الطعن 8912 لسنة 57 ق المحكمة الإدارية العليا جلسة 26 / 5 / 2018

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
بِاسْم الشعَب
مجْلِسِ الدَّوْلَة
المحْكَمَةٌ الإدارية الْعُلْيَا
الدَّائرة الْخامسة موضوع
بالْجلسة الْمُنعقدة علناً بِرِئَاسَةِ السَّيِّدِ الأُسْتَاذِ المُسْتَشَارِ/ عبد الرحمن سعد محمود عثمان نَائِبُ رَئِيسِ مجْلِسِ الدَّوْلَةِ ورئيس المحكمة
وَعُضْوِيَّةِ السَّيِّدِ الأُسْتَاذِ المُسْتَشَارِ / محمد يسري عبد العزيز أحمد سيف نَائِبُ رَئِيسِ مجْلِسِ الدَّوْلَةِ
وَعُضْوِيَّةِ السَّيِّدِ الأُسْتَاذِ المُسْتَشَارِ / خالد جابر عبد اللطيف محمد نَائِبُ رَئِيسِ مجْلِسِ الدَّوْلَةِ
وَعُضْوِيَّةِ السَّيِّدِ الأُسْتَاذِ المُسْتَشَارِ الدُّكتور / أحمد محمد إبراهيم غنيم نَائِبُ رَئِيسِ مجْلِسِ الدَّوْلَةِ
وَعُضْوِيَّةِ السَّيِّدِ الأُسْتَاذِ المُسْتَشَارِ / عبد القادر أبو الدهب يوسف نَائِبُ رَئِيسِ مجْلِسِ الدَّوْلَةِ
وبحُضُورِ السَّيِّدِ الأُسْتَاذِ المُسْتَشَارِ / محمد هشام أحمد الكشكي مُفَوَّضُ الدَّوْلَةِ
وَسِكِرْتَارِيَّة السَّيِّدِ / عاطف عبد المنعم سالم أَمِينُ السِّرِّ
أصَدْرِت الحُكْم الآتِي
في الطَّعن رقم 8912 لسنة 57 ق. عُليا
في الْحُكم الصَّادر من محكمة الْقضاء الإداري بجلسة 30/11/2010 في الدَّعوى رقم 4900 لسنة 62ق

———–
الوقائع
في يَوْم الخميس الموافق 23/12/2010 أوْدَعَت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عَن الطاعنين قَلَم كتاب المحْكَمَة الإدارية العُلْيَا تقريراً بالطعن الماثل، قيد بجدولها العام تحت رقم 8912 لسَنَة 57 ق.عليا، فِي الْحُكْم الصادر من محْكَمَة القضاء الإداري بالقاهرة “الدائرة 13” بجلسة 30/11/2010 فِي الدعوى رقم 4900 لسَنَة 62ق. والقاضي / بقبول الدعوى شكلاً، وفِي الْمَوضُوع بإلغاء قَرَار جهة الإدارة السَّلبيّ بالامتناع عَن قيد الْمُدَّعية بسجل البكتريولوجين، وما يَتَرَتَّب عَلَى ذلِكَ من آثار أخصها الترخيص لَهَا بمزاولة مهنة التحاليل الطبية دون قيد أو شرط وإلزام الإدارة المَصْروفات.
وطلب الطاعنان – للأسْبَاب الواردة بتقرير الطعن الْحُكْم / بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ الْحُكْم المطعون فيه، وفِي الْمَوضُوع أولاً: عَدَم قبول الدعوى لرفعها بَعْد الميعاد، احتياطياً: عَدَم قبول الدعوى لانتفاء القَرَار الإداري السلبي، والاحتياط الكلي: رفض الدعوى، وإلزام المطعون ضدها المَصْروفات عَن درجتي التَّقاضي.
وقد تمَّ إعلان الطعن عَلَى النحو المبين بالأوراق.
وأوْدَعَت هيئة مُـفـَوَّضي الدولة تقريراً بالرأي القَانُوني فِي الطعن ارتأت فِيهِ الْحُكْم / بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المَصْروفات.
وتدوول الطعن أَمَام دائرة فحص الطعون عَلَى النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 27/11/2017 قررت الدائرة إحالة الطعن إِلَى دائرة الْمَوضُوع لنظره بجلسة 20/1/2018 حَيْثُ تمَّ نظره بتلك الجلسة وما تلاها من جلسات عَلَى النحو الثابت بالمحاضر، وبجلسة 17/3/2018 قررت المحْكَمَة إصدار الْحُكْم فِي الطعن بجلسة الْيَوْم وصرحت بتقديم مذكرات خِلَال أسبوعين، وخِلَال الأجل المصرح به لَمْ تقدم ثمة مذكرات، وفِيهَا صدر وأوْدَعَت مُسَوَّدته المُشْتَمِلة عَلَى أسبابه فِي ذَات جلسة النطق به.

—————
المحكمة
بَعْد الإطِلاَع عَلَى الأوَرَاق ، وسَمَاعِ الإيضاحات، و بَعْدِ الْمُداوَلة قَانُونًا.
من حَيْثُ إن الْحُكْم المطعون فِيهِ صدر بتاريخ 30/11/2010 وتمَّ إقامة الطعن الماثل بتاريخ 23/12/2010 ومن ثمَّ فإن الطعن يكون قَدْ أقيم خِلَال المِيعَاد المقرر قَانُوناً، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية الْأُخْرَى فَهُوَ مقبول شكلاً .
ومن حَيْثُ إن عناصر النزاع تخلص – حسبما يبين من الأوَرَاق – فِي أنه سبق للمطعون ضدها أن أقامت الدعوى رقم 4900 لسَنَة 62ق. أَمَام محْكَمَة القضاء الإداري بالقاهرة بتاريخ 14/11/2007 وطلبت فِي ختامها الْحُكْم: بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف وإلغاء قَرَار لجنة القيد بإدارة التراخيص الطبية بوزارة الصحة السَّلبيّ بالامتناع عَن قيدها بسجل البكتريولوجين مَعَ ما يَتَرَتَّب عَلَى ذلِكَ من آثار أخصها الترخيص له بممارسة مهنة التحاليل الطبية البشرية. وذلِكَ عَلَى سند من القول أنها حاصلة عَلَى بكالوريوس العلومالطبية البيطرية من كلية الطب البيطري جامعة كفر الشيخ وعَلَى دبلوم الدراسات العُلْيَا فِي التحاليل الطبية وتقدمت بطلب إِلَى إدارة التراخيص الطبية بوزارة الصحة لقيدها بسجل البكتريولوجين إلا أن لجنة القيد قررت حرمانها من مزاولة مهنة التحاليل الطبيةالبشرية، وقصرت قيدها عَلَى مزاولة مهنة التحاليل الطبية البيطرية.
ونعت الْمُدَّعية عَلَى القَرَار المطعون فِيهِ مخالفته لأحكام القَانُون رقم 367 لسَنَة 1954 بتنظيم مزاولة مهن الكيمياء الطبية. والبكتريولوجيا، والباثولوجيا وكذا التعسف والانحراف بالسلطة لأن ذَات اللجنة سبق لَهَا أن وافقت عَلَى قيد زملاء لَهَا حاصلين عَلَى ذَات المؤهل وبذَات السجل وتمَّ منحهم ترخيصاً بمزاولة المهنة دون قيد أو شرط.
وخلصت المطعون ضدها إِلَى طلباتها آنفة الذكر.
وبعد أن تدوولت الدعوى أَمَام تِلْكَ المحْكَمَة أصدرت بجلسة 30/11/2010 حكمها المطعون فِي بقبول الدعوى شكلاً، وفِي الْمَوضُوع بإلغاء القَرَار المطعون فيهما، وما يَتَرَتَّب عَلَى ذلِكَ من آثار أخصها الترخيص لَهَا بمزاولة مهنة التحاليل الطبية البشرية.
وشَيَّدت المحْكَمَة قضاءها بَعْد استعراضها لنصوص المواد (1، 3، 4، 6) من القَانُون رقم 367 لسَنَة 1954 بشأن مزاولة مهن الكيمياء الطبية والبكتريولوجيا، والباثولوجيا وتنظيم معامل التشخيص الطبي ومعامل الأبحاث المعملية ومعامل المستحضرات الحيوية، عَلَى أساس أن المطعون ضدها حاصلة عَلَى بكالوريوس العلوم الطبية البيطرية من كلية الطب البيطري بكفر الشيخ دفعة 2004، وكَذَلِكَ حاصلة عَلَى دبلوم الدراسات العُلْيَا فِي التحاليل الطبية الميكروبيولوجية عَام 2007، ومن ثمَّ تكون قَدْ استوفت المؤهلات اللازمة لقيدها فِي سجل البكتريولوجين، الْأَمْر الَّذِي يكون معه قَرَار جهة الإدارة بتقييد قيدها بسجل البكتريولوجين، واشتراط أن تكون مزاولتها المهنة تحت إشراف طبيب بشري مرخص بمزاولة مهنة التحاليل الطبية البشرية قَدْ جَاءَ مخالفاً لأحكام القَانُون .
وإذ لَمْ يلق هَذَا القضاء قبولاً لدى الطاعنين فقد بادرا بإقامة الطعن الماثل ناعين عَلَى الْحُكْم المطعون فِيهِ مخالفة القَانُون والخطأ فِي تطبيقه وتَأْوِيله إذ أن المطعون ضدها أقامت دعواها بَعْد مِيعَاد الستين يوماً المَنْصُوص عَلَيْهَا فِي المادة (24) من قَانُون مجْلِس الدولة، كَذَلِكَ فإن الدعوى غَيْر مقبولة لانتفاء القَرَار الإداري لأنه لا إلزام عَلَى الجهة الإدارية بقيدها فِي سجل البكتريولوجين، كَمَا أن رفض قيد المطعون ضدها فِي السجل المذكور جَاءَ متفقاً مَعَ حُكْم القَانُون رقم 367 لسَنَة 1954 لأن القَانُون المذكور حظر عَلَى غَيْر الأطباء البشرين مزاولة مهنة التحاليل الطبية البشرية.
ومن حَيْثُ أن مقطع النزاع الماثل ينحصر فِي بَيَان مدى جواز الترخيص لغير الأطباء البشريين بمزاولة مهنة التحاليل الطبية البشرية فِي مجالات الكيمياء الطبية والبكتربولوجيا والباثولوجيا.
ومن حَيْثُ إن المادة (1) من القَانُون رقم 367 لسَنَة 1954 فِي شَأْن مزاولة مهن الكيمياء الطبية والبكتربولوچيا والباثولوچيا وتنظيم معامل التشخيص الطبي ومعامل الأبحاث العلمية ومعامل المستحضرات الحيوية تَنَصّ عَلَى أنه ” لا يجوز لغير الأشخاص المقيدة أسماؤهم فِي السجل الخاص بوزارة الصحة العمومية القيام بالأَعْمَال الآتية:-
( أ ) الأبحاث أو التحاليل أو الاختبارات الكيميائية الطبية وإبداء آراء فِي مسائل أو تحاليل كيميائية طبية، وبوجه عَام مزاولة مهنة الكيمياء الطبية بأية صفة عامة كَانَت أو خاصة.
( ب) الأبحاث أو التحاليل أو الاختبارات البكتربولوچية، أو تحضير أي نوع من أنواع المستحضرات الحيوية، أو إبداء آراء فِي مسائل أو تحاليل بكتربولوچية، وبوجه عَام مزاولة مهنة البكتربولوچيا بأية صفة عامة كَانَت أو خاصة.
( ج ) الأبحاث أو التحاليل أو الاختبارات الباثولوچية أو تحضير أي نوع من أنواع المستحضرات الحيوية، أو إبداء آراء فِي مسائل أو تحاليل باثولوچية وبوجه عَام مزاولة مهنة الباثولوچيا بأية صفة عامة كَانَت أو خاصة “.
وينص فِي المادة (3) علي أنه “يشترط للقيد فِي السجل المَنْصُوص عَلَيْهِ فِي المادة ( 1 ) أن تتوافر فِي الطَّالب الشروط الآتية :
1- أن يَكُون مصري الجنسية أو من بلد تجيز قوانينه للمصريين مزاولة المهن المَنْصُوص عَلَيْهَا فِي المادة الأولي بها.
2- أن يَكُون حاصلا علي:
( أ ) بكالوريوس فِي الطب والجراحة من إحدى الجامعات المصرية وكذا علي دبلوم فِي الباثولوچيا الإكلينيكية .
(ب) أو بكالوريوس فِي الطب والجراحة أو فِي الصيدلة أو فِي العلوم ( الكيمياء ) أو فِي الطب البيطري أو فِي الزراعة من إحدى الجامعات المصرية، وكذا علي دَرَجَة أو شَهَادَةَ تخصص من إحدى الجامعات المصرية فِي الكيمياء الحيوية أو كيمياء تحليل الأغذية أو كيمياء تحليل الأدوية أو فِي البكتربولوچيا أو فِي الباثولوچيا حسب الأحوال.
(ج) ………
3- …………
وتَنَصّ المادة (4) من القَانُون المذكور عَلَى أنه “تقدر قيمة شهادات التخصص …. لجنة مكونة من ….. ”
وتَنَصّ المادة (6) من القَانُون سالف الذكر معدلة بالقَانُون رقم 270 لسَنَة 1955 علي أن “تنشأ بوزارة الصحة العمومية أربعة سجلات لقيد أسماء الأشخاص الَّذِينَ تتوافر فِيهِمْ الاشتراطات المَنْصُوص عَلَيْهَا فِي المواد السابقة. علي أن يخصص سجل لكل من الكيميائيين الطبيين والبكتربولوچيين والباثولوچيين والباثولوچيين الاكلينيكيين من الأطباء البشريين. ويجوز قيد الاسْم فِي أَكْثَر من سجل مَتَى توافرت فِي صاحبه الشروط اللازمة لقيده فِيهِ.
وتَنَصّ فِي المادة (75) عَلَى أنه “لا تخل أحكام هَذَا القَانُون بأحكام القوانين الآتية أو أي قَانُون آخر يحل محلها (أ) …. (ب) ….
ج- القَانُون رقم 142 لسَنَة 1948 الصادر بشأن مزاولة مهنة الطب والقوانين الْمُعدَّلة له . ء-….
ومن حَيْثُ إن المادة (1) من القَانُون رقم 415 لسَنَة 1954 فِي شَأْن مزاولة مهنة الطب تَنَصّ عَلَى أنه ” لا يجوز لأحد إبداء مشورة طبية أو عيادة مريض أو إجراء عملية جراحية أو مباشرة ولادة أو وصف أدوية أو علاج مريض أو اخذ عينة من العينات الَّتِي تحدد بقرار من وَزِير الصحة العمومية من جسم المرضى الآدميين للتشخيص الطبي المعملي بأية طريقة كَانَت أو وصف نظارات طبية وبوجه عَام مزاولة مهنة الطب بأية صفة كَانَت إلا إذا كَانَ مصريا ….. وكَانَ اسمه مقيدا بسجل الأطباء بوزارة الصحة العمومية وبجَدْوَل نقابة الأطباء البشريين …..”
ومن حَيْثُ إن مفاد ما تقدم – ووفقاً لما استقر عَلَيْهِ قَضَاء هَذِهِ المحْكَمَة – أن الْمُشَرِّع نظم مهن الكيمياء الطبية، والبكتربولوجية، والباثولوجية، والباثولوجية الإكلينيكية، وشروط مزاولتها، وحظر القيام بأعمال الأبحاث أو التحاليل أو الاختبارات الكيميائية الطبية والبكترويولوجية والباثولوجية أو تحضير أي نوع مِنْهَا أو إبداء آراء فِي مسائل أو تحاليل خاصة بِهَا أو مزاولة مهنة الكيمياء الطبية أو البكتربولوجية أو الباثولوجية بأي صفة كَانَت عامة أو خاصة لغير الأشخاص المقيدة أسماؤهم فِي السجل الخاص بوزارة الصحة من بين سجلات أربع ، خصص الأول لقيد الكيميائيين الطبيين، والثاني للبكتربولوجيين، والثالث للباثولوجيين، والرابع للباثولوجيين الإكلينيكيين من الأطباء البشريين، واشترط الْمُشَرِّع فيمن يقيد فِي أي من السجلات الثَلَاثَة الأول تمهيداً لمزاولة إحدى هَذِهِ المهن أن يكون حاصلاً عَلَى بكالوريوس الطب والجراحة أو الصيدلة أو العلوم تخصص كيمياء أو فِي الطب البيطري أو فِي الزراعة من إحدى الجامعات المصرية بالإضافة إِلَى شَهَادَةَ تخصص – دبلوم فِي الكيمياء الحيوية أو كيمياء تحليل الأغذية أو كيمياء تحليل الأدوية أو البكتربولوجيا أو الباثولوجيا .

ومن حَيْثُ إن الْمُشَرِّع أناط باللجنة المَنْصُوص عَلَيْهَا فِي المادة (4) من القَانُون رقم 367 لسَنَة 1954 المشار إِلَيْهِ تقدير قيمة شَهَادَةَ التخصص بِمَا يعطي للجنة – فضلاً عَن الاختصاص بتحديد السجل الَّذِي يقيد فِيهِ طالب القيد – تحديد المجال الَّذِي يتيحه له التأهيل العلمي الحاصل عَلَيْهِ من الأَعْمَال الموصوفة بالسجل ” إنسان – حيوان – نبات – مواد وغَيْر ذلِكَ من أنواع التخصص الَّذِي يتيحه القيد بالسجل ” بِمَا يعني أن اللجنة تحدد السجل وأيضاً نوع التخصص الَّذِي يرخص به لطالب القيد فِي مزاولته بين الأَعْمَال الموصوفة بالسجل الَّذِي يقيد به، والقول بغير ذلِكَ يجعل نَصَّ الْمُشَرِّع عَلَى تقدير قيمة شَهَادَةَ التخصص من جانب اللجنة لغواً لا قيمة له.
ومن حَيْثُ إن اللجنة المشار إِلَيْهَا وهِيَ تمارس اختصاصاتها تتمتع بسلطة تقديرية لا يحدها إلا الانحراف بِهَا أو إساءة استعمالها أو الإخلال بأحكام القَانُون الصادر فِي شَأْن مزاولة مهنة الطب عَلَى نحو ما نَصَّت عَلَيْهِ المادة 75 من القَانُون رقم 367 لسَنَة 1954 والَّذِي بمقتضاه حظر الْمُشَرِّع – بوجه عَام – فِي المادة (1) منه مزاولة مهنة الطب بأية صفة كَانَت عَلَى غَيْر الأطباء البشريين المقيدة أسماؤهم فِي سجل الأطباء بوزارة الصحة وبجَدْوَل نقابة الأطباء البشريين.
ومن حَيْثُ إن إجراء التحاليل الطبية المتعلقة بالإنسان يعد جَزَءا من مزاولة مهنة الطب – ومن ثمَّ فلا يجوز الترخيص لغير الأطباء البشريين المقيدين بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجَدْوَل نقابة الأطباء البشريين وبأي من السجلات المَنْصُوص عَلَيْهَا فِي المادة (6) من القَانُون رقم 367 لسَنَة 1954 بإجراء تحليل العينات ومن المرضى البشريين ووفق الشروط والمؤهلات العلمية المُوضَّحة بالمادة (3) من ذَات القَانُون .
ولا ينال من ذلِكَ القول بأن الْمُشَرِّع فِي المادة (1) من القَانُون رقم 415 لسَنَة 1954 قصر الحظر الوارد بالمادة عَلَى غَيْر الأطباء البشريين – عَلَى أخذ عينة من العينات الَّتِي تحدد بقرار من وَزِير الصحة من جسم المرضى الأدميين للتشخيص الطبي المعملي بأية طريق كَانَت – وأن أخذ العينة من المرضى الآدميين يختلف تماماً عَن تحليل هَذِهِ العينات فِي مجال الكيمياء الطبية والبكتربولوجية والباثولوجية ويجوز للأشخاص الحاصلين عَلَى المؤهلات ودرجات التخصص المَنْصُوص عَلَيْهَا فِي المادة 3 / ب من القَانُون رقم 367 لسَنَة 1954 المشار إِلَيْهِ – كل فِي تخصصه – وأنه لا يجوز قصر إجراء تحليل هَذِهِ العينات عَلَى الأطباء البشريين فقط . إذ أن هَذَا التفسير قَدْ اجتزأ من نَصَّ المادة المذكورة – حظر أخذ العينة – حال أن نَصَّ المادة قَدْ حظر – بوجه عَام – مزاولة مهنة الطب بأية صفة كَانَت إلا للأطباء البشريين المقيدين بسجل الأطباء بوزارة الصحة وبجَدْوَل نقابة الأطباء البشريين، وأن تحليل العينات من جسم الإنسان جزء لا يتجزأ من مزاولة مهنة الطب، ونَصَّ المادة (1) من القَانُون رقم 415 لسَنَة 1954 يجب أن يفسر بمراعاة أنه يتَعَلَّق بالصحة العامة للإنسان والَّذِي يجب ألا يتدخل غَيْر الأطباء البشريين المتخصصين فِي شأنه بأي وجه من الوجوه، وأن الأصل فِي النصوص التشريعية هُوَ ألا تحمل عَلَى غَيْر مقاصدها وألا تفسر عباراتها يما يَخْرُج بِهَا عَن معناها وأن المعاني الَّتِي يدل عَلَيْهَا النَّصَّ المشار إِلَيْهِ والَّتِي ينبغي الوقوف عندها هِيَ تِلْكَ الَّتِي تعتبر كاشفة عَمَّا قصده الْمُشَرِّع مِنْهَا مبينة حقيقة وجهته وغايته من إيرادها وهِيَ الحفاظ عَلَى الصحة العامة للإنسان وألا يوكل أمره إِلَى غَيْر طبيب مؤهل تأهيلاً علمياً عِنْد الحاجة.
ومن حَيْثُ إنه لما كَانَ ما تقدم، وكَانَ الثابت أن المطعون ضدها حاصلة عَلَى بكالوريوس فِي العلوم الطبية البيطرية ودبلوم الدراسات العُلْيَا فِي الميكروبيولوجي وتقدمت بطلب لقيدها بسجل البكتريولوجين والترخيص لَهَا بمزاولة مهنة التحاليل الطبية البشرية، إلا أن اللجنة رفضت قيدها بالسجل والترخيص لَهَا بمزاولة المهنة لكونها غَيْر مستوفاة للشروط المطلوبة لمزاولتها، لأنها ليست من الأطباء البشريين المقيدين بسجل الأطباء بوزارة الصحة، وغَيْر مقيدة بجَدْوَل نقابة الأطباء البشريين، ومن ثمَّ يكون قَرَار الجهة الإدارية المطعون فِيهِ بعدم الموافقة عَلَى قيدها بسجل البكتريولوجيين، وعَدَم الترخيص لَهَا بمزاولة مهنة التحاليل الطبية البشرية يتفق وصحيح حُكْم القَانُون، الْأَمْر الَّذِي تكون معه الدعوى غَيْر قائمة عَلَى سند من القَانُون، خليقة بالرفض.
ومن حَيْثُ إن الْحُكْم المطعون فِيهِ لَمْ يسلك هَذَا المذهب فإن يكون قَدْ صدر مخالفاً لأحكام القَانُون، خليقاً بالإلغاء، والقضاء برفض الدعوى.
وحَيْثُ إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملاً بنَصَّ المادتين رقمي 186، 270 من قَانُون المرافعات.
فلهَذِهِ الأسْبَاب
حَكَمْتُ الْمحْكَمَة: بقبول الطعن شكلاً، وفِي الْمَوضُوع بإلغاء الْحُكْم المطعون فيه، والقضاء مُجَدَّداً برفض الدعوى، وألزمت المطعون ضدها المَصْروفات عَن درجتي التَّقاضي.
صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المُنعقدة يوم السبت العاشر من رمضان سنة 1439هجرية الموافق 26/5/2018 ميلادية بالهيئة المُبِينة بصدره

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .