حكم محكمة النقض المصرية في جناية شروع في قتل عمد .

الطعن 5520 لسنة 59 ق جلسة 2 / 10 / 1989 مكتب فني 40 ق 122 ص 726 جلسة 2 من أكتوبر سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر نائبي رئيس المحكمة وحامد عبد الله وفتحي الصباغ.
————
(122)
الطعن رقم 5520 لسنة 59 القضائية

(1)إثبات “شهود”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. نقض “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم. موضوعي.
عدم التزام المحكمة بأن تورد روايات الشاهد المتعددة. حقها الأخذ بقوله في أي مرحلة دون بيان علة ذلك أو موضعه. ما دام له أصله في الأوراق.
(2)إثبات “شهود”. إجراءات “إجراءات المحاكمة”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
حق المحكمة أن تحيل في إيراد أقوال الشهود إلى أقوال شاهد معين. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(3)إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. لها أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة.
(4)قصد جنائي. ضرب “ضرب بسيط”. جريمة “أركانها”.
كفاية توافر القصد الجنائي العام لتحقق جريمة إحداث الجروح عمداً.
تحدث الحكم عن هذا القصد استقلالاً. غير لازم كفاية أن يكون مستفاداً من وقائع الدعوى.
(5)إثبات “بوجه عام”. محكمة الموضوع “سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى”.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(6)أسباب الإباحة وموانع العقاب “الدفاع الشرعي”. دفاع شرعي. دفوع “الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي”.
الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي. موضوعي. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض. ما لم تكن مدونات الحكم تظاهره.
(7)محكمة الموضوع “حقها في تعديل وصف التهمة”. وصف التهمة. شروع. ضرب “ضرب بسيط”.
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي ترفع به الدعوى الجنائية على المتهم. حقها في تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم.

—————–
1 – من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها.
2 – من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده في أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
3 – من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن المقرر أيضاً – أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
4 – لما كانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام، وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون القصد مستفاداً من وقائع الدعوى.
5 – لما كان ما أورده الحكم على نحو ما تقدم تتوافر به جنحة إحداث الجرح العمد التي آخذ الطاعن بها، وكان النعي بأن الواقعة جنحة إصابة خطأ لأن الطاعن كان يطلق النار لتفريق الأهالي لدى تعرضهم لرجال الشرطة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
6 – الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون أو ترشح لقيامها، ولما كانت الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة أو ترشح لقيامها وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي، فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.
7 – الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي ترفع به الدعوى الجنائية قبل المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح الذي ترى انطباقه على الواقعة.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في قتل….. عمداً بأن أطلق عليه عياراً نارياً من مسدس كان يحمله قاصداً من ذلك قتله وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج، وإحالته إلى محكم جنايات الزقازيق لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 101 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 241/ 1 من قانون العقوبات بحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل وإحالة الدعوى المدنية للمحكمة المختصة باعتباره مرتكباً جنحة الضرب البسيط.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.

المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المنصوص عليها في المادة 241/ 1 من قانون العقوبات قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع ذلك بأن أورد جزء من شهادة الشاهد الأول فقط وأحال إليه في شأن باقي الشهود دون أن يوضح فحوى شهادتهم ومؤدى الدليل المستمد منها، ولم يورد مؤدى محضر التحريات الذي استدل الطاعن به على عدم وجوده بمكان الحادث ولم يورد مؤدى تقرير المعمل الجنائي بشأن الطبنجة ويعرض له بما يرفع التناقض بينه وبين تقرير الطبيب الشرعي، ولم يستظهر القصد الجنائي وهو قصد الإيذاء، كما أن تحصيل الحكم لواقعة الدعوى بما مفاده أن الطاعن أطلق أعيرة نارية لتفريق الأهالي لدى تعرضهم للشرطة يجعل التكييف الصحيح للواقعة هي جريمة الإصابة الخطأ المؤثمة بالمادة 244/ 1 من قانون العقوبات، كما لم يعرض الحكم لحالة الدفاع الشرعي التي رشحت لقيامها أقوال المجني عليه، هذا إلى أن المحكمة غيرت وصف التهمة من جناية شروع في قتل عمد إلى جنحة الضرب دون تنبيه الطاعن إلى هذا التعديل. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لها معينها الصحيح في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات والتقرير الطبي الشرعي. لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه وهي لا تلتزم بأن تورد في حكمها من أقوال الشهود إلا ما تقيم قضاءها عليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها. كما أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده في أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولما كان الطاعن لا ينازع في أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد الأول التي أحال إليها الحكم لها معينها الصحيح في الأوراق، فإن نعيه في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، ومن المقرر أيضاً – أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية، وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى، ومن ثم فحسب المحكمة أن أقامت الأدلة على مقارفة الطاعن للجريمة التي دين بها بما يحمل قضاءها وهو ما يفيد ضمناً أنها لم تأخذ بدفاعه، فإنه لا يعيب الحكم عدم إيراد مؤدى محضر التحريات وتقرير المعمل الجنائي بشأن الطبنجة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكانت جريمة إحداث الجروح عمداً لا تتطلب غير القصد الجنائي العام، وهو يتوفر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون القصد مستفاداً من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم – وهو ما تحقق في واقعة الدعوى – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم على نحو ما تقدم تتوافر به جنحة إحداث الجرح العمد التي آخذ الطاعن بها وكان النعي بأن الواقعة جنحة إصابة خطأ لأن الطاعن كان يطلق النار لتفريق الأهالي لدى تعرضهم لرجال الشرطة لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، فضلاً على أنه لا يجدي الطاعن ما يثيره بصدد التكييف الصحيح للواقعة لأن العقوبة التي قضى بها الحكم تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الإصابة الخطأ المؤثمة بالفقرة الأولى من المادة 244 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يضحى ولا محل له. لما كان ذلك وكان الأصل في الدفاع الشرعي أنه من الدفوع الموضوعية التي يجب التمسك بها لدى محكمة الموضوع ولا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض إلا إذا كانت الوقائع الثابتة بالحكم دالة بذاتها على تحقق حالة الدفاع الشرعي كما هي معرفة به في القانون أو ترشح لقيامها ولما كانت الواقعة كما أثبتها الحكم المطعون فيه لا تتوافر فيها تلك الحالة أو ترشح لقيامها وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يتمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي فإنه لا يقبل منه إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه، أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بوصف الشروع في القتل العمد فعدلت المحكمة هذا الوصف إلى وصف الضرب المنصوص عليه في المادة 241/ 1 من قانون العقوبات، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي ترفع به الدعوى الجنائية قبل المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح الذي ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة وهي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن على أساسه، وكان مرد هذا التعديل – على ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه – هو عدم قيام الدليل على أن الطاعن حين اعتدى على المجني عليه قد انتوى قتله، ولم يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر تختلف عن الواقعة الأولى، فإن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف اقتصر على استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة الإخلال بحق الدفاع. لما كان ذلك. فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .