الطعن 1831 لسنة 48 ق جلسة 2 / 1 / 2010 مكتب فني 55 – 56 توحيد المبادئ ق 2 ص 29

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد شمس الدين خفاجي، والسيد محمد السيد الطحان، ورمزي عبد الله محمد أبو الخير، وغبريال جاد عبد الملاك، وأحمد أمين حسان، والصغير محمد محمود بدران، وعصام عبد العزيز جاد الحق، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، ويحيى أحمد راغب دكروري، وحسين علي شحاتة السماك. نواب رئيس مجلس الدولة.
وبحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة.
—————

(2)
جلسة 2 من يناير سنة 2010 الطعن رقم 1831 لسنة 48 القضائية عليا (دائرة توحيد المبادئ)

دعوى – الحكم فى الدعوى – الحكم بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة – جواز الإحالة من أي من المحاكم إلى المحكمة الإدارية العليا إذا كانت مختصة بها كمحكمة موضوع لا محكمة طعن، وتلتزم المحكمة الإدارية العليا بهذه الإحالة.
المواد المطبقة:
المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

الإجراءات
في يوم الثلاثاء الموافق 16/ 5/ 2000 أودع الأستاذ/ … المحامي، عن نفسه، قلم كتاب محكمة القضاء الإداري صحيفة دعوى، قيدت برقم 8166 لسنة 54 ق، مختصمًا فيها المطعون ضدهما بصفتيهما، وانتهى إلى طلب الحكم بإلغاء قرار مجلس الدولة الخاص بتعيين دفعتي 1997 و1998 باعتباره قرارًا سلبيًا بالنسبة له؛ لعدم إدراج اسمه ضمن كشوف المقبولين، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذكر المدعي شرحا لدعواه: أنه تقدم بطلب للتعيين في وظيفة (مندوب مساعد) بمجلس الدولة، وتحدد يوم 5/ 9/ 1999 موعدا لإجراء المقابلة الشخصية، حيث إن تقديره في السنة النهائية (جيد جدا) بمجموع درجات: (167) من (200)، وتقديره العام على مدار أربع سنوات: (جيد) بمجموع درجات: (577) من (740)، ويشغل الترتيب السادس على الدفعة، وعلى مستوى المتقدمين شغل الترتيب الخامس، وتقديراته في مواد العلوم الإدارية طوال أربع سنوات لم تقل عن (امتياز)، وأخيرا فإن وضعه أمنيا واجتماعيا لا يحول دون تعيينه بمجلس الدولة أو أية وظيفة قضائية أخرى. وفي 1/ 2/ 2000 أعلنت نتيجة المقبولين للتعيين، ولم يكن اسمه من بينهم، مما حداه على التظلم إلى رئيس مجلس الدولة، حيث قيد تحت رقم 486 في 15/ 2/ 2000، ولما لم يتلقَّ ردًا على تظلمه أقام دعواه بطلبه المتقدم.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا بالرأي القانوني، انتهت فيه إلى عدم اختصاص المحكمة نوعيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا للاختصاص، مع إبقاء الفصل في المصروفات. وتدوولت الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 2/ 9/ 2001 أصدرت حكمها في الدعوى بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) للاختصاص، وأبقت الفصل في المصروفات.
ونفاذا لذلك وردت الدعوى إلى هذه المحكمة، وقيدت بجدولها تحت رقم 1831 لسنة 48 ق.ع، وجرى تحضيرها بهيئة مفوضي الدولة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وقدمت الهيئة تقريرا مسببا بالرأي القانوني ارتأت فيه: أصليا: الحكم بإحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة طبقا للمادة (54 مكررًا) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 سنة 1972؛ لإرساء مبدأ قانوني يُعمل به في شأن جواز الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا، مع إبقاء الفصل في المصروفات. واحتياطيا: الحكم ببطلان صحيفة الطعن.
وحددت لنظر الدعوى أمام الدائرة السابعة (موضوع) جلسة 27/ 6/ 2004، وتم تداولها بالجلسات على الوجه المبين بمحاضرها، وبجلسة 13/ 1/ 2008 تقرر حجز الدعوى للحكم بجلسة 27/ 4/ 2008، مع التصريح بمذكرات ومستندات في أسبوعين. وبهذه الجلسة قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 4/ 5/ 2008، وفيها قررت المحكمة إحالة الدعوى إلى الدائرة المشكلة طبقا للمادة (54 مكررًا) من قانون مجلس الدولة، الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 لإرساء مبدأ قانوني بشأن مدى جواز الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة المختصة بشئون أعضاء الهيئات القضائية)، حيث جرت أحكام هذه المحكمة على أنه لا يسوغ لأية محكمة إن قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أن تحيلها إلى المحكمة المختصة طبقا لحكم المادة (110) من قانون المرافعات، إلا إذا كانت المحكمة المحال إليها الدعوى من ذات مستوى المحكمة المحيلة أو تدنوها في درجات التقاضي، ومن ثم فلا يسوغ لمحكمة القضاء الإداري أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا التي تملك سلطة التعقيب على أحكامها، وإلا عطلت سلطة الرقابة القضائية التي يفرضها النظام القضائي بين درجات المحاكم (الحكم الصادر بجلسة 20/ 3/ 2005 في الطعن رقم 6779 لسنة 45 ق.ع)؛ أم أنه إذا كانت المحكمة الإدارية العليا تختص بنظر طلبات أعضاء الهيئات القضائية بحسبانها محكمة موضوع وليست محكمة طعن، فمن ثم تجوز الإحالة إليها، سيما وأن اعتبارات العدالة وتيسير إجراءات التقاضي أمام أعضاء الهيئات القضائية تستوجب اعتناق هذا النظر.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني، ارتأت فيه جواز الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة شئون أعضاء الهيئات القضائية) في حالة حكمها بعدم الاختصاص النوعي.
وقد حددت لنظر الدعوى أمام هذه الدائرة بعد إيداع التقرير جلسة 10/ 1/ 2009، وتم تداولها بالجلسات حسبما يتضح من محاضرها، وبجلسة 5/ 2/ 2009 قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مُسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن المدعي أقام الدعوى الماثلة بتاريخ 16/ 5/ 2000، طالبا في ختامها: الحكم بإلغاء قرار رئيس مجلس الدولة السلبي بعدم تعيينه بوظيفة (مندوب مساعد) ضمن المعينين من خريجي عامي 1997 و1998، مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات، وذلك بعريضة أودعها آنذاك قلم كتاب محكمة القضاء الإداري التي قضت في 2/ 9/ 2001 بعدم اختصاصها، وبإحالتها إلى المحكمة الإدارية العليا للاختصاص، مع إبقاء الفصل في المصروفات. وتنفيذا لهذا الحكم وردت الدعوى إلى هذه المحكمة، وقيدت بجدولها بالرقم المبين بصدر هذا الحكم، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرها المسبب بالرأي القانوني، الذي ارتأت فيه إحالة الدعوى إلى هذه الدائرة لإرساء مبدأ قانوني في شأن مدى جواز تلك الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إن جوهر الإحالة إلى هذه الدائرة ينحصر في الترجيح بين اتجاهين في أحكام الإدارية العليا: أولهما يذهب إلى عدم جواز الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا، ولو كانت محكمة موضوع؛ لأنه لا يجوز لمحكمة الموضوع أن تحيل الدعوى إلى محكمة الطعن؛ لأن القول بغير ذلك من شأنه أن يغل يد محكمة الطعن عن إعمال سلطتها التي خولها القانون في التعقيب على أحكام محكمة الموضوع، ومن بينها الأحكام الصادرة بعدم الاختصاص وبإحالة الدعوى إليها. ولأن التزام محكمة الطعن بحكم الإحالة الصادر عن محكمة الموضوع يتعارض مع سلطتها في التعقيب على هذا الحكم، الأمر الذي يتجافى ونظام التدرج القضائي. كما أنه لا يجوز لأية محكمة إن قضت بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أن تحيلها إلى المحكمة المختصة، إلا إذ كانت هذه المحكمة من ذات مستوى المحكمة المحيلة أو دونها في درجات التقاضي، ومن ثم فلا يسوغ لمحكمة القضاء الإداري أن تحيل الدعوى إلى المحكمة الإدارية العليا. (الأحكام الصادرة بجلسات 20/ 12/ 1980 في الطعن 568 لسنة 32 ق.ع و25/ 5/ 2003 في الطعن رقم 5930 لسنة 46 ق.ع و20/ 2/ 2005 في الطعن رقم 9429 لسنة 48 ق.ع و20/ 3/ 2005 في الطعن 6779 لسنة 45 ق.ع).
بينما يذهب الاتجاه الثاني إلى جواز الإحالة إلى المحكمة الإدارية العليا طالما هي محكمة موضوع؛ لأن المحكمة الإدارية العليا هي المختصة نوعيا بنظر هذه الطلبات التي يقدمها أعضاء النيابة الإدارية دون غيرها من محاكم مجلس الدولة، باعتبارها محكمة أول وآخر درجة، وليس باعتبارها محكمة طعن، وبالتالي يجوز في هذه الحالة للمحاكم الأقل درجة من المحكمة الإدارية العليا أن تحكم بالإحالة إليها إذا كانت هي المختصة أصلا بنظر هذا النزاع. (الأحكام الصادرة بجلسات 12/ 7/ 1997 في الطعن رقم 275 لسنة 37 ق.ع و8/ 11/ 1997 في الطعن رقم 3996 لسنة 38 ق.ع و1/ 6/ 2002 في الطعن رقم 3881 لسنة 41 ق.ع).
ومن حيث إنه يتعين الأخذ بعين الاعتبار عند الترجيح بين أي من الاتجاهين السابقين أن الإحالة تتم إلى المحكمة الإدارية العليا من محكمة أدنى في الترتيب القضائي، وذلك بحسبانها محكمة موضوع مختصة أصلا بنظر ما يحال إليها، وليس بوصفها محكمة الطعن؛ إذ لا تجوز الإحالة في هذه الحالة، ولعل هذا هو مناط الفصل بين الاتجاهين.
ومن حيث إن المادة (104) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن: “تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها رجال مجلس الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، متى كان مبنى الطلب عيبًا في الشكل، أو مخالفة القوانين واللوائح، أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعماله السلطة. كما تختص الدائرة المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات. وتختص أيضا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال مجلس الدولة أو لورثتهم”.
ومن حيث إن المادة (25 مكررا) من قانون هيئة قضايا الدولة، الصادر بالقانون رقم 75 لسنة 1963 تنص على أن: “تختص إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها أعضاء هيئة قضايا الدولة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شئونهم، متى كان مبنى الطلب عيبا في الشكل، أو مخالفة القوانين واللوائح، أو خطأ في تطبيقها أو تأويلها، أو إساءة استعمال السلطة. كما تختص الدائرة المذكورة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات. وتختص أيضا دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لأعضاء هيئة قضايا الدولة أو للمستحقين عنهم…”.
وقد جاءت المادة (40 مكررا) من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية مرددة ذات الأحكام بذات العبارات والألفاظ.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن المشرع ناط بإحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا الاختصاص بنظر المنازعات المتعلقة بأعضاء مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية المتعلقة بجميع شئونهم الوظيفية، ومن ثم فقد باتت تلك الدائرة هي المختصة وحدها دون غيرها بالفصل في هذه المنازعات، وهي في هذه الحالة محكمة الموضوع، وهي محكمة أول درجة وآخر درجة، فالأحكام الصادرة فيها باتة وواجبة النفاذ وغير قابلة للطعن عليها.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بما تستند إليه الأحكام التي أخذت بالاتجاه الأول بعدم جواز الإحالة من أن المحكمة الإدارية العليا هي محكمة الطعن بالنسبة لمحكمة القضاء الإداري، فالإحالة إليها سوف تحول بين مباشرة محكمة الطعن لاختصاصها في الرقابة القضائية؛ فإنه إذا كان هذا صحيحًا في مجال الإحالة بين محكمة الموضوع ومحكمة الطعن على الأحكام الصادرة فيها، بيد أنه ليس كذلك متى كانت الإحالة بين محكمتي موضوع، تختص إحداهما بنظره دون الأخرى، فالإحالة جائزة في هذه الحالة. والأخذ بما استندت إليه الأحكام المؤيدة لهذا الاتجاه لا يتفق وواقع الحال وطبيعة المنازعة الموضوعية الدائرة بين الهيئة القضائية وأحد أعضائها واختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظرها، وهو أمر لا يمكن إنكاره أو إغفاله.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالسند الثاني الذي قامت عليه الأحكام الآخذة بالاتجاه الأول من أن التزام المحكمة بالإحالة إلى المحكمة عند القضاء بعدم اختصاصها لا يتأتى إلا إذا كانت المحكمتان من ذات المستوى أو من مستوى أدنى في درجات التقاضي؛ فإنه يرد على هذا بأن هذا تخصيص بلا مخصص، وقيد على المحكمة المحيلة لا سند له من القانون، بل إنه يتعارض مع صريح نص المادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي جرى على النحو الآتي: “على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة، ولو كان عدم الاختصاص متعلقا بالولاية… وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها”. فمؤدى هذا النص أنه ألزم المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة، ولو كان الاختصاص متعلقا بالولاية، وكذلك ألزم النص المحكمة المحال إليها الدعوى أن تفصل فيها، دون أية تفرقة بين درجات المحاكم المختلفة، فالإحالة واجبة متى قضي بعدم الاختصاص. يؤكد ذلك ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون تعليقا على تلك المادة: “… وتبسيطًا للإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص رُئي النص على وجوب أن تأمر المحكمة بإحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة في كل حالة من الحالات التي تقضي فيها بعدم اختصاصها بنظرها، بعد أن كان ذلك الأمر جوازيا في القانون القائم. كما رُئي أيضا أن تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بالإحالة، سواء كانت من طبقة المحكمة التي قضت بها أو من طبقة أعلى أو أدنى…”. ولعل وضوح العبارات التي وردت في المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات المدنية والتجارية قاطعة الدلالة على أن الإحالة بين المحكمتين المحيلة والمحال إليها واجبة، دون النظر إلى درجتيهما.
ومن حيث إن الإحالة التي تتم من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا، بحسبانها محكمة موضوع وليس كمحكمة طعن، شأنها في ذلك شأن الإحالة التي تتم من المحاكم الإدارية إلى محكمة القضاء الإداري بوصفها محكمة موضوع، وهي تتم تنفيذا للنص الصريح للمادة (110) من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وتضحى المحكمة المحال إليها الدعوى ملتزمة بنظرها؛ أخذا بصريح هذا النص أيضا. وتكمن علة هذا الحكم، حسبما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية بعبارات جلية، في تبسيط إجراءات التقاضي وتيسيرها على المتقاضين، بما يحقق ما تصبو إليه المادة (68) من الدستور بتقريرها كفالة حق التقاضي للمواطنين، وحقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي، وتقريب جهات القضاء منهم، وسرعة الفصل في القضايا. ولا ريب أن القول بعدم جواز الإحالة سوف يترتب عليه تأخير وتعطيل الفصل في الدعاوى بما يؤثر في النهاية سلبا على حق التقاضي.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بأنه في حالة الأخذ بجواز الإحالة سوف يترتب على ذلك إهدار الإجراءات المحددة التي يتعين إتباعها للجوء إلى المحكمة الإدارية العليا؛ فلا وجه للقول بذلك؛ لأنه بمطالعة كل من نصي المادتين (25) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 المنظمة للإجراءات واجبة الإتباع عند اللجوء إلى محكمة القضاء الإداري، والمادة (44) من ذات القانون المحددة للإجراءات التي يتعين الالتزام بها عند اللجوء إلى المحكمة الإدارية العليا، يبين أن ثمة اتفاقا بين هذه الإجراءات وتلك، عدا استلزام توقيع تقرير الطعن من محام مقبول أمام المحكمة الإدارية العليا، وهو إجراء يمكن بحثه أمام المحكمة المختصة بالمنازعة موضوعا.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم يغدو الاتجاه الثاني في أحكام المحكمة الإدارية العليا بجواز الإحالة من محكمة القضاء الإداري إلى المحكمة الإدارية العليا هو الأولى بالترجيح.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بترجيح الاتجاه الوارد في أحكام المحكمة الإدارية العليا، الذي من مقتضاه جواز الإحالة من أي من المحاكم إلى المحكمة الإدارية العليا بوصفها محكمة موضوع. وأمرت بإعادة الدعوى إلى الدائرة المختصة بالمحكمة الإدارية العليا للفصل فيها في ضوء ما تقدم.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .