قوة الأمر المقضي به..في الدعاوى الشرعية
في الحقيقة إن للحكم القضائي ثلاث مراتب وهي نهائي و قطعي و بات و النهائي هو الذي يفصل في موضوع النزاع و يقبل الطعن عليه بالطرق العادية و غير العادية وهو حكم الدرجة الأولى و القطعي هو الذي لا يقبل الطعن عليه بالطرق العادية و لكن يقبل الطعن عليه بالطرق غير العادية وهو حكم الاستئناف و أما البات فلا يمكن الطعن عليه لا بالطرق العادية و لا غير العادية —-و متى فات ميعاد الطعن على الحكم الصادر من الدرجة الأولى أو من الدرجة الثانية فانه يعتبر بمرتبة الحكم الصادر من الدرجة الثالثة (محكمة التمييز أو النقض) و لا يقبل الطعن عليه مطلقا و يعبر عنه بقوة الأمر المقضي به بينما كلا الحكمين الصادرين من الدرجة الأولى و من الاستئناف يعبر عنهما بحجية الأمر المقضي به و هذا يعني أن للحكم حجية ملزمة للمخاطبين به ما لم يتم إلغاءه بينما التعبير بقوة الأمر المقضي به هو ان له حجية مطلقة على المخاطبين به و انه غير قابل للإلغاءو تذهب أغلب الآراء القانونية إلى اعتبار قوةالأمر المقضي به قرينة قانونية قاطعة،

فلا يقبل أي دليل ينقض هذه القرينة القانونية التي يشكلها الحكم القضائي. وهذا هو الأنسب و الأصح بنحو عام و لكن القضايا الشرعية فان اغلبها مما يعرض له التجدد فقوة الأمر المقضي به تنحصر على ما فصل فيه الحكم قبل عروض التجدد عليه فمثلا لو صدر حكم برفض التطليق للضرر لعدم ثبوته و لكن بعد فترة رفعت الزوجة دعوى جديدة فان كانت على دان الفترة التي ناقشها و فصل بها الحكم السابق و لدان الأسباب الضررية المزعومة فان دعواها لا تقبل لسبق الفصل فيها و لكن لو ادعت حصول أسباب ضررية جديدة فلا يكون لقوة الأمر المقضي به وجود بالنسبة للأسباب الجديدة المستند إليها في الدعوى و كذلك الحال لأهلية الولي و صلاحيته للولاية و عدم أهلية الصغير لعدم الرشد فكل هذه الأسباب و أمثالها قابلة للتغير فلا يسري في حقها نطاق حجية الأمر المقضي به إلا في الحدود التي ذكرناها .

الشيخ عبد الهادي خمدن
إعادة نشر بواسطة محاماة نت