يقوم هذا النوع من الملكية ، وفقاً للتصوير الذي اخذ به القانون المدني العراقي على اساس ملكية مفرزة هي ملكية الطبقات (العلو والسفل ) التي يشتمل عليها البناء أو الدار ، وملكية شائعة في الاجزاء المعدة للاستعمال المشترك عليها البناء أو الدار ، وملكية شائعة في الاجزاء المعدة للاستعمال المشترك إذا تبين من سندات المالك ذلك. فنبحث في حقوق والتزامات الملاك في هذين النوعين من الملكية.

المطلب الأول : حقوق والتزامات الملاك في الملكية المفرزة

تقوم ملكية العلو والسفل على أساس ان كل مالك يملك طابقاً، علواً او سفلاً، ملكية خالصة ، ارضاً وسقفاً وجدرانها وابواب ونوافذ . فمالك العلو او السفل يملكه بجميع اجزائه حتى الاجزاء المعدة للاستعمال المشترك مالم يقم الدليل على خلاف ذلك (1). فملكية العلو او السفل التي يحتويها البناء غير مشاعة بين ملاك الطبقات المتعددة ، وان كان من الجائز ان يكون الطابق مملوكاً على الشيوع لملاك متعددين. وحيث ان كل مالك يملك على وجه الاستقلال علوه أو سفله. فيكون له ما للمالك في الملكية التامة المفرزة من حقوق . فله ان يستعمله بنفسه أو ان يستغله بتأجيره ، وله ان يتصرف فيه ببيع او هبة او رهن او وصية او بغير ذلك من انواع التصرفات دون ان يتوقف ذلك على اذن أو اجازة من الملاك الآخرين. وله ان يجري في ملكية ما شاء من تعديل او تحسين . وكما ان كل طابق ينقسم إليه البناء يكون مملوكاً ملكية مستقلة لاحد الاشخاص فيكون له وحدة ما للملاك من حقوق ، فإن عليه وحده يقع عبء ما يقتضيه ملكه من نفقات. فحق كل مالك هو حق الملكية التامة المفرزة ولكن يتعلق بها حق الغير. ذلك ان الوضع الخاص الذي يربط ما بين العلو والسفل فيجعل احدهما يتأثر بما يجري في الآخر يقتضي فرض قيود والتزامات على ملكية صاحب العلو وصاحب السفل لصالح الآخر. وتتفرع هذه الالتزامات من حق القرار الدائم للعلو على السفل المعروف في الفقه الاسلامي ومجلة الاحكام العدلية (2). وقد اخذ القانون المدني العراقي هذه الالتزامات عن المجلة (3).

فنتكلم في التزامات صاحب السفل اولاً ، ثم في التزامات صاحب العلو

أولاً ــ التزامات صاحب السفل :

يتبين من قراءة نصوص المواد (1084 و 1085 و 1086 ف2) من القانون المدني العراقي ان صاحب السفل يلتزم بما يأتي :

(1) القيام بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو :

فالالتزام الأول الذي يلتزم به صاحب السفل هو ان يقوم بالأعمال والترميمات اللازمة لمنع سقوط العلو كصيانة السقف وترميمه أو صيانة الاعمدة التي تحمله. وهذه الأعمال والترميمات التي يلتزم بها صاحب السفل هي الاعمال الخاصة بالسفل نفسه ، فلا يلتزم صاحب السفل باجراء اي عمل في العلو نفسه لمنع سقوطه.

وإذا اخل صاحب السفل بالتزامه هذا وترتب على ذلك تعديد بسلامة العلوم ، جاز لصاحب العلو أن يقوم بذلك بإذن من صاحب السفل أو بإذن من القضاء على نفقة صاحب السفل. ولصاحب العلو أن يرجع على صاحب السفل بما انفقه بالقدر المعروف ولصاحب العلو كذلك ان يقوم بهذه الاعمال ولو بدون استئذان المحكمة او صاحب السفل ، ولكنه في هذه الحالة لا يستطيع الرجوع على صاحب السفل إلا بالأقل من قيمتي البناء وقت العمارة أو وقت الرجوع. ويكون لصاحب العلو لاسترداد ما أنفقه من مصروفات الحق في حبس السفل عن صاحبه حتى يستوفي حقه إذا كانت الترميمات قد اقتضت اخلاه السفل وتسليمه لصاحب العلو ، كما يجوز لصاحب العلو ان يحقل على اذن من القضاء في إيجار السفل أو سكناه استيفاء لحقه (م1085 ف2). وهذا الحكم الذي يتفق مع القواعد المقررة في مجلة الاحكام العدلية (4) يفضل نظرنا الحكم الذي تقرره بعض التشريعات العربية(5)والذي يجيز لصاحب العلو ان يطلب من القضاء الامر ببيع السفل لمن يشتريه ويقوم بترميمه في حالة امتناع صاحبه عن القيام بالأعمال اللازمة لمنع سقوط العلو (6).

(2) اعادة بناء السفل إذا انهدم:

اما الالتزام الثاني الذي يلتزم به صاحب السفل التزامه باعادة بناء السفل إذا انهدم . ويفرق المشرع العراقي ، في مسألة انهدام السفل. بين حالتين :

(الحالة الاولى) ان ينهدم السفل بفعل من صاحبه (م1084) ، ففي هذه الحالة يجبر صاحب السفل على اعادة بنائه لتعديه . لأن الهدم قد اتلف العلو الملحق بملكه ، فيلزمه الضمان كما يلزم في حالة اتلاف ملك الغير.

(الحالة الثانية) ان ينهدم السفل بدون تعد من صاحبه (م1085) . كأن يحترق أو يسقط بسبب وهن أو زلزال ، ففي هذه الحالة يلتزم صاحب السفل كذلك باعادة بنائه. فإن امتنع وعمره صاحب العلو بإذن من صاحب السفل أو بأذن من المحكمة فأنه يرجع عليه بما انفقه بالقدر المعروف. وإن عمره بلا اذن فليس له الرجوع إلا بالأقل من قيمتي البناء وقت العمارة أو وقت الرجوع. ولصاحب العلو . في سبيل استيفاء ما انفق ، ان يحبس السفل في يده ، ويجوز له ايضاً ان يحصل على اذن من المحكمة في ايجار اسفل أو سكناه استيفاء لحقه.

والمفروض ، حتى ينشأ التزام صاحب السفل باعادة بنائه ، أن يكون السفل قد انهدم فعلاً. أما إذا كان السفل يهدد بالانهدام دون ان ينهدم بالفعل ، فلا يجوز لصاحب العلوان يطلب هدم البناء واعادة بناء السفل بدعوى ان السفل آبل للانهدام ، ولكن يكون له في هذه الحالة ان يلجاً إلى السلطة الادارية المختصة لتأمر بهدم السفل ، ثم يطالب باعادة بنائه (7).

ونرى ان تمييز المشرع العراقي في انهدام السفل بين ما إذا كان هذا الانهدام بتعد من صاحب السفل أو بدون تعد منه أمر محل نظر سواء من حيث النتيجة أو من حيث رجوع صاحب العلو على صاحب السفل بما انفقه في اعادة البناء. وإذا كان المشرع قد اقتبس التمييز بين حالتي الانهدام من المجلة ، فإنه قد خالفها في حكم الحالة الثانية. فالمجلة لم تجز في حالة انهدام السفل بدون تعد من صاحبه اجباره على اعادة بنائه ، فالقاعدة ، في الفقه الاسلامي هي أنه لا يجوز اجبار احد على عمارة ملكه ، ولم يكن من صاحب السفل في هذه الحالة تعد على حق صاحب العلو . وكان من الأفضل أن يقرر المشرع العراقي الزام صاحب السفل باعادة بنائه إذا انهدم سواء كان الانهدام بفعل منه او بدون فعل منه ، لأن لصاحب العلو حق القرار على السفل . ولا سبيل لاستعمال هذا الحق إلا إذا اعيد بناء السفل.

(3) إلا بحدث صاحب السفل في سفله ما يضر بالعلو :

اما الالتزام الثالث الذي يلتزم به صاحب السفل فهو انه لا يجوز له ان يحدث فيه ما يضر بالعلو ، لما انه إذا انهدم السفل وأعاد صاحبه بناءه فإنه يجوز له أن يزيد في ارتفاع سفله بما لا يضر صاحب العلو ، مع مراعاة القوانين الخاصة بالبناء (م 1086 ف2).

ثانياً – التزامات صاحب العلو :

تقضي المادة (1086 ف1) من القانون المدني العراقي بأنه : “لا يجوز لذي العلو ان يبني في علوه بناء جديداً ولا ان يزيد في ارتفاعه بغير اذن من صاحب السفل إلا إذا كان ذلك لا يضر بالسفل فله ان يقوم به بغير اذن “.

وهذا هو النص الوحيد الذي تناول فيه المشرع العراقي التزامات صاحب العلو .

ويتبين من هذا النص ان الالتزام الرئيس الذي يلتزم به صاحب العلو هو عدم الارتفاع بالبناء أو زيادة العبء ببناء جديد إذا كان من شأن ذلك الاضرار بالسفل. ذلك انه لما كان للعلو حق القرار على السفل فليس لصاحب العلو بدون اذن صاحب السفل ان يزيد في عبء هذا الحق. فليس له ان يبني في علوه بناء جديداً أو يبني عليه طابقاً ثالثاً إذا كان ذلك يضر بالسفل. اما إذا لم يكن من شأن هذه الزيادة الاضرار بالسفل ، فلصاحب العلو أن يزيد في ارتفاع بنائه إلى الحد الذي يريده بدون اذن من صاحب السفل ، مع مراعاة قوانين وانظمة البناء، وإلا يكون في سندات الملك ما يقضي بعدم مجاوزة صاحب العلو حداً معيناً (8). وليس لصاحب العلو ، بوجه عام. ان يأتي عملاً يضر بالسفل ، فلا يجوز له مثلاً ان يحمل سقف السفل بأشياء ثقيلة تجاوز طاقته (9). وإلى جانب هذا الالتزام السلبي الذي يلتزم بمقتضاه صاحب العلو بالامتناع عن كل ما يضر بالسفل ، هناك التزام إيجابي يقع على عاتق صاحب العلو يجب عليه بمقتضاه ان يقوم بصيانته وترميم ارضية علوه لمنع حدوث الضرر يقف السفل.

المطلب الثاني : حقوق والتزامات الملاك في الاجزاء المعدة للاستعمال المشترك

يجوز ان نشتمل ملكية العلو والسفل كذلك على ملكية شائعة في أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك. فقد نصت المادة (1083) من القانون المدني على انه : “إذا كان باب السفل والعلو واحداً فلكل من صاحبهما استعماله مشتركاً فلا يسوغ لاحدهما ان يمنع الآخر من الانتفاع به دخولاً وخروجاه. فيلاحظ بأن هذا النص قد اقتصر على الاشارة إلى الباب المشترك دون الاجزاء الاخرى التي يمكن ان تعتبر مشتركة بين الملاك ، لابل وانه يمكن ، بمقتضى هذا النص ، إلا يكون باب العلو والسفل مشتركاً وانما يكون لكل منهما باب منتقل. والحق ان المشرع العراقي كان منطقياً مع نفسه عندما اقتصر على الإشارة إلى الباب إذا كان مشتركاً وأورد له الحكم الذي رآه مناسباً . ذلك انه قد أخذ ، لما رأينا ، بنظام ملكية العلو والسفل نقلاً عن الفقه الاسلامي وهو نظام يختلف كثيراً عن نظام ملكية الطوابق والشقق المعروف في القانون الفرنسي وبعض القوانين العربية وكذلك قانون التسجيل العقاري العراقي. وعلى كل حال ، إذا امكن قياس الأجزاء من البناء المعدة للاستعمال للمشترك على الباب المشترك ، فإن حقوق والتزامات الملاك في هذا الاجزاء تحكمها القواعد المقررة في الشيوع الاجباري الدائم.

 ملكية الطوابق والشقق :

يتكون البناء أو الدار بمقتضى هذا النظام من ملكية مفرزة هي ملكية الطبقات او الشقق ، وملكية شائعة شيوعاً اجبارياً في الاجزاء المشتركة .

المطلب الاول : الملكية الفرزة في الطوابق والشقق

فملكية الطبقات تشتمل على ملكية مفرزة هي الطبقات او الشقق المختلفة التي يحتويها الدار أو البناء والتي يملكها على وجه الاستغلال ملاك متعددون . وهذا ما نصت عليه المادة (292 ف2) من قانون التسجيل العقاري ــ وهي بصدد تحديد النوع الثاني من نوعي الملكية العقارية في العمارة عند تسجيل افرازها او قسمتها ــ بقولها “ملكيات مستقلة للطوابق او الشقق باسم جميع الشركاء عند الافراز أو باسم المتقاسمين عند القسمة “.

وتشمل الطبقة أو الشقة ما تحتويه مما هو معد لاستعمال المالك الخاص. فتشمل ما يوجد داخلها من حواجز فاصلة بين الحجرات وانابيب الماء واسلاك الكهرباء والادوات الصحية وابواب الشقق وشرفاتها ونوافذها. وحيث ان كل مالك يملك على وجه الاستقلال طابقة أو شقته فأن له في هذه الحدود، ما للمالك في الملكية التامة من حقوق فله ان يتصرف به بجميع انواع التصرفات المادية والقانونية مع مراعاة القيود المقررة على الملكية العقارية لمصلحة عامة أو خاصة ، ويدخل في الطائفة الاخيرة القيود الناشئة عن حالة الجوار. ولالتزامات الجوار في ملكية الطبقات اهمية خاصة نظراً للطابع الخاص الذي يتميز به هذا النوع من الملكية . فالاجزاء المفرزة في البناء متعدد الطبقات ماهي إلا اجزاء من بناء واحد ولهذا لا يجوز لأي مالك ان يقوم بأي عمل من شأنه ان يوهن البناء او يضعف من متانته او يؤدي إلى تشويه مظهره.

المطلب الثاني : الملكية الشائعة في الاجزاء المشتركة

وتشمل ملكية الطبقات كذلك على ملكية شائعة شيوعاً اجبارياً في الارض التي أقيم عليها البناء وفي أجزاء البناء المعدة للاستعمال المشترك. وقد اشارت المادة (292) من قانون التسجيل العقاري إلى هذه الاجزاء بقولها: ” تكون الملكية العقارية في العمارة عند تسجيل افرازها او قسمتها على نوعين :

1- ملكية شائعة بين المالكين في ارض العمارة والأجزاء والمرافق المعدة للاستعمال العام في العمارة”.

فتشمل الأجزاء المشتركة أرض البناء واجزاءها المعدة للاستعمال المشترك كالأسس والجدران والاسطح والممرات والدهاليز والسلم والمصاعد وانابيب النور والمياه والحديقة المشتركة واجهزة التدفئة والتبريد وكل ما كان معداً للاستعمال المشترك. وإلى جانب الاجزاء المشتركة بين جميع الملاك ، توجد اجزاء مشتركة بين بعض الملاك فقد كالحواجز الفاصلة بين شقتين تكون ملكيتها مشتركة بين أصحاب هاتين الشقتين. وهذا لا يتفق مع الأصل المقرر في نظام العلو والسفل حيث يملك كل مالك طابقاً ملكية خالصة ارضاً وسقفاً وجدراناً. اما في نظام الطوابق والشقق فينظر إلى هيكل البناء ضمن الاشياء المملوكة ملكية مشتركة ، وبالتالي فإن الملكية المفرزة لكل مالك تقتصر على ما في داخل الطبقة او الشقة من حوائط ثانوية وادوات مثبتة ومايكسو الارضية من أخشاب أو غير ذلك. أما الجدران الرئيسية وقواعد. الأرضية والسقوف والارض التي يقوم عليها البناء وأجزاء البناء الأخرى المعدة للاستعمال المشترك فمملوكة لجميع الشركاء ، مالم يوجد في سندات الملك ما يخالف ذلك. ان القوانين المدني التي اخذت بنظام الطوابق والشقق قد أولت الأجزاء المشتركة عناية كبيرة بالنظر لأهميتها ، سواء من حيث ملكيتها أو من حيث الانتفاع بها او تعديلها أو ادارتها او نفقات صيانتها. أما المشرع العراقي فإنه إذا كان قد استحدثت ملكية الطوابق. والشقق في قانون التسجيل العقاري فإنه لم يعرض للقواعد الموضوعية التي تحكم هذا النوع من الملكية ، ذلك ان قانون التسجيل العقاري يختص عادة بالقواعد الشكلية وقضايا التسجيل دون القواعد الموضوعية. ويمكن ، على كل حال ، ان نشير بإيجاز إلى اهم تلك الاحكام مستهدين بذلك بأحكام القانون المقارن.

حقوق الملاك في الاجزاء المشتركة :

والاجزاء المشتركة التي نصت عليها الفقرة الأولى من المادة (292) من قانون التسجيل العقاري تعد مملوكة ملكية شائعة لجميع ملاك الطبقات والشقق والقاعدة المقررة هنا هي ان حق الملاك في هذه الاجزاء هو حق الشريك في الشيوع الاجباري الدائم الذي لا يقبل القسمة. وحصة كل مالك في هذه الاجزاء تكون بنسبة قيمة الجزء المفرز الذي يملكه في العمارة (10). وليس له أن يتصرف في هذه الحصة تصرفاً مستقلاً عن التصرف في الجزء المفرز الذي يملكه لما بين الجزء المفرز وحصته في الأجزاء الشائعة من علاقة تبعية. أما فيما يتعلق باستعمال الملاك للأجزاء المشتركة في سبيل الانتفاع بالجزء الذي يملكه في الدار ، فكما هي الحال في الشيوع الاجباري ، يجوز لكل مالك ان يستعمل الاجزاء المشتركة فيما اعدت له على ان لا يتعارض استعمال لحقه مع حقوق الملاك الأخرين وان لا يلحق هذا الاستعمال ضرراً بالدار (11).

وعلى ذلك يكون لكل مالك الدخول من المدخل المشترك ومن باب العمارة الرئيسي في أي وقت ، وله ان يستعمل السلم المشترك أو المصعد للوصول الى طابقه او شقته ، وله ان يوصل انابيبه والمواسير الداخلية بالأنابيب والمواسير المشتركة . أما إذا كان من شان استعمال احد الملاك للأجزاء المشتركة ان يمنع ملاك الطبقات او الشقق الأخرى من استعمالها فيما اعدت له ، او استعمالها في غير ما اعدت له ، أو كان في استعمالها ما يدخل الضرر على الدار ، فما لو استخدم صاحب الطابق الاسفل السلم المشترك في عرض بضائعه للتجارة او اتخذه محلاً لبيع الشاي. او استعمل اجزاء الدار المشتركة لمنفعة عقار آخر ولو كان هذا العقار مملوكاً له ، كان لشركائه ان يطلبوا منعه من ذلك.

تكاليف الاجزاء المشتركة :

وحيث ان الاجزاء المشتركة مملوكة لملاك الطبقات او الشقق ملكية شائعة اجبارية ولأنهم جميعاً يستعملونها ويفيدون منها، فأنهم يسهمون في نفقات حفظها وصيانتها وترميمها كل بنسبة قيمة الجزء الذي له في الدار ما لم يوجد اتفاق يقضي بغير ذلك. ولا يستطيع المالك ان يتخلص من التزامه بالاسهام في هذه التكاليف عن طريق التخلي عن نصيبه في الأجزاء المشتركة ، ولكنه يستطيع التخلص من هذا الالتزام إذا تخلى عن نصيبه في هذه الاجزاء ونصيبه المفرز معاً، أي طابقه او شقته(12).

تعديل الاجزاء المشتركة :

أما بشأن التعديل في الأجزاء المشتركة ، فإن الأصل هو ان يكون تعديل الاجزاء المشتركة بموافقة جميع الملاك . اما إذا اراد احد الشركاء ان يستقل بأحداث اي تعديل فيجوز له ذلك بشرط ان يكون التعديل على نفقته الخاصة ، وإلا يؤدي إلى تغيير اختصاص الأجزاء المشتركة وإلا يكون في التغيير ما يضر بالملاك الأخرين.

ادارة الأجزاء المشتركة :

تجيز القوانين العربية التي تأخذ بنظام الطوابق والشقق للملاك ان يكونوا فيما بينهم اتحاداً يتولى ادارة العقار المشترك المقسم إلى طوابق وشقق (13). على انه يلاحظ ان تكوين هذا الاتحاد امر جوازي متروك لتقدير الملاك ، وذلك خلافاً لما هو مقرر في القانون الفرنسي الصادر سنة 1938 حيث ان اجتماع الملاك في اتحاد اجباري يتم بقوة القانون (14).

ولا بد لتكوين الاتحاد من اجماع الملاك على ذلك ، ويكونون جميعاً اعضاء في هذا الاتحاد ما داموا قد اجمعوا على تكوينه (15). أما إذا لم يكون الملاك اتحاداً لا دارة الاجزاء المشتركة فإن ادارة هذه الاجزاء تتم طبقاً للقواعد العامة في ادارة الملكية الشائعة العادية. وإذا اصبحت الادارة من حق الاتحاد ، فإن هذا الاتحاد يختص بأدارة العقار والانتفاع به وفق النظام الذي يتفق عليه اعضاء الاتحاد . ويشترط هنا ايضاً، اجماع الملاك على وضع . هذا النظام (16). فإذا وضع هذا النظام نقيد الاتحاد به وليس له ان يخالفه . ويشترط لصحة قرارات الاتحاد صدور هذه القرارات بأغلبية الملاك بحسب قيمة الحصص ، ويستوي في ذلك ان تتعلق هذه القرارات باعمال الادارة المعتادة أو غير المعتادة.

وحيث ان اتحاد الملاك يتكون من متعددين فلا يتصور ان يقوم جميع اعضاء الاتحاد بتنفيذ القرارات التي يتخذها ، ولهذا يعين مأمور للاتحاد ، بأغلبية الملاك محسوبة على قيمة الحصص ، يتولى تنفيذ قرارات الاتحاد وتمثيله امام القضاء حتى في مخاصمة لاملاك إذا اقتضى الامر.

أما القانون العراقي فلم ترد فيه احكام بشأن ادارة الاجزاء المشتركة ، شأنها في ذلك شأن الاحكام الموضوعية الاخرى في نظام ملكية الطوابق والشقق. على ان تعليمات التسجيل العقاري رقم 4 لسنة 1972 حاولت سد بعض هذا النقص بنصها في المادة (12) : على انه ” يجوز لاصحاب الطوابق أو الشقق تكوين جمعية وفق القانون فيما بينهم لادارة الاجزاء المشتركة في العمارة ووضع نظام لها لضمان حسن الانتفاع بالعقار وادارته ، على ان يودع رئيس الجمعية نسخة مصدقة من النظام الداخلي للجمعية إلى دائرة التسجيل العقاري لحفظها في الاضبارة الخاصة بأرض العمارة للرجوع إليه عند الحاجة” . غير ان هذه التعليمات لا تتوفر لها صفة الالزام لأنها لا تستند إلى نص في القانون ، فضلاً عن انها جعلت تكوين الجمعية امراً جوازياً للملاك (17).

_______________

1- راجع : منير القاضي، شرح المجلة ،1947 ، جـ 3 ، ص87 ، ، شاكر ناصر حيدر ، الموجز في الحقوق العينية الاصلية ، بغداد 1971 ، ص190-191.

2- راجع : الشيخ علي الخفيف ، الملكية في الشريعة الاسلامية ، القاهرة ،1966 ، ص113.

3 انظر المادتين 1192 و 1315 من المجلة.

4- انظر المادة 1315 من المجلة.

5- انظر : المادة 859 مدني مصري ، المادة 814 مدني سوري ، والمادة 683 مدني ليبي .

6- في هذا المعنى : محمد طه البشير ، الحقوق العينية الاصلية ،مذكرات بالرونيو ، بغداد(بدون تاريخ ، ص68.

7- في هذا المعنى : ، السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، جـ8 ، القاهرة : 1967 ، ف618 ، منصور مصطفى منصور ، حق الملكية او القانون المدني المصري ، القاهرة ، 1965 ، ف106.

8- السنهوري ، الوسيط ، جـ 8 ، ف620.

9- انظر : المادة 1192 مجلة والمادة 64 من مرشد الحيوان.

10- انظر المادة 293 ف1 تسجيل عقاري.

11- انظر المادة 857 ف1 مدني مصري.

12- انظر: مذكرة المشروع التمهيدي القانون المدني المصري المشار إليها في : أحمد محمد ابراهيم ، المرجع السابق : ص725 ، وراجع ، السنهوري ، الوسيط ، جـ 8 ، ف626.

13- انظر مثلاً المادة 862 مدني مصري.

14- راجع: كولان وكابيتان وجوليودولا مور الندير، المطول في القانون المدني ، ج2 باريس 1959 ، جـ2 ، ف212.

15- انظر: السنهوري ، الوسيط ، جـ8 ف682.

16- انظر المادة 863 مدني مصري.

17- راجع: مصطفى مجيد ، شرح قانون التسجيل العقاري ، جـ 3 ، بغداد ، 1979 ، ص336-337.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .