علاج على نفقة الدولة

بسم الله الرحمن الرحيم

باسم الشعب

مجلس الدولة

المحكمة الإدارية العليا

الدائرة الأولى – موضوع

********************

بالجلسة المنعقدة علناً يوم السبت الموافق 17/1/2004 م

برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز

رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة

وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / السيد محمد السيد الطحان ويحيى خضرى نوبى محمد و أحمد عبد الحميد حسن عبود و محمد أحمد محمود محمد. نواب رئيس مجلس الدولة

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / رضا محمد عثمان

مفوض الدولة

وحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة

أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 11477 لسنة 47 القضائية عليا

المقام من :

1- رئيس مجلس الوزراء

2- وزير الصحة

ضــــــــد

فؤاد عبد النبى حسن

فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة

فى الدعويين رقمى 4748 و 4749 لسنة 55 ق بجلسة 10/7/ 2001

——————————————–

الإجراءات:

———–

فى يوم الخميس الموافق 6 من سبتمبر سنة 2001 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة, قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن – قيد برقم 11477 لسنة 47 قضائية عليا – فى الحكم المشار إليه بعاليه, والقاضى فى منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وبوقف تنفيذ قرار وزير الصحة رقم 518873 لسنة 2000 مع ما يترتب على ذلك من آثار, أهمها استكمال علاج المدعى بذات الجهة التى نفذت المرحلة الأولى من العلاج وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.

وطلب الطاعنان – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم الطعين وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا, لتقضى بقبوله شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم الطعين وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده المصروفات عن درجتى التقاضى.

وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2/12/2002 , وفيها قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة 16/12/2002, وبهذه الأخيرة قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى موضوع ) لنظره بجلسة 1/3/2003.

ونظرت المحكمة الطعن بجلسات المرافعة على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات, وبجلسة 8/11/2003 قررت إصدار الحكم بجلسة 17/1/2004 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر, وانصرم هذا الأجل دون أن يقدم أى من الطرفين شيئاً.

وبجلسة اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.

المـحـــــكمــة

***********

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.

من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .

ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 31/3/2001 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 4748 لسنة 55ق. أمام محكمة القضاء الإدارى ( الدائرة الأولى ) بالقاهرة, طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار وزير الصحة رقم 518873 لسنة 2000 برفض استكمال علاجه بالخارج مع ما يترتب على ذلك من آثار, كما أقام المطعون ضده أيضاً فى ذات التاريخ الدعوى رقم 4749 لسنة 55ق أمام المحكمة المذكورة, طالباً الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار جهة الإدارة السلبى بالامتناع عن استكمال علاجه على الوجه الأكمل بالخارج طبقاً لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3876 لسنة 1999 بناء على خطة العلاج المحدد بها مدة العلاج ومراحله وتكلفة كل مرحلة على سبيل الحصر فى 9/9/1999 مع ما يترتب على ذلك من آثار, وذلك للأسباب المبينة تفصيلاً بعريضة كل من الدعويين.

وبجلسة 10/7/2001 – وبعد أن قررت محكمة القضاء الإدارى ضم الدعوى رقم 4749 لسنة 55ق. إلى الدعوى رقم 4748 لسنة 55ق ليصدر فيهما حكم واحد- قضت المحكمة بوقف تنفيذ قرار وزير الصحة رقم 518873 لسنة 2000 مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها استكمال علاج المدعى بذات الجهة التى نفذت المرحلة الأولى من العلاج, وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن كلية طب الأسنان انتهت فى بداية التسعنيات إلى أن علاج المدعى يستلزم سفره لخارج البلاد, وبناء عليه تقرر سفره إلى انجلترا للعلاج حيث اختارت له جهة الإدارة الطبيب المعالج, إلا أن هذا الطبيب فشل فى تقديم العلاج الناجح للمدعى, ومن ثم قررت اللجنة الطبية التى شكلتها جهة الإدارة لفحص حالة المدعى أن علاجه الأمثل يكون فى مركز ايستمان المتخصص, وبناء عليه تم توصيف العلاج للمدعى ليكون على ثلاث مراحل, أنجزت المرحلة الأولى منها وكللت بالنجاح ولم تنازع جهة الإدارة فى ذلك, ومن ثم كان لزاماً على جهة الإدارة أن تستكمل مرحلتى العلاج اللازمتين لشفاء المدعى شفاءً كاملاً , إلا أنها آثرت علاجه داخل الدولة دون عرضه عرضاً حقيقياً على المجلس الطبى المتخصص, اكتفاء بإحالة أوراقه إلى المجالس الطبية التى قررت أن علاجه متوافر داخلياً بمعهد ناصر, وقد أفاد معهد ناصر بتقريره الطبى المؤرخ فى 2/6/2001 أن استكمال ما بقى من علاج المريض بعد استئصال الورم السرطانى الموجود بعظام الفك الأيسر السفلى يستلزم سفره مرة أخرى إلى الخارج للعلاج فى ذات الجهة حيث يتوافر هذا النوع من العلاج المقترح بها.

وأضافت المحكمة بأن ما ساقته جهة الإدارة من أن التقرير الصادر عن معهد ناصر صادر عن طبيب واحد لا يرقى مستواه إلى المجالس الطبية المتخصصة, وأن الجراحة المطلوبة هى جراحة تجميلية, مردود بأن المحكمة طلبت من جهة الإدارة تقديم تقرير يفيد قدرة معهد ناصر على القيام بالعلاج المطلوب إلا أنها تقاعست عن ذلك, كما أن الجراحة المطلوبة وإن كانت جراحة تجميلية إلا أنها مطلوبة وضرورية لتمام الشفاء الجسمانى والنفسى بعد مرحلة العلاج الطويلة التى مر بها المدعى, إلى جانب أن جهة الإدارة سلمت منذ البداية بأن علاج المدعى متوافر خارج الدولة ومن ثم صار لزاماً عليها أن تستكمل هذا العلاج فى الخارج.

إلا أن جهة الإدارة المدعى عليها لم ترتض الحكم المذكور فأقامت طعنها الماثل تنعى فيه على الحكم مخالفته للقانون, استناداً إلى أن العلاج بالخارج على نفقة الدولة ليس حقاً مطلقاً لكل مواطن تلتزم الدولة بتوفيره فى كل الأحوال دون قيد أو شرط, وإنما هو منوط أساساً بعدم توافر العلاج المناسب داخل الدولة, والجهة الإدارية المختصة هى التى تملك دون غيرها تحديد ما إذا كان العلاج بالداخل متوافر من عدمه, وما إذا كان السفر للخارج ضرورياً من عدمه, وذلك بواسطة المجالس الطبية المتخصصة التابعة لها والمشّكلة من كبار الأطباء المتخصصين فى كل فرع من فروع الطب, فالأمر ليس متروكاً لأهواء ورغبات الأفراد وإنما هو مرهون بما ينتهى إليه المجلس الطبى المتخصص, ولا ولاية لأية جهة أخرى فى التعقيب على ما يوصى به هذا المجلس, وعلى ذلك ولما كان الثابت أن المطعون ضده قد رفض العودة إلى أرض الوطن بعد أن أجريت له الجراحة التى سافر لإجرائها بالخارج بموجب قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3876 لسنة 1999, وطلب إجراء عملية تجميل بالفك بذات الجهة التى أجرت له الجراحة بنجاح, فقد عرضت حالته على المجالس الطبية المتخصصة بتاريخ 15/10/2000 حيث انتهت إلى عدم ضرورة إجراء العملية المطلوبة بالخارج وأنه يمكن إجراؤها بمستشفى معهد ناصر للبحوث الذى يتوفر لديه نوع العلاج المطلوب, وبناء عليه صدر قرار وزير الصحة المطعون فيه.

واستطردت الجهة الإدارية أنه لا صحة لما اعتقده الحكم الطعين من أن المسألة المطروحة هى استكمال علاج بدأ بالخارج بقرار إدارى يتعين تنفيذه كاملاً, ذلك أن علاج المطعون ضده بالخارج والصادر به قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3876 لسنة 1999 تم كاملاً , حيث أجريت له الجراحة اللازمة والتى نص عليها القرار وحدد تكاليفها وكذلك مدة العلاج, مما يفيد أن ذلك القرار تم تنفيذه بالفعل, أما ما يطلبه المطعون ضده فهو ليس استكمال علاج وإنما هو إزالة آثار الجراحة بإجراء عملية تجميل لتحسين الشكل العام, ومن ثم لا تلتزم الإدارة بإجرائه فى الخارج وإنما يسرى عليه الأصل العام المشار إليه سلفاً, كما أنه لا وجه لما استدل به الحكم الطعين على عدم توافر العلاج بالداخل من أن جهة الإدارة لم تقدم تقريراً من معهد ناصر يفيد توافر العلاج المطلوب لديه, إذ أنه لا ضرورة لمثل هذا التقرير فى ظل التوصية الصادرة من المجالس الطبية المتخصصة بأن العلاج متوافر بذلك المعهد.

ومن حيث إن تحديد ما إذا كانت مراحل العلاج التى يطلبها المطعون ضده متوافرة بالداخل من عدمه, هو من المسائل الفنية التى لا يتأتى للمحكمة الفصل فيها دون الوقوف على رأى أهل الخبرة والتخصص, ومن ثم وإزاء تمسك كُلٍّ من طرفى النزاع برأيه المعارض للآخر فى هذا الشأن, فإن المحكمة لا يسعها إلا أن تندب خبيراً فى النزاع عملاً بحكم المادة 135 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1968, يتمثل فى لجنة مكونة من ثلاثة من أساتذة طب جراحة الفم والأسنان والجراحة العامة بجامعتى القاهرة وعين شمس , تكون مهمتهم مناظرة المطعون ضده وتشخيص حالته المرضية وفحص التقارير الطبية الصادرة بشأنه من جهة العلاج بالخارج وتحديد مضمونها, وبيان طبيعة الجراحة المطلوبة من حيث كونها جراحة ضرورية أو تجميلية, ومدى إمكانية إجرائها فى الداخل من عدمه مع تحديد الجهة التى لديها إمكانية القيام بها فى الداخل, على أن تقدم اللجنة تقريراً بنتائج أعمالها لعرضه على المحكمة فى أقرب جلسة ممكنة.

ولللجنة فى سبيل أداء مهمتها الاطلاع على ملف الطعن وما به من أوراق وسماع أقوال الطرفين وقبول مستنداتهما, والانتقال لإجراء ما يلزم للوقوف على أبعاد المهمة واستجلاء وجه الحقيقة فى النزاع.

فلهــــذه الأسبــــاب

——————
حكمت المحكمة :

—————

– تمهيدياً وقبل الفصل فى الموضوع – بقبول الطعن شكلاً , وبندب لجنة ثلاثية يصدر بتشكيلها قرار من أمين عام المجلس الأعلى للجامعات من بين أساتذة طب جراحة الفم والأسنان والجراحة العامة بجامعتى القاهرة وعين شمس, وذلك لأداء المأمورية المبينة بأسباب الحكم, وعلى الجهة الإدارية الطاعنة إيداع مبلغ تسعمائة جنيه خزينة المحكمة على ذمة أتعاب الخبير ( اللجنة ) تصرف إليه فور إيداع التقرير, وحددت لنظر الطعن جلسة 20/3/2004 فى حالة عدم إيداع الأمانة, وجلسة 24/4/2004 فى حالة إيداعها, وعلى اللجنة تقديم تقريرها قبل الجلسة الأخيرة بوقت كاف.

سكرتيــــر المـحـكمـة رئيـــس المحـكمـة