تعتبر الشريعة الإسلامية المصدر التاريخي والمادي للشفعة وقد استمدتها التشريعات العربية موضوع الدراسة من الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامي ويكون الرجوع في تفسير النصوص إلى الفقه الإسلامي عملا بأحكام المادة 121 من القانون المدني المصري . كذلك القانون المدني الأردني. وقد ثبتت الشفعة بالسنة والإجماع إذ وردت العديد من الأحاديث مخبرة عنها، منها حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم “قضى بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة“.(1) وعن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه واله وسلم: “إذا وقعت الحدود وضربت الطرق فلاشفعة فيها(2)” وعن جابر أن النبي صلى الله عليه واله وسلم “قضى بالشفعة في كل تركة لم تقسم ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإن باعه ولم يؤذن فهوأحق به(3) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: “جار الدار أحق بالدار(4)

أما من الإجماع فيرى الأخذ بها في كل زمان ومكان ولم ينكرها أحد من الأئمة وادعى بعض الفقهاء أن القياس يقبل بثبوت الشفعة لأنه تملك على المشتري ملكًا صحيحًا له بغير رضاه وذلك لا يجوز لأنه من نوع الأكل بالباطل، وقد أسند رأيهم حديث النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه، ولأنه بالأخذ يدفع الضرر عن نفسه بالإضرار بغيره(5) والحكمة من تقريرها دفع الضرر عن الشفيع لاتصال ملكه بالعقار المبيع سواء كان اتصال شركة كصاحب الانتفاع إذا بيعت الرقبة أو العكس أو كان اتصال جوار ، وقد يتمثل الضرر في وجود أجنبي بين الشركاء على الشيوع إذا باع أحدهم حصته الشائعة.

وبذلك فإن هناك أحوال ثلاثة تبدو الحكمة جلية لتقرير الشفعة فهي تبدو جلية في منع مضايقات الجوار والتي تتمثل بما يحمله مشتري العقار من صفات رديئة يتأذى منها الشفيع كأن يكون المشتري سيء الخلق ولا يعرف حق جاره، ففي البعد عنه رحمة وفي الخلاص من شره نعمة(6)، وقد عبر عن مضايقات الجوار في الأخذ بالشفعة دفع الضرر الذي يحتمل وقوعه بينالشركاء أو الغير نتيجة إعلاء الجوار وإيقاد النار ومنع ضوء النهار وإثارة الغبار وإيقاف الدواب والصغار(7) وقد تكون الحكمة من تقريرها جمع شتات الملكية ويتضح ذلك عند إعطاء مالك الرقبةالأخذ بالشفعة إذا منع الانتفاع. والعكس صحيح كذلك.

وتبدو الحكمة واضحة أيضًا في إعطاء الشركاء على الشيوع حق الأخذ بالشفعة إذا باع أحدهم حصته الشائعة، وذلك تخفيفًا من مدة الشيوع ومنعًا لدخول أجنبي بينهم خاصة إذا ما كان الشيوع قد نشأ بين الشركاء بناء على اعتبار شخصي، إلا انه يجب التمييز بين ما قد يحصل من خلط بين الحكمة من الشفعة والعلة منها فليس شرطًا للأخذ بالشفعة وقوع الضرر أو الادعاء بأن الأخذ بها كان دفعًا للضرر، فلا يقبل من المشتري أن يثبت أنه لا يلحق بالشفيع ضرر تخلصًا من طلب الشفعة ولا يجوز للشفيع أن يثبت أن مجاورة المشتري له لن تلحق به ضررًا.

إذ أن الفرق بين حكمة الحكم وعلته هو أن حكمة الحكم الباعث على تشريعه والغاية المقصودة منه وهي المصلحة التي قصد المشرع بتشريع الحكم تحقيقها أو تكميلها أو المفسدة التي قصد الشارع بتشريع الحكم دفعها أو تقليلها، وأما علة الحكم فهي الأمر الظاهر المنضبط الذي بني الحكم عليه وربط به وجودًا وعدمًا لأن الغاية من بنائه عليه وربطه به أن يحقق حكمة تشريع الحكم”(8) واستحقاق الشفعة بالشركة أو الجوار حكمته دفع الضرر عن الشريك أو الجار وهذه الحكمة أمر تقديري غير منضبط وفي جعله مناطًا للحكم مظنة تحقيق حكمته. ومن هنا شرعت القاعدة الفقهية أن الأحكام الشرعية تبقى على عللها التي تربط بها وجودًا أو عدمًا لا على حكمها، فعلة استحقاق الشفيع للشفعة هي الشراكة أو الجوار أو بسبب نص عليه القانون (9)

______________

1- رواه مسلم، البخاري ، البيوع ( 2214 ) الموقع الالكتروني www.taimiah.org

2- الترمذي ، الأحكام ( 1370 )، الموقع الالكتروني www.taimiah.org

3- رواه مسلم ، كتاب المساقاة ، ( 1608 )، الموقع الالكتروني www.taimiah.org

4- الترمذي ، الأحكام ،( 1368 ) الموقع الالكتروني www.taimiah.org

5- السيوطي، مصطفى بن سعد، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى -الجزء الرابع، ص100 – moamlat.al www.islam.com

6- البجيرمي، سليمان، تحفة الحبيب على شرح الخطيب – الجزء الثالث، ص 177 www.moamlat. al-Islam.com

7- الخفيف، علي، الملكية في الشريعة الإسلامية مع مقارنتها بالقوانين العربية-الكتاب الأول: دار النهضة للطباعة، 1990 ، ص 324

8- كركبي، مروان، وسامي منصور، الأموال والحقوق العينية العقارية الأصلية ، ص 316 ، الطبعة الثانية، 1999 المنشورات الحقوقية، بدون دار نشر .

9- قرار تمييز 450/ 82 مجلة نقابة المحامين، عمان، 1983 ، ص 1553 .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .