تأثرت قوانين المرافعات عند تنظيمها لنطاق الوكالة بالخصومة بموقف جمهور الفقهاء المسلمين حتى اصبح من المسلم به ان نطاق الوكالة بالخصومة عامة كانت ام خاصة يشمل تخويل الوكيل بالخصومة صلاحية ممارسة الاعمال والاجراءات اللازمة لحفظ حق الموكل مالم ينص القانون او العقد على خلاف ذلك فقد نصت الفقرة اولا من المادة (52) من قانون المرافعات المدنية العراقي على ان (الوكالة بالخصومة تخول الوكيل ممارسة الاعمال والاجراءات التي تحفظ حق موكله ورفع الدعاوى والمرافعة فيها حتى ختامها ومراجعة طرق الطعن القانونية مالم ينص سند الوكالة على خلاف ذلك او لم يوجب القانون فيه تفويضا خاصا) ونصت المادة (65) من قانون اصول المحاكمات المدنية الاردني على ان (التوكيل بالخصومة يخول الوكيل سلطة القيام بالاعمال والاجراءات اللازمة لرفع الدعوى ومتابعتها او الدفاع عنها واتخاذ الاجراءات التحفظية الى ان يصدر الحكم في موضوعها في درجة التقاضي التي وكل فيها ويبلغ هذا الحكم) ونصت المادة (75) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري على ان (التوكيل بالخصومة يخول الوكيل سلطة القيام بالاعمال والاجراءات اللازمة لرفع الدعوى ومتابعتها او الدفاع عنها واتخاذ الاجراءات التحفظية الى ان يصدر الحكم في موضوعها في درجة التقاضي التي وكل فيها واعلان هذا الحكم وقبض الرسوم والمصاريف وذلك بغير اخلال بما اوجب به القانون تفويضا خاصا وكل قيد يرد في سند التوكيل على خلاف ما تقدم لا يحتج به على الخصم الاخر).

ولئن كانت هذه القوانين تناولت نطاق الوكالة بالخصومة وما يتضمنه من صلاحيات تخول للوكيل بالخصومة بصورة تلقائية ناجمة عن التوكيل سواءا ذكرت في سند الوكالة ام لم تذكر الا انها اختلفت في مضمون نطاق الوكالة بالخصومة ، فبينما نجد ان القانون العراقي خول الوكيل بالخصومة صلاحية مراجعة طرق الطعن نجد ان القانونين الاردني والمصري لم يخولا الوكيل بالخصومة هذه الصلاحية الا بتفويض خاص من الموكل كما نلاحظ ان القانون المصري انفرد عن القانون العراقي والأردني ومنح الوكيل بالخصومة صلاحية قبض الرسوم والمصاريف القضائية وعد الصلاحيات التي يتضمنها نطاق الوكالة بالخصومة الحد الأدنى الذي يجب ان يتمتع به الوكيل بالخصومة ، وجعل أي قيد يرد للتقليص من هذه الصلاحيات باطلاً لايمكن الاحتجاج به على الخصم الاخر(1). اما القانون الفرنسي فقد بينت المادة (411) من قانون الاجراءات المدنية ان الوكالة بالخصومة تنطوي على صلاحيات تخول الوكيل القيام بالتصرفات والاجراءات القضائية باسم الموكل، وأكدت المادة (413) من نفس القانون ان الوكالة بالخصومة تتضمن مهمة المساعدة والحضور عن الموكل ما لم يتفق الاطراف على خلاف ذلك.

ويلاحظ ان نطاق الوكالة بالخصومة في القانون الفرنسي جاء مغايرا لبقية القوانين اذ لم ينص على وجه التحديد على ماهية الصلاحيات الناجمة عن الوكالة بالخصومة وانه استخدم ألفاظاً عامة ذات معانٍ واسعة مما حدا بالفقه(2). الفرنسي الى القول ان نطاق الوكالة بالخصومة واسع ويتضمن تفويض الوكيل بالخصومة صلاحية تقديم المشورة ورفع الدعوى وحضور المرافعة والدفاع فيها عن طريق تقديم الطلبات والمذكرات واللوائح الى القضاء والقيام بالتصرفات اللازمة للمحافظة على مصالح الموكل ما لم يرد نص يحد من هذه الصلاحيات . ويرى جانب من الفقه(3) ان الوكالة بالخصومة بهذا النطاق وما تتضمنه من صلاحيات تعد وكالة في الاجراءات القضائية لانها تخول الوكيل بالخصومة صلاحية تحريك الاجراءات القضائية ومتابعتها حماية لحق الموكل. وتفسر الوكالة بالخصومة بهذا القدر من الصلاحيات بانها وكالة بادارة خصومة الموكل امام القضاء لانها بالاصل تخول الوكيل بالخصومة صلاحية القيام باعمال الادارة بصورة تلقائية دون اعمال التصرف.

واذا كانت الوكالة بالخصومة وكالة باعمال الادارة فان هذا لا يحول دون قيام الوكيل بالخصومة باعمال التصرف ولكن يشترط للقيام بذلك صدور تفويض خاص من الموكل ، فقد نصت الفقرة الثانية من المادة (52) من قانون المرافعات المدنية العراقي(4) على انه (الوكالة العامة المطلقة لاتخول الوكيل العام بغير تفويض خاص الاقرار بحق ولا التنازل عنه ولا الصلح ولا التحكيم ولا البيع او الرهن او الاجارة او غير ذلك من عقود المعاوضة ولا القبض ولا التبرع ولا توجيه اليمين او ردها او قبولها ولا رد القضاة او التشكي منهم ولا ممارسة الحقوق الشخصية البحتة ولا أي تصرف اخر يوجب القانون في تفويضا خاصا)(5) ونصت المادة (76) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري على انه (لا يصح بغير تفويض خاص الاقرار بالحق المدعى به ولا التنازل عنه ولا الصلح ولا التحكيم فيه ولا قبول اليمين ولا توجيهها ولا ردها ولا ترك الخصومة ولا التنازل عن الحكم او عن طريق من طرق الطعن فيه ولا رفع الحجز ولا ترك التأمينات مع بقاء الدين ولا الادعاء بالتزوير ولا رد القاضي ولا مخاصمته ولا رد الخبير ولا العرض الفعلي ولا قبوله ولا تصرف اخر يوجب القانون فيه تفويضا خاصا)(6). اما بالنسبة إلى القانون الفرنسي(7) فقد حدد على سبيل الحصر التصرفات التي يمكن ان يشملها نطاق الوكالة بالخصومة اذا تم تفويض الوكيل بالخصومة صلاحية القيام بها بتفويض خاص ، والتصرفات هي ترك الخصومة وتقديم العرض او قبوله والاقرار التنازل(8). ان هذه التصرفات الاربعة لا يملك الوكيل بالخصومة صلاحية القيام بها الا بتفويض خاص من الموكل وما عداها من التصرفات فان الوكيل بالخصومة يملك صلاحية القيام بها ما لم يرد في سند الوكالة او نص في القانون يمنع الوكيل من القيام بها(9)

وبهذا الصدد فقد قضت محكمة باريس(10) بان (قيام المحامي بالصلح لا يحتاج لتوكيل خاص) وقضت محكمة النقض الفرنسية(11) بان (المحامي لا يستطيع ان يشير او يبرز اللوائح المتعلقة بالرجوع او الانسحاب من الخصومة الا اذا كان قد منح وكالة خاصة من الموكل بالتنازل). ان من الصحيح القول ان القواعد العامة لعقد الوكالة في القانون المدني(12) الاردني والمصري والفرنسي تقضي بان الوكالة الواردة في الفاظ عامة – كوكلتك في جميع اعمالي او جعلتك وكيلا مفوضا عني- لا تخول الوكيل الا صلاحية القيام باعمال الادارة، اما أعمال التصرف، فلا يملك الوكيل صلاحية القيام بها، الا اذا اقتضت اعمال الادارة القيام بها(13). بينما تقضي القواعد العامة لعقد الوكالة في القانون المدني العراقي (14) بان الوكالة العامة تخول الوكيل صلاحية ممارسة كل حقوق الموكل وبالخصومة في كل حق للموكل بغض النظر عن تحديد الخصم ونوع الخصومة ، ويمكن اجازة تفويض الراي للوكيل بحيث يكون من حقه التصرف فيما وكل به كيف شاء ، أي ان احكام القانون المدني العراقي تخول الوكيل صلاحية القيام باعمال الادارة والتصرف معا ما دامت الوكالة قد جاءت بشكل مطلق وعام، مما يستتبع القول ان احكام قانون المرافعات في هذا الخصوص تعد استثناءً من القواعد العامة لعقد الوكالة المنصوص عليها في القانون المدني. وفي هذا السياق يرى جانب من الفقه(15) العراقي ضرورة ايراد هذا الاستثناء في القانون المدني، وانه لامبرر لايراده في قانون المرافعات. ونعتقد انه لا توجد ضرورة تستوجب ايراد هذا الاستثناء في القانون المدني بدلا من قانون المرافعات لاسيما وان القيد المنوه به يتعلق بموضوع الوكالة بالخصومة المتفق على بيان ماهيتها في قانون المرافعات المنظم لاحكامها الخاصة ، ونرى ان الاولى توجيه الدعوة للمشرع العراقي لاعادة صياغة المادتين (931 و 932) من القانون المدني لما يثيرا من مخاوف نتيجة تملك الوكيل بموجبها صلاحية القيام باعمال التصرف – المعاوضات والتبرعات – نيابة عن الموكل وان من الافضل حصر نطاق التوكيل الوارد بالفاظ عامة باعمال الادارة دون اعمال التصرف ، ومنح صلاحية القيام باعمال التصرف عند صدور التفويض الخاص دفعا للمشاكل التي قد تحدث بين الموكل والوكيل في المستقبل ومسايرة لموقف القوانين المقارنة ، ونقترح ان يكون نص المادة (931) بالشكل الآتي: (الوكالة الواردة بالفاظ عامة دون تخصيص للعمل الموكل فيه لا تخول الوكيل الا صلاحية القيام باعمال الادارة). ونقترح ان يكون نص المادة (932) بالشكل الاتي: (القيام باعمال التصرف نيابة عن الموكل يستوجب صدور تفويض خاص بالعمل). ويبدو ان الحكمة من النص على ضرورة الاستحصال على التفويض الخاص بغية توسيع نطاق الوكالة بالخصومة لتضم صلاحية القيام باعمال التصرف تكمن في تامين الناس عل حقوقهم وتأكيد الثقة بين الوكيل بالخصومة والموكل لما تنطوي عليه من تنازل واسقاط للحقوق ولخطورة اثارها لهذا نص على ان صلاحية الوكيل بالخصومة لاتمتد الى هذه التصرفات الا اذا وردت في تفويض خاص في سند الوكالة(16).

ويرى جانب من الفقه المصري(17) .ان التصرفات التي تحتاج الى تفويض خاص عددها كبير وان بعضها لاتصل اهميتها الى درجة ضرورة ذكرها في تفويض خاص ، هذا من جهة ومن جهة اخرى فان مراعاة الحكمة من النص على التفويض الخاص للقيام بمثل هذه التصرفات تقتضي ان يمنح التفويض الخاص عند تحقق سبب القيام بها وليس وقت التوكيل وان ما يحدث من الناحية العملية من قيام الموكل في أثناء تنظيم سند الوكالة بتفويض الوكيل بالخصومة كل هذه الصلاحيات ينسف الحكمة من النص على التفويض الخاص ، وذلك لان الموكل غالبا ما يكون غير مدرك لخطورة آثار هذه التصرفات ولا لاهمية هذا التفويض كما ان التفويض بهذه الطريقة ينجم عنه العديد من المشاكل بين الموكل والوكيل بالخصومة. ويفترض صاحب هذا الرأي بانه اذا اعترض عليه بذريعة ان هذه التصرفات عديدة واستلزام الرجوع الى الموكل بين الحين والآخر لاخذ موافقته للقيام بتصرف من هذه التصرفات عند تحقيق سببه من شانه ان يعطل سير الدعوى ويؤخر اجراءات التقاضي وهذا ما يتنافى مع المبادئ الحديثة التي تنادي بسرعة حسم النزاع، لذا فانه يرى ان قسما من هذه التصرفات تظهر أهميتها وخطورة آثارها منذ البداية فانه يمكن اخذ موافقة الموكل على القيام بها سلفا دون حاجة الى تفويض خاص لاحق على التوكيل ومن هذه التصرفات الصلح والتحكيم لان الموكل يهمه حسم الدعوى سواء حسمت بصورة قضائية او ودية ، ومن هذه التصرفات ايضا العرض والايداع ورفع الحجز وترك التأمينات مع بقاء الدين لان هذه التصرفات لا تؤثر جديا في حق الموكل ويدخل ضمن هذا النوع من التصرفات قبول اليمين وتوجيهها والادعاء بالتزوير ذلك لان الموكل على بينة منذ البداية بقوة أدلة اثباته. اما التصرفات الأخرى فلكون أهميتها او خطورة آثارها لا تظهر منذ البداية وان الأحوال المبررة للقيام بها تستجد عادة في أثناء نظر الدعوى لا قبل رفعها فيجب الحصول على تفويض خاص لاحق على سند التوكيل للقيام بها. ونرى ان التفويض الخاص ضروري لمثل هذه التصرفات دون تمييز بين تصرف واخر وان النص القانوني جاء من باب التأكيد على أهميته لما له من فوائد عظمى ونتفق مع الدكتور احمد هندي من ان الواقع العملي نسف الحكمة من النص على التفويض الخاص الى درجة ان أصبح النص القانوني(18) معطلاً ولاجل إحاطة الموكل علما بأهمية التفويض الخاص وآثاره ومراعاة للحكمة المرجوة منه والتزاما بموقف القانون الذي يتطلب التفويض الخاص للقيام بمثل هذه التصرفات نقترح ان يقتصر نموذج سند الوكالة(19) المعد مسبقا على الصلاحيات الناجمة عن الوكالة بالخصومة بصورة تلقائية مع فسح المجال لدرج أي تصرف يراه الموكل ضرورياً في سند الوكالة وقت التنظيم مع الإقرار بحق الموكل باصدار تفويض خاص لاحق على سند الوكالة بأي تصرف من التصرفات التي لم يشملها سند الوكالة. وهذا الحل يضمن الى حد كبير علم الموكل بماهية التصرفات التي لا يملك الوكيل بالخصومة صلاحية القيام بها الا بتفويض خاص منه وكما تبرز بهذا الحل اهمية التفويض الخاص واثاره. ويثار في الذهن سؤال عن مصير الاجراءات القضائية الناجمة عن عمل او تصرف صادر من الوكيل بالخصومة دون تفويض خاص من الموكل ، كأن يقر الوكيل بالخصومة عن موكله دون تفويضه صلاحية الاقرار. يرى جانب من الفقه القانوني (20) انه بالامكان التخلص من اثار التصرف او العمل الصادر من الوكيل بالخصومة دون تفويض او تجاوز حدود التفويض عن طريق التنصل. والتنصل هو الطلب الذي يقدمه من تم باسمه تصرف او عمل بغير توكيل الى من باشر ذلك التصرف من وكلاء الخصومة والى كل من له مصلحة فيه بهدف الغائه والتخلص من سائر الاثار القانونية الناجمة عنه بما في ذلك الغاء الاجراءات والاحكام المترتبة عليه(21).

ويشترط الفقه لقبول طلب التنصل ان يكون العمل او التصرف المتنصل منه هو احد الاعمال التي لا يملك الوكيل بالخصومة صلاحية ممارستها الا بتفويض خاص ، او ان العمل تم دون وكالة اصلا وان لا يكون الموكل قد رضى به صراحة او ضمنا، فاذا ثبتت موافقة الموكل الصريحة او الضمنية على العمل او التصرف المتنصل منه فلا يقبل طلب التنصل ، وكما يشترط ان يكون العمل او التصرف قد الحق الضرر بالموكل ، فاذا لم يصب الموكل بضرر من جراء العمل او التصرف المتنصل منه فلا يقبل منه طلب التنصل ، اما النتائج المترتبة على اهمال الوكيل بالخصومة فلا يجوز التنصل منها، فلو كلف الوكيل بالخصومة بتوجيه اليمين الحاسمة للخصم ، الا ان الوكيل بالخصومة اهمل توجيهها ، فلا يقبل طلب التنصل من النتائج المترتبة على هذا الاهمال(22). وغني عن البيان ان قانون المرافعات(23) المدنية والتجارية العراقي الملغى كان قد تطرق الى صورة واحدة من صور التنصل فاجاز طلب التنصل من الاقرار الصادر من الوكيل بالخصومة في حالة استثناء الاقرار من وكالته ورسم طرق رفع طلب التنصل وحدد الاجراءات والاثار المترتبة عليه. بينما تطرق قانون المرافعات المصري السابق الى صور التنصل كافة فاجاز التنصل من الاعمال والتصرفات الصادرة عن التوكيل بالخصومة بعد تفويض خاص وكذلك الاعمال والتصرفات التي تتخذ دون تفويض اصلا ، وكان يحدد مواعيد واجراءات خاصة للنظر في طلب التنصل(24) اما حاليا فان قانوني المرافعات العراقي والمصري النافذين لم يتطرقا الى التنصل، مما حدا بالفقه(25) . المصري الى القول ان طلب التنصل في ظل القانون الحالي يعامل معاملة الدعوى العادية مما يترتب على هذا القول أن شروط الدعوى وإجراءاتها تكون واجبة الاتباع على طلب التنصل. ونعتقد ان اللجوء الى طلب التنصل للتخلص من اثار العمل او التصرف الصادر عن الوكيل بالخصومة دون تفويض خاص او دون توكيل لايمكن التسليم به بعد زوال المسوغ القانوني له وان القول باعتبار طلب التنصل دعوى عادية لايمكن قبوله لما ينجم عنها من اثار سلبية تؤثر في اجراءات التقاضي والاحكام القضائية الباتة. فبالنسبة إلى آثار دعوى التنصل على اجراءات التقاضي فان اقامتها في أثناء نظر الدعوى الاصلية يوجب حتما استئخار الدعوى الاصلية لحين البت بدعوى التنصل مما يؤثر في سرعة حسم الدعوى الاصلية ويؤدي الى تشعب اجراءات التقاضي، اما آثار دعوى التنصل على الاحكام القضائية فانه في حالة اقامتها تؤدي الى زعزعة الثقة بالاحكام القضائية وعدم استقرارها خصوصاً اذا ما اتخذها سيئ النية ذريعة لتعطيل عمل المحكمة والتشكيك في اجراءاتها واسلوبا للضغط على ارادة الخصم بغية مساومته في حقه . ونقترح ان يكون التخلص من اثار العمل او التصرف الصادر دون تفويض خاص او دون وكالة عن طريق اثارة دفع موضوعي في أثناء نظر الدعوى وبمراحل التقاضي كافة مفاده ان الوكيل بالخصومة ذا عمل او تصرف دون تفويض خاص او وكالة، واذا ثبتت صحة هذا الدفع، فان من المؤكد ان الاجراءات القضائية الناجمة عن العمل او التصرف لايصح الاعتداد بها، أما إذا تبين بعد حسم الدعوى واكتساب الحكم الصادر فيها درجة البتات ان الوكيل بالخصومة قام بتصرف او عمل دون تفويض خاص او وكالة فان مراعاة مبدا استقرار الاحكام القضائية والمحافظة عليها ودعم الثقة الواجبة لها اولى بالاعتبار وسد للطريق أمام سيئ النية من اتخاذ دعوى التنصل وسيلة لتعطيل عمل مرفق القضاء ، فانه لايقبل القول ان ما بني على باطل فهو باطل لذلك لايكون أمام الموكل في هذه الحالة الا الرجوع على من قام بالاجراء القضائي دون تفويض خاص أو وكالة ومطالبته بالتعويض عملا بقاعدة(26) يتحمل الضرر الخاص لدرء الضرر العام.

وقد يعترض على هذا الرأي انه يتستر على حالات الغش أو الخداع أو التواطؤ التي قد تحدث بين الوكيل بالخصومة مع خصم موكله ، وخصوصا تلك التي لا تكتشف الا بعد اكتساب الحكم الصادر في الدعوى لدرجة البتات، والتي يتصور ان يقوم الوكيل بالخصومة بعمل او تصرف دون أن يخول صلاحية القيام به أضراراً بالموكل فحسب هذا الرأي فانه لا يكون أمام الموكل الا المطالبة بالتعويض مراعاة لمبدأ المحافظة على حجية الأحكام القضائية واستقرارها ، وقد يكون ضرر المتضرر مما لا يصلحه أي تعويض. ونجيب ان هذه الحالة لم تغب عن الذهن ولا يمكن بأي حال من الأحوال التسليم أو القبول بالآثار الناجمة عن الغش والخداع مهما كانت المبررات والمبادئ ذلك أن الغش يفسد كل شيء، وبالرغم من ان تصور حدوث مثل هذه الحالة ضئيل جدا من الناحية العملية لان المحكمة لا تقبل الأعمال او التصرفات الصادرة من الوكيل بالخصومة إلا إذا انطوت تحت صلاحيته، مع ذلك فان الموكل في مثل هذه الحالة يستطيع إعادة طرح النزاع مجددا على القضاء مستفيدا من أحكام المادة (196) من قانون المرافعات المدنية العراقي التي عدت الغش الصادر من الخصم سبباً من أسباب إعادة المحاكمة(27).

________________________

– عبد الوهاب العشماوي واخرون ، قواعد المرافعات ، ج2، مصدر سابق ، ص90.

2- Jean Vincent ، op. cit ، P. 380 ; Gevard couchz ، Op.Cit ، p. 110.

3- د. احمد هندي ، الوكالة بالخصومة ، مصدر سابق ، ص128 .

4- وغني عن البيان ان نطاق الوكالة بالخصومة في قانون المرافعات المدنية والتجارية الملغى كان يتضمن صلاحية الاقرار وطلب توجيه اليمين او ردها ، للتأكد راجع المادتين (86 ف1 و90) من قانون المرافعات العراقي السابق.

5- وغني من البيان أن المادة (704) من القانون المدني العراقي نصت على أنه (الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالصلح فان صالح عن الدعوى الموكل بالخصومة فيها بلا إذن موكله فلا يصح صلحه).

6- لم نجد نص في القانون الأردني يقابل النص العراقي والمصري، إلا أن المادة (847) من القانون المدني الأردني نصت على أنه (الوكيل بالقبض لا يملك الخصومة والوكيل بالخصومة لا يملك القبض إلا باذن خاص من الموكل) مما يفهم أن نطاق الوكالة بالخصومة في القانون الأردني لايشمل صلاحية القبض إلا بتعويض خاص من الموكل.

7- المادة (417) من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي.

8- Jean Vincent ، op. cit ،p: 380.

9 -Gerald conches ، op . cit ، p:110.

0- قرار محكمة باريس في 17 يناير 1997 مشار اليه في:

Code de procedutre civile ، 1999 – 2000 ، liter ، Paris ، p: 237.

11- قرار محكمة النقض الفرنسية ، المدنية الاولى في 2 شباط 1992 مشار اليه في:

Code de procedutre civile ، 1991 – 1992 ، liter ، Paris ، p: 224.

2- المادة (837) من القانون المدني الاردني ، والمادة (701) من القانون المدني المصري ، والمادة (1988) من القانون المدني الفرنسي.

3- محمد كامل مرسي باشا ، العقود المدنية الصغيرة ، مصدر سابق ، ص521و522 ؛ د. عدنان السرحان، مصدر سابق ، ص126 ، وكذلك:

Planiol et ripert ، op.cit ،no : 1462.

4- المادتان (931 و 932) من القانون المدني العراقي.

5- د. سعدون ناجي القشطيني، مصدر سابق ، ص207.

6- استنبطت هذه الحكمة من الاسباب الموجبة لقانون المرافعات المدنية التي جاء فيها (ولما كان حضور الوكلاء عن الخصوم تصدر به وكالة عامة او وكالة بالخصومة فقد وضع القانون الجديد نصا جديدا مستمدا من الشريعة الغراء ومن القوانين العربية والاجنبية استهدفت فيه تامين الناس على حقوقهم فقيد صلاحية الوكيل بالخصومة وحصرها في ممارسة الاعمال والاجراءات التي تحفظ بها حق موكله واجراءاته ورفع الدعاوى والمرافعة فيها حتى ختامها ويستتبع ذلك مراجعة طرق الطعن القانونية مالم ينص في سند الوكالة على خلاف ذلك او لم يوجب القانون فيه تفويضا خاصا ، ولما كانت الوكالة العامة المطلقة تخول الوكيل حق مباشرة الخصومة فقد نظم القانون الجديد حكم هذه الوكالة العامة ونص على انها لا تخول الوكيل العام بغير تفويض خاص الاقرار بحق من الحقوق ولا التنازل عنه ولا الصلح ولا التحكيم ولا البيع ولا الرهن او الاجارة او غير ذلك من عقود المعاوضة ولا القبض ولا الابراء ولا التبرع ولا توجيه اليمين او ردها او قبولها ولا رد الحاكم او التشكي منهم ولا ممارسة الحقوق الشخصية البحتة كاقامة دعوى الطلاق او تغيير الاسم ولا أي تصرف اخر يوجب القانون فيه تفويضا خاصا (م 52) فليس للوكيل العام ولا للوكيل بالخصومة ان يمارس ايا من هذه المسائل المذكورة لانطوائها على تنازل او اسقاط او الخطورة اثارها وقد حرص القانون على تأكيد الثقة بين الوكيل والموكل فنص على ان صلاحية الوكيل لاتمتد الى هذه المسائل الا اذا وردت في تفويض خاص ضمن التوكيل ويعتبر هذا النص مخصصا للأطلاق الذي يفهم من المادة (931) من القانون المدني وتفصيلا للأجمال الوارد في احكامها وذلك تفاديا لكل خلاف في تفسير مواد الوكالة في القانون المدني العراقي).

7- د. احمد هندي ، الوكالة بالخصومة ، مصدر سابق ، ص135 – 143 .

8- الفقرة ثانيا من المادة (52) من قانون المرافعات المدنية العراقي.

9- لاحظ نماذج سند الوكالة المرفق في ملحق هذه الأطروحة.

20- عبد الوهاب العشماوي واخرون ، قواعد المرافعات ، ج2 ، مصدر سابق ، ص99 ؛ ود. احمد ابو الوفا، المرافعات المدنية والتجارية ، مصدر سابق ، 556 ؛ ومنير القاضي ،شرح قانون اصول المرافعات المدنية والتجارية ، ط1 ، مطبعة العاني، بغداد، 1957، ص157.

21- د. احمد ابو الوفا، التعليق على نصوص قانون المرافعات، مصدر سابق، ص410.

22- عبد الوهاب العشماوي واخرون، قواعد المرافعات، ج2، مصدر سابق، ص101 – 105 ، و د. احمد ابو الوفا ، المرافعات المدنية والتجارية ، مصدر سابق ، ص556 – 558 .

23- المادة (86) من قانون المرافعات المدنية والتجارية العراقي الملغى.

24- د. احمد ابو الوفا، التعليق على نصوص قانون المرافعات، مصدر سابق ، ص410 – 411

25- د. نبيل اسماعيل عمر، اصول المرافعات، مصدر سابق، 696 ؛ و د. احمد ابو الوفا، المرافعات المدنية والتجارية ، مصدر سابق ، ص556.

26- الفقرة أولا من المادة (214) من القانون المدني العراقي.

27- تقابلها المادة (213) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني والمادة (241) من قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .