اقتصار المادة 20 من قانون الرسوم القضائية على تحديد مقدارها دون تناول الملتزم بها.

الدعوى رقم 176 لسنة 26 ق “دستورية” جلسة 1 / 6 / 2019

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من يونيه سنة 2019م، الموافق السابع والعشرين من رمضان سنة 1440 هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمـد خيرى طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمــــى إسكندر ومحمود محمــد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 176 لسنة 26 قضائية “دستورية”.
المقامة من
محمد عاطف صالح قاسم
ضــد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلــس الوزراء
3- وزيــر العدل
4- أمين عام محكمة شمال القاهرة
5- محضر أول محكمة مدينة نصر
6- غادة حسنى راشد
الإجراءات
بتاريخ الخامس والعشرين من أغسطس سنة 2004، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصى المادتين (20، 20 مكررًا) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد المحدد قانونًا، واحتياطيًّا: بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمــــة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليها الأخيرة، كانت قد أقامت ضـد المدعى الدعوى رقم 1504 لسنة 2002 مدنى كلى أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية، بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 10/8/1996، وتسليم المبيع مع إلزامه المصروفات، وذلك على سند من القول بأنه بموجب هذا العقد باع لها المدعى الشقة المبينة الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى، لقاء ثمن إجمالي قدره مائة وخمسة وخمسون ألف جنيه، تم سداده، إلا أنه نكل عن تسجيل الشقة لها، مما حدا بها لإقامة دعواها بطلباتها سالفة الذكر، وبعد أن تدوولت الدعوى بالجلسات، سلم الحاضر عن المدعى بالطلبات، فقضت المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 10/8/1996، والمتضمن بيع المدعى لها العقار المبين المساحة والحدود والمعالم بالعقد وصحيفة التصحيح وكشف التحديد، وألزمته بتسليم المدعية ذلك العقار بالحالة التي كان عليها وقت التعاقد، وألزمته المصروفات، ومبلغ خمسة وسبعين جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة، عملاً بالمادتين (184/1) من قانون المرافعات، (187) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 المعدلة بالقانون رقم 10 لسنة 2002. لم يرتض المدعى هذا الحكم فطعن عليه بالاستئناف أمام محكمة استئناف القاهرة – مأمورية شمال القاهرة، والذى قيد برقم 1741 لسنة 7 قضائية، طالبًا الحكم بقبوله شكلاً، وفى الموضوع، بتعديل وإلغاء جزء من الحكم الصادر في الدعوى رقم 1504 لسنة 2002 مدنى كلى شمال القاهرة، والذى تضمن تسليم المدعى عليها الأخيرة الشقة محل عقد البيع، بالحالة التي كانت عليها وقت التعاقد، وكذلك بإلزام المدعى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، والقضاء مجددًا بصحة ونفاذ عقد البيع العرفي المؤرخ 10/8/1996، والمتضمن بيع المدعى للمدعى عليها الأخيرة الشقة المبينة الوصف والمعالم بعقد البيع، مع إلزامها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وأثناء نظر الاستئناف دفـــع المدعـــى بجلسة 25/5/2004، بعدم دستورية نصى المادتين (20، 21) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد، فإن هذا الدفع مردود بأن المشرع في المادة (29/ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 قد رسم طريقًا معينًا لرفع الدعوى الدستورية التي أتاح للخصوم إقامتها، وربط بينه وبين الميعاد المحدد لرفعها، فدل بذلك على أنه اعتبر هذين الأمرين من مقومات الدعوى الدستورية، فلا تُرفع إلا بعد إبداء دفع بعدم الدستورية تقدر محكمة الموضوع جديته، ولا تُقبل إلا إذا رُفعت خلال الأجل الذى ناط المشرع بمحكمة الموضوع تحديده، بحيث لا يجاوز ثلاثة أشهر، وهذه الأوضاع الإجرائية – سواء ما اتصل منها بطريقة رفع الدعوى الدستورية أو ميعاد رفعها – إنما تتعلق بالنظام العام باعتبارها من الأشكال الجوهرية في التقاضي التي تغيا المشرع بها مصلحة عامة حتى ينتظم التداعي في المسائل الدستورية بالإجراءات التي رسمها المشرع في الموعد الذى حدده، ومن ثم فإن ميعاد الأشهر الثلاثة الذى فرضه المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى الدستورية، أو الميعاد الذى تحدده محكمة الموضوع في غضون هذا الحد الأقصى، يعتبر ميعادًا حتميًّا يتعين على الخصوم الالتزام به لرفع الدعوى الدستورية قبل انقضائه، وإلا كانت غير مقبولة. متى كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع بعد تقديرها جدية الدفع المبدى من المدعى بجلسة 25/5/2004، أجلت نظر الدعوى لجلسة 26/9/2004، وصرحت للمدعى بإقامة دعواه الدستورية فأودع المدعى صحيفتها في 25/8/2004، خلال مهلة الأشهر الثلاثة التي فرضها المشرع على نحو آمر كحد أقصى لرفع الدعوى، ومن ثم فإنها تكون قد أٌقيمت في الميعاد، الأمر الذى يضحى معه الدفع المشار إليه في غير محله، فاقدًا لسنده القانوني، مما يتعين معه القضاء برفضه.
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية التي أتاح المشرع للخصوم إقامتها وفقًا لنص البند (ب) من المادة (29) من قانون المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، يتحدد – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – بنطاق الدفع بعدم الدستورية الذى أُثير أمام محكمة الموضوع، وفى الحدود التي تقدر فيها تلك المحكمة جديته، وتصرح بإقامة الدعوى الدستورية بشأنه، وبما لا يجاوز الطلبات الختامية الواردة في صحيفة الدعوى الدستورية، أو يتعدى نطاقها. إذ كان ذلك، وكان المدعى قد دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية نصى المادتين (20، 21) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية، وقد قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية عن هذين النصين وحدهما، فأقام المدعى دعواه المعروضة، طلبًا للحكم بعدم دستورية نصى المادتين (20، 20مكررًا) من القانون رقم 90 لسنة 1944 المشار إليه، فإن نطاق الدعوى المعروضة ينحصر في نص المادة (20) منه، دون نص المادة (20 مكررًا) منه، والتي تنحل الدعوى المعروضة بالنسبة له إلى دعوى دستورية أصلية، أُقيمت بالطريق المباشر، بالمخالفة لنص المادة (29/ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا سالف الذكر، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى بشأنه؛ لاتصالها بهذه المحكمة بالمخالفة للأوضاع التي رسمها قانونها.

وحيث إن المادة (20) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية تنص على أنه ” إذا انتهى النزاع صلحًا بين الطرفين وأثبتت المحكمــة ما اتفق عليه الطرفان في محضر الجلسة أو أمرت بإلحاقه بالمحضر المذكور وفقًا للمادة (124) مرافعات – قبل صدور حكم قطعي في مسألة فرعية أو حكـــم تمهيدى في الموضـوع، لا يستحـــق على الدعـــوى إلاَّ نصف الرسوم الثابتة أو النسبية. وتحسب الرسوم النسبية في هذه الحالة على قيمة الطلب ما لم يتجاوز المُصالح عليه هذه القيمة ففي هذه الحالة تحصل الرسوم على قيمة المُصالح عليه، وإذا كانت الدعوى مجهولة القيمة وتم الصلح على مسائل معلومة القيمة مما يمكن التنفيذ به دون حاجة إلى قضاء جديد استحق الرسم النسبي على المسائل المذكورة فضلاً عن الرسم الثابت.

وإذا كانت قيمة الدعوى تزيد على ألف جنيه ووقع الصلح على أقل من ذلك سوّى على أساس ألف جنيه.
وإذا لم تُبين القيمة في محضر الصلح أُخذ الرسم على أصل الطلبات ولو زادت على ألف جنيه.
ولا يُرد في حالة إنهاء النزاع صلحًا شيء من الرسوم في الدعاوى المخفضة القيمة”.

وحيث إن المصلحة المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستوريـة، مناطها – على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة – قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وترتبط المصلحة الشخصية المباشرة بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ومن ثم فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا ومستقلاً بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً، وثانيهمًا: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، تحتم أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه، ذلك أن شرط المصلحة الشخصية هو الذى يحدد فكرة الخصومة الدستورية، ويبلور نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ويؤكد ضرورة أن تكون المنفعة التي يقرها القانون هي محصلتها النهائية. ومن المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة منفصل دومًا عن توافق النص التشريعى المطعون عليه مع أحكام الدستور أو مخالفته لها، اعتبارًا بأن هذا التوافق أو الاختلاف هو موضوع الدعوى الدستورية، فلا تخوض فيه المحكمة إلا بعد قبولها.

إذ كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي المُردد بين المدعى والمدعى عليها الأخيرة، يدور حول طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد بيع ابتدائي وتسليم المبيع، وقد مثل المدعى وسلم للمدعى عليها الأخيرة بطلباتها، فقضت محكمة الموضوع ابتدائيًّا لها بطلباتها وألزمته المصروفات، باعتباره خاسرًا للدعوى عملاً بنص المادة (184/1) من قانون المرافعات، فطعن على هذا الحكم بالاستئناف على سند من أنه قد سلم بالحق المدعى به، مما يتعين معه إلزام المحكوم له المصروفات، عملاً بنص المادة (185) من قانون المرافعات. إذ كان ذلك، وكان الثابت أن مصدر التزام المدعى بمصروفات الدعوى هو نص المادة (184/1) من قانون المرافعات، وليس نص المادة (20) من القانون رقم 90 لسنة 1944 بالرسوم القضائية ورسوم التوثيق في المواد المدنية – المطعون عليه – الذى اقتصر حكمه على تحديد مقدار الرسوم القضائية في الدعاوى التي ينتهى النزاع فيها صلحًا، ودون أن يتناول بالتحديد من يلتزم بهذه الرسوم، ومن ثم، فإن إعمال النص المطعون عليه يكون منبت الصلة بالطلب المعروض في الدعوى الموضوعية، ولا يرتب الفصل في دستوريته انعكاسًا على موضوع تلك الدعوى، وقضاء محكمة الموضوع فيها، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى في الطعن على دستوريته، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

فلهــذه الأسبــاب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .