شرح مبسط لجريمة الإجهاض في القانون الجزائري و القانون المقارن

إن موضوع الاجهاض خلق الكثير من المشاكل القانونية و الإجتماعية على الساحة الوطنة و الدولية فهذا الموضوع الخطير يمس بالأخلاق
و حسن الآداب و قد يلحق الضرر بالمصلحة العامة و أيضا بالمصلحة الفردية .

و نجد الشريعة الاسلامية قد حاربت الفساد و المنكر و كل ما من شأنه إلحاق الضرر بالشخص و الجماعة، فحرم الله سبحانه و تعالى في
العديد من الآيات قتل النفس فيقول جل جلاله: “و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق”،فإسقاط الجنين هو إهدار لروحه دون وجه حق إذا لم
تدفع الضرورة القصوى لذلك .

اولا – أركان جريمة الإجهاض

الإجهاض يفترض فيه أن يكون هناك حمل حقيقي أي وجود حقيقي للجنين و ثبوت وجوده و فعل الإجهاض ينجر عنه خروج الجنين من الرحم قبل موعد ولادته الطبيعي .

أ – محل الإعتداء

محل الإعتداء في الإجهاض هو الحمل او هو “الجنين المستكن و المستقر في الرحم”.
و قد تثار في هذا الصدد إشكالية وجود الحمل، من عدمه

إلا ان تتفق أغلب التشريعات الجنائية في تحريم إجهاض الحامل لما في ذلك من إعتداء على حق الجنين في الحياة و كذلك لما فيه من تعريض لحياة
الأم الحامل للخطر من ناحية أخرى.

و بالتالي فالمشرع حمى حقوقا متعددة عند تجريمه و تحريمه للإجهاض ، فالحق المقصود بالحماية أصلا هو حق الجنين في الحياة التي وهبها له الله عز
و جل ، أي حقه في النمو الطبيعي داخل الرحم حتى ميلاده، كما يحمي القانون كذلك صلاحية أو حق الحامل للإنجاب مرة اخرى
في المستقبل.

و تثار هنا يضا مسألة تحديد بداية حياة الجنين و نهايتها قد عالج التشريع الجزائري هذه المسألة ، فعرف الحمل على أنه * البويضة الملحقة *
و عليه يمكن القول بأن الحمل هو * البويضة الملحقة منذ التلقيح حتى تتم الولادة الطبيعي * و نجد ان المشرع الجزائري قد ذكر في المادة التي تجرم
الإجهاض عبارة : “أو نفترض حملها” و هذا يعني ن الجريمة تقوم حتى لو كان الحمل غير متقين و غير ثابت من طرف الأشخاص المحيطين بالمرأة
او من طرف المرأة نفسها و يكون ذلك عادة في الأيام الأولى من الحمل لدى السيدات .

ب – الركن المادي للجريمة

تقوم جريمة الإجهاض على 3 عناصر أساسية و هي :

* فعل الإسقاط
* النتيجة الإجرامية (المتمثلة في موت الجنين) *
العلاقة السببية بين الفعل الإجرامي و النتيجة الإجرامية
* فعل الإسقاط

يتحقق فعل الإسقاط او الإنزال بإستخدام إحدى الوسائل العنيفة التي تقوم على القوة او اية وسائل اخرى غير عنيفة و قد نصت المادة 304 قانون
العقوبات الجزائري: “كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حملها بإعطائها مأكولات و مشروبات أو أدوية أو باستعمال طرق أو أعمال عنف أو بأي وسيلة
أخرى سواء وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك….”.

فوسائل الإجهاض متعددة فقد يلجأ الجاني في الإجهاض إلى إعطاء مأكولات و مشروبات أو أدوية و عقاقير طبية، أو حقن طبية أو آلات ميكانكية
باستعمال العنف كالقفز من مكان مرتفع أو ممارسة رياضية عنيفة أو حمل الأثقال و التدليك و الحمامات الساخنة أو قد تلجأ المرأة الحامل إلى إجهاض
نفسها بارتدائها ملابس ضيقة و قد تكون الوسائل كيميائية بإعطاء الحامل مادة تحدث تقلصات في عضلات الرحم يكون
من شأنها إخراج الجنين.

* النتيجة الإجرامية

نص 304 قانون العقوبات الجزائري ذكر بأنه يجب أن يؤدي فعل الإسقاط إلى تحقيق النتيجة، و هي إنزال الجنين قبل اكتمال مدة الحمل الطبيعية
حيا أو ميتا أو لا يؤدي إلى تحقيقها و بالتالي يعتبر شروعا في الجريمة ، و حتى إذا لم تكن المرأة حاملا، أي لو كانت الجريمة
مستحيلة، تقوم الجريمة .

و تتمثل النتيجة الإجرامية في هذه الجريمة في :

**موت الجنين في الرحم

** خروج الجنين من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته

* العلاقة السببية

يجب أن تتوفر رابطة السببية بين فعل الإسقاط (الإنزال ) و موت الجنين (خروجه قبل موعده الطبيعي للولادة ) و ذلك بأن يكون الفعل الذي قام به
المتهم سببا في النتيجة الإجرامية المتحققة

و يخضع تحديد العلاقة السببية للسلطة التقديرية للقاضي الجزائي و هو الذي يحدد توافره من عدمه

ج – الركن المعنوي

تعتبر جرائم الإجهاض من الجرائم العمدية التي يجب أن يتوفر فيها القصد الجنائي العام فلا يقع الإجهاض لمجرد خطأ و لو كان جسيما كما تتطلب
جرائم الإجهاض كذلك قصدا خاصا هو تحقيق نتيجة معينة بذاتها تتمثل في موت الجنين أو خروجه قبل موعده الطبيعي.

* العلم :

أي يجب أن يعلم المتهم أن المرأة حامل ، فإن ارتكب الفعل الذي ترتب عليه إجهاضا جاهلا أنها حامل فلا يتوفر لديه القصدو العم يشترط أن يكون
وقت ارتكاب الفعل الإجرامي (الإسقاط ) و يجب كذلك ان يعلم الجاني ان من شان المواد التي قدمها للمرأة الحامل تسبب في اسقاط الجنين
فإذا أعطى لها المواد على اعتبار انها مواد لا تضر بالجنين فإنه لا يقوم القصد العام في حقه .

* الإرادة :

يتعين أن تتجه إرادة المتهم إلى فعل الإسقاط (الإنزال ) و إلى قتل الجنين أو إخراجه من الرحم قبل الموعد الطبيعي لولادته

القصد الخاص :

هو اتجاه نية الجاني إلى نتيجة معينة بذاتها و هي طرد الجنين قبل الميعاد و اسقاطه قبل الموعد الطبيعي للولادة

ثانيا – عقوبة جريمة الإجهاض

نصت المادة 304 قانون العقوبات الجزائري على أن :

“كل من أجهض امرأة حاملا أو مفترض حملها بإعطائها مأكولا أو مشروبات أو أدوية أو باستعمال طرق أو أعمال عنف أو بأي وسيلة أخرى، سواء
وافقت على ذلك أو لم توافق أو شرع في ذلك، يعاقب بالحبس من 1 سنة إلى 05 سنوات و بغرامة من 500 إلى 000 10دج”.

كما نصت المادة 261 قانون عقوبات مصري على ان :

“كل من أسقط عمدا امرأة حبلى بإعطائها أدوية أو باستعمال الوسائل المؤدية إلى ذلك أو بدلالتها عليها، سواء كان برضاها أو لا، يعاقب بالحبس”.

و نصت المادة 317 فقرة 3 من قانون العقوبات الفرنسي على ان :

* لا أثر لرضاء الأم الحامل على جريمة الإجهاض التي يقوم بتنفيذها الغير بأي حال من الأحوال لأن الإجهاض يكون مجازفة خطيرة على حياة الأم و الجنين
وحق الحياة من الحقوق التي لا يجوز التصرف فيها أو التنازل عنها بالرضاء، ويكون الرضاء هما مجرد من كل أثر قانوني و لهذا حرمت المادة المذكورة كل فعل
يمس الجنين أو يعرضه إلى الموت أو الهلاك سواء تم فعل الإجهاض برضاء المرأة الحامل أو بدون رضائها *