الطعن 400 لسنة 57 ق جلسة 12/ 10/ 1988 مكتب فني 39 ج 1 ق 132 ص 883 جلسة 12 من أكتوبر سنة 1988

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق نائب رئيس المحكمة وفتحي خليفة وسري صيام وعلي الصادق عثمان.
———–
(132)
الطعن رقم 400 لسنة 57 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. جريمة “أركانها”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
توقيع الشيك على بياض دون إدراج القيمة أو إثبات تاريخ به أو غير ذلك من البيانات لا يؤثر على صحة الشيك ما دام أنه قد استوفى هذه البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه.
(2) شيك بدون رصيد. جريمة “أركانها”. مسئولية جنائية.
جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بعدم وجود مقابل وفاء له قابل للسحب في تاريخ الاستحقاق. علة ذلك؟
لا عبرة بالأسباب التي دفعت لإصدار الشيك. أساس ذلك؟
لا يغير من قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد أن يكون تاريخ استحقاق الشيك مغايراً لتاريخ إصداره الحقيقي طالما أنه لا يحمل إلا تاريخاً واحداً.
(3)شيك بدون رصيد. أسباب الإباحة. دفاع “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
تسليم المتهم الشيك المسلم إليه على سبيل الوديعة إلى المستفيد تنفيذاً لحكم المحكمين المفوضين من قبل الطاعن في ذلك خروجه عن نطاق التأثيم. علة ذلك؟
للساحب طبقاً لنص المادتين 60 عقوبات و148 من قانون التجارة أن يتخذ في حالات ضياع الشيك أو سرقته أو الحصول عليه بطريق التهديد أو النصب أو تبديده من الإجراءات ما يصون به ماله. مناط ذلك؟

————
1 – من المقرر أن توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج فيه القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به أو غير ذلك من بيانات لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى هذه البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه.
2 – من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علم الساحب بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب، إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإصدار الشيك لأنها من قبل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة في هذه الجريمة، مما يكون نعي الطاعن في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يغير من قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد أن يكون تاريخ استحقاق الشيك مغايراً لتاريخ إصداره الحقيقي طالما أنه لا يحمل إلا تاريخاً واحداً.
3 – لما كان البين من المفردات المضمومة على ما سلف أن الشيك محل الجريمة وإن كان قد سلم للمطعون ضده الثالث بموجب عقد من عقود الأمانة هو عقد الوديعة إلا أن الطاعن فوض هيئة التحكيم في تسليمه لخصمه المطعون ضده الثاني في حالة تقاعسه عن تنفيذ حكم المحكمين، ومن ثم فإن قيام المطعون ضده الثالث بتسليم الشيك تنفيذاً لقرار المحكمين يخرج عن نطاق التأثيم طبقاً لنص المادة 341 من قانون العقوبات لتخلف قصده الجنائي وهو انصراف نيته إلى إضافة المال إلى ملكه واختلاسه لنفسه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى ببراءته قد اقترن بالصواب لما كان ذلك وكان من المقرر أنه وإن كان للساحب بحسب نص المادتين 60 من قانون العقوبات و148 من قانون التجارة أن يتخذ في حالات ضياع الشيك أو سرقته أو الحصول عليه بطريق التهديد أو النصب أو تبديده من الإجراءات ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء إلا أن مناط ذلك هو تحقق حالة من تلك الحالات، فإذا انتفى تحققها عاد الأمر إلى الأصل العام وهو أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء قانوناً كالحاصل بالنقود سواء بسواء بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل على تأخير الوفاء به لصاحبه.

الوقائع
أقام…… (المدعي بالحقوق المدنية) دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مركز…… (قيدت بجدولها برقم…..) ضد الطاعن بوصف أنه أعطى له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات. وإلزامه بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. كما أقام المتهم في تلك الدعوى …… دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام المحكمة ذاتها (قيدت بجدولها برقم…..) ضد (المطعون ضده الثالث) بوصف أنه خان الأمانة إذ سلم الشيك موضوع الدعوى سالفة الذكر إلى…….. (المطعون ضده الثاني) لاستعمال ضده. وطلب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وإلزامه بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح مركز…… قضت حضورياً ……. في الجنحة الأولى عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ. وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. وفي الجنحة الثانية عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم فيها مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المحكوم عليه في الجنحة الأولى كما استأنف بصفته مدعياً بالحقوق المدنية في الجنحة الثانية ومحكمة……. الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوع الاستئناف رقم 5865 سنة 1983 بإلغاء عقوبة الحبس وتعديل العقوبة بتغريم المتهم خمسين جنيهاً. وبتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وفي موضوع الاستئناف رقم 5866 لسنة 1983 بقبوله شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/…….. المحامي عن الأستاذ/…… المحامي نيابة عن المحكوم عليه في الحكم الأول بطريق النقض كما طعن الأستاذ الدكتور/………. نيابة عن الطاعن ذاته بصفته مدعياً بالحقوق المدنية في الحكم الثاني بطريق النقض….. إلخ.

المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإدانته عن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد وببراءة المطعون ضده الثالث من تهمة تبديد الشيك ورفض دعواه المدنية قبله قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأن دفاعه جرى على أن الشيك كان عند تسليمه لأمين هو المطعون ضده الثالث فاقداً لمقوماته الأساسية إذ حمل تاريخين وخلا من اسم المستفيد وأثبت فيه أنه سلم كشرط لحضور تحكيم بين عائلته وعائلة أخرى، كما أنه سلمه للمطعون ضده سالف الذكر على سبيل الأمانة ولم يفوضه أو هيئة التحكيم في تسليمه نهائياً للطرف الآخر وقد خلت مشارطة التحكيم من نص على ذلك كما أورد الحكم، هذا إلى أن حكم المحكمين علق تسليم الشيك على خروج أي من الطرفين على مقتضاه وقد نفذت عائلته من جانبها هذا الحكم ببيعها منزل تملكه للطرف الآخر ودفع مبالغ لهذا الطرف كتعويض، ولا يعتبر عدم تسليم المنزل المباع خروجاً على الحكم يستوجب تسليم الشيك إذ أنه فضلاً عن أن الحكم لم يقض بذلك فلا يملك المحكمون تفويض غيرهم في إخلاء المنزل وتسليمه كما ذهبوا لتعلق ذلك بتنفيذ العقد، كما أنه يستحيل عليه هو تسليمه إذ لا يملكه أو يحوزه، بالإضافة إلى أنه قد رفعت دعوى ببطلان حكم المحكمين وأقام هو إشكالاً في تنفيذه مما لازمه وقف تنفيذه مع ما يترتب على ذلك من آثار مما يكون معه المطعون ضده الثالث قد ارتكب جريمة التبديد لتواطئه مع المدعي بالحقوق المدنية لتسليمه الشيك دون مسوغ ويؤيد ذلك أنه يحمل تاريخاً سابقاً على تاريخ حكم المحكمين وهو ما يبيح له عدم الوفاء بقيمته صيانة لماله وقد جاء رد الحكم على دفاعه هذا غير سائغ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إعطاء شيك بدون رصيد التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. رد على دفاعه بقوله: ومن حيث إن البين من ورقة الشيك موضوع هذه القضية أن هذه الورقة قد استوفت المقومات التي تجعل منها أداة وفاء في نظر القانون، ذلك أنها تضمنت أمراً من الساحب إلى المسحوب عليه بأن يدفع لأمر وإذن المستفيد المدعي مبلغ مائة ألف جنيه في 27/ 2/ 1982 من حسابه رقم 318 مع توقيع المتهم عليها وقد تأشر من البنك بالرجوع على الساحب لعدم وجود حساب للساحب تحت ذلك الرقم ومن ثم فقد توافرت أركان جريمة إعطاء شيك بدون رصيد قائم في حق المتهم إذ المراد من العقاب على هذه الجريمة هو حماية هذه الورقة في التداول بين الجمهور وحماية قبولها في المعاملات باعتبار أن الشيك يجري فيها مجرى النقود ولا عبرة بما يقول به المتهم من أن الشيك تحرر كضمان أو تأمين إذ المسئولية الجنائية بصدد تطبيق المادة 337 عقوبات لا تتأثر بالسبب أو الباعث الذي أعطى من أجله الشيك وجدير بالذكر أنه من ظروف النزاع وملابسات تحرير الشيك ترى المحكمة وهي مطمئنة أن العبارة المدونة بظهر ورقة الشيك والتي تفيد تحريره كضمان لحضور مجلس الصلح لم تكن مدونه أصلاً وقد تنازل المتهم ووكيله عن التمسك بها على ما هو ثابت بمحاضر الجلسات” كما أورد الحكم المطعون فيه الذي اعتنق أسباب الحكم المستأنف قوله: “وحيث إنه بشأن ما أثاره المتهم من بواعث على إصدار الشيك سواء بالقول بأنه حرر بمناسبة مشارطة التحكيم وضماناً لحضور مجلس التحكيم وتنفيذ الحكم الذي يصدر منه أو أنه بمثابة غرامة تهديدية فإن هذا القول قد تكفل حكم محكمة أول درجة بالرد عليه رداً سائغاً. وحيث إنه بشأن ما أثير من دفاع بأن الشيك يحمل تاريخين فإن الثابت من محاضر جلسات الدعوى لدى نظرها أمام محكمة أول درجة أن المدعي المدني طعن على التاريخ الثابت بظهر الشيك بالتزوير وقد تنازل المتهم عن ذلك البيان بما لا يجوز له العودة للتمسك به وإنما يعتبر في هذا الصدد دفاعاً غير محمول على سند من الجد يتعين الالتفات عنه وحيث إنه بشأن ما أثير من دفاع بصدد تسليم الشيك للمدعى عليه في الدعوى الثانية خال من اسم المستفيد فهو دفاع مرسل لم يقم عليه دليل وتعرض عنه المحكمة”. وهو رد كاف وسائغ في إطراح دفاع الطاعن، هذا فضلاً عن أنه لا يوجد في القانون ما يلزم أن تكون بيانات الشيك محررة بخط الساحب فقط يتعين أن يحمل الشيك توقيع هذا الأخير، وكان توقيع الساحب على الشيك على بياض دون أن يدرج فيه القيمة التي يحق للمستفيد تسلمها من المسحوب عليه أو دون إثبات تاريخ به أو غير ذلك من بيانات لا يؤثر على صحة الشيك ما دام قد استوفى هذه البيانات قبل تقديمه للمسحوب عليه، كما أنه من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد تتحقق بمجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع علم الساحب بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب، إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في المعاملات، ولا عبرة بعد ذلك بالأسباب التي دفعت لإصدار الشيك لأنها من قبل البواعث التي لا تأثير لها في قيام المسئولية الجنائية ما دام الشارع لم يستلزم نية خاصة في هذه الجريمة، مما يكون نعي الطاعن في هذا الخصوص غير سديد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يغير من قيام جريمة إعطاء شيك بدون رصيد أن يكون تاريخ استحقاق الشيك مغايراً لتاريخ إصداره الحقيقي طالما أنه لا يحمل إلا تاريخاً واحداً، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص بقوله. “وحيث إنه بشأن ما أثير من دفاع حول تاريخ الشيك وأنه سابق على تاريخ حكم المحكمين فقد فات المتهم إن صح قوله بأن الشيك حرر ضماناً للجلوس بمجلس التحكيم وهو أمر يكون سابقاً على الحكم هذا بالإضافة إلى إنه دفاع لا يحمل له في هذا الصدد سيما وأن التاريخ الثابت بالشيك لا مطعن عليه ولا ينال من التأثيم سواء كان صادراً قبل أو بعد التحكيم إذ العبرة بمظهر الشيك وصيغته وما إذا كان يدل على أنه مستحق الأداء بمجرد الاطلاع عليه وأنه أداة وفاء فإن حقيقة سبب إعطاء الشيك لا أثر له على طبيعته”. فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي الذي قضى ببراءة المطعون ضده الثالث من تهمة تبديد الشيك قد حصل الواقعة بقوله “أورى المدعي بصحيفة دعواه أنه قد تحررت مشارطة تحكيم بتاريخ 22/ 2/ 1982 بين أفراد عائلة…… وأفراد عائلة……. وتضمنت المشارطة تحديد يوم 15/ 3/ 1982 موعداً للتحكيم واتفق في البند السادس منها على أن يقوم كل طرف بتحرير شيك بمبلغ 100.000 جنيه مائة ألف جنيه كضمان لحضور الطرفين مجلس التحكيم وتنفيذ حكم المحكمين وتنفيذاً لذلك حرر شيكاً بالمبلغ المذكور سلم للمتهم للاحتفاظ به على سبيل الأمانة وقد قام هو من جانبه بحضور مجلس التحكيم كما أنه لم يرفض تنفيذ حكم المحكمين إلا أنه فوجئ بقيام المتهم بتسليم الشيك إلى…….. لاستعماله ضده، وبذلك فإن المتهم يكون قد ارتكب جريمة التبديد المنصوص عليها بالمادة 341 ع. وقدم المدعي حافظة مستندات طويت على صورة ضوئية من مشارطة تحكيم محررة بين المدعي وأفراد عائلته وبين….. وعائلته بتاريخ 22/ 2/ 1982 يبين منها أنه في يوم 27/ 7/ 1981 وقعت مشاجرة بين أفراد العائلتين قتل فيها شخصان من عائلة……. وأصيب ثالث منها وأن أفراد العائلتين اتفقا على إنهاء النزاع بينهما صلحاً منعاً لإراقة مزيد من الدماء وأنه قد تما اختيار أشخاص المحكمين ومن بينهم المتهم الذي اتخذ منزله مقراً لمجلس التحكيم ونص في البند السادس من المشارطة على أن يحرر كل طرف من الطرفين شيكاً للطرف الآخر بمبلغ 100.000 مائة ألف جنيه ضماناً لحضوره مجلس التحكيم ولتنفيذ حكم المحكمين بحيث تؤدى قيمة الشيك الخاص بالطرف الذي تخلف عن الحضور أو عن تنفيذ حكم المحكمين إلى الطرف الآخر.
وحيث إنه يبين للمحكمة من الاطلاع على المحضر الإداري المذكور أن لجنة منبثقة من أعضاء مجلس التحكيم قامت لتنفيذ حكم المحكمين في الموعد المحدد فتخلفت عائلة…… عن التنفيذ أكثر من مرة فتقرر استدعاء أعضاء التحكيم جميعاً وقد حضروا في يوم 9/ 4/ 1982 وقرروا بالأغلبية تسليم الشيك الموقع من…… إلى……. تنفيذاً لمشارطة التحكيم وحكم المحكمين ويؤيد ذلك الصور الضوئية المرفقة بالمحضر ومن حيث إن المحكمة تخلص مما تقدم أن المتهم لم ينفرد بتسليم الشيك محل التداعي إلى….. وإنما كان استلام الأخير للشيك بقرار من المحكمين صدر منهم تنفيذاً لما اتفق عليه من مشارطة التحكيم ومن ثم فإن الدعوى على غير أساس سليم ويتعين الحكم ببراءة المتهم عملاً بالمادة 304/ 1 إجراءات جنائية ورفض الدعوى المدنية”. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أنه نص في مشارطة التحكيم على أن يحرر كل طرف من طرفيها شيكاً بمبلغ مائة ألف جنيه باسم الطرف الآخر يودعا طرف المطعون ضده الثالث ضماناً لحضور كل طرف مجلس التحكيم بحيث تؤول قيمة الشيك للطرف الآخر في حالة رفض أي من الطرفين تنفيذ حكم المحكمين، كما يبين منها أن المحكمين أصدروا قراراً بتسليم الشيك إلى للمطعون ضده الثاني “المدعي بالحقوق المدنية” لرفض الطاعن وعائلته تنفيذ حكم المحكمين. لما كان ذلك، وإن كان البين من المفردات المضمومة على ما سلف أن الشيك محل الجريمة وإن كان قد سلم للمطعون ضده الثالث بموجب عقد من عقود الأمانة هو عقد الوديعة إلا أن الطاعن فوض هيئة التحكيم في تسليمه لخصمه المطعون ضده الثاني في حالة تقاعسه عن تنفيذ حكم المحكمين، ومن ثم فإن قيام المطعون ضده الثالث بتسليم الشيك تنفيذاً لقرار المحكمين يخرج عن نطاق التأثيم طبقاً لنص المادة 341 من قانون العقوبات لتخلف قصده الجنائي وهو انصراف نيته إلى إضافة المال إلى ملكه واختلاسه لنفسه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضي ببراءته قد اقترن بالصواب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان للساحب بحسب نص المادتين 60 من قانون العقوبات و148 من قانون التجارة أن يتخذ في حالات ضياع الشيك أو سرقته أو الحصول عليه بطريق التهديد أو النصب أو تبديده من الإجراءات ما يصون به ماله بغير توقف على حكم القضاء إلا أن مناط ذلك هو تحقق حالة من تلك الحالات، فإذا انتفى تحققها عاد الأمر إلى الأصل العام وهو أن سحب الشيك وتسليمه للمسحوب له يعتبر وفاء قانوناً كالحاصل بالنقود سواء بسواء بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل على تأخير الوفاء به لصاحبه وإذ كان الثابت مما سلف أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى عدم قيام جريمة تبديد الشيك في حق المطعون ضده الثالث، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن من أن عائلته أوفت بما قضى به حكم المحكمين وأنه لم يتضمن وجوب تسليم المنزل المباع، كما أنه كان يستحيل عليه القيام بتسليم هذا المنزل فضلاً عن إقامته إشكالاً في تنفيذ الحكم ورفع دعوى ببطلانه إنما ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .