الطعن 5046 لسنة 51 ق جلسة 2 / 1 / 2010 مكتب فني 55 – 56 توحيد المبادئ ق 3 ص 38

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد أحمد الحسيني رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ أحمد شمس الدين خفاجي، والسيد محمد السيد الطحان، ورمزي عبد الله محمد أبو الخير، وغبريال جاد عبد الملاك، وأحمد أمين حسان، والصغير محمد محمود بدران، وعصام الدين عبد العزيز جاد الحق، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، ويحيى أحمد راغب دكروري، وحسين علي شحاتة السماك. نواب رئيس مجلس الدولة.
بحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين السيد نائب رئيس مجلس الدولة ومفوض الدولة.
————–

(3)
جلسة 2 من يناير سنة 2010 الطعن رقم 5046 لسنة 51 القضائية عليا (دائرة توحيد المبادئ)

موظف – ضم مدة خدمة عملية سابقة – اشتراط إثبات هذه المدة فى الاستمارة المعدة لذلك – ترى المحكمة فيما تضمنته عبارة: “أما من يعين أو يعاد تعيينه بعد نشر هذا القرار فيتعين عليه ذكرها فى الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه، وذلك دون حاجة إلى تنبيه، وإلا سقط حقه نهائيا فى حسابها” الواردة في المادة الخامسة من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم (5547) لسنة 1983 شبهة عدم الدستورية؛ لتقييد حق كفله الدستور، وأوجب القانون احتسابه بشروط موضوعية، يقف عندها القرار المشار إليه ولا يتجاوزها، ولإخلاله بقاعدة المساواة التي احترمها الدستور وحرص عليها – حكمت المحكمة بوقف الطعن تعليقيا، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى مدى دستورية العبارة المشار إليها.
المواد المطبقة:
– المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، الصادر بالقانون رقم (74) لسنة 1978، المعدل بالقانون رقم (115) لسنة 1983.
– قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم (5547) لسنة 1983 بشأن قواعد احتساب مدة الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين.

الإجراءات
بتاريخ 26/ 1/ 2005 أودعت هيئة قضايا الدولة، بصفتها نائبة عن الطاعنين، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن، قيد بجدولها رقم 5046 لسنة 51 ق عليا، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) في الدعوى رقم 1881 لسنة 2 ق بجلسة 27/ 11/ 2004، الذي قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية المدعية في ضم ثلاثة أرباع مدة ممارستها للمحاماة في الفترة من 2/ 11/ 1988 حتى 18/ 2/ 1991، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان في ختام تقرير الطعن – للأسباب الواردة به – الحكم بقبول الطعن شكلا، وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجددا برفض الدعوى، مع إلزام المطعون ضدها المصروفات عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالته إلى دائرة الموضوع، حيث نظرته المحكمة على النحو الثابت بمحاضر الجلسات، وبجلسة 22/ 11/ 2007 قررت إحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة طبقا لحكم المادة (54) مكررًا من قانون مجلس الدولة، ذلك أن المنازعة في الطعن الماثل تتعلق بمدى أحقية العامل في حساب مدة خدمته السابقة بعد تعيينه إذا لم يكن قد ذكرها في الاستمارة (103 ع ح) عند تقديم مسوغات تعيينه، وكانت الجهة الإدارية قد اشترطت عدم اشتغال المتقدمين للوظيفة بأي عمل حكومي، وألزمتهم تقديم إقرار بذلك. وقد استبان للمحكمة أن بعض أحكام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة التاسعة) ذهبت إلى عدم أحقية العامل في هذه الحالة في حساب مدة خدمته السابقة (الطعن رقم 3494 لسنة 48 ق.ع)، في حين ذهبت أحكام أخرى عن ذات الدائرة إلى خلاف ذلك (الطعن رقم 13272 لسنة 48 ق. ع).
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن، ارتأت فيه الحكم بأحقية العامل في احتساب مدة خدمته السابقة وضمها إلى مدة خدمته الجديدة ولو لم يذكرها في الاستمارة 103 ع ح عند تقديم مسوغات تعيينه، حال اشتراط الجهة الإدارية عدم اشتغال المتقدمين للوظيفة بأي عمل بالحكومة أو بالقطاع العام. أو عدم إثبات أي بيانات بهذه الاستمارة وإلزامهم تقديم إقرار بذلك ضمن مسوغات التعيين، طالما توافرت أوضاعها وشروطها الأخرى المقررة قانونًا.
وتحددت لنظر الطعن أمام دائرة توحيد المبادئ جلسة 9/ 2/ 2008، ثم تدوول بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 13/ 12/ 2008 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 14/ 2/ 2009، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم، ثم أعيد للمرافعة لتغير تشكيل الهيئة، إلى أن حددت جلسة اليوم لصدور الحكم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الواقعة موضوع الحكم المطعون فيه تخلص في أن المطعون ضدها كانت قد أقامت الدعوى رقم 1881 لسنة 2 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) طالبة الحكم بأحقيتها في ضم مدة اشتغالها بالمحاماة في الفترة من 2/ 11/ 1988 حتى 18/ 2/ 1992 إلى مدة خدمتها الحالية، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقالت شرحًا لدعواها: إنها حاصلة على ليسانس الحقوق عام 1987، وقيدت بنقابة المحامين بتاريخ 2/ 11/ 1988، وظلت تعمل بالمحاماة إلى أن تم تعيينها بمصلحة الضرائب العامة ببني سويف بتاريخ 18/ 2/ 1992، وإنها طالبت الجهة الإدارية بضم هذه المدة كمدة خدمة عملية إلى مدة خدمتها الحالية، إلا أنها رفضت إجابة طلبها على سند من عدم إثباتها بالاستمارة 103 ع ح، مع أن عدم إثبات هذه المدة يرجع لوجود تعليمات صادرة عن وزارة المالية بضرورة توقيع إقرار من المرشح للوظيفة بأنه لا يعمل بالحكومة ولا القطاع العام، كما كانت ترفض أي طلبات تعيين إلا إذا كانت الاستمارة خالية من هذه المدة. ومن ثم تطلب الحكم لها بطلباتها؛ لوقوعها تحت إكراه مادي ومعنوي في سبيل الحصول على وظيفتها.
وبجلسة 27/ 11/ 2004 أصدرت محكمة القضاء الإداري (دائرة بني سويف والفيوم) حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعية في ضم ثلاثة أرباع مدة ممارستها للمحاماة في الفترة من 2/ 11/ 1988 حتى 18/ 2/ 1991 إلى مدة خدمتها الحالية، وما يترتب على ذلك من آثار. واستندت المحكمة في ذلك إلى أن عدم ذكر المدعية لهذه المدة في الاستمارة 103 ع ح يرجع إلى جهة الإدارة التي أصدرت تعليمات غير مشروعة بعدم تضمين أي بيانات بالاستمارة المذكورة.
ومن حيث إن الطعن يستند إلى أن عدم ذكر المطعون ضدها لمدة خدمتها العملية بالاستمارة (103 ع ح) يسقط حقها نهائيًا في المطالبة بضمها إلى مدة خدمتها الحالية، وهو ما أعملته جهة الإدارة في حقها. وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون مخالفًا للقانون، مما يتعين معه نقضه والقضاء مجددًا برفض الدعوى.
ومن حيث إن المسألة القانونية المثارة التي رأت الدائرة التاسعة عليا إحالة الطعن الماثل فيها إلى هذه الدائرة تتعلق بمدى أحقية العامل في احتساب مدة خدمته السابقة بعد تعيينه إذا لم يكن قد ذكرها في الاستمارة (103 ع ح) عند تقديم مسوغات تعيينه، خاصة حال اشتراط الجهة الإدارية عدم اشتغال المتقدمين للوظيفة بأي عمل بالحكومة أو القطاع العام، وعدم إثبات أية بيانات بهذه الاستمارة، وإلزامهم تقديم إقرار بذلك ضمن مسوغات التعيين.
ومن حيث إن المادة 27 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة (مستبدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983) تنص على أن: ” تحسب مدة الخبرة المكتسبة علميًا التي تتفق مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل، وما يترتب عليها من أقدمية افتراضية وزيادة في أجر بداية التعيين للعامل الذي تزيد مدة خبرته على المدة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة.
كما تحسب مدة الخبرة العملية التي تزيد على مدة الخبرة المطلوب توافرها لشغل الوظيفة، على أساس أن تضاف إلى بداية أجر التعيين عن كل سنة من السنوات الزائدة قيمة علاوة دورية، بحد أقصى خمس علاوات من علاوات درجة الوظيفة المعين عليها العامل، بشرط أن تكون تلك الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل، وعلى ألا يسبق زميله المعين في ذات الجهة في وظيفة من نفس الدرجة في التاريخ الفرضي لبداية الخبرة المحسوبة… ويكون حساب مدة الخبرة الموضحة بالفقرتين السابقتين وفقًا للقواعد التي تضعها لجنة شئون الخدمة المدنية “.
وتنص المادة الأولى من قرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم (5547) لسنة 1983 بشأن قواعد احتساب مدد الخبرة العملية عند التعيين للعاملين المؤهلين على أن: ” يدخل في حساب مدة الخبرة العملية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة (27) من القانون رقم (47) لسنة 1978 المشار إليه للعاملين المؤهلين المدد الآتية: 1 – المدد التي تقضى بإحدى الوزارات… 2 – مدد ممارسة المهن الحرة الصادر بتنظيم الاشتغال بها قانون من قوانين الدولة… “.
كما تنص المادة الثانية من ذات القرار معدلة بالقرار رقم (71) لسنة 1988 على أن: ” يشترط لحساب المدد المشار إليها في المادة الأولى من هذا القرار ما يأتي:
1 – مدد العمل في الوزارات…
2 – …
3 – …
4 – مدد العمل التي تقضى في غير الوزارات والأجهزة ذات الموازنات الخاصة بها ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والمؤسسات العامة وهيئات وشركات القطاع العام، سواء كانت متصلة أو متقطعة، تحسب ثلاثة أرباعها بالشروط الآتية:
أ – ألا تقل المدد السابقة عن سنة.
ب – أن تكون طبيعة العمل متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة التي يعين فيها العامل. ويرجع في ذلك إلى لجنة شئون العاملين “.
وأخيرًا تنص المادة الخامسة من القرار المشار إليه على أن: “تسري أحكام هذا القرار على العاملين الموجودين في الخدمة وقت العمل به، المعينين بها اعتبارًا من 12/ 8/ 1983. ويشترط لحساب مدة الخبرة السابقة أن يتقدم الموظف بطلب لحسابها… أما من يعين أو يعاد تعيينه بعد نشر هذا القرار فيتعين عليه ذكرها في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه، وذلك دون حاجة إلى تنبيه، وإلا سقط حقه نهائيًا في حسابها “.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن نص المادة (27) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليها قد أوجب حساب مدة الخبرة العملية السابقة للعامل التي تزيد على تلك المطلوبة لشغل الوظيفة، وبشرط أن تكون الخبرة متفقة مع طبيعة عمل الوظيفة المعين عليها العامل.
وإذ أحالت هذه المادة إلى القواعد التي تضعها لجنة شئون الخدمة المدنية في حساب مدد الخبرة السابقة. وقد صدرت هذه القواعد بقرار وزير شئون مجلس الوزراء ووزير الدولة للتنمية الإدارية رقم (5547) لسنة 1983، محددًا الشروط الموضوعية لقواعد حساب مدد الخبرة السابقة، ثم أورد القرار في مادته الخامسة والأخيرة قيدًا على من يعين أو يعاد تعيينه بعد نشر هذا القرار، فأسقط حقه نهائيًا في حساب هذه المدة ما لم يكن قد ذكرها في الاستمارة الخاصة بذلك، في الوقت الذي سمح فيه للعامل المعين اعتبارًا من 12/ 8/ 1983 بحسابها، حتى ولو لم يكن قد ذكرها في الاستمارة المذكورة، اكتفاء بتقديم طلب لحسابها. فهذا الحرمان ترى المحكمة أنه افتئات على سلطة المشرع وتجاوز من جانب اللائحة يمثل اعتداء على حقوق العاملين التي أوجب القانون احترامها واحتسابها؛ ذلك أن ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية أن الأصل في سلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحد من إطلاقها وتعتبر تخومًا لها لا يجوز اقتحامها أو تخطيها، وأن ما نص عليه الدستور في المادة (13) من اعتبار العمل حقًا يقتضي ألا يكون تنظيم هذا الحق مناقضًا لفحواه، وأن يكون لازمًا لإنجازه، متوخيًا دومًا تطوير أنماط الحياة وتشكيلها في اتجاه التقدم، وهو ما يعني بالضرورة أن الشروط الموضوعية وحدها هي التي يعتد بها في الحصول على الوظيفة، والتي يضع منها المشرع شروطًا عامة ينبغي توافرها في جميع العاملين بالجهاز الإداري ووحداته، كتلك المتعلقة بالسن والجنسية وحسن السمعة. ولا يكون للجهات الإدارية وهي في سبيلها لسداد احتياجاتها من طالبي الوظائف الشاغرة بها أن تضع شروطًا أو تتطلب أوضاعًا تقيد من تطبيق أي نص دستوري أو قانوني، ولا يكون لها أن تضع ما لم يتضمنه القانون أو ما لم يسمح به.
وقد ارتأت المحكمة فيما تضمنته عبارة: ” أما من يعين أو يعاد تعيينه بعد نشر هذا القرار فيتعين عليه ذكرها في الاستمارة الخاصة بذلك عند تقديم مسوغات تعيينه، وذلك دون حاجة إلى تنبيه، وإلا سقط حقه نهائيًا في حسابها ” من المادة الخامسة من قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم (5547) لسنة 1983 المشار إليه شبهة عدم الدستورية؛ لتقييد حق كفله الدستور، وأوجب القانون احتسابه بشروط موضوعية، يقف عندها القرار المشار إليه ولا يتجاوزها، على النحو الذي سلكه بإسقاط حق العامل الذي لم يذكر خدمته السابقة في الاستمارة المعدة لذلك، في الوقت الذي سمح فيه للآخرين بالاستفادة من هذه القواعد بطلب جديد، وهو ما يمثل تفرقة بين العاملين لا مسوغ لها، تخالف قاعدة المساواة التي احترمها الدستور وحرص عليها. الأمر الذي ترى معه المحكمة إحالة نص هذه العبارة، وعلى وجه خاص ما تضمنته من سقوط الحق نهائيًا لمن لم يذكر مدة خبرته السابقة في الاستمارة المعدة لذلك إلى المحكمة الدستورية لبحث مدى دستورية هذه العبارة.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بوقف الفصل في الطعن، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية عبارة: ” وإلا سقط حقه نهائيًا في حسابها “، الواردة بالمادة الخامسة من قرار وزير الدولة للتنمية الإدارية رقم (5547) لسنة 1983، المتعلق بقواعد ضم مدة الخدمة السابقة للعاملين المدنيين بالدولة.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .