مسؤولية حارس الأشياء كما حددها القانون المدني المصري – أحكام ومبادئ قضائية

الطعن 554 لسنة 59 ق جلسة 17 / 12 / 1995 مكتب فني 46 ج 2 ق 274 ص 1396

برئاسة السيد المستشار/ محمد فتحي الجمهودي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى حسيب، أحمد علي خيري، خيري فخري وحسين نعمان نواب رئيس المحكمة.
—————-
تعويض ” مسئولية حارس الأشياء”. مسئولية ” مسئولية حارس الأشياء”.
الحراسة الموجبة للمسئولية عن الأشياء . م 178 مدنى . مناطها . اختصاص شركة توزيع كهرباء شمال الصعيد بجزء من نشاط هيئة كهرباء بتوزيع وبيع الطاقة الكهربائية فى جهات معينه . قرار رئيس الوزراء 221 لسنة 1978 . مؤداه . اعتبار الشركة صاحبة السيطرة الفعلية والمتولية حراسة شبكة الكهرباء في مناطق اختصاصها . أثرة مسئوليتها عما يحدث عنها من أضرار دون الهيئة الطاعنة . لا يغير من ذلك تضمين قرار إنشاء الشركة المشار إليها تولى هيئة كهرباء مصر بالنسبة لها تخطيط عمليات الصيانة الأساسية ومتابعة تنفيذها.
النص في المادة 178 من القانون المدني على أن “كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه…” يدل على أن الحراسة على الأشياء الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض طبقاً لهذا النص إنما تتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو المعنوي على الشيء سيطرة فعليه في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، وكان يبين من نصوص القانون رقم 12 لسنه 1976 بإنشاء هيئة كهرباء مصر – الطاعنة – إنها عهدت إلى هذه الهيئة وحدها عملية تشغيل وصيانة شبكة الكهرباء، وهي بهذه المثابة تعتبر صاحبة السيطرة الفعلية والمتوالية حراستها، غير أنه بتاريخ 6/3/1978 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 221 لسنه 1978 بتأسيس شركة توزيع كهرباء مصر الوسطى – شمال الصعيد حاليا – وبينت المادة الثالثة منه الغرض من تأسيس هذه الشركة بأنه توزيع وبيع الطاقة الكهربائية للمستهلكين على الضغوط 11 كيلو فولت، 380 فولت، 220 فولت في محافظات الفيوم والجيزة وبني سويف وأسيوط والوادي الجديد والمنيا، وأسندت المادة 11/5 منه إلى الهيئة الطاعنة عمليات الصيانة الأساسية وأعمال التجديدات أو الإحلال ومتابعة تنفيذها بما مؤداه أن أصبحت الشركة المطعون عليها الأولى – وقد اختصت بتوزيع وبيع الطاقة في جهات معينة – هي صاحبة السيطرة الفعلية والمتولية حراسة شبكة الكهرباء في المناطق سالفة الذكر والتي تقوم عن طريقها بتوزيع وبيع الطاقة الكهربائية وبالتالي تكون مسئولة عما يحدث عنها من أضرار ولا ينال من ذلك ما تضمنه قرار إنشاء الشركة المذكورة بأن تتولى هيئة كهرباء مصر – الطاعنة – بالنسبة للشركة الأنشطة المتعلقة بالبحوث والتطوير والتدريب الفني والمشتريات والقروض الخارجية والاستثمارات وتخطيط عمليات الصيانة الأساسية والتجديدات والإحلال ومتابعة تنفيذها إذ أن ذلك كله لا يعني أن الهيئة الطاعنة مسئولة عن الأضرار الناتجة من تشغيل الشبكة الكهربائية المتعلقة بتوزيع وبيع الطاقة مما يدخل ضمن نشاط المطعون عليها الأولى التي اختصت وحدها بهذا النشاط.
———–
الوقائع
وحيث ِإن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون عليهما الأخيرين – ورثة المرحوم/ ……. – أقاما الدعوى رقم 882 لسنة 1986 مدني الفيوم الابتدائية ضد الهيئة الطاعنة والشركة المطعون عليها الأولى بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين بأن تؤديا لهما مبلغ عشرين ألف جنيه وقالا بيانا لدعواهما إنه بتاريخ 30/9/1984 توفيت مورثتهما نتيجة سقوط سلك كهربائي من خطوط الضغط العالي عليها أثناء سيرها بالطريق، وتحرر عن تلك الواقعة المحضر رقم 287 لسنة 1984 عوارض سنورس، ولأن هذا السلك الكهربي في حراسة الطاعنة والمطعون عليها الأولى ويسألان عنه مسئولية حارس الأشياء وقد لحقهما من جراء الحادث أضرار أدبية يقدران التعويض الجابر لها فضلا عن التعويض عن الضرر المادي الموروث بالمبلغ المطالب به فقد أقاما الدعوى. دفعت كل من الطاعنة والمطعون عليها الأولى بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة لها. وبتاريخ 12/1/1987 حكمت المحكمة: بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للمطعون عليها الأولى وبرفض الدفع المبدى من الطاعنة وبإلزامها بأن تؤدي للمطعون عليهما الأخيرين مبلغ 2000 جنيه تعويضا موروثا يقسم بينهما حسب الفريضة الشرعية، ومبلغ 1500 تعويضا عن الضرر الأدبي يقسم بينهما بالتساوي. استأنف المطعون عليهما الأخيران هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف – مأمورية الفيوم – بالاستئناف رقم 176 لسنة 23ق، كما استأنفته الطاعنة لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم 177 لسنة 23 ق، ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 12/12/1988 حكمت بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن, وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
————-
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال إذ قضى بإلزامها بالتعويض المحكوم به على ما ذهب إليه من أنها المسئولة عن تخطيط عمليات الصيانة الأساسية طبقا لقرار رئيس الوزراء رقم 221 لسنة 1978 بتأسيس الشركة المطعون عليها الأولى رغم تمسكها بأنها غير مسئولة عن صيانة الأسلاك الكهربائية وأن الشركة المطعون عليها الأولى هي وحدها المختصة بتركيب وتشغيل وصيانة الشبكات الكهربائية داخل المحافظات التابعة لها والمسئولة عن حراسة الأسلاك طبقا للقرار الصادر بإنشائها والذي نص على أنها شركة مستقلة عن الهيئة الطاعنة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه على سند من أنها المسئولة وفقا لقرار رئيس الوزراء سالف الذكر، وأن الشركة المطعون عليها الأولى – رغم ما لها من شخصية اعتبارية – تابعة للطاعنة فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن النص في المادة 178 من القانون المدني على أن “كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولا عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه…” يدل على أن الحراسة على الأشياء الموجبة للمسئولية على أساس الخطأ المفترض طبقا لهذا النص إنما تتحقق بسيطرة الشخص الطبيعي أو المعنوي على الشيء سيطرة فعلية في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، وكان يبين من نصوص القانون رقم 12 لسنة 1976 بإنشاء هيئة كهرباء مصر – الطاعنة – أنها عهدت إلى هذه الهيئة وحدها عملية تشغيل وصيانة شبكة الكهرباء، وهي بهذه المثابة تعتبر صاحبة السيطرة الفعلية والمتوالية حراستها، غير أنه بتاريخ 6/3/1978 صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 221 لسنة 1978 بتأسيس شركة توزيع كهرباء مصر الوسطى – شمال الصعيد حاليا – وبينت المادة الثالثة منه الغرض من تأسيس هذه الشركة بأنه توزيع وبيع الطاقة الكهربائية للمستهلكين على الضغوط 11 كيلو فولت، 380 فولت، 220 فولت في محافظات الفيوم والجيزه وبني سويف وأسيوط والوادي الجديد والمنيا، وأسندت المادة 11/5 منه إلى الهيئة الطاعنة عمليات الصيانة الأساسية وأعمال التجديدات والإحلال ومتابعة تنفيذها بما مؤداه أن أصبحت الشركة المطعون عليها الأولى – وقد اختصت بتوزيع وبيع الطاقة في جهات معينة – هي صاحبة السيطرة الفعلية والمتولية حراسة شبكة الكهرباء في المناطق سالفة الذكر والتي تقوم عن طريقها بتوزيع وبيع الطاقة الكهربائية وبالتالي تكون مسئولة عما يحدث عنها من أضرار ولا ينال من ذلك ما تضمنه قرار إنشاء الشركة المذكورة بأن تتولى هيئة كهرباء مصر – الطاعنة – بالنسبة للشركة الأنشطة المتعلقة بالبحوث والتطوير والتدريب الفني والمشتريات والقروض الخارجية والاستثمارات وتخطيط عمليات الصيانة الأساسية والتجديدات والإحلال ومتابعة تنفيذها إذ أن ذلك كله لا يعني أن الهيئة الطاعنة مسئولة عن الأضرار الناتجة من تشغيل الشبكة الكهربائية المتعلقة بتوزيع وبيع الطاقة مما يدخل ضمن نشاط المطعون عليها الأولى التي اختصت وحدها بهذا النشاط. لما كان ذلك وكان البين من الأوراق أن الحادث وقع بسبب صعق المجني عليها وسقوط سلك كهربائي 11 ك ف من الجهد المتوسط وكان الحكم المطعون فيه لم يبين كيف أن الحادث الذي أدى إلى وفاة مورثة – المطعون عليهما الأخيرين كان نتيجة عمليات الصيانة الأساسية المنوطة بالهيئة الطاعنة وليس نتيجة الأعمال المنوطة بشركة توزيع كهرباء شمال الصعيد وهو أمر يتعلق بواقع كان على المحكمة تحقيقه ليتسنى لها تحديد صاحب السيطرة الفعلية على الأسلاك التي أدى سقوطها إلى وقوع الحادث والمسئول عن حراستها في معنى المادة 178 من القانون المدني واقتصر على القول بأن الهيئة الطاعنة وفقا للمادة الحادية عشر منوط بها تخطيط عمليات الصيانة الأساسية. وأعمال التجديدات والإحلال ومتابعة تنفيذها وأن دور المطعون عليها الأولى يقتصر على تكاليف الخدمات التي تؤديها لها الطاعنة وأنها تابعة للطاعنة ورتب على ذلك مسئولية هذه الأخيرة عن الحادث وإلزامها بالتعويض المحكوم به فإنه يكون معيبا بما يوجب نقضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .