حكم تمييز : تبديد

تعويض
محكمة التمييز
الدائرة المدنية
جلسة 12/ 12/ 2005
برئاسة السيد المستشار/ فهمي الخياط – رئيس الجلسة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم بركات، وعزت عمران، ومحمد وليد الجارحي، ومحمود محمد محيي الدين.

(58)
الطعنان رقما 791, 792/ 2004 مدني
1 – تمييز (أسباب الطعن: السبب الجديد).
– الدفاع المثار لأول مرة أمام محكمة التمييز بشأن بطلان الإعلان أمام المخفر – دفاع جديد يخالطه واقع – عدم جواز إثارته أمام محكمة التمييز – مثال.
2 – إجراءات التقاضي (الإعادة للمرافعة) – دعوى (طلب إعادة الدعوى للمرافعة) – حكم (إعادة الدعوى للمرافعة بعد حجزها للحكم).

– قرار المحكمة بحجز الدعوى للحكم بعد تمام مرافعة الخصوم – عدم استجابتها لطلب إعادة الدعوى للمرافعة – لا يعيب الحكم علة ذلك.

3 – بيع (بعض أنواع البيوع: البيع بالعربون) – عقد (العدول عن التعاقد) – تمييز (حالات الطعن – الخطأ في تطبيق القانون).
– البيع بالعربون – القواعد الخاصة بالتزامات المتعاقدين في حالة العدول – قواعد مكملة لإرادتهما – عدم جواز اللجوء إليها إلا عند عدم وجود قواعد خاصة تخالفها – مخالفة ذلك – خطأ في تطبيق القانون.

1 – إذ كان الطاعن اقتصر في دفاعه أمام محكمة الاستئناف على الدفع ببطلان إعلانه بصحيفة الدعوى الذي تم عن طريق النيابة العامة دون إعلانها الذي تم عن طريق المخفر, ومن ثم فإن ما يثيره بشأن بطلان هذا الإعلان الأخير يعد دفاعاً جديد يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز.

2 – من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه إذ تمت مرافعة الخصوم في الدعوى وقررت المحكمة حجزها للحكم فلا عليها إذا هي أصدرت الحكم، ولم تستجب لما يكون قد قدم إليها من طلبات لإعادة القضية للمرافعة لأن أي طلب من هذا القبيل لا يعتبر دفعاً أو دفاعاً مطروحاً على المحكمة بل يدخل فيما لها من إطلاقات ومن ثم فلا يعاب عليها عدم الاستجابة إليه. لما كان ذلك , وكان الثابت بمحضر جلسة المرافعة أمام محكمة الاستئناف أن المحكمة حجزت الدعوى للحكم بعد أن تهيأت للحكم فيها بإبداء الحاضر عن كل من طرفي النزاع لدفاعه، فإن النعي بهذا السبب بشقيه يكون غير مقبول.

3 – إذ كان المشرع وإن نظم في المادة (75) من القانون المدني القواعد الخاصة بالتزامات المتعاقدين في حالة العدول عن البيع بالعربون بالنص على أن (إذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه التزم برده ودفع مثله، وذلك كله دون اعتبار لما يترتب على العدول من ضرر) إلا أن هذه القواعد – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني في التعليق على النص سالف البيان – قواعد مكملة لإرادة المتعاقدين لا يلجأ إليها إلا عند عدم اتفاقهما على قواعد خاصة تخالفها سواء بالتشديد أو التخفيف من الالتزامات المترتبة على العدول عن العقد إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة. لما كان ذلك وكان البين من عقد البيع موضوع النزاع أن طرفيه اتفقا في البند خامساً منه على أنه إذا عدل البائع عن إتمام العقد فإنه يرد المشتري كل ما قبضه من عربون وخمسة آلاف دينار، وإذا عدل المشتري يرد إليه البائع ما قبضه من عربون مخصوماً منه خمسة آلاف دينار.

مما مؤداه أنهما بهذا الاتفاق ارتضيا قواعدًا خاصة لتنظيم الالتزامات المترتبة عن استعمال خيار العدول عن العقد أخف من تلك الواردة في المادة (75) سالفة البيان، وإذ خالف الحكم هذا النظر، ولم يطبق أحكام هذا الاتفاق واعتبره شرطاً جزائياً يسري في حالة الإخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد، وليس مقابلاً لخيار العدول عنه فإنه يكون معيباً بما يوجب تمييزه تمييزاً جزئياً في هذا الخصوص.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن…………أقام الدعوى 727 لسنة 2003 مدني كلي على………، ووكيل وزارة العدل لشؤون التسجيل العقاري بطلب الحكم بإلزام الأول بأن يرد إليه كامل المبلغ الذي استلمه كمقدم ثمن بالإضافة إلى مبلغ خمسة آلاف دينار قيمة الشرط الجزائي المتفق عليه في عقد البيع المؤرخ 13/ 5/ 2002، فضلاً عن التعويض عن الأضرار المادية والأدبية التي تقدرها المحكمة، وقال بياناً لدعواه إنه بموجب عقد البيع سالف البيان اشترى من عامر………. العقار المبين بصحيفة الدعوى لقاء ثمن مقداره 93000 ألف دينار سدد منه كعربون مبلغ 20850 دينارًا، واتفقا على أن يرد البائع العربون وخمسة آلاف دينار إذا ما اختار العدول عن البيع وإذ فعل ذلك بتقاعسه عن نقل ملكية المبيع رغم إنذاره، وتصرفه فيه لآخر بعقد مسجل فقد كانت الدعوى.

حكمت المحكمة بإلزام البائع بأن يؤدي للمشتري مبلغ 25850 دينارًا، ورفضت باقي الطلبات. استأنف البائع الحكم بالاستئناف رقم 1545 لسنة 2004 مدني، وبتاريخ 27/ 11/ 2004 قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام البائع بمبلغ 20850 دينارًا. طعن البائع في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن رقم 791 لسنة 2004 مدني، كما طعن فيه المشتري بالطعن رقم 792 لسنة 2004 مدني. أودع كل من الطاعنين مذكرة صمم فيها على طلباته وطلب رفض الطعن المقام من خصمه، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن رقم 791 لسنة 2004 مدني، وبتمييز الحكم في الطعن الآخر، وإذ عُرضَ الطعنان على هذه المحكمة في غرفة المشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها قررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول، وصمم كل من الحاضرين عن الطاعنين على طلباتهما، والتزمت النيابة رأيها.

أولاً: عن الطعن رقم 791 لسنة 2004 مدني:
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب إذ رفض الدفع المبدي منه ببطلان إعلانه بصحيفة افتتاح الدعوى عن طريق النيابة العامة لأنه لم تسبقه تحريات جدية عن محل إقامته على سند من أنه أُعلنَ بالصحيفة عن طريق المخفر في حين أن هذا الإعلان كان باطلاً هو الآخر لأنه كان في غير موطنه مما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الطاعن اقتصر في دفاعه أمام محكمة الاستئناف على الدفع ببطلان إعلانه بصحيفة الدعوى الذي تم عن طريق النيابة العامة دون إعلانها الذي تم عن طريق المخفر, ومن ثم فإن ما يثيره بشأن بطلان هذا الإعلان الأخير يعد دفاعاً جديد يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة التمييز.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع إذ رفضت محكمة الاستئناف منحه أجلاً للرد على مذكرة دفاع المطعون ضده الأول وحافظة المسندات التي قدمها، كما رفضت إعادة الاستئناف للمرافعة لتقديم دفاعه مما يعيب حكمها ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي غير صحيح في شقه الأول إذ خلا محضر الجلسة الوحيدة التي نظر فيها الاستئناف من أن الطاعن طلب أجلاً للرد على دفاع ومستندات خصمه وغير مقبول في شقه الثاني ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه إذا تمت مرافعة الخصوم في الدعوى وقررت المحكمة حجزها للحكم فلا عليها إذا هي أصدرت الحكم، ولم تستجب لما يكون قد قدم إليها من طلبات لإعادة القضية للمرافعة لأن أي طلب من هذا القبيل لا يعتبر دفعاً أو دفاعاً مطروحاً على المحكمة بل يدخل فيما لها من إطلاقات ومن ثم فلا يعاب عليها عدم الاستجابة إليه. لما كان ذلك , وكان الثابت بمحضر جلسة المرافعة أمام محكمة الاستئناف أن المحكمة حجزت الدعوى للحكم بعد أن تهيأت للحكم فيها بإبداء الحاضر عن كل من طرفي النزاع لدفاعه، فإن النعي بهذا السبب بشقيه يكون غير مقبول.

ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ثانيًا عن الطعن رقم 792 لسنة 2004 مدني:
حيث إن حاصل ما ينعي به الطاعن بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أن عقد البيع موضوع النزاع باعتباره قانون العاقدين تضمن التزام المطعون ضده الأول في حالة عدوله عن إتمام إجراءات البيع بأن يؤدي إليه مبلغ خمسة آلاف دينار، وإذ رفضت المحكمة إلزامه بهذا المبلغ رغم تحقق سببه على سند من أنه استعمل حقه في العدول عن العقد، ولم يخل بأي من الالتزامات الناشئة عنه فإنها تكون قد خالفت بنود العقد مما يعيب حكمها ويستوجب تمييزه.

وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المشرع وإن نظم في المادة (75) من القانون المدني القواعد الخاصة بالتزامات المتعاقدين في حالة العدول عن البيع بالعربون بالنص على أن (إذا عدل من دفع العربون فقده، وإذا عدل من قبضه التزم برده ودفع مثله، وذلك كله دون اعتبار لما يترتب على العدول من ضرر) إلا أن هذه القواعد – وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني في التعليق على النص سالف البيان – قواعد مكملة لإرادة المتعاقدين لا يلجأ إليها إلا عند عدم اتفاقهما على قواعد خاصة تخالفها سواء بالتشديد أو التخفيف من الالتزامات المترتبة على العدول عن العقد إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة. لما كان ذلك، وكان البين من عقد البيع موضوع النزاع أن طرفيه اتفقا في البند خامساً منه على أنه إذا عدل البائع عن إتمام العقد فإنه يرد للمشتري كل ما قبضه من عربون وخمسة آلاف دينار، وإذ عدل المشتري يرد إليه البائع ما قبضه من عربون مخصوماً منه خمسة آلاف دينار. مما مؤداه إنهما بهذا الاتفاق ارتضيا قواعدًا خاصة لتنظيم الالتزامات المترتبة على استعمال خيار العدول عن العقد أخف من تلك الواردة في المادة (75) سالفة البيان، وإذ خالف الحكم هذا النظر، ولم يطبق أحكام هذا الاتفاق واعتبره شرطاً جزائياً يسري في حالة الإخلال بالالتزامات الناشئة عن العقد، وليس مقابلاً لخيار العدول عنه فإنه يكون معيباً بما يوجب تمييزه تمييزاً جزئياً في هذا الخصوص.

وحيث إن موضوع الاستئناف رقم 1545 لسنة 2004 مدني – فيما ميز من الحكم المطعون فيه صالح للفصل فيه، وكان الحكم المستأنف قد قضى بإلزام المستأنف بأن يؤدي إلى المستأنف ضده مبلغ الخمسة آلاف دينار على سند من إن إرادتيهما قد اتجهت إلى أن هذا المبلغ هو تعويض للأخير مقابل استعمال المستأنف خيار العدول عن العقد فإنه يكون في محله ويتعين تأييده.