لا يقصد بالغير هنا المفهوم الواسع … وأنما يقتصر الأمر على حالتين يتم فيهما توقيع الحجز على عقار مملوك لغير المدين (1) حالة انتقال ملكية العقار إلى شخص يسمى حائز العقار محملة بحق عيني تبعي نافذ في مواجهته الأمر الذي يجعل عقاره محل للتنفيذ، والحالة التي يقدم فيها عقارا كضمان للوفاء بدين المدين فيكون هذا العقار أيضا محلا للتنفيذ، ففي الحالتين نلاحظ إمكانية توقيع الحجز على عقار هذا الغير رغم أنه ليس مدينا شخصيا للدائن، وليس مسؤولا مسؤولية شخصية أو مباشرة عن الدين (2) . وبناءا على هذا التحديد نعرض لحالتي التنفيذ في مواجهة حائز العقار، والكفيل العيني.

أولا: الحجز على عقار الحائز

يعتبر حائزا للعقار طبقا لنص المادة 911 ف 2 من القانون المدني، كل شخص انتقلت إليه بأي سبب من الأسباب، ملكية هذا العقار أو أي حق عيني أخر قابل للرهن، دون أن يكون مسؤولا مسؤولية شخصية عن الدين المضمون بالرهن. وقد حددت المادة 734 ف 1 من ق إ م د بشكل أخص الحائز الذي تجري في مواجهته إجراءات حجز العقار، بأنه الحائز للعقار بعقد رسمي مشهر قبل قيد أمر الحجز(3). وعلى ذلك يجب لكي يوجد حائز للعقار أن تتوافر الشروط التالية:

الشرط الأول: أن يكون قد تلقى ملكية عقار محمل بحق عيني تبعي مشهر أو أي حق عيني عليه)4).

الشرط الثاني: أن تنتقل إليه ملكية العقار بعد شهر الحق العيني التبعي وقبل قيد أمر الحجز(5) .

الشرط الثالث: ألا يكون هذا الغير مسؤولا مسؤولية شخصية عن الدين الذي يجري التنفيذ لاقتضاء(6).

وعليه إذا توفرت الشروط السابقة معا، يمكن للدائن صاحب الحق العيني التبعي على العقار والذي تم إشهاره قبل تصرف المدين للحائز، اتخاذ إجراءات التنفيذ على عقار الحائز، وذلك بما له من حق تتبع هذا العقار. وحماية للغير الذي قد يتعامل مع الحائز على لهذا العقار، أوجب المشرع أن تتخذ إجراءات حجز مشهرة في مواجهة كل من المدين والحائز، بمعنى أن ينظم الحائز كطرف سلبي إلى جانب المدين (7). وطبقا للقواعد العامة في حجز العقار، تبدأ إجراءات حجز عقار الحائز، بتبليغ أمر الحجز إلى المدين وتسجيل هذا الحجز، ثم ينذر الحائز ويسجل هذا الإنذار، وتكون الإجراءات على التفصيل التالي:

التبليغ الرسمي لأمر الحجز إلى حائز العقار المرهون يقصد به إنذار الحائز بدفع الثمن أو تخليه العقار، نظمه المشرع بموجب المادة 923 من القانون المدني (8)، والمادتين 726 و 734 من ق إ م د، ومن ثم يتم إنذار الحائز بموجب محضر قضائي أوجبت المادة 734 أعلاه أن يشتمل، بالإضافة إلى البيانات العامة لهذه المحاضر، على ما يأتي:

– بيان السند التنفيذي والإجراءات التالية له.

– بيان أمر الحجز وتاريخ القيد.

– إنذار الحائز وتكليفه بالوفاء، بمبلغ الدين خلال أجل شهر واحد من تاريخ التبليغ الرسمي، وٕالا بيع العقار جبرا عنه.

أما فيما يخص ميعاد إنذار الحائز، المستخلص من المادتين أعلاه، أنه يمكن إنذار الحائز، إما بعد تبليغ المدين بأمر الحجز وقبل تسجيله، بمعنى أن يتزامن إنذار الحائز مع تبليغ وٕانذار المدين، كما يمكن إنذار الحائز بعد تبليغ المدين وقيد الأمر بمصلحة الشهر العقاري (9)، وهذا الحل الذي يفضله البعض من الفقه حماية لمصلحة الدائن الحاجز بالأساس (10). والغاية من هذا التبليغ حتى يعلم الحائز بالعقار محل التنفيذ على سبيل التحديد، والدين المطلوب الوفاء به، حتى يتمكن الاختيار بين الوفاء بمبلغ الدين أو يخلي العقار ويتحمل الإجراءات (11)، بعد ذلك يجب تسجيل الإنذار الموجه للحائز في مكتب الشهر العقاري، الحكمة من ذلك حماية من يتعامل في العقار مع الحائز.

ثانيا: الحجز على عقار الكفيل العيني

الكفيل العيني هو من يرهن عقاره ضمانا للوفاء بدين غيره (12)، والكفيل العيني وٕان كان يتفق مع حائز العقار في عدم مسؤوليته الشخصية عن الدين، إلا أنه يختلف معه في تقديمه لعقاره اختيارا لضمان حق الدائن، وذلك على عكس الحائز الذي ينتقل إليه العقار محملا بالتأمين دون أن يكون له يد في ترتيبه (13).

وللتنفيذ على عقار الكفيل العيني ينبغي إتخاذ مقدمات التنفيذ في مواجهة المدين الأصلي، بإعلانه السند التنفيذي وتكليفه بالوفاء، باعتبار أنه المسؤول الشخصي عن الدين لعله يوفي به إختياريا، وبعد ذلك وعملا بأحكام المادة 726 من ق إ م د(14)، القيام بالتبليغ الرسمي لأمر الحجز إلى الكفيل العيني وٕانذاره، وله الخيار بين الوفاء بالدين أو التخلية أو قبول إجراءات الحجز والبيع، وفور ذلك يسجل أمر الحجز لدى مصلحة الشهر العقاري باسم الكفيل، وبذلك تتحقق الحماية لمن يتعامل مع الكفيل العيني في العقار بعد الحجز عليه، لأنه لو يسجل باسم المدين لما إستطاع الغير أن يعلم بالحجز، وبناء على ذلك فإن التنفيذ ضد الكفيل العيني يتم بنفس الإجراءات التي يحجز بها العقار المملوك للمدين، وبذلك يعد العقار محجوزا من تاريخ قيد أمر الحجز باسم الكفيل العيني. من إستقراء النصوص القانونية( القانون الحالي والقانون الجديد) التي نضمت حجز العقار، نلاحظ أن إجراءاته تتميز نسبيا بالطول والتعقيد إذا ما قورنت بإجراءات حجز المنقول، ويرجع ذلك لأهميته، فنزع ملكية العقار من المدين أكثر خطرا من نزع ملكية المنقول، والسبب الأخر يرجع إلى حقوق الغير وحمايتها المتعلقة بالعقار.

_________________

1- طلعت محمد دويدار: طرق التنفيذ القضائي منشأة المعارف الإسكندرية )الطبعة بدون تاريخ( ، ص 457

2- أنظر: – السيد صاوي: التنفيذ الجبري في المواد المدنية والتجارية ، دار النهضة العربية، القاهرة 2005 ، ص 319

– أحمد خلاصي: قواعد وإجراءات التنفيذ الجبري وفقا لقانون الإجراءات المدنية الجزائري والتشريعات المرتبطة به، منشورات عشاش، الج ا زئر)الطبعة بدون تاريخ(، ص 373

– أبو الوفاء: إجراءات التنفيذ في المواد المدنية والتجارية، دار الكتاب الحديث، منشأة المعارف الإسكندرية، الطبعة بدون تاريخ وبدون عدد ، ص 669.

3- تنص المادة 734 ف 1 من ق إ م د على أنه: ” إذا كان العقار أو الحق العيني العقاري مثقلا بتأمين عيني، وانتقلت ملكيته بعقد رسمي مشهر إلى الغير قبل قيد أمر الحجز، وجب إنذار الغير الحائز وتكليفه بدفع مبلغ الدين أو تخليته العقار، وٕالا بيع العقار جبرا عنه”.

4- لابد أن يكون الحق العيني التبعي المحمل به العقار مشه ا ر حتى يكون نافذا في مواجهة الغير، أنظر طلعت محمد دويدار: . المرجع السابق، ص 458

5- أنظر: – أحمد خلاصي: قواعد وٕاجراءات التنفيذ الجبري وفقا لقانون الإجراءات المدنية الجزائري والتشريعات المرتبطة به، منشورا ت عشاش، الجزائر)الطبعة بدون تاريخ( ، ص 375

– مروك نصر الدين: طرق التنفيذ في المواد المدنية، دار هومة للطباعة والنشر، الجزائر 2005 ، ص 211

6- السيد صاوي: المرجع السابق، ص 323

7- طلعت محمد دويدار: المرجع السابق، ص، 462

8- تنص المادة 923 من ق م ج على أنه: ” إذا لم يختر الحائز أن يقضى الديون المقيدة أو يطهر العقار من الرهن أو يتخلى عن هذا العقار، فلا يجوز للدائن المرتهن أن يتخذ في مواجهته نزع الملكية وفقا لأحكام قانون الإجراء ت المدنية إلا بعد إنذاره بدفع الدين المستحق أو تخلية العقار، ويكون الإنذار بعد التنبيه على المدين بنزع الملكية أو مع هذا التنبيه في وقت واحد ” ، وأكدت هذا الإجراء المادة 726 من ق إ م د.

9- جاءت صياغة البيان الثاني من بيانات إنذار الحائز، كالتالي ” بيان أمر الحجز وتاريخ القيد” ومنه نستخلص أن الإنذار يأتي بعد قيد أمر الحجز.

10- حيث أن مصلحة الدائن تقتضي أن لا يبلغ الحائز إلا بعد أن يقيد أمر الحجز، لأنه إذا أنذر قبل التسجيل، فإن الأمر سيدفع بالحائز إلى التصرف في العقار تصرفا نافذا، وهنا سيضطر الدائن إلى إجراء تبليغ جديد يوجه إلى المتصرف إليه الحائز الجديد، يدعم هذا الإتجاه ويرجح العمل به كل من السيد صاوي في مرجعه السابق، ص 327 ، ومروك نصر الدين في مرجعه السابق، ص .212

11- السيد صاوي: المرجع السابق، ص 328

12- هذا التعريف أشار إليه كل من: – طلعت محمد دويدار: في المرجع السابق، ص 464

– السيد صاوي في المرجع السابق، ص 329.

– محمد حسنين: طرق التنفيذ في قانون الإجراءات المدنية الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1982 ، ص 130.

13- ولمزيد من الإطلاع أنظر:- أبو الوفاء: إجراءات التنفيذ، ص 673

– مروك نصر الدين: المرجع السابق، ص 213

– أحمد خلاصي: المرجع السابق، ص 379

14- لقانون الحالي لم ينص على الإجراءات الواجب إتباعها عندما يرغب الدائن في توقيع الحجز على عقار الكفيل العيني، على الرغم من أن القانون المدني في مادتيه 901 و 902 نص على هذا النوع من الرهون، ومع ذلك لم يكن هناك إشكال مطروح، بإعتبار أن التنفيذ ضد الكفيل العيني يتم بالإجراءات المتبعة ضد المدين مالك العقار.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .