تقوم الأوراق التجارية بدور هام في الحياة الاقتصادية والتجارية فهي تؤدي وظائف ثلاث، فهي تغني عن نقل النقود من مكان إلى مكان، وتستخدم كأداة وفاء إذا كانت مستحقة الدفع بمجرد الاطلاع، وأداة ائتمان إذا تضمنت أجلاً للوفاء بقيمتها.

١- الأوراق التجارية تغني عن نقل النقود من مكان إلى مكان :

كان الإنسان يتعرض لمشكلتين أساسيتين عندما يسافر من مكان إلى آخر أو من بلد إلى آخر، المشكلة الأولى هي أن نوع النقود التي يحملها قد تكون مختلفة عن نوع النقود في المكان المتجه إليه، والمشكلة الثانية هي أن حمله للنقود قد يعرضه لمخاطر ضياعها أو سرقتها في أثناء الطريق. وقد قامت الأوراق التجارية بحل هذه المشاكل حيث أن الإنسان استعاض بها عن نقل النقود وبالتالي تجنب مخاطر الضياع والسرقة، ثم أنه توصل بمقتضاها إلى مبادلة النقود التي معه بنوع النقود الموجودة في المكان المسافر إليه وبذلك استخدمت الأوراق التجارية كأداة لتنفيذ عقد الصرف، وقد كانت الكمبيالة بالتحديد هي التي تقوم بهذا الدور، غير ان الكمبيالة فقدت أهميتها الحالية كأداة لتنفيذ عقد الصرف نظراً لظهور وسائل وأدوات أخرى حديثة تقوم بهذا الدور وهي الشيكات وحوالات البريد وأوامر النقل المصرفي وغيرها من الوسائل الحديثة التي ظهرت نتيجة للتقدم العلمي المذهل في الوسائل التكنولوجية.

٢- الورقة التجارية أداة وفاء :

الورقة التجارية تقوم مقام النقود في الوفاء بالالتزامات، فهي تعتبر أداة وفاء خاصة إذا كانت مستحقة الدفع بمجرد الاطلاع، حيث يستطيع حاملها الحصول على قيمتها في أي وقت، وأيضاً إذا كان الحق الثابت بها مستحق الوفاء بعد أجل معين أو قابل للتعيين، حيث يستطيع حامل الورقة أن يخصمها لدى أحد البنوك ويتحصل على قيمتها دون انتظار ميعاد الاستحقاق في مقابل خصم عمولة هي عبارة عن الفائدة التي يحصل عليها البنك بسبب التعجيل بالوفاء، ولا يمانع البنك عادة في خصم الأوراق التجارية طالما كانت توحي بالثقة وبهذا الشكل تقترب الأوراق التجارية من النقود. وتستخدم الورقة التجارية لتسوية عدة ديون فهي تسوي الدين بين الساحب والمستفيد وبين الساحب والمسحوب عليه، وقد يحتاج المستفيد إلى قيمتها قبل ميعاد الاستحقاق فيقوم بتظهيرها إلى شخص آخر قد يكون هذا الأخير دائناً للمستفيد، وهذا بدوره قد يقوم بتظهيرها إلى شخص آخر دائناً له، وهكذا تكون الورقة التجارية أداة وفاء يمكن أن تعمل على نطاق واسع وتستخدم في تسوية عدة ديون بقدر عدد مرات تداولها بالتظهير أو التسليم.

والجدير بالذكر أن اعتبار الورقة التجارية أداة وفاء لا يعني أن سحب الورقة أو تحريرها يساوي الوفاء، لأن كون الورقة أداة للوفاء شيء وانقضاء الالتزام بالوفاء بالفعل شيء آخر. وفي ذلك ذهبت حكمة النقض في حكم لها بأن(1) “إصدار الشيك لا يعد وفاء مبرئاً لذمة الساحب. عدم انقضاء التزامه إلا بصرف المسحوب عليه لقيمة الشيك للمستفيد. وفي حكم آخر لمحكمة النقض ذهبت إلى أنه(2) “لما كان ذلك وكان الأصل في السند الإذني أنه وإن كان أداة وفاء إلا أن مجرد إصداره لا يعتبر وفاء من الساحب بقيمته إذ لا يتم ذلك إلا عند قيام المستفيد بتلقي هذه القيمة فعلاً من الساحب. وتعتبر الأوراق التجارية جميعاً أداة وفاء، إلا أن الشيك يعتبر أكثر ملاءمة لهذه الوظيفة حيث أنه دائماً واجب الدفع بمجرد الاطلاع، أما الكمبيالة والسند لأمر فقد يقوما بدور أداة ائتمان إذا كان مستحقاً الدفع بعد أجل معين أو قابل للتعيين. وقد ذهبت محكمة النقض في حكم لها (3) إلى أن “الشيك الأصل أنه أداة وفاء. من يدعي خلاف هذا الأصل عليه إقامة الدليل على ما يدعيه”. وما ذهبت إليه محكمة النقض إنما يجد سنده فيما جرى عليه العرف في بعض الأحيان من استخدام الشيك كأداة ائتمان – خاصة فيما كان يعرف في الواقع بشيكات الضمان والتي كانت تحرر بمناسبة البيع بالتقسيط حيث كان البائع يسحبها على المشتري ضماناً للوفاء بقيمة الأقساط، أما مع تطبيق أحاكم القانون التجاري رقم ١٧ لسنة ١٩٩٩ م فإن هذا الحكم لم يعد له قيمة حيث أن الشيك أصبح أداة وفاء بمقتضى القانون التجاري فقد نصت المادة ٥٠٣ على أنه “يكون الشيك مستحق الوفاء بمجرد الاطلاع. وكل بيان يخالف ذلك يعتبر كأن لم يكن”. وبذلك يتضح أن الشيك وفقاً لأحكام القانون التجاري لن يكون أداة ائتماناً وفقاً لما كان يجري عليه العرف، فقد عمل المشرع على حماية الشيك كورقة تجارية والحرص على اعتباره أداة وفاء تجري مجرى النقود في التعامل، ووضع من النصوص ما يحقق ذلك دون ما كان يجري عليه العمل من استغلاله كأداة ائتمان بعداً عن طبيعته التي استقر عليها العالم أجمع.

٣- الورقة التجارية أداة ائتمان :

غالباً ما يكون التعامل بين التجار قائماً على الأجل، لذلك تقوم الأوراق التجارية بدورها في هذا الخصوص، فالغالب أن تتضمن الورقة التجارية أجلاً للوفاء وهو ما يعرف بميعاد الاستحقاق فيما عدا الشيك حيث أنه يستحق الدفع بمجرد الاطلاع. ومما لا شك فيه أن الأجل يعتبر من دعائم المعاملات التجارية نظراً لطبيعة هذه المعاملات. والمقصود بالأجل هنا الفرق بين تاريخ تحرير الورقة التجارية وتاريخ استحقاقها، فإذا حررت ورقة تجارية وكانت مستحقة الدفع بعد مدة معينة من تاريخ تحريرها فإن هذه المدة تعتبر أجلاً للوفاء. وتقوم الكمبيالة والسند لأمر بدور أداة الائتمان نظراً لأنها قد تكون مستحقة الدفع بعد مدة معينة أو قابلة للتعيين، أما الشيك فهو أداة وفاء مستحق الوفاء بمجرد الاطلاع.

_____________________

1- الطعن رقم 5113 لسنة 62 ق جلسة 19/7/1993م.

2- الطعن رقم 1483 لسنة 55ق جلسة 17 ديسمبر 1997.

3- الطعن رقم 2289 لسنة 55 ق جلسة 25/2/1991م.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .