منح موظفي الجمارك صفة الضبط القضائي وفقاً للقانون المصري ،،

الطعن 1464 لسنة 42 ق جلسة 5 / 2 / 1973 مكتب فني 24 ج 1 ق 30 ص 130 جلسة 5 من فبراير سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمود عباس العمراوى, وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وإبراهيم أحمد الديوانى، وعبد الحميد محمد الشربيني، وحسن على المغربي.
————–
(30)
الطعن رقم 1464 لسنة 42 القضائية

(1)إثبات. “شهود”. حكم. “ما لا يعيبه”. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض. “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
إحالة الحكم. في إيراد أقوال الشهود. إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
اختلاف أقوال شهود الإثبات في بعض تفصيلاتها. لا يقدح في سلامة الحكم. شرط ذلك؟ وجه الطعن. وجوب أن يكون واضحا محددا.
( 2و 3) إثبات. “اعتراف”. قرار”. “بوجه عام”. “شهود”. حكم. “ما لا يعيبه”. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. محكمة الموضوع. “سلطتها في تقدير الدليل”. نقض. “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
2 – تسمية أقوال المتهم. خطأ. اعترافا. لا يعيب الحكم ما دام لم يرتب عليها وحده الأثر القانوني للاعتراف.
حق محكمة الموضوع في استمداد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذ صحيح في الأوراق. لها الأخذ بما تراه مطابقا للحقيقة من أقوال المتهم.
3 – حق محكمة الموضوع في الأخذ بأقوال شهود الإثبات والإعراض عن قالة شهود النفي. دون بيان سبب إطراحها.
(4)مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”.
عدم التزام المحكمة بالتحدث استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر. ما دام ما أوردته في حكمها يكفى للدلالة عليه.
(5)محاماه. إجراءات المحاكمة. دفاع. “الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره”. محكمة الجنايات. “الإجراءات أمامها”.
حرية المتهم في اختيار محاميه. حق أصيل. تقدمه على حق المحكمة في ندب مدافع عنه. قبول محام أردني الجنسية للمرافعة أمام محكمة الجنايات. شرطه. مثال.
(6)قبض. تفتيش. جمارك. مأمورو الضبط القضائي. مواد مخدرة. دفوع. “الدفع ببطلان القبض والتفتيش”. “المصلحة في الدفع”. حكم “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض. “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
حق موظفي الجمارك. الذين لهم صفة الضبط القضائي. في التفتيش داخل الدائرة الجمركية أو في حدود دائرة الرقابة الجمركية. نطاقه. عدم اشتراط توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات بالنسبة للأشخاص.
العثور أثناء هذا التفتيش على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية. صحيح. مثال في مواد مخدرة.
حق مأمور الضبط في الاستعانة بمن يرى. ولو لم تكن للأخير صفة الضبط. ما دام يعمل تحت إشرافه.
(7)دفوع. “المصلحة في الدفع”. الدفع ببطلان التفتيش”.
لا جدوى من الدفع ببطلان تفتيش السيارة في المرة الأولى. ما دام أن المخدر الذى ضبط عند تفتيش السيارة في المرة الثانية. الذى لا ينازع الطاعن في صحته. يكفى لحمل الحكم بالإدانة.
(8)مسئولية جنائية. “الإعفاء منها”. مواد مخدرة. حكم. “تسبيبه. تسبيب غير معيب”. نقض. “أسباب الطعن. ما لا يقبل منها”.
عدم التزام المحكمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب طبقا للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960، ما لم يدفع به أمامها.
(9)مسئولية جنائية. “الإعفاء منها”. مواد مخدرة. قانون. “تفسيره”.
الإعفاء من المسئولية بعد علم السلطات بالجريمة طبقا للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، مناطه.

————–
1 – من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في ايراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها – كما أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا. ولما كان الطاعن لم يكشف عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشهود مع الوقائع موضوع الشهادة، وجاءت عبارته في هذا الشأن مرسلة مبهمة، هذا فضلا عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم – على فرض صحة ما يثيره الطاعن – عدم اتفاق أقوال شهود الاثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
2 – لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافا – طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانوني للاعتراف. كما أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق. ومع هذا فإنه لا يبين مما أورده الحكم أنه نسب إلى الطاعن اعترافا بارتكاب الجريمة وانما اقتصر على اقراره بحضور تفتيش السيارة الأول وضبط ما أخفى بها من مخدر. لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها بما تراه مطابقا للحقيقة، وكان الطاعن لا يجادل فيما أورده الحكم من أقوال أدلى بها بالتحقيقات، فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال – التي لم ينعتها بأنها اعتراف – ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعن.
3 – الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شهود الاثبات وتعرض عن قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تلزم ببيان السبب ما دام الرد على أقوال الأخيرين مستفادا من الأخذ بأدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
4 – إن المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالا عن العلم بالجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفى في الدلالة على توافره، ولما كان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافيا في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بما تحتويه المخابئ السرية التي أعدت بالسيارة ملكه من جوهر مخدر، فإن الحكم يكون قد رد على دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يدحضه ما دام هذا الذى استخلصه الحكم لا يخرجه عن موجب الاقتضاء العقلي والمنطقي.
5 – متى كانت المادة 50 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماة تنص على أنه. “يشترط فيمن يمارس المحاماة أن يكون مقيدا بجدول المحامين المشتغلين. ولا يجوز للمحاكم والدوائر الرسمية قبول وكالة المحامي ما لم يكن اسمه مقيدا في هذا الجدول”. ونصت المادة 52 منه على أنه “يشترط فيمن يقيد اسمه في جدول المحامين أن يكون (أولا): متمتعا بجنسية الجمهورية العربية المتحدة أو جنسية احدى الدول العربية بشرط المعاملة بالمثل”، ونصت المادة 377 من قانون الاجراءات الجنائية على أن “المحامون المقبولون للمرافعة أمام محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات”. وكان الثابت من افادة نقابة المحامين المرفقة بمذكرة النيابة العامة في الطعن أن الاستاذ…… المحامي الأردني الجنسية غير مقيد بجدول المحامين المشتغلين بجمهورية مصر العربية. لما كان ذلك، فانه وإن كان من المقرر أن المتهم حر في اختيار من يتولى الدفاع عنه وحقه في ذلك حق أصيل مقدم على حق المحكمة في تعيين المدافع عنه، إلا أنه وقد أجلت المحكمة نظر الدعوى ليوكل الطاعن محاميا للدفاع عنه وجاء في الجلسة التالية وطلب التأجيل لحضور محاميه الأردني الجنسية الذى ما كان من حقه أن يمثل للدفاع عنه لعدم قيده بجدول المحامين المشتغلين بجمهورية مصر العربية، وهى حقيقة واقعة لا يماري فيها الطاعن، فلا ضير على المحكمة إذا هي التفتت عن طلب الطاعن تأجيل نظر الدعوى ومضيها في نظرها مكتفية بأداء المحامي المنتدب للدفاع عنه لمهمته بالترافع في الدعوى، بما يكون معه الطاعن قد استوفى حقه في الدفاع أمام المحكمة، وبما لا يتوافر به الاخلال بحق الدفاع المبطل لإجراءات المحاكمة، وبحسب الحكم ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة دون أن يكون في حاجة إلى بيان العلة في عدم اجابة المحكمة الطاعن لطلبه، ويكون النعي على الحكم في هذا المقام في غير محله.
6 – البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفي الجمارك الذين اسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائي في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعي الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب فيمن يوجدون بداخل تلك المناطق وأن الشارع – بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركي وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير لم يتطلب بالنسبة للأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانوني للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل أنه يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركي فيها – في الحدود المعرف بها في القانون – حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام، فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تفتيش سيارة الطاعن الذى أسفر عن ضبط الجوهر المخدر في مخابئ سرية بها أعدت لذلك، تم داخل الدائرة الجمركية وبعد إبلاغ رجال الجمارك بما دلت عليه التحريات السرية لرئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء من أنه يحوز جواهر مخدرة وأشياء مهربة أخرى يخفيها بجسمه وأمتعته وسيارته، وكانت اللجنة التي شكلت لإجراء هذا التفتيش برياسة وكيل جمرك الركاب وعضوية بعض مأموري الجمارك وضباط الشرطة وميكانيكي بالجمرك، وأنه على فرض صحة ما يثيره الطاعن من أن بعض أعضاء اللجنة لم يكونوا من مأموري الضبط القضائي فإن لوكيل جمرك الركاب أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائي ما داموا يعملون تحت اشرافه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وإذا نتج عن التفتيش الذى أجرى دليلا يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر، فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع.
7 – لا جدوى للطاعن فيما يثيره من بطلان التفتيش الأول للسيارة ما دام لا ينازع في صحة التفتيش الثاني للسيارة إذ أن ما أسفر عنه هذا التفتيش من ضبط الجوهر المخدر يحمل قضاء الحكم بإدانته.
8 – متى كان البين من مطالعة دفاع الطاعن بجلسة المحاكمة أنه لم يتمسك بإعفائه من العقاب عملا بالمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، فإذا لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فلا يكون له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك.
9 – مفاد نص المادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960، أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذى يسهم بإبلاغه إسهاما إيجابيا ومنتجا وجديا في معاونة السلطات للتوصل إلى مهربي المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33 و34 و35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة أو لم يتحقق صدقه بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الاعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغه النتيجة التي يجزى عنها بالإعفاء، وهى تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبي تلك الجرائم الخطيرة. وإذ كان الثابت أن الأقوال التي أدلى بها الطاعن في هذا الشأن – والتي جاءت بعد ضبط الجوهر المخدر بالسيارة ملكه – لم تتعد مجرد قول مرسل عار عن دليله بأن شخصا سماه هو المالك الحقيقي للسيارة وأنه سلمها له بحالتها بعد أن نقل إليه ملكيتها، وقد وردت هذه الأقوال من الطاعن في نطاق دعواه أنه لا يعلم عن الجوهر المضبوط بالسيارة شيئا، وهو دفاع قد أطرحه الحكم، وما دامت لم تسهم أقواله هذه في تحقق غرض الشارع بضبط أحد ممن يكون قد ساهم في اقتراف الجريمة فإنه لا يتحقق بها موجب الاعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة لتخلف المقابل المبرر له.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 14 مارس سنة 1970 بدائرة قسم الميناء محافظة الاسكندرية: جلب إلى أراضى الجمهورية العربية المتحدة مخدرا “حشيشا” دون الحصول على ترخيص كتابى من الجهة الإدارية المختصة، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 1 و2 و3 و33/ أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 1 من الجدول رقم 1 المرفق، فقرر ذلك في 10 من يونيه سنة 1970، ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت في الدعوى حضوريا بتاريخ 17 فبراير سنة 1971 عملا بالمادتين 381/ 1 و304/ 1 من قانون الاجراءات الجنائية والمادة 30 من قانون العقوبات ببراءة المتهم مما أسند إليه ومصادرة المضبوطات، فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض وبتاريخ 13 ديسمبر سنة 1971 قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات الاسكندرية لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة جنايات الاسكندرية قضت في الدعوى حضوريا من جديد بتاريخ 9 مايو سنة 1972 عملا بالمواد 1 و2 و3 و33/ أ و36 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 1 المرفق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر والسيارة المضبوطين. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.

المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة جلب جوهر مخدر قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الاسناد وانطوى على الاخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون, وذلك بأن الحكم المطعون فيه لم يورد مضمون شهادة العديد من الشهود الذين عول على أقوالهم في إدانة الطاعن وأحال في ذلك على ما أورده من شهادة أحدهم على الرغم من اختلاف الوقائع التي تناولتها شهادة كل, فقد قصرت شهادة بعضهم على التفتيش الأول للسيارة بينما انصبت شهادة الباقين على التفتيش الثاني ولم يورد الحكم كذلك مضمون ما جاء بجواز سفر الطاعن الذي اعتد به ضمن أدلة الإدانة ونسب الحكم إلى الطاعن اقراره بحضوره التفتيش مع أنه لم يحضر إلا واقعة التفتيش الأولى واعتبر الحكم اقراره بضبط المخدر بالسيارة دون أن يعلم عنه شيئا اعترافا منه بإرتكاب الجريمة كما اكتفي للتدليل على علمه بكنه الجوهر المخدر المضبوط بأن رخصة ملكية السيارة باسمه وأن أحدا آخر لم يتصل بها منذ شحنها على ظهر الباخرة حتى وصولها إلى الاسكندرية وتفتيشها وهو استدلال فاسد ويدل على عدم الالمام إلماما كافيا بظروف الدعوى إذ أن الحكم لم يلتفت إلى أقوال شاهدي النفي اللذين أيداه بأن مالك السيارة الحقيقي شخص يدعي”……” وأن الطاعن لم يتصل بالسيارة قبل شحنها إذ أنه يعمل عليها كسائق فقط وأن المخدر قد أحكم إخفاؤه بأجزاء السيارة الداخلية وقد سلم مفاتيحها فورا عند طلب تفتيشها فلم يناقش الحكم كل ذلك ويبين سبب إطراحه له ولم تستجب المحكمة لطلبه التأجيل لحضور محاميه الأصلي الأردني الجنسية ونظرت الدعوى مكتفية بالدفاع الذي أبداه المحامي المنتدب, ورد الحكم برد غير سائغ على دفعه ببطلان إجراءات القبض والتفتيش الذي أجرته اللجنة المشكلة من بعض مأموري الجمارك لحصوله بغير إذن من النيابة ولبطلان تشكيلها وخروج ضبط الجواهر المخدرة من اختصاصها وأخيرا فإن الحكم لم يعمل في حق الطاعن الإعفاء المقرر بالمادة 48 من قانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها على الرغم من أنه أرشد عن صاحب ما ضبط من جوهر مخدر هو المدعو…….. مما كان يتعين معه أن يقضى بإعفائه من العقاب دون أن يدفع بذلك، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أنه في 14/ 3/ 1970 تقدم رئيس مكافحة المخدرات بميناء الاسكندرية باخبارية إلى مدير جمرك الركاب بالمحطة البحرية تفيد أن تحرياته السرية دلت على أن المتهم (الطاعن) وآخرين قادمين من بيروت على الباخرة أرمينيا في ذلك التاريخ وبحوزتهم كمية من المواد المخدرة وبعض المهربات الأخرى يخفونها بأماكن حساسة من أجسامهم وبسياراتهم برجاء تفتيشهم تفتيشا دقيقا فأشر مدير الجمرك على هذه الاخبارية بقيدها وأحالها إلى وكيل جمرك الركاب الذى قام بتشكيل لجنة برئاسته وعضوية ثلاثة من مأمورى الجمرك ومأمور قسم السيارات بالجمرك والميكانيكى بالجمرك ورئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء وأحد ضباط الشرطة لتفتيش السيارة الخاصة بالطاعن والتى تحمل رقما أردينا وتوجهت اللجنة إلى مكان وجود السيارة وأجرت تفتيشها بحضور الطاعن وبفتح حقيبتها وجد بها صندوق من التفاح واطار احتياطى للسيارة وبرفع مشمع أرضية الحقيبة وقيام الميكانيكى عضو اللجنة بكسر تلك الأرضية عثر في الفراغ أسفلها على أكياس نايلون تحوى مادة الأفيون كما عثرت اللجنة في أماكن سرية خلف المقعد الخلفى للسيارة أسفل الصاج على أكياس أخرى تحوى مادة الأفيون وكان مجموع ما عثر عليه من الأكياس 135 كيسا زنتها 157.550 كيلو جراما وفى 21/ 10/ 1970 تقدم رئيس وحدة المباحث الجنائية بالميناء بمحضر يفيد بأن تحرياته السرية مع رئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء وآخرين من ضباط الشرطة دلت على أنه لا يزال بسيارة الطاعن المحفوظة على ذمة القضية بمخزن الدائرة الجمركية كمية أخرى من المواد المخدرة بداخل مخبأ سرى آخر وبإعادة تفتيشها بعد الحصول على إذن النيابة العامة أسفر التفتيش عن اكتشاف مخبأين سريين بشاسيه السيارة بجهتيه اليمنى واليسرى عثر بإحداهما على 12 لفافة وبالآخر على 13 لفافة تحوى جوهر الأفيون وتزن جميعها سبعة وعشرين كيلو جراما، وقد أنكر الطاعن صلته بالمخدرات المضبوطة، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة مستمدة من أقوال رئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء ووكيل جمرك الركاب بالميناء وثلاثة من مأمورى الجمرك ومأمور قسم السيارات بالجمرك وميكانيكى بالجمرك وأحد ضباط الشرطة بقسم البحث الجنائى بشرطة الميناء ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعى عن نتيجة تحليل المواد المضبوطة ومن أقوال الطاعن ومن الاطلاع على جواز سفره وعلى أوراق ترخيص السيارة المضبوطة. وإذ عرض الحكم لأقوال الشهود أورد مؤدى أقوال رئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء تفصيلا في شأن ما أدت إليه تحرياته السرية والاجراءات التى اتخذت تالية لذلك وما أسفر عنه تفتيش سيارة الطاعن في أول مرة وما دلت عليه التحريات السرية اللاحقة من أنه لا زالت توجد مواد مخدرة بالسيارة في مخابئ لم تكتشف في التفتيش الأول وما أسفر عنه تفتيشها للمرة الثانية، كما أورد الحكم مؤدى أقوال وكيل جمرك الركاب بالميناء وقد انصبت على ما يتصل بالتفتيش الأول للسيارة مضيفا أن حقيبة السيارة كانت مغلقة قبل إجراء تفتيشها وأنها فتحت بمفتاحها الذى قدمه الطاعن، وعند ايراد الحكم لأقوال باقى الشهود – وهم باقى أعضاء اللجنة التى تولت التفتيش الأول – أورد أنهم شهدوا بمثل ما شهد به الشاهد الثانى (وكيل جمرك الركاب بالميناء). لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا وكان الطاعن لم يكشف عن مواطن عدم اتفاق أقوال الشهود مع الوقائع موضوع الشهادة وجاءت عبارته في هذا الشأن مرسلة مبهمة، هذا فضلا عن أنه لا يقدح في سلامة الحكم – على فرض صحة ما يثيره الطاعن – عدم اتفاق أقوال شهود الاثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولو يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، ولما كان الثابت أن الحكم أحال في أقوال الشهود على أقوال وكيل جمرك الركاب بالميناء وهى التى تتعلق بما أسفر عنه التفتيش الأول للسيارة الذين كانوا من بين أعضاء اللجنة التى شكلت لإجرائه، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا ينازع فيما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وبأقوال الشهود بأقواله عن مؤدى الدليل المستمد من جواز سفره من أنه قدم من بيروت إلى الاسكندرية على الباخرة أرمينيا في يوم ضبط الواقعة، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن استناد النيابة العامة إلى جواز السفر الخاص بالطاعن كان للتدليل على أمر حضوره في ذلك التاريخ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد بين وجه استدلاله بجواز سفر الطاعن بما ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب في هذا المجال. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لأقوال الطاعن في قوله “وبسؤال المتهم في التحقيقات قرر أن المخدرات المضبوطة ضبطت في السيارة القادمة معه بالصورة التى رواها ونفى علمه بوجود هذه المخدرات في السيارة وذكر أنه يعمل سائق سيارات وأنه أثناء وجوده في عمان بالأردن قبل قدومه إلى الاسكندرية قابله من يدعى……… وطلب منه توصيل السيارة المضبوطة إلى مصر مقابل أجر قدره عشرون دينارا ومصاريف أكله فوافق فسلمه السيارة المضبوطة ورقمها 34160 الأردن ماركة بليموث وذلك في اليوم السابق لوصوله الاسكندرية على ظهر الباخرة أرمينيا كما سلمه مفاتيح السيارة وإذ وصل إلى ميناء الاسكندرية ونزل والسيارة من على ظهر المركب قام رجال الجمرك بتفتيش السيارة فوجدوا بها المخدرات المضبوطة وسألوه عنها فأنكر علمه بوجودها بالسيارة، وقال المتهم أن إجراءات التفتيش والضبط تمت في وجوده، وذكر أن أحدا غيره لم يتصل بالسيارة منذ أن تسلمها من……. حتى وصولها ميناء الاسكندرية وأنه وحده الذى يحمل مفاتيح السيارة، وأضاف بأن السيارة مملوكة……… وأنه حولها باسمه حتى يستطيع السفر بها، وأنه أخبره بأنه سيكون في القاهرة لاستلام السيارة وأنه سينزل في فندق ناشيونال، وقال أن بداية تعرفه بـ……… كان منذ عشرة أيام سابقة على ضبطه، وأنه لا دليل على واقعة تسليم……… السيارة المضبوطة له سوى اقواله هو”، ثم أشار الحكم إلى أن الدفاع عن الطاعن تقدم أمام مستشار الإحالة بطلب سماع شاهدى نفى أردنى الجنسية فندب النيابة العامة لتحقيق هذا الدفاع بسماع أقوالهما، وأورد الحكم مؤدى أقوال هذين الشاهدين، ثم خلص إلى إطراح دفاع الطاعن في قوله “وحيث إنه بالنسبة لدفاع المتهم الذى أبداه والسابق بيانه، فإن المحكمة لا تعول عليه لما يأتى: (أولا) أن واقعة تسليم من يدعى…… السيارة المضبوطة للمتهم لا دليل عليها سوى أقوال المتهم التى لم تتأيد بأى دليل أما ما أدلى به شاهدا النفى من أقوال فيناقضها ما ذكره المتهم عند سؤاله في تحقيقات النيابة يوم ضبطه من أنه لا دليل على واقعة تسليم……… السيارة له سوى أقواله هو فضلا عن أن الشاهدين المذكورين يقرران أن واقعة الاتفاق على تسليم السيارة تمت حوالى منتصف شهر فبراير سنة 1970، بينما يقرر المتهم أن اتصال…….. به تم لأول مرة منذ عشرة أيام سابقة على وصوله إلى الاسكندرية أى في أوائل مارس سنة 1970. (ثانيا) أن الثابت من الاطلاع على أوراق ترخيص السيارة المضبوطة رقم 34160 الأردن أنها مؤرخة من 1/ 1/ 1970 باسم المتهم (ثالثا) أما علم المتهم بوجود المادة المخدرة في السيارة فثابت من ملكيته للسيارة وعدم اتصال أحد بها سواء منذ وضعها على ظهر الباخرة حتى وصولها وتفتيشها وإخفاء المادة المخدرة في مخابئ سرية تكلف إعدادها جهدا ووقتا غير طبيعيين وما ثبت من عدم صحة دفاع المتهم الخاص باتصال من يدعى…….. به، لما كان ذلك وكان لا يقدح في سلامة الحكم خطأ المحكمة في تسمية أقوال المتهم اعترافا – طالما أن المحكمة لم ترتب عليه وحده الأثر القانونى للاعتراف، وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أى دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، ومع هذا فإنه لا يبين مما أورده الحكم أنه نسب إلى الطاعن اعترافا بإرتكاب الجريمة وإنما اقتصر على إقراره بحضور تفتيش السيارة الأول وضبط ما أخفى بها من مخدر، لما كان ذلك وكانت المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها بما تراه مطابقا للحقيقة، وكان الطاعن لا يجادل فيما أورده الحكم من أقوال أدلى بها بالتحقيقات، فإنه لا تثريب على الحكم إذا هو استمد من تلك الأقوال – التى لم ينعتها بأنها إعتراف – ما يدعم الأدلة الأخرى التى أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعن، لما كان ذلك، وكان الأصل أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفى ما دامت لا تثق بما شهدوا به دون أن تلزم ببيان السبب ما دام الرد على أقوال الآخرين مستفادا من الأخذ بأدلة الثبوت التى أوردها الحكم، ومع هذا فإن الحكم المطعون فيه قد عرض لأقوال شاهدى نفى الطاعن وأطرحها بأسباب سائغة تؤدى إلى ما انتهى إليه. لما كان ذلك، وإنه وإن كانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث إستقلالا عن العلم بالجوهر المخدر طالما كان ما أوردته في حكمها من وقائع وظروف يكفى في الدلالة على توافره، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها كافيا في الدلالة على أن الطاعن كان يعلم بما تحتويه المخابئ السرية التى أعدت بالسيارة ملكه من جوهر مخدر، فإن الحكم يكون قد رد على دفاع الطاعن في هذا الشأن بما يدحضه، ما دام هذا الذى استخلصه الحكم لا يخرجه عن موجب الإقتضاء العقلى والمنطقى. لما كان ذلك، فإن جميع ما يثيره الطاعن في خصوص ما سلف لا يعدو جدلا موضوعيا في تقدير المحكمة للأدلة القائمة في الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها بما تستقل به ولا يجوز مجادلتها في شانه لدى محكمة النقض، ويضحى النعى على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن طلب بجلسة 12/ 2/ 1972 التأجيل لتوكيل من يتولى الدفاع عنه فاستجابت المحكمة لطلبه وأجلت نظر الدعوى لجلسة 9/ 5/ 1972 وفيها حضر المحامى المنتدب للدفاع عن الطاعن وطلب الطاعن التأجيل لحضور محاميه الأستاذ…….. الأردنى الجنسية وهو وكيل أعماله في الأردن إلا أن المحكمة استمرت في نظر الدعوى واستمعت إلى مرافعة المحامى المنتدب للدفاع عن الطاعن وأصدرت حكمها المطعون فيه. ولما كانت المادة 50 من القانون رقم 61 لسنة 1968 بإصدار قانون المحاماه تنص على أنه “يشترط فيمن يمارس المحاماه أن يكون مقيدا بجدول المحامين المشتغلين، ولا يجوز للمحاكم والدوائر الرسمية قبول وكالة المحامى ما لم يكن اسمه مقيدا في هذا الجدول”، ونصت المادة 52 منه على أنه “يشترط فيمن يقيد اسمه في جدول المحامين أن يكون: أولا: متمتعا بجنسية الجمهورية العربية المتحدة أو جنسية إحدى الدول العربية بشرط المعاملة بالمثل”, ونصت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية على أن “المحامون المقبولون للمرافعة أمام محاكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات”، وكان الثابت من إفادة نقابة المحامين المرفقة بمذكرة النيابة العامة في الطعن أن الأستاذ… المحامى الأردنى الجنسية غير مقيد بجدول المحامين المشتغلين بجمهورية مصر العربية. لما كان ذلك، فانه وإن كان من المقرر أن المتهم حر في اختيار من يتولى الدفاع عنه وحقه في ذلك حق أصيل مقدم على حق المحكمة في تعيين المدافع عنه، إلا أنه وقد أجلت المحكمة نظر الدعوى ليوكل الطاعن محاميا للدفاع عنه، وجاء في الجلسة التالية وطلب التأجيل لحضور محاميه الأردنى الجنسية الذى ما كان من حقه أن يمثل للدفاع عنه لعدم قيده بجدول المحامين المشتغلين بجمهورية مصر العربية، وهى حقيقة واقعة لا يمارى فيها الطاعن فلا ضير على المحكمة إذا هى التفتت عن طلب الطاعن تأجيل نظر الدعوى ومضيها في نظرها مكتفية بأداء المحامى المنتدب للدفاع عنه لمهمته بالترافع في الدعوى، بما يكون معه الطاعن قد استوفى حقه في الدفاع أمام المحكمة، وبما لا يتوافر به الاخلال بحق الدفاع المبطل لإجراءات المحاكمة، وبحسب الحكم ما أثبت بمحضر جلسة المحاكمة دون أن يكون في حاجة إلى بيان العلة في عدم إجابة المحكمة الطاعن لطلبه، ويكون النعى على الحكم في هذا المقام في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش الذى أبداه الدفاع عن الطاعن بجلسة المحاكمة وأسسه على أن سلطات الجمرك ليس لها سلطة التفتيش والبحث عن المخدرات وأن حقها في ذلك قاصر على البضائع المهربة التى يستحق عنها رسوم جمركية، ورد عليه في قوله “إن سلطة رجال الجمارك في التفتيش طبقا للقانون غير معتبرة بالنسبة لكافة الأشخاص والأشياء الموجودة داخل الدائرة الجمركية ومن ثم يكون الدفع في غير محله متعينا رفضه”. ولما كان البين من استقراء نصوص المواد من 26 إلى 30 من القانون رقم 66 لسنة 1963 بإصدار قانون الجمارك أن الشارع منح موظفى الجمارك الذين أسبغت عليهم القوانين صفة الضبط القضائى في أثناء قيامهم بتأدية وظائفهم حق تفتيش الأماكن والأشخاص والبضائع ووسائل النقل داخل الدائرة الجمركية أو في حدود نطاق الرقابة الجمركية إذا ما قامت لديهم دواعى الشك في البضائع والأمتعة ومظنة التهريب في من يوجدون بداخل تلك المناطق، وأن الشارع – بالنظر إلى طبيعة التهريب الجمركى وصلته المباشرة بصالح الخزانة العامة ومواردها وبمدى الاحترام الواجب للقيود المنظمة للاستيراد والتصدير – لم يتطلب بالنسبة إلى الأشخاص توافر قيود القبض والتفتيش المنظمة بقانون الإجراءات الجنائية أو اشتراط وجود المراد تفتيشه في إحدى الحالات المبررة له في نطاق الفهم القانونى للمبادئ المقررة في القانون المذكور، بل أنه يكفى أن يقوم لدى الموظف المنوط بالمراقبة والتفتيش في تلك المناطق حالة تنم عن شبهة في توافر التهريب الجمركى فيها – في الحدود المعرف بها في القانون – حتى يثبت له حق الكشف عنها، فإذا هو عثر أثناء التفتيش الذى يجريه على دليل يكشف عن جريمة غير جمركية معاقب عليها في القانون العام فإنه يصح الاستدلال بهذا الدليل أمام المحاكم في تلك الجريمة لأنه ظهر أثناء إجراء مشروع في ذاته ولم ترتكب في سبيل الحصول عليه أية مخالفة. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن تفتيش سيارة الطاعن الذى أسفر عن ضبط الجوهر المخدر في مخابئ سرية بها أعدت لذلك تم داخل الدائرة الجمركية وبعد إبلاغ رجال الجمارك بما دلت عليه التحريات السرية لرئيس وحدة مكافحة المخدرات بالميناء من أنه يحوز جواهر مخدرة وأشياء مهربة أخرى بخفيها بجسمه وأمتعته وسيارته، وكانت اللجنة التى شكلت لإجراء هذا التفتيش برئاسة وكيل جمرك الركاب وعضوية بعض مأمورى الجمارك وضباط الشرطة وميكانيكى بالجمرك، وأنه على فرض صحة ما يثيره الطاعن من أن بعض أعضاء اللجنة لم يكونوا من مأمورى الضبط القضائى – فإن لوكيل جمرك الركاب أن يستعين في إجراء التفتيش بمن يرى مساعدته فيه ولو لم يكونوا من رجال الضبط القضائى ما داموا يعملون تحت إشرافه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – وإذا نتج عن التفتيش الذى أجرى دليل يكشف عن جريمة جلب جوهر مخدر فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على تلك الجريمة على اعتبار أنه نتيجة إجراء مشروع قانونا، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون في رفضه للدفع، هذا فضلا عن أنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره من بطلان التفتيش الأول للسيارة ما دام لا ينازع في صحة التفتيش الثانى للسيارة الذى أجرى في 21/ 10/ 1970، إذ أن ما أسفر عنه هذا التفتيش من ضبط الجوهر المخدر يحمل قضاء الحكم بإدانته، ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة دفاع الطاعن بجلسة المحاكمة أنه لم يتمسك بإعفائه من العقاب عملا بالمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصى أساب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، فإذا لم يتمسك أمام المحكمة بقيام سبب من تلك الأسباب فلا يكون له أن ينعى على حكمها إغفاله التحدث عن ذلك، هذا فضلا عن أن مفاد نص المادة 48 المشار إليها أن القانون لم يرتب الإعفاء بعد علم السلطات بالجريمة إلا بالنسبة للمتهم الذى يسهم بإبلاغه إسهاما إيجابيا ومنتجا وجديا في معاونة السلطات للتوصل إلى مهربى المخدرات والكشف عن الجرائم الخطيرة المنصوص عليها في المواد 33، 34، 35 من ذلك القانون باعتبار أن هذا الإعفاء نوع من المكافأة منحها الشارع لكل من يؤدى خدمة للعدالة، فإذا لم يكن للتبليغ فائدة ولم يتحقق صدقه بأن كان غير متسم بالجدية والكفاية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع لعدم بلوغ النتيجة التى يجرى عنها بالإعفاء وهى تمكين السلطات من وضع يدها على مرتكبى تلك الجرائم الخطيرة – وإذ كان الثابت أن الأقوال التى أدلى بها الطاعن في هذا الشأن – والتى جاءت بعد ضبط الجوهر المخدر بالسيارة ملكه – لم تتعد مجرد قول مرسل عار عن دليله بأن شخصا سماه…… هو المالك الحقيقى للسيارة وأنه سلمها له بحالتها بعد أن نقل إليه ملكيتها، وقد وردت هذه الأقوال من الطاعن في نطاق دعواه بأنه لا يعلم عن الجوهر المضبوط بالسيارة شيئا، وهو دفاع – على ما سلف – قد أطرحه الحكم وما دامت لم تسهم أقواله هذه في تحقق غرض الشارع بضبط أحد ممن يكون قد ساهم في اقتراف الجريمة فإنه لا يتحقق بها موجب الإعفاء من العقاب المقرر بتلك المادة لتخلف المقابل المبرر له، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مردودة إلى أصلها الثابت في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .