العقوبات المقررة لجريمتي سوء استعمال العلامات التجارية والمنافسة غير المشروعة

إعادة نشر بواسطة محاماة نت 

بقلم الدكتور عادل عامر

لقد تقرر العقاب على جريمتي سوء استعمال العلامات التجارية والمنافسة التجارية غير المشروعة في المرسوم السلطاني رقم ( 38 ) لسنة 2000م بإصدار قانون العلامات والبيانات والأسرار التجارية والحماية من المنافسة غير المشروعة . حيث تم تحديد الجزاءات في الباب الرابع من هذا القانون في المواد ” 35 ، 38 ” حيث قررت المادة ” 35 ” العقوبات الأصلية وهي ” الحبس والغرامة ” وقررت المادة ” 38 ” العقوبات التكميلية الجوازية وهي ” المصادرة “.

فلقد جاء في نص المادة ” 35 ” على أنه ( يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تجاوز ألفى ريال عماني أو بإحدى هاتين العقوبتين :-

1-كل من زور علامة تم تسجيلها طبقاً للقانون أو قلدها بطريقة تدعو إلى تظليل الجمهور وكل من استعمل وهو سيئ النية علامة مزورة أو مقلدة .

2-كل من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو حاز بقصد البيع منتجات عليها علامة مزورة أو مقلدة أو موضوعة بغير حق مع علمه بذلك .

3-كل من أستخدم بسوء نية علامة مطابقة أو مشابهة لعلامة معروفة مسجلة أو غير مسجلة بدرجة تدعو إلى اللبس ، ويشترط في حالة العلامة المعروفة غير المسجلة أن تتطابق أو تتشابه البضائع أو الخدمات .

4-كل من خالف وهو سيئ النية الأحكام الخاصة بالبيانات التجارية .

5-كل من خالف عمداً الأحكام المتعلقة بالمنافسة غير المشروعة وحماية الأسرار التجارية ) .

يلاحظ من هذا النص بأنه قد تقرر لحماية العلامات التجارية من سوء استعمالها ، وذلك بمعاقبة من يقوم بتزوير العلامات التجارية ، طالما أقترن ذلك باستعمال العلامة المزورة في بيع سلع أو عرضها ، هذا يعني بأنه لا يكفي للتجريم تزوير العلامة التجارية دون استعمالها أو الشروع في استعمالها .

وذلك خلافاً للقواعد المقررة لحماية المحررات في قانون العقوبات حيث يتم تجريم التزوير بشكل مستقل عن جريمة استعمال المحررات المزورة ، ولذلك يعد هذا النص خاص فهو النص الواجب التطبيق على هذه الجريمة ، فيما إذا أقتصر التزوير على العلامة التجارية دون استعمالها كان النص الواجب التطبيق هو نص المادة ” 202 ” من قانون الجزاء ، حيث تعد جريمة التزوير في هذه الحالة جريمة عادية لعدم صلتها باستعمال العلامات التجارية .

ويلاحظ من نص المادة ” 202 “ من قانون الجزاء بأن المشرع العماني يعاقب على التزوير كجريمة عادية بعقوبة السجن من ثلاث سنوات إلى خمس عشرة سنة ولم يقرر عقوبة الغرامة ، كعقوبة اختيارية ، ونرى بأن على المشرع العماني تشديد عقوبة سوء استعمال العلامات التجارية .

ولقد تقرر أيضاً العقاب المنصوص عليه في المادة ” 35 ” من قانون العلامات والبيانات والأسرار التجارية والحماية من المنافسة غير المشروعة على جريمة المنافسة التجارية غير المشروعة وانتهاك الأسرار التجارية بنفس العقوبة السابقة.

ولقد تقررت العقوبات التكميلية أي الفرعية في نص المادة ” 38 “ وهي جوازية حيث جاء نصها على أنه ( يجوز للمحكمة المختصة ، في أية دعوى تجارية أو جزائية أن تقضي بمصادرة الأشياء المحجوزة أو التي تحجزها بعد الاستنزال عنها من التعويضات أو الغرامات أو للتصرف فيها بأية طريقة أخرى تراها المحكمة مناسبة ، ويجوز للمحكمة أن تأمر بنشر الحكم في الجريدة الرسمية على نفقة المحكوم عليه ) .

يلاحظ بأن المشرع العماني قد جعل العقوبات الفرعية جوازية للمحكمة توقعها في كل حالة ترى ضرورة لتوقيعها من أجل زيادة أثر العقوبة الأصلية على المحكوم عليه بها .

الفرع الثالث

العقوبة المقررة لجريمة الإفلاس

لقد تقرر العقاب على جريمة الإفلاس أو كما سماها المشرع المصري بالتفالس في صورتيه بالتدليس و التفالس بالتقصير ويعد التفالس بالتدليس أشدها خطراً فقد تقرر لهذه الصورة عقوبة مشددة . فقد جاءت العقوبات المقررة لهذه الجريمة في المواد “329 ، 334” من قانون العقوبات المصري .

حيث جاء نص المادة ” 329 “ متضمناً العقوبة السجن من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات كعقوبة أصلية ولم يضع المشرع إلى جانبها عقوبة اختيارية غير أنه وضع عقوبات تبعية وتكميلية ، مثل المصادرة ، وإغلاق المحل وسحب الرخصة في المادة ” 250 ” ولقد ساوى المشرع المصري بين العقوبة في حالتي الشروع والجريمة التامة في حالة وقوع جريمة التفالس بالتدليس

ولقد جعل المشرع المصري عقوبة التفالس التقصيري هي الحبس مدة لا تتجاوز سنتين ولا عقاب على الشروع كون الجريمة جنحة ولا عقاب على الشروع فيها .

أما بالنسبة لقانون الجزاء العماني فقد جاء متضمناً لصورتين لجريمة الإفلاس في نصوص المواد من ” 300 ، 302 ” هي الإفلاس الاحتيالي، والإفلاس التقصيري ، ويعتبر الإفلاس الاحتيالي أشدها خطراً ، فقد جاء نص المادة ” 300 ” مبيناً لعقوبة الإفلاس الاحتيالي وهي عقوبة السجن من ثلاث سنوات إلى سبع سنوات ، ولم يضع المشرع العماني أية عقوبة اختيارية مثلما فعل في الجرائم الأخرى الواقعة على نظم التجارة ، ويلاحظ زيادة في مقدار الحد الأقصى لعقوبة السجن عن العقوبة التي قررها المشرع المصري لعقوبة الإفلاس التدليسي . ونرى بأن المشرع العماني كان موفقاً في اختيار مصطلح الإفلاس الاحتيالي ، ذلك أن الطرق الاحتيالية التي يلجأ إليها المفلس هي التي ترفع من درجة خطورة الجريمة والمجرم وليس التدليس لأن التدليس مفهوم من مفاهيم القانون الخاص وليس من مفاهيم القانون الجنائي .

كما أن تشديد العقوبة يحقق أغراض العقوبة في الردع العام غير أن عدم وضع عقوبات مالية مثل الغرامة لمواجهة دوافع الجريمة والمتمثلة بالتهرب من الوفاء بالالتزامات حمل جهات أخرى التزامات ناجمة عن ما وصل إليه النشاط التجاري للمفلس من عجز والاستفادة على حساب الدائنين من هذا الوضع ، والأضرار بجهات مالية أخرى . أما العقوبة المقررة للإفلاس التقصيري ، فقد تقررت في نص المادة ” 302 ” بعقوبة السجن من شهر إلى سنة .

ونرى بأن هذه الصورة للإفلاس كان يفترض عدم النص عليها في قانون الجزاء وإنما تنظيمها في القوانين الخاصة مثل القانون التجاري وفرض جزاءات تجارية مثل التعويض والغرامات التأخيرية وإصلاح الضرر وما شابه ذلك

ولقد تقررت عقوبات جزائية في قانون التجارة العماني في نصوص المواد ” 784 ، 785 ، 786 ” على بعض الحالات فقد قرر نص المادة ” 784 ” ( عقاب على المدين المفلس بالسجن مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنوات :-

1-إذا أخفى عمداً كل أمواله أو بعضها أو غالى في تقديرها وذلك بقصد الحصول على الصلح الواقي .

2-إذا مكن عمداً دائناً وهمياً أو ممنوعاً من الاشتراك في الصلح أو مغالى في دينه من الاشتراك في المداولات والتصويت ، أو تركه عمداً يشترك في ذلك.

3-إذا أغفل عمداً ذكر دائن في قائمة الدائنين ) .

وعاقب نص المادة ” 785 “ ( الدائن بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنتين

1-إذا تعمد المغالاة في تقدير ديونه .

2-إذا اشترك في مداولات الصلح أو التصويت وهو يعلم أنه ممنوع قانوناً من ذلك .

3-إذا عقد مع المدين اتفاقاً سرياً يكسبه مزايا خاصة أضراراً بباقي الدائنين

مع علمه بذلك ) .

وقد عاقب نص المادة ” 786 ” ( بالسجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجـاوز سنتين :-

1-كل من لم يكن دائناً واشترك وهو يعلم ذلك في مداولات الصلح أو التصويت.

2-كل رقيب تعمد إعطاء بيانات غير صحيحة عن حالة المدين أو أيد هذه البيانات ) .

يلاحظ أن تلك النصوص قد جاءت مستوعبة لحالات قدر المشرع العماني خطورتها وضرورة مواجهتها بالجزاء الجنائي .

ولذلك تعد تلك النصوص مكملة لتجريم الإفلاس في قانون الجزاء وزيادة في حماية تنظيم التجارة ولو حدثت أفعال تمس بالنواحي الإجرائية للنشاط التجاري طالما وقعت عمداً وهددت بوقوع ضرر في المستقبل .