إذا كان كل شريك يملك حصته ملكية تامة ، ويملك بنسبة حصته في كل ذرة من ذرات الشيء الشائع ، فإنه يعتبر في الوقت نفسه اجنبياً بالنسبة لحصص الشركاء الاخرين. فلا يعتبر اي شريك نائباً عن شريكه الأخر ، ولهذا لا يجوز لأي شريك من الشركاء سلطة مستقلة على الشيء الشائع ، بل تعود هذه السلطة للشركاء جميعاً سواء في الانتفاع بالشيء ، عن طريق استعمال أو استغلاله ، أو في التصرف فيه. وسنعرض اولاً لسلطات الملاك المشاعين في الانتفاع بالشيء الشائع ، ثم نتكلم بعد ذلك في سلطة التصرف.

الفقرة الاولى : الانتفاع بالشيء الشائع (الاستعمال والاستغلال) :

الانتفاع بالشيء حق لجميع الشركاء . فلهم بالاتفاق تحديد طريقة الانتفاع بالشيء، المشترك . فلهم الانتفاع به بنسبة فيه حصصهم أو بالقدر الذي يتفقون عليه ، ولهم ان يأذنوا لاحدهم بالانتفاع به. والمهايأة هي اهم صور اتفاق الشركاء على تنظيم الانتفاع بالشيء الشائع ، وعليه فإننا سنعرض لها قيماً يلي (1):

المهايأة :

إذا تعذر على الشركاء استعمال الشيء الشائع استعمالاً مشتركاً وليس في نيتهم انهاء حالة الشيوع بطلب قسمته فبإمكانهم تنظيم الانتفاع به فيما بينهم . بحيث ينتفع كل شريك بالشيء الشائع بمقدار يتناسب مع حصته. وقد نظم القانون المدني العراقي احكام المهيأة في المواد 1078-1070 في ختام الكلام عن ازالة الشيوع بالقسمة. والمهايأة ليست قسمة للشيء الشائع. بل هي قسمة لمنفعته . وفي هذا المعنى نقول المادة 1174 من المجلة : المهايأة عبارة عن قسمة المنافع ، ولا تجرى المهايأة في الاشياء المثلية ، لأن المثليات لا يمكن الانتفاع بها مع بقاء اعيانها، بعكس الاشياء القيمية . فضلاً عن اي الاشياء المثلية قابلة للقسمة على كل حال فلا حاجة إلى المهايأة فيها. والمهايأة اما مهايأة مكانية أو مهايأة زمانية ، ولكنها في الحالتين لا تؤدي إلى انهاء حالة الشيوع.

المهايأة المكانية :

ففي المهايأة المكانية يتفق الشركاء على ان يختص كل منهم للمنفعة جزء مفرز يوازي حصته الشائعة ، كما لو تهاياً الشريكان في ارض مشركة بينهما على ان يزرع احدهما تصفها والثاني نصفها الآخر. او تهايأ اثنان في دار مشتركة بينهما على ان يمكن احدهما في الطابق العلوي والثاني في الجانب الآخر، او على مشتركة بينهما على ان يمكن احدهما في والثاني في الطابق السفلي ، أو في الدارين المشتركين على ان يسكن احدهما في الاولى والآخر في الثانية .

وقد حدد القانون مدة معينة يجوز للشركاء الاتفاق على قسمة المهايأة المكانية خلالها وهي خمس سنوات فإن المهايأة لا تبطل بل تبقى صحيحة في حدود السنوات الخمس. اما اذا لم تحدد المهايأة مدة حست مدتها سنة واحدة تتجدد سنة اخرى إذا لم بعد. الشريك …… المكانية لمدة تزيد على خمس سنوات. فإنه جوز الاتفاق على هذه المهايأة من حديد . سواء بعد انقضاء المدة متفق عليها. او قبل ذلك. وتخضع المهايأة في القانون المدني العراقي لاحكام عقد الابحار بصورة عامة ، ما دامت هذه الاحكام لا تتعارض مع طبيعة المهايأة.

المهايأة الزمانية :

اما في المهايأة الزمانية فيتفق الشركاء على ان يتناوبوا الانتفاع بالشيء الشائع كل منهم لمدة تتناسب مع مقدار حصته (م1078 ف2). فإذا تساوت الحصص، تساوت مدد الانتفاع، كما لو تهيأ اثنان على ان يزرع كل منها الارض المشتركة سنة واحدة، او ان يسكن كل منهم الدار المشتركة سنة واحدة.

المهايأة الرضائية والمهايأة القضائية:

الاصل أن تكون المهايأة رضائية تتم باتفاق جميع الشركاء ، ولكن فإن يمتنع احد الشركاء عن اجراء المهايأة رضاء ، فإنها تجري. عند ذاك قضاء بناء على عسل طلب احد الشركاء . على انه يلاحظ بأن القانون المدني العراقي قد قصر المهايأة القضائية على المنقولات فقط (م1070 مدني). خلافه للمجلة ، حيث ورد نص المادة (1181) عاماً يبيح المهايأة في المنقول وفي العقار على السواء. ويعلل موقف المشرع العراقي برغبته في حصر المهايأة القضائية في اضيف نطاق ممكن.

تحول قسمة المهايأة غلى قسمة نهائية :

رأينا أن للشركاء ان يتهايأوا الانتفاع بالشيء الشائع مهايأة مكانية او زمانية. ورأينا كذلك ان الاتفاق على المهايأة المكانية لا يجوز إلا لمدة خمس سنوات، ولكننا وجدنا أيضاً انه يجوز الاتفاق على تحديدها بعد انقضاء المدة المتفق عليها أو قبل ذلك. كما انها إذا لم تحدد لها مدى، اعتبرت مدتها سنة واحدة تتجدد بحكم القانون كما رأينا.

فإذا داومت المهايأة المكانية مدة خمس عشرة سنة اما بتجديدها بالاتفاق أو بتجددها بحكم القانون على نحو ما ذكرنا قبل قليل. فأن قسمة المهايأة المكانية تتحول بقوة القانون . كما تقرر بعض الشريعات إلى قسمة نهائية(2) مال يتفق الشر كساء على خلاف ذلك (3). القانون المدني العراقي فلم يرد فيه حكم مماثل. ولهذا فإن المهايأة المكانية لا يمكن ان تنقلب إلى قسمة نهائية مهما طالت مدتها.

سلطة اغلبية الشركاء:

إذا كانت المهايأة هي من اهم صور تنظيم الانتفاع بالشيء الشائع بين الشركاء . وإذا كانت الصورة المثلى بالانتفاع بالشيء هي أن يتم ذلك باتفاق الشركاء جميعا. فأن ذلك قد لا يكون ممكناً لأي سبب من الاسباب كأن لا يريدون اجراء المهايأة . أو يتعذر الاتفاق بينهم على طريقة الانتفاع بالشيء الشائع. فيحول ذلك دون استغلال الشيء أو يجر غلى منازعات بين الشركاء. لقد عالج الشرع هذا الوضع بأن حول الاغلبية حق اجراء اعمال الادارة مع رقابة المحكة في بعض الاحوال، على ان العبرة هي بأغلبية الحصص بأغلبية الرؤوس . فقد منح القانون المدني العراقي (م 1064 ف2) حق اجراء اعمال الادارة المعتادة. كإجارة الشيء الشائع لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات للأغلبية المطلقة من الشركاء. وما يستقر عليه رأي الاغلبية كذلك ، بدلاً من ان تتولى ادارة الشيء الشائع بنفسها. ان تختار مديراً من بين الشركاء او من الغير وان تحدد مدى سلطته. فتكون اعمال المدير صحيحة وملزمة للجميع. وليس للاقلية ان تطعن في قرارات الاغلبية امام المحكمة إلا في حالته التعسف في استعمال الحق طبقاً للقواعد العامة (4). وإذا لم يستقر رأي الاغلبية على ما يلزم لادارة الشيء الشائع ادارة معتادة فلكل شريك ان يطلب من المحكمة ان تتخذ من الاجراءات ما تقتضيه الضرورة كأن تأمر بتأجير الشيء. او تأذن لأحد الشركاء بالاتفاق على الارض حتى يحين الحصاد او ينضج المحصول. أو ان تعين مديراً يتولى القيام بأدارة الشيء الشائع (5). أما بالنسبة لاعمال الادارة غير المعتادة ، كإدخال تغييرات اساسية على الشيء الشائع ، والتعديل في الغرض الذي اعد من اجله الشيء الشائع. فإن القانون المدني العراقي قد اكتفى بالأغلبية المطلقة ايضاً ولكنه اشوط بالنسبة لهذه الاعمال الحصول على اذن المحكة سلفاً (م1065 ف1) (6). وللمحكمة ، إذا وافقت على قرار الاغلبية ، ان تقرر ما تراه مناسباً من اجراءات ، كأن تشترط شروطاً عينة لتنفيذ القرار ، ولها بوجه خاص ان تأمر بأعطاء من خالف القرار من الشركاء كفالة تضمن له الوفاء بما قد يستحق له من تعويض ، إذا تبين من تنفيذ القرار انه كان ضاراً بمصلحة الشركاء (م1065 ف2).

انتفاع احد الشركاء بالشيء الشائع دون اذن شركائه :

تبين لنا ان للشركاء ان ينتفعوا ، باتفاقهم ، في الشيء الشائع كيفما يشاءون . فلهم ان يتهايأوا الانتفاع به، ولهم ان يزرعوها إذا كانت ارضاً ، أو يسكنوها إذا كانت مما يسكن كالدار أو ان يؤجروها ويقتسموا الاجرة حسب حصصهم او غير ذلك من اوجه الاستعمال والاستغلال. كما ان لاحد الشركاء ان ينتفع بالعين المشتركة بأذن شركائه، فيسوع لهذا الشريك عندئذ الانتفاع بها وفق الاذن. ولكن قد يستقل احد الشركاء بالانتفاع بالشيء الشائع باستعماله أو باستغلاله دون اذن شركائه . فما الحكم في هذه الحالة ؟. سبق ان رأينا ان المادة (1061 ف2) تقرر ان كل شريك في الشيوع يملك حصة ملكاً تاماً فله حق الانتفاع بها واستغلالها بحيث لا يغير بشركائه كما ان المادة (1062 ف1) تنص على انه: “كل واحد من الشركاء اجنبي في حصته الاخر وليس له ان يتصرف فيها تصرفاً مضراً بأي وجه كان من غير رضاه ” فالأصل انه ليس لأي شريك ان يباشر بمفرده ما يؤدي إلى المساس بحقوق غيره من الشركاء بدون اذنهم.

وتطبيقاً لذلك لا يجوز لأي من الشركاء ان ينفرد باستعمال الشيء الشائع أو باستغلاله كله او جزء معين منه. فلذا انفره شريك بالانتفاع بالشيء الشائع كله بدون اذن شركائه، كأن يكون الشيء داراً فيسكنها أو ارضاً فيزرعها أو يؤجرها فقد وجب عليه لباقي شركائه اجر مثلها، فإنه يلتزم بأن يدفع لكل شريك حصته من الاجرة المسماة (م1063 ف2)(7). وهذ الحكم الذي يقرره القانون المدني العراقي في الفقرة الثانية من المادة (1063) يخالف ما كانت تقرره مجلة الاحكام العدلية اخذاً بما هو مقرر في الفقه الحنفي. فقد فرقت المجلة في صدد استقلال احد الشركاء بالانتفاع بالشيء بينما اذا كان الشريك الآخر حاضراً وبينما إذا كان غائباً. فإذا كان الشريك الآخر حاضراً وقت انتفاع شريكه بالعين المشتركة فليس له ان يطالب بأجرة حصنه عن المدة الماضية ولا ان يطلب الانتفاع بالعين المشتركة بقدر ما انتفع شريكه لأنه قد انتفع بها على انها ملكه ،.. ما يسمى بالانتفاع بتأويل ملك. فالأعيان المشتركة تعتبر بالنسبة للانتفاع بها مملوكة بتماسها لكل واحد من الشركاء. ويستثنى من ذلك ما إذا كان الشريك …… أو وقفاً أو بيت المال (8). أما إذا كان الشريك الآخر غائباً وقت الانتفاع لا بصر بالشيء فإن للشريك الحاضر الانتفاع به. وللشريك الغائب عند حضوره الانتفاع بالشيء الشائع بقدر المدة التي انتفع بها شريكه حاضر (9). وقد جوز الحكم الاخير استحساناً لأن من شأنه المحافظة على منفعة الشريك الحاضر ومنفعة الشريك الغائب (10). وإذا اجر احد الشركاء الشيء الشائع دون ان شركائه كان فضولياً بالنسبة لحصص شركائه ، فتنعقد الاجازة موقوفة على اجازتهم (م744 مجلة) . فإذا اجازوها نفذت في حقهم ، وان لم يجيزوها بطلب بالنسبة لهم وطلت نافذة في حصة الشريك المؤجر. أما إذا انقضت مدة الايجار أو انقضى بعضها ولم يجر الشركاء العقد عند علمهم به، فعلى الشريك المؤجر أن يدفع لشركائه حصنهم من الاجرة التي قضها، سواء كان هؤلاء حاضرين او غائبين اما إذا لم يكن قد قبض بدل الايجار فلا يلزم ان يؤدي حصة شركائه من ماله (11) .

صيانة الشيء الشائع ونفقاته :

كان الشركاء المشتاعون يشتركون في الحصول على منافع الشيء الشائع ، كل بقدر حصته ، فطبيعي ان يشتركوا كذلك في تحمل نفقات ادارته والمحافظة عليه كل بقدر حصته كذلك ، سواء اتفقت هذه النفقات باتفاق الشركاء جميعاً أو بأذن من المحكة. فقد نصت المادة (1067) من القانون المدني العراقي على انه : “نفقات ادرة المال الشائع وحفظه والضرائب المفروضة عليه وسائر التكاليف الناتجة من الشيوع أو المقررة على المال بتحملها جميع الشركاء كل بقدر حصته “. هذه هي القاعدة التي تحكم مسألة الاشتراك في نفقات الشيء الشائع والتي اقتبسها المشرع العراقي من المادة (831) من القانون المدني المصري وهي المادة الوحيدة التي خصصها المشرع المصري لهذه المسألة. اما المشرع العراقي فقد اردف نص المادة (1067) بنصوص المادتين (1068 و 1069) التي اقتبسها من مجلة الاحكام العدلية ، والتي يتبين منها انه إذا احتاج الشيء الشائع إلى التعمير أو الترميم ” مرمة او عمارة ، كما تقول المادة (1068 ف1) يعمره اصحابه بالاشتراك على مقدار حصصهم. او يعمره احد الشركاء بأذن الاخرين ويرجع على هؤلاء بمقدار ما اصاب حصة كل منهم من نفقات. وإذا كان بعض الشركاء غائباً أو ابى بعضهم الترميم أو التعمير واراد بعضهم ذلك جاز للراغب ان يقوم بالترميم أو بالتعمير بإذن من المحكمة، فيقوم هذا الاذن مقام اذن الشركاء الغائبين أو الابين ، فيكون له الرجع على هؤلاء بقدر حصصهم (م1068)(12). ولكن ما الحكم إذا عمر احد الشركاء الشيء المشترك غائباً أو أبى بعضهم التعمير ؟ لم يورد القانون المدني العراقي حكماً خاصاً لهذه المسألة. أما مجلة الاحكام العدلية فقد اعتبرت الشريك الذي قام بالتعمير متبرعاً لا رجوع له على شركائه بشيء (13). اما المادة (1069) من القانون المدني العراقي فقد قضت بانه : “إذا انهدمت العين الشائعة كلياً واراد بعض الشركاء عمارتها وأبى الاخرون فلا يجبر الآبي على العمارة ” (14). وذلك تطبيقاً لقاعدة “لا يجبر احد على عمارة ملكه”. والفرض هنا ان تنهدم العين الشائعة كلية بدون تعد من احد. اما إذا كان الهدم بفعل فاعل فإنه يلزم بالضمان (التعويض) ومن صور هذا الضمان الزامه بإعادة تعمير ما هدم.

الفقرة الثانية : التصرف في الشيء الشائع :

أولاً – التصرف الصادر من جميع الشركاء :

للشركاء أن يتصرفوا بالشيء الشائع كيفما يشاؤون . وهذا التصرف سواء كان مادياً أو قانونياً ، لابد من اجتماع الشركاء عليه. فلهم ان يتفقوا على هدم البناء المشترك او بناء الارض المشتركة . كما لهم ان يبيعوا الشيء الشائع ويقتسموا ثمنه حسب حصصهم. ولهم ان يرهنوه أو ان يرتبوا أي حق عيني اخر عليه. وكما يكون للشركاء ان يتصرفوا بالشيء الشائع كله ، فإن لهم كذلك اجراء مثل هذه التصرفات في جزء مفرز منه او حصة شائعة فيه. فمن يملك الكل يملك الجزء . والتصرف الصادر من جميع الشركاء تصرف صادر ممكن يملكون ابرامه ، كما انه لا يتضمن مساساً بحق اي شريك. ما دام الشركاء جميعاً قد ارتضوا هذا التصرف. فإذا كان التصرف الصادر من الشركاء تصرفاً ناقلاً للملكية وورد على الشيء الشائع كله انتهت حالة الشيوع بين الشركاء المتصرفين. وإذا ورد مثل هذا التصرف على جزء مفرز من الشيء الشائع خرج هذا الجزء من نطاق الشيوع واقتصرت حالة الشيوع على الاجزاء الباقية. وإذا كان التصرف بنقل ملكية حصة شائعة دخل المتصرف إليه شريكاً مشتاع بقدر هذه الحصة مع الشركاء الآخرين.

وإذا كان للشركاء مجتمعين ان يتصرفوا بالشيء الشائع بترتيب حق عيني اصلي أو تبعي عليه ، فيصبح التساؤل عن مصير هذا الحق إذا تمت القسمة ووقع الشيء الشائع ، الذي تقرر عليه الحق ، بنتيجة القسمة في نصيب احد الشركاء؟ تقتضي المادة (1291 ف2) من القانون المدني العراقي بخصوص الرهن التأميني بأنه : “ويبقى نافذاً الرهن الصادر من جميع ملاك العقار الشائع أو المتصرفين فيه اياً كانت النتيجة التي تترتب فيما بعد على قسمة العقار الشائع أو على يبعه أو افراغه لعدم امكان قسمته”. وتقتضي المادة (1329) بشأن الرهن الحيازي بأن : “يجوز رهن المال الشائع وهنا حيازياً وتسرى عليه احكام الرهن التأميني الواردة في المادة 1291”. وقد ذهب بعض الفقهاء في مصر بصدد شرحهم للمادة (139 ف1) من القانون المصري ، المطابقة للمادة (1291 ف2) من القانون المدني العراقي، إلى ان القاعدة الواردة في النص المذكور قاعدة استثنائية خرج فيها المشرع على القاعدة العامة في الاثر الرجعي للقسمة ، ويترتب على ذلك ان حكم المادة (1039 ف1) لا ينطبق على غير الرهن الرسمي (التأميني) إلا بنص وذهب البعض الآخر ، وهذا ما نفضله ، إل ان القاعدة الواردة في المادة (1039 ف1) لا تعتبر قاعدة استثنائية ، بل هي تطبيق لمبدأ عام مقتضاه ان كل تصرف يتم بموافقة جميع الشركاء هو تصرف صادر ممن يملكه ، ولهذا فإنه يبقى نافذاً ايا كانت نتيجة القسمة. ويترتب على اعتبار الحكم الوارد في هذا النص تطبيقاً للقواعد العامة وليس حكماً استثنائياً انه يسري على كل الحقوق التي تترتب. باتفاق الشركاء جميعاً على الشيء الشائع اثناء الشيوع (15).

التصرف بموافقة اغلبية الشركاء :

وإذا كان القانون المدني العراقي قد اعطى في المادتين (1064 و 1065) لأغلبية الشركاء سلطة القيام بأعمال الادارة ، فأنه لم يشأ اعطاء الاغلبية سلطة التصرف في الشيء الشائع ، بخلاف القانون المدني المصري وبعض القوانين المدنية الأخرى. فقد جارت المادة (832) من القانون المدني المصري لاغلبية الشركاء الذين يملكون على الاقل ثلاثة أرباع المال الشائع أن يقرروا التصرف فيه بشروط معينة وتحت رقابة القضاء. وعليه فأن التصرف في الشيء الشائع لا يصح ، في القانون المدني العراقي ، إلا باتفاق جميع الشركاء.

ثانياً – التصرف الصادر من احد الشركاء :

ليس من شك في ان لاحد الشركاء ان يتصرف مستقلاً في الملك المشترك بأذن شركائه ، سواء أكان هذا التصرف مادياً ام قانونياً . فيجوز للشريك المأذون ان يتصرف في الملك المشترك في حدود الاذن ، ويستوي في ذلك ان يكون هذا التصرف مضراً أو لم يكن ، لأنه يعتبر اصيلاً عن نفسه ووكيلاً عن شركائه. أما إذا لم يكن الشريك مأذوناً فليس له ان يجري أي نوع من انواع التصرفات . فإذا تصرف الشريك في الشيء كله أو في مقدار شائع يزيد على حصته كان تصرفه صادراً من غير مالك بالنسبة إلى ما زاد على حصته فإذا كان هذا التصرف بيعاً، مثلاً، وقع البيع ، فيما زاد على حصة الشريك البائع ، موقوفاً على اجازة شركائه الآخرين. فإذا اجازوا اعتبرت الاجازة توكيلاً ، لأن الاجازة اللاحقة في حكم الوكالة السابقة ، ويطالبوا الشريك البائع باعتباره فضولياً، بالبدل ان كان قد قبضه ، وإذا مل يجزوا هذا التصرف فإنه يعتبر باطلاً. وإذا هلك المبيع قبل الاجازة في يد المشتري فإن الشريك البائع باعتباره غاصباً ، يضمن هذا الهلاك لشركائه الاخرين (16). ولكن قد يتصرف احد الشركاء بجزء مفرز من الشيء الشائع ، بلاد اذن من شركائه كأن يبيع احد الشريكين نصف الارض المشتركة لشخص تالث. فما حكم هذه الحالة؟ الأصل انه لا يجوز للشريك التصرف في جزء مفرز من الشيء الشائع ولو كان ما تصرف فيه يعادل حصته في هذا الشيء. وهذا ما يتفق مع القواعد العامة في الشيوع، لأن حق الشريك لا يتركز في الجزء المفرز الذي تصرف فيه، وانما ترد على هذا الجزء ايضاً حقوق الشركاء الاخرين فيكون الشريك قد تصرف في ملك غيره بقدر ما للشركاء من حقوق في هذا الجزء. وعليه ونفذ ، وان لم يجيزوه بطل. اما إذا سكت الشركاء فلم يبطلوا التصرف ولم يجيزوه ، فما هو مصير هذاا لتصرف بعد القسمة ؟ لا اشكال إذا وقع الجزء المفرز محل التصرف في نصيب الشريك المتصرف بعد القسمة لأنه اصبح يملك وحده هذا الجزء وليس لغيره من الشركاء حق فيه، ولا معنى لتعليق هذا التصرف على اجازة من احد أو اجزاء التصرف من جديد. اما إذا لم يقع الجزء المفرز محل التصرف في نصيب الشريك المتصرف ينتيجة القسمة ، فلا يكون للتصرف اي اثر لأنه سيكون وارداً على ملك الغير. وقد اخذ القانون المدني العراقي بهذا الحكم ، فقد قصت المادة (1062 ف2) من القانون المدني العراقي على أنه : “وإذا تصرف الشريك في جزء من المال الشائع فلا يكون للتصرف اثر إلا إذا وقع هذا الجزء عند القسمة في نصيب هذا الشريك” . أما القانون المدني المصري فقد رفضت المادة (826) منه بانتقال حق المتصرف إليه في هذه الحالة من الجزء محل التصرف إلى الجزء الذي آل إلى المتصرف نتيجة القسمة.

_________________

1- اعتاد بعض الشراح جريا على ما سارت عليه بعض التشريعات كالقانون المدني العراقي بحث قسمة المهايأة عند بحثهم لموضوع انهاء الشيوع بالقسمة وان كانوا يقررون ان المهايأة ما هي إلا قسمة منافع وليست قيمة للاعيان. ولهذا السبب تفضل بحث قسمة المهايأة هذا باعتبارها طريقة من طرق الانتفاع بالشيء الشائع .

2- توصف هذه القسمة بأنها ، قسمة قانونية “لانها تتم بقوة القانون.

3- انظر مثلاً المادة 846 ف2 من القانون المدني المصري .

4-انظر: منصور مصطفى منصور ، حق الملكية او القانون المدني المصري ، القاهرة ، 1965 ، ف58.

5- انظر : قرار محكمة التمييز رقم 111/مستعجل / 64 في 10/9/964 ، قضاء محكة التمييز المجلى الثاني ، ص22.

6- انظر المادة 829 مدني مصري إلي تتطلب اغلبية الشركاء الذين يملكون ثلاثة أرباع الشيء الشائع.

7- انظر: قرار محكمة التمييز رقم 27/ح/68 في 2/3/968 ، قضاء محكمة التمييز ، المجلد 5 ص288.

8- انظر المواد 597 و 1076 و 1083 من المجلة.

9- المادة 1083 المجلة.

10- راجع: درر الحكام شرح مجلة الاحكام ، لعلي حيدر ، جـ3 ، ص39-40.

11- انظر المادتين 1077 و 1084 مجلة ، وراجع : منير القاضي ، شرح المجلة ، جـ3 ،بغداد 1947و1948 ص18.

12- انظر المواد 1300 و 1308 و 1309 من المجلة.

13- المادة 1311 مجلة.

14- انظر المادة 1314 من المجلة.

15- انظر: منصور مصطفى منصور ، المرجع السابق ، ف13 والفقه المشار إليه في 15 و 2ص 150.

16- انظر : المادة 135 مدني عراقي.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .