دعوى صحة ونفاذ عقد البيع
دعوى صحة التعاقد تعد وسيلة لإجبار البائع على تنفيذ إلتزامه بنقل الملكية تنفيذاً عينياً، يحصل بموجبها المشتري على حكم يقوم مقام تسجيل العقد في نقل الملكية.

فإذا امتنع البائع عن تنفيذ إلتزامه بنقل الملكية والقيام بالأعمال اللازمة لذلك، جاز للمشتري إجباره على تنفيذ هذا الإلتزام عيناً وذلك عن طريق الدعوى سالفة الذكر.

ألقت المادة 466 من القانون المدني على عاتق البائع عبئ القيام بكل ما هو ضروري لنقل الملكية إلى المشتري.

كما نصت المادة 71 من القانون المدني على أنه إذا أخل أحد طرفي العقد الإبتدائي بإلتزامه بإبرام العقد النهائي كان للطرف الآخر إذا لم يكن مخلاً بإلتزاماته أن يطلب الحكم في مواجهته بصحة العقد الإبتدائي ونفاذه ويقوم العقد بصحة ونفاذ عقد العقد الإبتدائي مقام العقد النهائي.

تنطبق هذه الدعوى على كافة العقود بما فيها البيع العقاري، يرفعها المشتري في مواجهة البائع أو ورثته فإذا امتنع الأخير عن القيام بالأعمال الضرورية لتسجيل العقار المبيع، وذلك بغرض إجباره على القيام بهذه الأعمال وليس ثمة ما يمنع أن يرفعها البائع على المشتري أيضاً.

وتعد دعوى صحة ونفاذ عقد البيع دعوى شخصية يستند فيها إلى حقه الشخصي المتولد عن عقد البيع غير المسجل، فهو لا يطالب بتثبيت ملكيته فهو ليس مالكاً بالعقد المسجل كما تتميز بأنها دعوى عقارية الهدف منها الحصول على حق عيني على عقار لذا تختص بها المحكمة التي يقع في دائرتها العقار أو محكمة مواطن المدعى عليه.

من يحق له رفع دعوى صحة ونفاذ عقد البيع ؟

المدعي في دعوى صحة التعاقد هو المشتري أصلاً كما رأينا ولكن يجوز للبائع أن يكون مدعياً طالباً الحكم بصحة ونفاذ التعاقد عن عقد البيع الصادر منه إلى المشتري لكن بشرط أن يكون له مصلحة في رفع الدعوى.

كما أجازت المادة 308/1 مدني لدائني المشتري رفع دعوى صحة التعاقد باسم مدينهم على أساس الدعوى غير المباشرة إذا سكت عن استعمال حقه في رفع الدعوى وتوافرت الشرائط الأخرى.

كما أن دعوى صحة التعاقد دعوى موضوعية تتناول حقيقة التعاقد ومداه ونفاذه، والحكم الصادر فيها مقرراً لا منشئاً يبحث أساس ملكية البائع للعقار وشروط صحة العقد وأركانه وما يتعلق بالثمن والصورية وخلافه.

إذا كان البيع باطلاً أو قابل للإبطال ورفع البائع دعوى فرعية طالباً إبطاله فإذا حكم القاضي بالبطلان سيقضي حتماً برفض دعوى صحة التعاقد. وكذلك إذا طلب البائع فسخ العقد وحكمت المحكمة بذلك تقضي أيضاً برفض دعوى صحة التعاقد.
وإذا كان البيع صورياً صورية مطلقة معنى ذلك أن العقد لا وجود له قانوناً فتحول دون الحكم بصحته ونفاذه.
وإذا باع المشتري الأول قبل التسجيل العقار لمشتري ثاني لم يسجل وجب على المشتري أن يختصم في دعواه البائع للبائع له ليطلب الحكم بصحة العقد الصادر منه وإلا كانت دعواه غير مقبولة.
وفي حالة وفاة المشتري يجوز لورثته رفع دعوى صحة التعاقد على البائع أو ورثته في حالة وفاته وقد جرى قضاء محكمة النقض المصرية بأنه يصح البيع بالنسبة لمن يقربه من الورثة ولا يصح بالنسبة لمن يطعن منهم فيه.

وفي الواقع العملي نجد ثمة بيع يقوم فيه البائع ببيع العقار إلى مشتري أول وقبل أن يقوم المشتري بتسجيل العقد يقوم البائع بالبيع إلى مشتري ثانٍ فهل يجوز للأخير رفع دعوى مباشرة على البائع له المشتري الأول أم برفعها على البائع الأصلي ؟

يبدو لأول وهلة أن لا يمكن للمشتري الثاني رفع دعوى صحة التعاقد على البائع الأصلي لعدم وجود علاقة تعاقدية بينهما إلا أن المادة 308 من القانون المدني أجازت له استعمال حق المشتري الأول (البائع له) في مطالبة البائع الأصلي بتنفيذ إلتزامه قبل المشتري الأول وباسم المشتري الأول عن طريق الدعوى غير المباشرة ولا فائدة من رفع المشتري الثاني دعوى مباشرة على البائع له (المشتري الأول) طالما أنه لم يسجل سند ملكه فإذا امتنع البائع الأصلي عن القيام بإجراءات التسجيل فلا يمكن للأخير إجباره على تنفيذ الإلتزام عن طريق دعوى صحة التعاقد إذا تبين أن البيع الصادر منه إلى البائع له غير صحيح أو غير واجب النفاذ.

كما أن البائع يعفى من التنفيذ العيني للإلتزام بنقل الملكية إذا أصبح التنفيذ مستحيلاً لسبب أجنبي لا يد للبائع فيه.

كيف أحصل على حكم بصحة ونفاذ البيع ؟

بدايةً يجب أن تكون دعوى صحة ونفاذ عقد البيع مقبولة ولا تكون الدعوى مقبولة إلا إذا توافر فيها ثلاث شروط :-

الشرط الأول: أن يكون التسجيل الناقل للملكية ممكناً.

لا يمكن إجبار المدين على تنفيذ الإلتزام عيناً إلا إذا كان ممكناً فلا يحكم للمشتري بصحة ونفاذ البيع إلا إذا كان انتقال الملكية آلية وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين وبالتالي لا يجوز الحكم بصحة التعاقد إذا كان البائع غير مالك للعقار لأن الملكية لا تنتقل إلى المشتري إلا أن كان البائع مالكاً.

ولا يجوز للمحكمة في حالة توالي البيوع أن تحكم بصحة تعاقد المشتري الأول إذا سبق المشتري الثاني في التسجيل.

الشرط الثاني : الوفاء بكامل الثمن.

البيع عقد ملزم للجانبين لا يجوز فيه للمشتري إجبار البائع على تنفيذ إلتزامه بنقل الملكية برفع دعوى صحة ونفاذ البيع مالك يكن المشتري نفسه قد أوفى بإلتزاماته وأهمها دفع الثمن وإلا جاز للبائع أن يدفع بعدم قيام المشتري بتنفيذ إلتزاماته.

كما أنه إذا صدر حكم نهائي في دعوى صحة التعاقد دون الفصل في أمر الباقي من الثمن فإن ذلك لا يمنع البائع من المطالبة به أو طلب فسخ العقد بدعوى جديدة لاختلاف دعوى صحة التعاقد عن دعوى الفسخ سبباً وموضوعاً.

الشرط الثالث: وجوب تسجيل صحيفة الدعوى.

إن الحكم بصحة ونفاذ العقد يقوم مقام تسجيل العقد من حيث إنتقال ملكية العقار إلى المشتري إذا قام المشتري بتسجيل الحكم بالصحة والنفاذ.

ولما كان نظر الدعوى والحكم فيها يستغرق عادةً وقتاً يمكن فيه للبائع التصرف مرة أخرى في العقار بالبيع أو الرهن أو غير ذلك في مواجهة المشتري وحماية للمشتري من هذه التصرفات أوجب المشرع بالمادة 11 من قانون التسجيل العقاري شهر دعوى صحة التعاقد بتسجيل صحيفتها بعد إعلانها وغيرها بجدول المحكمة وبذلك يصبح المشتري في مأمن من تصرفات البائع وعند حصول المشتري على حكم بصحة ونفاذ عقد البيع أُشر بمنطوق النهائي على هامش تسجيل الصحيفة وعندها يكون الحكم حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداء من تاريخ تسجيل الصحيفة وليس تاريخ الحكم.

وعلى ذلك فإن حماية المشتري عملياً لا تنشأ إلا من الوقت الذي يقوم فيه بتسجيل صحيفة الدعوى على النحو السابق .

وعليه فإن كل من بيده عقد بيع وخاصة عقود البيع العقارية إذا وفى بإلتزاماته وتعنت الطرف الآخر في تسجيل البيع فإن لكل طرف الحق في إلزام الطرف الآخر بتسجيل البيع واستصدار حكم من المحكمة بصحة ونفاذ عقد البيع من خلال دعوى صحة التعاقد وفقاً للقواعد السابق شرحها.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت

مكتب المحامية موضي الموسى