الطعن 542 لسنة 50 ق جلسة 14 / 4 / 1983 مكتب فني 34 ج 1 ق 196 ص 969

برئاسة السيد المستشار عاصم المراغي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى صالح سليم، إبراهيم زغو ومحمد لبيب المرصفي.
———–
– 1 حكم “تسبيب الحكم”.
اقامة الحكم علي دعامتين. كفاية احداهما لحمل قضائه . النعي عليه في الدعامة الأخرى . غير منتج .
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقام الحكم قضاءه على دعامتين مستقلتين أحدهما عن الأخرى ، فإنه إذا استقامت الدعامة الأولى وكانت كافية وحدها لحمل الحكم فإن النعي على الدعامة الثانية يكون غير منتج .
– 2 وكالة “التوكيل في الخصومة”.
تحرير المحامي صحيفة الدعوى واعلانها قبل صدور التوكيل . لا يؤثر على سلامة الاجراءات . علة ذلك .
من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن القانون لم يتطلب أن يكون بيد المحامي الذى يحرر صحيفة الدعوى توكيل من ذي الشأن عند تحرير الصحيفة وإعلانها ومن ثم فلا يؤثر على سلامة الإجراءات عدم ثبوت وكالة المحامي وقت تحرير الصحيفة وإعلانها لأن القانون لا يستلزم ثبوت وكالة الوكيل عن موكله وفقاً لأحكام قانون المحاماة إلا في الحضور عنه أمام المحكمة كنص المادة 73 من قانون المرافعات .
– 3 إثبات “قواعد عامة”.
قواعد الاثبات عدم تعلقها بالنظام العام . أثر ذلك .
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قواعد الإثبات ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمناً ، كما يجوز لصاحب الحق في التمسك بها أن يتنازل عنها .
– 4 إثبات “طرق الإثبات”.
عدم حضور الخصوم جلسات التحقيق . لا بطلان .
النص في المواد من 60 إلى 98 الواردة بالباب الثالث تحت عنوان “شهادة الشهود” من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية لم ترتب البطلان على عدم حضور الخصوم جلسات التحقيق الذى تجريه المحكمة .
– 5 حكم “تسبيب الحكم”. بطلان. نقض.
انتهاء الحكم الى نتيجة صحيحة دون الافصاح عن سنده من القانون . لا بطلان . محكمة النقض استكمال ما قصر الحكم في بيانه
من المقرر أنه متى كان الحكم قد أصاب صحيح القانون في نتيجته فلا يبطله قصوره في الإفصاح عن سنده من القانون إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك .
– 6 فوائد.
سريان الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية. شرطه القضاء بالتعويض . سريان الفوائد القانونية عن التأخير في الوفاء به من تاريخ صدور الحكم النهائي.
تشترط المادة 226 من القانون المدني لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغاً من النقود معلوم المقدار وقت الطلب والمقصود بكون الالتزام معلوم المقدار – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون تحديد مقداره قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير، وإذ كان التعويض المطلوب هو مما يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة فإن تحديده في صحيفة الدعوى لا يجعله معلوم المقدار وقت الطلب بالمعنى الذي قصده القانون وإنما يصدق عليه هذا الوصف بصدور الحكم النهائي في الدعوى ولا تسرى الفائدة عليه إلا من تاريخ صدور الحكم النهائي.
———–
الوقائع
وحيث إن الوقائع- على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 4756 سنة 1974 مدني كلي شمال القاهرة على الطاعن، قال شرحاً لها أنه بتاريخ 12/10/1968 أثناء أدائه الخدمة العسكرية بالقوات المسلحة كمجند بها قام الجندي …. بإطلاق لعدة أعيرة نارية من سلاحه الأميري على زملائه من الجنود فقتل بعضهم وأصاب آخرين وكان هو أي المطعون ضده – من بين المصابين في هذا الحادث، وقد ضبط في شأنه الجناية رقم 1845 سنة 1968 عسكرية الإسماعيلية وأصدرت المحكمة العسكرية العليا حكمها بإدانة الجندي المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة بتاريخ 2/4/1969 وأضحى الحكم نهائياً بالتصديق عليه، وأضاف المطعون ضده أنه بتاريخ 24/12/70 حرر عقداً مع الطاعن – وهو محام – ليتولى إجراءات مباشرة دعوى تعويض يرفعها قبل الجندي المتهم الذي أحدث إصابته ووزير الحربية بصفته متبوعاً – وقام بتسليمه المستندات اللازمة لمباشرة تلك الدعوى – غير أن الطاعن لم يتخذ أي إجراءات في الدعوى حتى شهر أبريل سنة 1974، مما ترتب عليه سقوط حق المطعون ضده في المطالبة بالتعويض بالتقادم وفقاً لنص المادة 172 من القانون المدني – وخلص المطعون ضده إلى طلب الحكم بإلزام الطاعن بأن يؤدي إليه تعويضاً مقداره عشرة آلاف جنيه والفوائد القانونية عن خطئه العقدي ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية قضت بجلسة 31/12/1975 بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده تعويضاً مقداره ثلاثة آلاف جنيه والفوائد 4% سنوياً من وقت صيرورة الحكم نهائياً. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 565 سنة 93ق، كما استأنفه المطعون ضده بالاستئناف رقم 669 سنة 93ق ومحكمة استئناف القاهرة بعد أن أمرت بضم الاستئنافين قضت بجلسة 10/1/1980 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبعة أسباب، ينعي الطاعن بالوجه الأول من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده قرر في صحيفة دعواه التي أقامها على الطاعن أنه كلف الأخير بإقامة الدعوى بطريق المعافاة من الرسوم القضائية وبالرغم من ذلك لم يقم بإمداده بشهادة رسمية تثبت عدم ميسرته (أي المطعون ضده) حتى يتمكن من استصدار قرار بالمعافاة من الرسوم كما لم يقدم له البديل عن تلك الشهادة وهو رسوم الدعوى غير أن الحكم المطعون فيه عندما عرض لتلك المسألة قال أنه كان على الطاعن أن يرفع الدعوى لقطع التقادم ولو بطلب محدود ومصاريف يسيرة يحاسب عليها الموكل حين يعجز عن قبول طلب المكافأة أو تقديم المستندات اللازمة للحصول عليه، فيكون الحكم المطعون فيه قد ألقى على الطاعن التزاما على غير مقتضى القانون أو العقد المبرم بين الطرفين، فضلا عن أنه تبنى دفاعا لم يتمسك به المطعون ضده، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقام الحكم المطعون فيه قضاءه على دعامتين مستقلتين إحداهما عن الأخرى، فإنه إذا استقامت الدعامة الأولى وكانت كافية وحدها لحمل الحكم فإن النعي على الدعامة الثانية يكون غير منتج، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعن – على ما خلص له في حدود سلطته الموضوعية أخذا بأقوال الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة وما ساقه من قرائن أخرى عل دعامتين مستقلتين إحداهما إيهام الطاعن للمطعون ضده أنه قد أقام الدعوى على غير الحقيقة، وإذ كانت هذه الدعامة تكفي وحدها لتوافر ركن الخطأ قبل الطاعن وترتيب مسئوليته، فإن تعقيب الحكم المطعون فيه فيما أورده بشأن الدعامة الأخرى من أنه كان يتعين على الطاعن رفع الدعوى لقطع التقادم ولو بطلب محدود ومصاريف يسيرة يحاسب عليها المطعون ضده حين يعجز عن قبول طلب المعافاة أو يقدم المستندات اللازمة للحصول عليه – أيا كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على سند من أن المطعون ضده قدم للطاعن المستند اللازم لاستصدار قرار المعافاة من الرسوم القضائية وإن هذا ثابت من شهادة الشهود، مع أن الثابت من أقوال الشاهد….. أنه لم يرد بها أنه أبصر والد المطعون ضده، يسلم شهادة عدم الميسرة إلى الطاعن، كما أن المحكمة استمعت في جلسة التحقيق إلى أٌقوال والد المطعون ضده الذي كان حاضرا ولم تكن أقواله مسبوقة بحلف يمين ويضيف الطاعن أن الحكم المطعون فيه أورد بأسبابه أن عبارة العقد المبرم بين الطرفين المؤرخ 24/ 12/ 1970 أن الطاعن ملزم باتخاذ كافة الإجراءات وهي عبارة تشتمل الحصول على المستندات حتى لو لم يقدمها المطعون ضده، مع أن هذا مسخ لإرادة المتعاقدين لأن لفظ “كافة” مقصود به إجراءات التقاضي ولا يقصد بها استخراج الأوراق المطلوبة تقديمها كمستندات في الدعوى ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت في الأوراق وشابه فساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه – وعلى ما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول من السبب الأول من أسباب النعي – أن الحكم المطعون فيه خلص سائغا في حدود سلطته الموضوعية إلى خطأ الطاعن بإيهامه المطعون ضده أنه رفع دعوى التعويض على خلاف الحقيقة وهي دعامة تكفي وحدها لحمل قضاء الحكم، فإنه أيا كان وجه الرأي فيما ورد بسبب هذا النعي يكون غير منتج، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانه يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضد لم يصدر له توكيلا رسميا يمكنه من مباشرة إجراءات الدعوى، بذلك يكون المطعون ضده قد حال من جانبه دون تمكين الطاعن من تنفيذ العقد المحدد بينهما، وقد رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بأنه كان على الطاعن أن يرفع الدعوى، وإيداع صحيفتها قلم الكتاب يعتبر رفعا لها ولا يلزم لهذا الإجراء توكيل ما، مع أن رفع الدعوى إجراء قانوني ولا يجوز في صحيح القانون إلا بناء على توكيل يصدر من صاحب الشأن، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن القانون لم يتطلب أن يكون بيد المحامي الذي يحرر صحيفة الدعوى توكيل من ذي الشأن عند تحرير الصحيفة وإعلانها، ومن ثم فلا يؤثر على سلامة الإجراءات عدم ثبوت وكالة المحامي وقت تحرير الصحيفة وإعلانها لأن القانون لا يستلزم ثبوت وكالة الوكيل عن موكله وفقا لأحكام قانون المحاماة إلا في الحضور عنه أمام المحكمة كنص المادة 73 من قانون المرافعات، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأورد في مدوناته أن رفع الدعوى بإيداع صحيفتها قلم الكتاب لا يستلزم توكيلا من المطعون ضده إلى الطاعن فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بعدم جواز الإثبات بالبينة على أساس أن عمله كمحام يتسم بالسرية في بعض واجباته بما يقتضي حتما أن يحرص على مقابلة عملائه على انفراد وهذا يعجزه عن أن يجد شهودا يشهدون على الوقائع موضوع التحقيق، غير أن محكمة الموضوع ردت على هذا الدفاع بقولها أن المحظور عملا بالمادة 66/ 1 من قانون الإثبات هو أن يفش المحامي بمعلومات علم بها عن طريق مهنته أو صنعته وليس من بينها إثبات الاتفاق على الوكالة أو تنفيذها أو الإخلال في التنفيذ، وما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، فيه إعنات للطاعن إذ أنه يتحدث عن استحالة توافر شهود لديه ولم يتحدث عن سرية عقد الوكالة وأنه فضلا عن أنه لا يستقيم مع ما يستهدفه المشرع في المادة 69 من قانون الإثبات بإتاحة الفرصة المتساوية بينه وبين خصمه في نفي ما يثبته الآخر، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قواعد الإثبات ليست من النظام العام فيجوز الاتفاق على مخالفتها صراحة أو ضمنا، كما يجوز لصاحب الحق في التمسك بها أن يتنازل عنها، لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الطاعن قد ارتضى حكم الإحالة إلى التحقيق الصادر من المحكمة الاستئنافية بجلسة 14/ 1/ 1979 وحضر جلسة التحقيق وقرر أن ليس لديه شهود، وسمعت شهادة شهود المطعون ضده وناقشهم وأثبت ملاحظاته عليها دون إبداء أي اعتراض على مباشرة التحقيق، فإن ذلك يعد نزولا منه عن حقه في التمسك بعدم جواز الإثبات بالبينة، وبالتالي لا يحق له من بعد أن يتمسك بأن الإحالة إلى التحقيق فيها إعنات له بسبب عدم توفر شهود لديه يشهدون على الواقعة التي رأت محكمة الموضوع إنها جائزة التحقيق بالبينة، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب لا أساس له.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع من وجهين، وفي بيان الوجه الأول يقول أن المستشار المنتدب للتحقيق بمحكمة الاستئناف أجرى التحقيق بجلسة 11/ 3/ 1979 واستمع إلى أقوال شاهدي المطعون ضده – وهو المكلف بالإثبات – في غير حضور صاحب الشأن (المطعون ضده) وإنما الذي حضر تلك الجلسة والد المطعون ضده وهو ما يخالف نص المادة 83 من قانون المحاماة وعلى فرض جواز حضوره فإنه لم يقدم ما يثبت وكالته عن ابنه المطعون ضده، فضلا عن أن والد المطعون ضده، أدلى بجلسة التحقيق بأقوال ولم تتضح صفته في الإدلاء بها، فإن كان شاهدا فهو لم يحلف يمينا وإن كان مترافعا فهي ليست جلسة مرافعة، وقد تمسك الطاعن في مذكرة دفاعه، أمام محكمة الموضوع ببطلان التحقيق ورد الحكم المطعون فيه بتقريرات قانونية خاطئة رغم أن هذا البطلان أثر في الحكم إذ أن المحكمة استندت إلى أقوال الشهود في إثبات أن المطعون ضده سلم الطاعن المستندات اللازمة للسير في الدعوى، وهو ما يصم الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المواد 60 إلى 98 الواردة بالباب الثالث تحت عنوان شهادة الشهود من القانون رقم 25 لسنة 1968 بإصدار قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية لم ترتب البطلان على عدم حضور الخصوم جلسات التحقيق الذي تجريه المحكمة إذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وأورد قوله “الدفع ببطلان التحقيق لأمور إجرائية لا يتعلق بالنظام العام إلا إذا نص على البطلان.. بل لم يشترط المشرع حضور الخصم وقت سماع الشهود.. فإنه يكون قد طبق صحيح القانون – أما ما يذهب إليه الطاعن من أن المحكمة استمعت إلى أقوال والد المطعون ضده بجلسة التحقيق دون حلف يمين فمردود بما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول عن السبب الأول من أسباب النعي على الحكم المطعون فيه، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه من النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الخامس أن الطاعن حين تمسك في مذكرة دفاعه أمام محكمة الموضوع ببطلان التحقيق استطرد إلى القول بأن هيئة المحكمة التي بها المستشار الذي أجرى التحقيق الباطل لا تصلح قانونا للفصل في الدفع ببطلان التحقيق المبدى منه – أي الطاعن لأن من أجرى الإجراء يكون قد اعتقد صحته قانونا وإلا لما أجراه، وبذلك يكون لدى المستشار المنتدب للتحقيق رأي مسبق في سلامة الإجراء يفقده الصلاحية عملا بالمادة 146/ 5 من قانون المرافعات، وقد اطرحت المحكمة هذا الدفاع بقولها أن التحقيق غير مشوب بما يبطله وهو لا يصلح ردا ويكون قد أخل بدفاعه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 146/ 5 من قانون المرافعات على أنه “يكون القاضي غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها ولو لم يرده أحد من الخصوم في الأحوال الآتية:
– إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضيا أو خبيرا محكما أو كان قد أدى شهادة فيها.” يدل على أن التحقيق الذي يجريه أحد قضاة المحكمة الذي تندبه لإجرائه وفقا لنص المادة 72 من قانون الإثبات، لا يعد من أسباب عدم صلاحية القاضي على ما تقضي به المادة 146/ 5 من قانون المرافعات سالفة الذكر عند نظره موضوع الدعوى بعد إجرائه التحقيق الذي ندب له، وإذ كان من المقرر أنه متى كان الحكم قد أصاب صحيح القانون في نتيجته فلا يبطله قصوره في الإفصاح عن سنده من القانون إذ لمحكمة النقض أن تستكمل ما قصر الحكم في بيانه من ذلك ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه من النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيانه يقول أن الحكم المطعون فيه الصادر بجلسة 10/ 1/ 1980 لم يحصل عناصر الضرر التي على أساسها قدر التعويض المقضي به، كما أنه لم يحل إلى أسباب حكم محكمة أول درجة، وقد اكتفت المحكمة بقولها أن ضياع الفرصة يلزم بتعويض المبلغ المحكوم به، ومن ثم جاء حكمها مشوبا بالقصور المبطل الذي يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن البين أن الحكم الاستئنافي أورد في مدوناته قوله: “.. فإن المبلغ المحكوم به من محكمة الدرجة الأولى تراه هذه المحكمة كافيا لجبر الضرر الذي قال المستأنف (المطعون ضده) من تفويت الفرصة عليه في الحصول على تعويض كاف عما ناله من أضرار من المسئولين عن حادث الجناية 1845 سنة 1968 عسكرية الإسماعيلية ومنهم وزارة الحربية المليئة والتي يمكن التنفيذ قبلها ومن ثم يكون الحكم المستأنف في محله مما يتعين معه رفض الاستئنافين وتأييده” – وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد أورد في أسبابه قوله: “ولما كان المدعي (المطعون ضده) شابا في مقتبل العمر لا يجاوز سنه ثلاثين سنة وأنه يعمل فني زراعي متوسط بمديرية الزراعة محافظة الجيزة وأن إصابته من جراء الحادث أدت طبقا للشهادات الطبية والتي لا مطعن عليها من أحد إلى كسر مضاعف بالعمود الفقري نتج عنه شلل نصفي سفلي مع عدم التحكم في التبول أو التبرز وقد استقرت حالته على ذلك مما يصيبه بآلام جسمية ونفسية قاسية وتقضي له المحكمة بمبلغ 3000 كتعويض عن الفرصة للمطالبة مما لحقه من أضرار مراعية في ذلك إهماله في عدم إعطاء المدعى عليه (الطاعن) ما يحتاج إليه لمباشرة الدعوى ومتابعتها”. وإذ كان ما أورده الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم الاستئنافي المطعون فيه وكذلك الحكم الأخير قد واجها عناصر الضرر التي لحقت بالمطعون ضده والتي على أساسها قدر التعويض المحكوم به، وكان ما أورده في ذلك الصدد سائغا وله مأخذه من الأوراق ويكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب السابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حين ألزم الطاعن بالفوائد مؤيدا بذلك حكم محكمة أول درجة الأمر المخالف لنص المادة 226 من القانون المدني الذي يجرى نصها على أن يكون مبلغ النقود محل الالتزام “معلوم المقدار وقت الطلب” ولما كان مبلغ التعويض المحكوم به غير معلوم المقدار وقت الطلب أي وقت رفع الدعوى ومن ثم فلا يلتزم الطاعن بالفوائد – وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 226 من القانون المدني تشترط لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب والمقصود بكون الالتزام معلوم المقدار – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون تحديد مقداره قائما على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير، وإذ كان التعويض المطلوب هو مما يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة فإن تحديده في صحيفة الدعوى لا يجعله معلوم المقدار وقت الطلب بالمعنى الذي قصده القانون وإنما يصدق عليه هذا الوصف بصدور الحكم النهائي في الدعوى ولا تسري الفائدة عليه إلا من تاريخ صدور الحكم النهائي – لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده تعويضا مقداره ثلاثة آلاف جنيه وفائدة تأخيرية بواقع 4% في السنة من وقت صيرورة الحكم نهائيا فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب لا أساس له.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .