حالات منع القاضي من نظر القضية
حسب المادة الثانية والتسعون من نظام المرافعات الأسباب التي يجوز للقاضي أن يتنحَّى عن نظر القضية بسببها، كما يجوز للخصوم أن يطلبوا منه التنحِّي كذلك، وهذا حقٌّ جوازي، فللقاضي والخصوم الاستمرار في نظر القضيَّة، مع وجود هذه الأسباب برضاهم.

ونص المادة: “يجوز ردُّ القاضي لأحد الأسباب الآتية:

أ- إذا كان له أو لزوجته دعوى مماثلة للدعوى التي يَنظرها.

ب- إذا حدَث له أو لزوجته خصومة مع أحد الخصوم، أو مع زوجته بعد قيام الدعوى المنظورة أمام القاضي، ما لَم تكن هذه الدعوى قد أُقيمت بقَصْد ردِّه عن نظر الدعوى المنظورة أمامه.

ج- إذا كان لمُطلقته التي له منها ولدٌ، أو لأحد أقاربه، أو أصهاره إلى الدرجة الرابعة – خصومة قائمة أمام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى، أو مع زوجته، ما لَم تكن هذه الخصومة قد أُقيمَت أمام القاضي بقَصْد ردِّه.

د- إذا كان أحد الخصوم خادمًا له، أو كان القاضي قد اعتادَ مُؤاكلة أحد الخصوم، أو مُساكنته، أو كان قد تلقَّى منه هديَّة قُبيل رَفْع الدعوى أو بعده.

هـ- إذا كان بينه وبين أحد الخصوم عداوةٌ أو مودَّة، يُرَجَّح معها عدمُ استطاعته الحكم بدون تحيُّز”.

وبيَّنت اللائحة التنفيذية للمادة أنَّ اتفاق الخصوم على نظر الدعوى، أو استمرار نظرها مع وجود سبب من أسباب الردِّ المذكورة في هذه المادة، يُسقط حقَّهم في طلب الرد.

وأنه يُقبل طلبُ الردِّ المنصوص عليه في هذه المادة في جميع مراحل الدعوى حال العلم به، وإلاَّ سقَط الحقُّ فيه.

وأنَّ المراد بالخادم هو:

الأجير الخاص لدى القاضي، الذي يتولَّى خدمته باستمرار، أو يعمل في مصالحه، وأنَّ المؤاكلة تتحقق بالجلوس على مائدة الخصم مرات متتالية، وأنَّ المساكنة: سَكَنُ القاضي مع أحد الخصوم – أو العكس – في بيت واحدٍ غالب الوقت، أو بصفة دائمة، بأجرٍ أو بدونه.

وأمَّا العداوة المسوِّغة للرد، فهي ما نشَأ عن أمر دنيوي، مما فيه تعرُّض للنفس، أو العِرض، أو الولد، أو المال، ويُرجَع في تقديرها عند الاختلاف إلى ناظر الرد، وهو رئيس المحكمة، أو رئيس المحاكم.

وأوضَحت المادة الثالثة والتسعون أنه لا يجوز امتناع القاضي من نظر القضيَّة إلاَّ بمُوجِبٍ، ونصُّ المادة: “لا يجوز للقاضي الامتناع من القضاء في قضية معروضة عليه، إلاَّ إذا كان ممنوعًا من نظر الدعوى، أو قام به سببُ الرد، وعليه أن يُخبر مرجعه المباشر؛ للإذن له بالتنحِّي، ويُثْبَت هذا كله في محضر خاصٍّ يُحفظ في المحكمة”.

وبيَّنت اللائحة التنفيذية للمادة أنه إذا وافَق المرجع المباشر على تنحية القاضي، فيُحرِّر المرجع محضرًا بذلك، ويَحفظه في ملف خاص لديه، ويُحيل المعاملة إلى قاضٍ آخر، وإذا لَم يوافق على التنحية، فيُوجِّه القاضي بنظر القضيَّة، وعلى القاضي الالتزام بذلك والتصدي لنظر القضية.

وبيَّنت المادة الخامسة والتسعون كيفيَّة تقديم المطالبة بردِّ القاضي عن نظر القضيَّة، ونصُّها: “يَحصل الرد بتقرير في إدارة المحكمة، يوقِّعه طالب الرد نفسه، أو وكيله المفوَّض فيه بتوكيل خاصٍّ، ويُرفق التوكيل بالتقرير، ويجب أن يشتملَ تقرير الرد على أسبابه، وأن يُرفَق به ما يوجد من الأوراق المؤيِّدة له، وعلى طالب الرد أن يُودِعَ عند التقرير ألفَ ريال تؤول للخزينة العامة إذا رفضَ طلب الرد”.

وتُوضِّح المادة السادسة والتسعون الإجراءات اللاحقة لتقديم طلب الرد، ونصُّها: “يجب على إدارة المحكمة أن تُطلِعَ القاضي فورًا على تقرير طلب الرد، وعلى القاضي خلال الأيام الأربعة التالية لاطلاعه، أن يكتب لرئيس المحكمة، أو رئيس محاكم المنطقة – حسب الأحوال – عن وقائع الرد وأسبابه، فإذا لَم يكتب عن ذلك في الموعد المحدَّد، أو كتَب مُؤيِّدًا أسبابَ الرد، وكانت هذه الأسباب تَصلح له بموجب النظام، أو كتَب نافيًا لها وثَبَتت في حقِّه – فعلى رئيس المحكمة، أو رئيس محاكم المنطقة، أن يُصدر أمرًا بتنحيته عن نظر الدعوى”.

مستمعي الأفاضل، كانت هذه خلاصة ما ورَد في تنحِّي القاضي وردِّه عن الحكم في القضية للأسباب المُفصلة في النظام، وهي ضمانة للخصوم وحماية للقاضي؛ كي لا يتصدَّى للحكم في قضية تتعلَّق به، أو له فيها مصلحة، أو تتعلَّق بقريب ونحوه، ورَحِم الله امْرَأً حَمى عِرْضه، وابتعَد عن مواطن الرَّيب، ويُروَى عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قوله: “مَن عرَّض نفسه للتُّهم، فلا يَلُومَنَّ مَن أساء به الظن “

إعادة نشر بواسطة محاماة نت