ان الوسيط التجاري اذا قام بمهمته المكلف بها وتم ابرام العقد بين الطرفين يستحق اجره المتفق عليه والاصل ان لا يستحق سوى هذا الاجر بخلاف الوكيل الذي يستحق الاجر وما انفق من مصاريف في سبيل إنجاز مهمته ، لذلك يتحمل الوسيط المصاريف العادية اللازمة لمباشرة مهنته اذ تدخل في نطاق عمل الوساطة ويغطيها الاجر المتفق عليه (1)، ولكن الوسيط قد يكلف بمهام معينة من قبل الموسط تتطلب انفاق مصاريف كثيرة كالسفر مثلا الى محل المتعاقد او الاعلان بالصحف او الاستعانة بخبير لفحص البضاعة محل الصفقة وفي هذه الحالة يكون له الحق بالمطالبة بهذه المصاريف التي انفقها سواء تمت الصفقة او لم تتم اذ تعتبر مثل هذه المصروفات غير عادية لا تدخل في نطاق اداء المهمة المكلف بها ولا يغطيها الاجر المتفق عليه (2).

وذهب رأي في الفقه الى ان الوسيط التجاري لا يمكنه الرجوع بهذه المصاريف على العميل ( الموسط ) ما لم يكن مأذوناً له بالصرف إذ يعتبر متبرعا إذا قام بإنفاق هذه المصاريف من تلقاء نفسه (3). في حين ذهب رأي اخر الى انه يجوز للوسيط التجاري مطالبة العميل بهذه المصاريف حتى اذا لم يكن مأذوناً له بالصرف وفي حالة عدم الاذن لا يمكن ان نعتبره متبرعا لانه لا يمكن تصور وجود نية التبرع عند الوسيط وان مجرد عدم صدور الاذن بالتبرع لا يمكن اتخاذه حجة لعدم دفع المصاريف اللازمة لإنجاز المهمة المكلف بها إذ يعتبر تكليف الوسيط بالقيام بمهمته وعقد الصفقة امراً ضمنياً بالصرف ولا يمكن إبرام هذا العقد دون صرف معتدل (4).

وقد حسمت هذه المسألة بنصوص قانونية صريحة في القانون المصري والاردني ولكنها لم تعالج بنص في القانون العراقي اذ جاء خاليا من الاشارة الى هذه المسألة اذ تنص المادة 199 من قانون التجارة المصري على (( لا يجوز للسمسار استرداد المصاريف التي انفقها في تنفيذ العمل المكلف به الا اذا اتفق على ذلك ، وفي هذه الحالة يستحق السمسار المصاريف ولو لم يبرم العقد )) ويقابل هذه المادة الفقرة الثالثة من المادة (101) من قانون التجارة الاردني (5).

واستنادا الى هذه النصوص فإن للوسيط التجاري الحق في استرداد المصاريف التي انفقها في سبيل تنفيذ مهمته اذا تم الاتفاق على ذلك صراحة في عقد الوساطة وقد يكون هذا الاتفاق اثناء إبرام عقد الوساطة او لاحقا له فالمهم ان يشترط صراحة ارجاع هذه النفقات التي صرفت اثناء محاولة إبرام العقد فمن حق الوسيط التجاري ان يشترط ارجاع جميع النفقات والمصاريف التي انفقها في سبيل انجاز مهمته ويستحق الوسيط هذه النفقات والمصاريف حتى في حالة فشله في مهمته وعدم ابرام العقد نتيجة عدم العثور على المتعاقد الاخر مثلا او عدم نجاحه في التقريب بين الطرفين (6) ، اما اذا لم يتم الاتفاق على استرداد هذه المصروفات فليس للوسيط التجاري المطالبة بما صرفه سواء كانت مصروفات عادية او غير عادية اذ تعتبر من مستلزمات طبيعة عمل الوسيط ومخاطر مهنة الوساطة ويغطيها الاجر المتفق عليه (7). إن الوسيط التجاري يسقط حقه في استرداد المصروفات وكذلك في الحصول على الاجر اذا ارتكب غشا في تنفيذ العمل المعهود اليه كأن يتواطأ مع المتعاقد الاخر على الإضرار بمصلحة عميله كان يتفق على إخفاء عيوب البضاعة او التستر على نقص الاهلية .

____________________

[1]- ينظر : د. علي جمال الدين عوض ، المصدر السابق ، ص 124 .

2- ينظر : د. محمد حسين اسماعيل ، المصدر السابق ، ص 347 ؛ وكذلك : حسني المصري ، المصدر السابق ، ص 189 .

3- ينظر : د. سليمان بيات ، المصدر السابق ، ص 88 ؛ وكذلك : د. حافظ محمد ابراهيم ، المصدر السابق، ص 191.

4- ينظر : صابر العمري ، المصدر السابق ، ص 105 .

5- نصت الفقرة الثانية من المادة (100) من القانون الاردني على (( اذ اشترط ارجاع النفقات التي صرفها السمسار ترجع له وان لم يتم الاتفاق )) .

6- ينظر : د. زهير عباس كريم ، المصدر السابق ، ص 393 .

7- ينظر : د. سميحة القليوبي ، العقود ، المصدر السابق ، ص 521 .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .