قصد جنائي. حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. إثبات. “بوجه عام”. “شهادة”.
ركن العلم في جريمة إخفاء الأشياء المسروقة. استفادته. ليس فقط من أقوال الشهود. بل من ظروف الدعوى وملابساتها.
(5)إخفاء أشياء مسروقة. جريمة. “أركانها”.
تعدد وقائع السرقة لا يقتضي حتماً تعدد وقائع إخفاء الأشياء المسروقة. جواز أن يكون فعل الإخفاء واحداً ولو كان موضوعه أشياء متحصلة من سرقات متعددة.
(6)ارتباط. محكمة الموضوع. “سلطتها”. عقوبة. “عقوبة الجرائم المرتبطة”.
مناط تطبيق المادة 32 عقوبات؟
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم. موضوعي.
(7، 8) نقض. “الطعن بالنقض. ماهيته”. “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”. ارتباط. عقوبة. “عقوبة الجرائم المرتبطة”.
(7)الطعن بالنقض. ليس امتداداً للخصومة. هو خصومة من نوع خاص.
(8)مجال البت في الارتباط. إثارة الارتباط لأول مرة أمام محكمة النقض. لا تقبل. علة ذلك.

—————–
1 – من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 – من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه، وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع.
3 – إن في سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى الأقوال التي أدلى بها المحكوم عليه أمامها وقضائها بتأييد الحكم المستأنف ما يفيد أنها لم تر في أقواله ما يغير اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة.
4 – العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا يستفاد فقط من أقوال الشهود، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينه من ظروف الدعوى، وما توحي به ملابساتها.
5 – من المقرر أن تعدد وقائع السرقة لا يقتضي حتماً تعدد وقائع إخفاء الأشياء المسروقة، بل يجوز أن يكون فعل الإخفاء واحداً ولو كان موضوعه أشياء متحصلة من سرقات متعددة.
6 – من المقرر أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم الوارد في الفقرة المشار إليها، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع.
7 – الأصل أن الطعن بالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة، بل هو خصومة خاصة، مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع.
8 – لا مجال في الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إلا في حالة اتصال محكمة الموضوع بالدعاوى الأخرى المطروحة أمامها مع الدعوى المنظورة المثار فيها الارتباط، ولا يقبل من الطاعنة أن تثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب هذه المحكمة بإجرائه، ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد غير سديد.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أخفت الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمتحصلة من جريمة سرقة مع علمها بذلك. وطلبت عقابها بالمادتين 44 مكرراً و316 مكرراً ثالثاً من قانون العقوبات. ومحكمة جنح العجوزة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام في كل من الدعويين بحبس المتهمة ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ عن الأولى وستة أشهر مع الشغل والنفاذ عن الثانية. فاستأنفت المحكوم عليها في كل من الدعويين ومحكمة الجيزة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً في كل من الدعويين بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعنت المحكوم عليها في هذين الحكمين بطريق النقض…. إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه – في كل من الطعنين – أنه إذ دانها بجريمة إخفاء أشياء مسروقة مع علمها بذلك قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، وأخطأ في تطبيق القانون، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة وظروفها ومؤدى الأدلة التي استخلص منها الحكم ثبوت وقوعها من الطاعنة، وعول الحكم – على غير الواقع – على اعتراف المحكوم عليه في واقعة السرقة رغم عدوله عن أقواله أمام محكمة ثاني درجة، واستخلص الحكم من أقواله علم الطاعنة بأن المضبوطات متحصلة من جريمة سرقة استخلاصاً غير سائغ، فضلاً عن أن الطاعنة قد أدينت في ثلاث قضايا – الجنحة رقم…… العجوزة محل الطعن رقم 1319 لسنة 49 ق والجنحتين رقمي…… و…… بتهمة الإخفاء، وهي جميعاً ارتكبت لغرض واحد ومرتبطة ببعضها، وكان يتعين اعتبارها كلها جريمة واحدة والقضاء فيها بعقوبة واحدة بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي تبنى الحكم المطعون فيه في كل من الطعنين أسبابه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة عناصرها وأورد على ثبوتها في حق الطاعنة، والمتهمين الآخرين، أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وقد بين الحكم ما أبلغ به وقرره المجني عليه من أنه اكتشف سرقة بعض محتويات مسكنه وكان ذلك بطريق الكسر من الخارج ولم يتهم أحداً آنذاك، ثم ضبط المتهمان الأول والثاني – المقبوض عليهما على ذمة عدة قضايا أخرى – واعترفا تفصيلاً بارتكابهما السرقة، وأضاف أولهما – في اعترافه – أن المتهمة الثالثة “الطاعنة” كانت تشتري منه المسروقات وتعلم بمصدرها، بل وتأخذ نصيبها في كل عملية سرقة يقومان بها، وانتهت المحكمة إلى أن التهمة ثابتة قبل المتهمين مما قرره المجني عليه ومن اعتراف المتهمين بارتكابهما الحادث وإرشادهما عن الشقة التي قاما بسرقتها، ومن عدم دفع أي منهم للاتهام المسند إليه بدفع أو بدفاع مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصر من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه، وفي حق غيره من المتهمين في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في مقام سرد أدلة الثبوت أن “المتهمين – الأول والثاني – اعترافا بارتكابهما حادث السرقة وشرح كل منهما تفصيلاً كيفية وقوعها، وأضاف المتهم الأول – في اعترافه – أن الطاعنة كانت تشتري منه المسروقات وتعلم بمصدرها، بل وتأخذ نصيبها في كل عملية سرقة يقومان بها”، وكانت الطاعنة لا تمارى في أن ما أورده الحكم في هذا الشأن له أصله الثابت في الأوراق، فإن ما تنعاه الطاعنة في شأن استناد الحكم المطعون فيه إلى اعتراف المتهمين لا يكون له محل، وأن ما تثيره الطاعنة عن إغفال الحكم أقوال المحكوم عليه الأول أمام المحكمة الاستئنافية فإنه ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض إذ أن في سكوت المحكمة الاستئنافية عن الإشارة إلى الأقوال التي أدلى بها المحكوم عليه المذكور أمامها وقضائها بتأييد الحكم المستأنف ما يفيد أنها لم تر في أقواله ما يغير من اقتناعها بما قضت به محكمة أول درجة. لما كان ذلك، وكان العلم في جريمة إخفاء الأشياء المتحصلة من جريمة سرقة مسألة نفسية لا يستفاد فقط من أقوال الشهود، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى، وما توحي به ملابساتها، وكان الحكم قد استخلص توافر هذا العلم لدى الطاعنة استخلاصاً سائغاً ودلل على ثبوته في حقها تدليلاً كافياً لحمل قضائه، فإن ما تثيره الطاعنة – في هذا الشأن – لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تعدد وقائع السرقة لا يقتضي حتماً تعدد وقائع إخفاء الأشياء المسروقة، بل يجوز أن يكون فعل الإخفاء واحداً ولو كان موضوعه أشياء متحصلة من سرقات متعددة، وكان من المقرر أيضاً أن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 عقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها الشارع بالحكم في الفقرة المشار إليها، وأن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، ولما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة في درجتي التقاضي – أن الطاعنة لم تطلب ضم القضايا التي تقول بوجود ارتباط بينها ليصدر فيها حكم واحد، وليس في الأوراق ما يرشح للقول بوجود الارتباط بين القضايا التي أشارت إليها في طعنها ولما كان الأصل أن الطعن بالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة، بل هو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبيل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع، ولا مجال للبت في الارتباط الذي يترتب عليه تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات إلا في حالة اتصال محكمة الموضوع بالدعاوى الأخرى المطروحة أمامها مع الدعوى المنظورة المثار فيها الارتباط، ولا يقبل من الطاعنة أن تثيره لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعي لا يصح أن تطالب هذه المحكمة بإجرائه، ومن ثم يكون ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد غير سديد.
لما كان ما تقدم، فإن الطعنين برمتهما يكونان على غير أساس متعين رفضهما موضوعاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .