الطعن 2273 لسنة 57 ق جلسة 7 / 11 / 1989 مكتب فني 40 ج 3 ق 319 ص 29

جلسة 7 من نوفمبر سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، ماهر البحيري، محمد جمال حامد وأنور العاصي.
—————
(319)
الطعن رقم 2273 لسنة 57 القضائية

(1، 2 ) مسئولية “مسئولية تقصيرية” “إساءة استعمال الحق: الإبلاغ عن الجرائم”. دعوى. تعويض.
(1)المسئولية عن استعمال حق التقاضي أو الدفاع في الدعوى. شرطه. الانحراف عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق بقصد الإضرار بالخصم.
(2)الإبلاغ عن الجرائم. عدم اعتباره خطأً تقصيرياً ما لم يثبت كذب البلاغ وتوافر سوء القصد أو صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.
(3،4 ) محكمة الموضوع. تعويض. نقض “سلطة محكمة النقض”. مسئولية. حكم عيوب التدليل: “الخطأ في القانون” “فساد الاستدلال”.
(3) استخلاص الفعل المؤسس عليه طلب التعويض من سلطة محكمة الموضوع متى كان استخلاصاً سائغاً. تكييف الفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(4)تأسيس طلب التعويض على ما قضى به ببراءة المطعون ضده عما أبلغت به الطاعنة جهات الاختصاص من امتناعه عن تسليمها بعض منقولات الزوجية وتقاضيه منها مقدم إيجار استدلت عليه بإيصال موقع عليه منه. لا يكفي لإثبات كذب الوقائع المبلغ بها وانحراف الطاعنة عن حق التقاضي. القضاء بالتعويض رغم ذلك. خطأ في القانون وفساد في الاستدلال.

————–
1 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني على أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وأن استعمال الحق يكون غير مشروع أذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير. وهو ما يتحقق بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق وأن حق التقاضي وحق الدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكاً بحق يدعيه لنفسه أو ذوداً عن هذا الحق إلا إذا ثبت انحرافه عنه إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق وابتغاء الأضرار بالخصم.
2 – تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطأً تقصيرياً يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها وأن التبليغ صدر عن سوء قصد بغية الكيد والنيل والنكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط.
3 – استخلاص الفعل الذي يؤسس عليه طلب التعويض وإن كان يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق وأن تكييف هذا الفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض.
4 – لما كان الثابت من الشكوى…… والجنح الثلاث التي تلتها أن المطعون ضده لم يسلم الطاعنة بعض منقولاتها موضوع تلك الشكوى فلما رفعت عليه الجنحة الأولي لهذا السبب عرض عليها قيمة بعض هذه المنقولات فقبلتها منه وأنها أبلغت النيابة العامة في الجنحة الثانية بأنه تقاضى منها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كمقدم إيجار واستدلت على ذلك بإيصال موقع منه يؤيد بلاغها، وأن النيابة العامة هي التي رفعت عليه الدعوى الجنائية عن هذه الواقعة فقضي فيها وفي الجنحة الثالثة بالبراءة لعدم الاطمئنان لأدلة الاتهام وكان مؤدى ما تقدم أن الأفعال التي تأسس عليها طلب التعويض لا يفيد انحراف الطاعنة عن حقها في التقاضي إلى الكيد والعنت واللدد في الخصومة ولا تتضمن ما يكفي لإثبات كذب الوقائع المبلغ بها، ومع ذلك أقام الحكم قضاءه بالتعويض علي أن الطاعنة أساءت بالأفعال المشار إليها استعمال حقها في التقاضي ابتغاء مضارة المطعون ضده – وهو من الحكم استخلاص غير سائغ وتكييف للأفعال غير صحيح – فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه فساد في الاستدلال.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 498 سنة 1986مدني الفيوم الابتدائية على الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ ثلاثين ألف جنيه، تأسيساً على أنه كان قد تزوج بها واختلفا فاتهمته كذباً بالتبديد والإتلاف والسب والبلاغ الكاذب وبأنه تقاضى منها مقدم إيجار بالمخالفة للقانون، وحفظت النيابة شكواها عن التهمة الأولى وقضي ببراءته عن الاتهامات جميعها، ولما كانت هذه الاتهامات قد ألحقت به أضراراً مادية وأدبية بقدر التعويض عنها بالمبلغ المشار إليه فقد أقام دعواه بطلب الحكم له بهذا المبلغ، ومحكمة أول درجة حكمت بتاريخ 11/ 11/ 1986 بإلزام الطاعنة بأن تؤدي إليه مبلغ ثلاثة ألاف جنيه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف 549 سنة 22 ق بني سويف، وبتاريخ 11/ 6/ 1987 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أنها أساءت استعمال حقها في التقاضي بأن اتهمت المطعون ضده بتبديد أعيان جهازها وثبت من التحقيقات وجود هذه الأعيان بمسكنها. فقضي ببراءته منها، كما قضي ببراءته من باقي الاتهامات في حين أن الثابت من التحقيقات المشار إليها أنه لم يسلمها كل منقولاتها فاضطرت لرفع الجنحة المباشرة عليه فعرض عليها قيمة بعض هذه المنقولات فقبلتها مما يقطع بأنها كانت تستعمل حقها استعمالاً مشروط، كما أن الثابت من أوراق جنحة أمن الدولة أنه حرر لها إيصالاً يفيد تقاضيه منها ثلاثة آلاف جنيه كمقدم إيجار، وأن النيابة العامة هي التي رفعت عليه الدعوى الجنائية عن هذه الواقعة، كما أن الوقائع التي نسبتها إليه في الجنحة الأخرى وقائع صحيحة وبنيت البراءة فيها على أساس قيام علاقة الزوجية وإذ كان مؤدي ذلك كله أنها لم تتعسف في استعمال حق التقاضي وكان الحكم المطعون فيه قد ذهب إلى ما يخالف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه فساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث أن هذا النعي في محله، ذلك أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن النص في المادتين الرابعة والخامسة من القانون المدني على أن من استعمل حقه استعمالاً مشروعاً لا يكون مسئولاً عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وأن استعمال الحق يكون غير مشروع أذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، وهو ما يتحقق بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق وأن حق التقاضي وحق الدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكاً بحق يدعيه لنفسه أو ذوداً عن هذا الحق إلا إذا ثبت انحرافه عنه إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق وابتغاء الإضرار بالخصم. وأن تبليغ الجهات المختصة بما يقع من الجرائم لا يعد خطأً تقصيرياً يستوجب مسئولية المبلغ إلا إذا ثبت كذب الواقعة المبلغ بها وأن التبليغ صدر عن سوء قصد وبغية الكيد والنيل والنكاية بمن أبلغ عنه أو ثبت صدور التبليغ عن تسرع ورعونة وعدم احتياط وأن استخلاص الفعل الذي يؤسس عليه طلب التعويض وإن كان يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع إلا أنه يشترط أن يكون هذا الاستخلاص سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق وأن تكييف هذا الفعل بأنه خطأ أو نفي هذا الوصف عنه هو من مسائل القانون التي تخضع لرقابة محكمة النقض. ولما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الشكوى 1410 سنة 1983 إداري قسم الفيوم والجنح الثلاث التي تلتها أن المطعون ضده لم يسلم الطاعنة بعض منقولاتها موضوع تلك الشكوى فلما رفعت عليه الجنحة الأولي لهذا السبب عرض عليها قيمة بعض هذه المنقولات فقبلتها منه وأنها أبلغت النيابة العامة في الجنحة الثانية بأنه تقاضى منها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كمقدم إيجار واستدلت على ذلك بإيصال موقع منه يؤيد بلاغها، وأن النيابة العامة هي التي رفعت عليه الدعوى الجنائية عن هذه الواقعة فقضي فيها وفي الجنحة الثالثة بالبراءة لعدم الاطمئنان لأدلة اتهام وكان مؤدى ما تقدم أن الأفعال التي تأسس عليها طلب التعويض لا تفيد انحراف الطاعنة عن حقها في التقاضي إلي الكيد والعنت واللدد في الخصومة ولا تضمن ما يكفي لإثبات كذب الوقائع المبلغ بها، ومع ذلك أقام الحكم قضاءه بالتعويض علي أن الطاعنة أساءت بالأفعال المشار إليها استعمال حقها في التقاضي ابتغاء مضارة المطعون ضده – وهو من الحكم استخلاص غير سائغ وتكييف للأفعال غير صحيح – فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه فساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .