ماهية الدخل التجاري والعمل التجاري

المؤلف : خيري ابراهيم مراد
الكتاب أو المصدر : المعاملة الضريبية للشخص غير المقيم في قانون ضريبة الدخل العراقي
إعادة نشر بواسطة محاماة نت

يعرّف الفقه الضريبي الدخل التجاري بأنه الدخل الناجم من تفاعل العمل ورأس المال، أي الدخل القائم على استغلال العمل ورأس المال معاً على وجه الاستقلال وبنية الكسب(1). اما العمل التجاري، فقد اختلف الفقه التجاري في بيان ماهيته، فظهرت نظريتان، الاولى هي النظرية الموضوعية او المادية والثانية هي النظرية الشخصية. اما النظرية الاولى فقد سميت كذلك لانها تعتد بطبيعة العمل ذاته لا بشخص القائم به، فالعمل التجاري هو اساس تطبيق احكام القانون التجاري، بمعنى ان هذه الاحكام تطبق على النشاط التجاري اياً كانت صفة القائم به أي سواء كان محترفاً او غير محترف.

ولذلك فهي تنظر للعمل من حيث موضوعه كعمليات البنوك او من حيث الغرض منه كالشراء بقصد البيع او بقصد التأجير او من حيث الشكل كالاوراق التجارية(2). اما الصعوبة العملية التي تعترض النظرية المادية هي ايجاد وسيلة لحصر الاعمال التجارية والنص عليها، ذلك لان العمل التجاري متطور دائماً وفي ازدياد وتغير مستمر. والنظرية الثانية هي النظرية الشخصية او الذاتية فهي تعتمد على التاجر في تحديد العمل التجاري دون غيرهم من الافراد. ولذلك فالقانون التجاري يعتبر خاصاً بطائفة معينة من الافراد هم طائفة المشتغلين بالتجارة. اما غير التجار فلا شأن لهم بأحكام هذا القانون حتى لو قاموا بمباشرة تصرفات تجارية، وعليه فقد عرّفت هذه النظرية العمل التجاري بأنه ذلك العمل الذي يباشره التجار. ان هذه النظرية تواجهها صعوبة ايضاً ولكنها ذات شقين:
الشق الاول: ضرورة وضع ضابط يفرق بين التاجر وغير التاجر، وهنا تقع هذه النظرية في المشكلة نفسها التي وقعت فيها النظرية المادية.
اما الشق الثاني: بما ان القانون التجاري هو قانون طائفة التجار، فليس معنى ذلك ان القانون التجاري ينظم كل اوجه النشاط المختلفة التي يقوم بها التاجر فالتاجر يقوم بنشاطه التجاري كما يقوم الى جانب ذلك بنشاط مدني لا صلة له بنشاطه التجاري كزواجه او شرائه الملابس اللازمة له مثلاً(3). وامام هذا الاختلاف الفقهي فان اجتهادهم لم يستخلص فكرة شاملة للعمل التجاري بل طرح نظريات مختلفة لتحديد تجارية العمل يستند بعضها الى العوامل الاقتصادية ويستند بعضها الآخر الى العوامل القانونية(4). وعموماً يقسم الفقه التجاري، الاعمال التجارية الى اربع طوائف(5):-
1- الاعمال التجارية المطلقة او الطبيعية او الاصلية: وهي الاعمال التي اعتبرها المشرع تجارية بذاتها، كشراء المنقول لاجل البيع.
2- الاعمال التجارية حسب شكلها: كإجراءات تأسيس الشركات.
3- الاعمال التجارية بالتبعية او النسبية: وهي اعمال مدنية بالاصل بيد انها تكتسب الصفة التجارية لصدورها من تاجر لحاجاته التجارية. مثل بيع سيارة فهو بالاصل يعد عملاً مدنياً. ولكنه عندما يزاول معرضاً لبيع وشراء السيارات هذا العمل يعد عملاً تجارياً.

4- الاعمال التجارية المختلطة او من جانب واحد: وهي الاعمال التي تعد تجارية بالنسبة لطرف ومدنية بالنسبة لطرف آخر من اطراف العلاقة القانونية- كأن يقوم المزارع بتسويق محصوله الى مكتب لبيع وشراء الحبوب. فهذا العمل بالنسبة للمزارع يعد عملاً مدنياً وفي الوقت نفسه يعد هذا العمل بالنسبة للمكتب عملاً تجارياً لانه سوف يقوم ببيعه بسعر اعلى لغرض تحقيق الربح فهو شراء لاجل البيع. اما موقف التشريعات التجارية فنجدها عموماً تخلو من تعريف اصطلاحي للعمل التجاري، فقد اكتفت بايراد تعداد ترتيبي معين للاعمال التجارية، وهذا مافعله المشرع التجاري العراقي(6)، وقد حاول بذلك قدر المستطاع ان يوفق في بيان ماهية العمل التجاري، ولذلك في بيان ماهية العمل التجاري ونحن هنا في معرض بيان الدخل التجاري والعمل التجاري يطرح علينا تساؤل هل هناك علاقة بينهما؟ بعبارة اخرى هل يعد دائماً الدخل التجاري ناتجاً من العمل التجاري؟ للاجابة نقول كلا فليس دائماً يعد الدخل التجاري ناتجاً من عمل تجاري على سبيل المثال.

دخل سائق السيارة لايعد من الناحية الضريبية دخلاً تجارياً وانما دخلاً ناجماً من عمل كونه صاحب مهنة وهي السياقة ولكن بنظر القانون التجاري يعتبر عملاً تجارياً، كذلك صاحب الحرفة، فالحدّاد، دخله لايعد دخلاً تجارياً ولكن يعده القانون التجاري عملاً تجارياً من دون ان يلزمه بالتزامات التجار.
_________________
[1]- د. احمد ثابت عويضه- ضريبة الارباح التجارية والصناعية في القانون المصري- القاهرة- منشورات الكاتب العربي للطباعة والنشر- 1967- ص23.
2- د. سميحة القليوبي- الموجز في القانون التجاري- القاهرة- منشورات مكتبة القاهرة الحديثة- بلا سنة طبع- ص20.
3- د. علي حسن يونس- القانون التجاري- القاهرة- دار الفكر العربي- طبع دار الحمامي للطباعة- بلا سنة طبع- ص7-8.
4- ومن هذه النظريات: نظرية المضاربة ونظرية التداول ونظرية المشروع ونظرية الحرفة ونظرية السبب.
ولذلك نرى ان وضع ضابط دقيق للعمل التجاري ليس بالأمر السهل، فعدم وجود نظرية شاملة في ماهية العمل التجاري لايعني بأن ما اقترح من مقاييس بهذا الخصوص يعتبر عديم الاثر في تطور ماهية العمل التجاري. انظر في ذلك:- د. باسم محمد صالح- القانون التجاري- القسم الاول- مصدر سابق- ص32-39.
5- د. محسن شفيق- القانون التجاري المصري- الجزء الاول-الاسكندرية- منشورات دار نشر الثقافة- 1949- ص150-151.
6- المادة الخامسة والسادسة من قانون التجارة العراقي رقم 30 لسنة 84.