ينعقد النقل إذا توفرت شروط إبرامه وهي ، الرضا ، الأهلية ، والمحل ، والسبب .

1. الرضا : Le Consentement

النقل عقد رضائي يتم بمجرد تبادل الإيجاب والقبول دون التوقف على أي إجراء آخر لاحق . وتقرر الفقرة الأولى من المادة السادسة من قانون النقل بقولها : ” يتم عقد النقل بمجرد الاتفاق ويجوز إثباته بجميع الطرق ” . ومع ذلك فإنه يجب أن يلاحظ بأن تسليم البضاعة للناقل يكون نوعاً من القبول للإيجاب الصادر من الأول ، في عقد نقل الأشياء ، أو صعود الراكب الى واسطة النقل يعد قبولاً للإيجاب الصادر من الناقل (1) . بيد أن هذا لا يعني أن العقد يفقد صفته الرضائية . فالتسليم والصعود لا يلزمان للانعقاد بل للتنفيذ ، بمعنى أن كلا من التسليم والصعود ما هما إلا نوعان من التنفيذ للعقد (2) . من جانب آخر فأن قانون النقل يقرر من خلال المادة السابعة أنه : ” إذا كان للناقل أكثر من نموذج واحد للعقود التي يبرمها ، العقد عقد النقل بمقتضى نموذج الذي يتضمن الشروط العامة إلا إذا اتفق على اتباع نموذج آخر وفي هذه الحالة لا يجوز تجزئة الشروط المذكورة في هذا النموذج ” . والظاهر من هذا النص أن المشرع أراد إضفاء نوع من الحماية للطرف المقابل للناقل في عقد النقل، وتلافياً للشروط الخاصة التي قد يفرضها الناقل والتي قد لا تتلائم مع مصلحة ذلك الطرف وتخفيفاً لسمة الإذعان في العقد. كذلك فإنه لا يجوز للناقل وبحكم القانون أن يرفض طلبات النقل في نقل الشيء ، إذا كانت ضمن إمكانات النقل ، اللهم إلا إذا كان ذلك الرفض مبرراً كأن يكون عدم تلبية الطلب مثلاً راجع لسبب أجنبي لا دخل لإرادة الناقل فيه . وعليه أيضاً في حالة تجاوز طلبات النقل طاقة وسائط النقل أن يحترم التسلسل التاريخي لهذه الطلبات مع أعطاء الأولوية للمواد الضرورية التي تمس حياة المواطنين (3). ولا حاجة للقول بأن هذا النهج التنظيمي تستلزمه أولويات المصلحة العامة وضرورة تلافي الرفض التعسفي أو التحكمي للناقل.

2- الاهلية: La Capacite

النقل لا يعد نوعاً من أنواع التصرفات التي ترد على ملكية شيء ما. لذا فإن الأهلية المشترطة بالنسبة للمرسل أو الراكب هي سن التمييز. علماً بأن ليس بإمكان الناقل عموماً التحقق من أهلية جميع الأشخاص الذين قد يبرم معهم العقد. ونقص أهلية المرسل أو الراكب لا يرتب حسب رأي بعض الفقه ضرر ما ، طالما أن شروط العقد واحدة بالنسبة لجميع الأشخاص(4). أما بالنسبة للناقل فالأهلية المطلوبة هي بلوغ سن الرشد إذا كان الناقل شخصاً طبيعياً أما إذا كان هذا الأخير شخصاً معنوياً وهي الحالة الغالبة، فإنه يكفي لتوافر الأهلية أن يكون من أغراض هذا الشخص المعنوي القيام بالنقل. أما عيوب الرضا فإنها قد تقع في أطار عقد نقل الشيء، ومن غير المتصور عموماً أن تثار في نقل الأشخاص. فقد يرد الغلط مثلا في طبيعة الشيء المراد نقله، كان يسلم للناقل أشياء على أنها من طبيعة معينة وتظهر بعد ذلك خلاف تلك الطبيعة. فالعقد يكون هنا موقوفاً وتطبق بشأنه القواعد العامة المقررة بصدد إجازته وعدم إجازته.

3- المحل: L، objet

يعتبر كل منقول مادي محل عقد نقل الأشياء بشرط أن يكون هذا المنقول المادي من بين الأشياء القابلة للتعامل فيها. أما في عقد نقل الأشخاص فإن محل العقد هو شخص الراكب إضافة الى أمتعته. ويتضح ذلك بوضوح من نص المادة الخامسة من قانون النقل التي تقرر أن عقد النقل “اتفاق يلتزم بمقتضاه الناقل بنقل شخص أو شيء من مكان الى آخر لقاء أجر معين “. وتقرر الفقرة (د) من ثانياً من المادة 73 من نفس القانون ضرورة بيان ” قيمة الشيء محل عقد النقل “. هذا بالنسبة للناقل أما بالنسبة للمرسل والشاحن فإن محل العقد هو “أجرة النقل المحددة أو المتفق عليها في العقد” (5) . ومع هذا فإنه يجب التنويه بأن المحل ركن للعقد وركن في الالتزام الذي يترتب على الأطراف في أن واحد. إذ لا حاجة للنقل في الواقع إذا أنعدم المحل ، وانعدام المحل يعني ببساطة وبحكم القواعد العامة بطلان العقد. والقول بأن المحل ركن في الالتزام صحيح، بيد أن ذلك لا يعني حسب تقديرنا اقتصار أهمية محل النقل على الالتزام دون اعتباره – المحل- ركناً جوهرياً للعقد (6). وأياً كان الامر فإن العقد يعتبر باطلا إذا لم يكن المحل موجوداً أو مشرعاً.

4- السبب La Cause

يتحدد السبب كركن من أركان عقد النقل بمحل التزام كل طرف من أطرافه. عليه فإن التزام الناقل بالقيام بعملية النقل ، سواء بنقل الشيء أو الشخص ، هو السبب لالتزام الطرف المقابل، المرسل أو الراكب، بدفع مقبل النقل أي الأجرة. وأن التزام كل من المرسل أو الراكب بدفع الاجرة هو السبب لالتزام الناقل بالقيام بعملية النقل ويجب أن يكون السبب مشروعاً وإلا كان العقد باطلاً. ومن أمثلة السبب الغير المشروع الاتفاق على نقل شيء مسروق أو شخص مختطف (7) .

___________________

1 . انظر نص كل من الفقرة الثانية والثالثة من المادة السادسة من قانون النقل .

2 . انظر بهذا المعنى : د. عبد الحي حجازي ، العقود التجارية ص 188 .

3. انظر الفقرة الأولى والفقرة الثانية من المادة السادسة والعشرين من قانون النقل.

4. انظر د. عبد الحي حجازي، مصدر سابق ذكره ص 189 د. أكثم الخولي ، العقود لتجارية ص 288 نقلاً عن د. علي البارودي ، مصدر سابق ص 146 هامش (2). انظر خلاف ذلك د. علي البارودي ، مصدر سبق ذكره، ص 146.

5. انظر د. أكرم ياملكي ، د. باسم محمد صالح، القانون التجاري، القسم الأول، 1982 ص 175 .

6. راجع خلاف ذلك، د. مجيد حميد العنبكي مصدر سابق ذكره ص 16. والواقع أن الدكتور العنبكي يذهب الي أن : للعقد ركنان: التراضي والسبب أما المحل فهو ركن في الالتزام لا في العقد ثم يعود عن قوله هذا فيقول أركان العقد هي :

1- التراضي.

2- المحل.

3- السبب، انظر ص 16، ثم يؤكد ما ذهب إليه قائلاً: إن المحل ركن ضروري من أركان العقد التي لا بد من توافرها لوجود العقد انظر ص 19.

7. انظر: د. أكرم ياملكي، د. باسم محمد صالح مصدر سابق ذكره ص 176.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .