الطعن 1847 لسنة 59 ق جلسة 18 / 11 / 1993 مكتب فني 44 ج 3 ق 329 ص 224 جلسة 18 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمود نبيل البناوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد الشافعي، عبد الملك نصار نائبي رئيس المحكمة، علي شلتوت وأحمد عبد الرازق.
————-
(329)
الطعن رقم 1847 لسنة 59 القضائية

(1)تقادم “قطع التقادم”. محكمة الموضوع “سلطتها في تقدير الدليل”. نقض.
بيان دلالة الورقة الصادرة من المدين على اعترافه بالدين وما يترتب عليها من أثر في قطع التقادم. مسألة موضوعية. عدم خضوعها لرقابه محكمة النقض.
(2)نقض “أسباب الطعن: السبب الجديد”.
ورود النعي على قضاء محكمة الدرجة الأولى وأسباب الحكم الابتدائي. عدم تمسك الطاعن به أمام محكمة الاستئناف. اعتباره سبباً جديداً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(3) مقاولة. مسئولية. التزام.
ضمان المقاول والمهندس المعماري لعيوب البناء. نطاقه. شموله التهدم الكلي أو الجزئي وما يلحق البناء من عيوب أخرى تهدد متانته أو سلامته. الأصل مسئوليتهما عن هذا الضمان بالتضامن إذا كانت العيوب ناشئة عن تنفيذ البناء. قيامها على خطأ مفترض في جانبهما. ارتفاع هذه المسئولية بإثبات قيامهما بالبناء وفق التصميم المعد لذلك والأصول الفنية المرعية وحصول العيب نتيجة خطأ الغير. ضمان مهندس التصميم وحده. أساسه. المادتان 651، 652 مدني.
(4) حكم “تسبيه”. محكمة الموضوع. خبرة.
– محكمة الموضوع. لها أن تأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير. عدم التزامها بتعقب مختلف أوجه دفاع الخصوم والرد عليها استقلالاً. كفاية الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها رداً ضمنياً عليها.

————-
1 – بيان دلالة الورقة الصادرة من المدين في اعترافه بالدين محل النزاع وفيما يترتب على ذلك من الأثر في قطع التقادم هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض.
2 – المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان سبب النعي وارداً على قضاء محكمة الدرجة الأولى وأسباب الحكم الابتدائي وكان الطاعن لم يتمسك به أمام محكمة الدرجة الثانية فإنه يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 – النص في المادتين 651، 652 من القانون المدني – يدل على أن نطاق الضمان المقرر بنص المادة 651 مدني ليس قاصراً على ما يصيب البناء من تهدم كلي أو جزئي بل أنه يشمل أيضا ما يلحق هذا البناء من عيوب أخرى تهدد متانته أو سلامته ولو لم تكن مؤدية في الحال على تهدمه، والأصل في المسئولية عن هذا الضمان أن يكون المهندس المعماري والمقاول مسئولين على وجه التضامن عن هذه العيوب طالما أنها ناشئة عن تنفيذ البناء، وهي مسئولية تقوم على خطأ مفترض في جانبهما، وترتفع هذه المسئولية عنهما بإثبات قيامهما بالبناء وفق التصميم المعد لذلك والأصول الفنية المرعية وأن العيب الذي أصاب البناء ناشئ عن خطأ غيرهما، وبالتالي إذا كانت هذه العيوب ناشئة عن تصميم البناء دون أن تمتد إلى تنفيذه، فإن الضمان يكون على المهندس واضع التصميم وحده باعتبار أنه وحده الذي وقع منه الخطأ.
4 – المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها دون أن تكون ملزمة بتتبع مختلف أوجه دفاع الخصوم والرد عليها استقلالاً لأن الحقيقة التي اقتنعت بها تكفي رداً ضمنياً عليها.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى التي آل قيدها إلى رقم 2082 لسنة 1984 مدني إسكندرية الابتدائية بطلبات ختامية هي الحكم بإلزام الطاعن وباقي المطعون ضدهم متضامنين بأن يؤدوا لها تعويضاً مقداره 71500.584 جنيهاً وقالت بياناً لذلك إنه بموجب عقد مؤرخ 31/ 3/ 1968 أسندت إلى الطاعن تصميم الأعمال الإنشائية لمبنى إدارة المخازن المحيطة بمقر مخازنها الرئيسية بالقباري بأساسات تحمل دور أرضي وثلاث طوابق متكررة مع الإشراف على تنفيذ الأعمال التي يصممها ويضع مواصفاتها ومسئوليته عنها مع مورث المطعون ضدهم – المقاول – الذي عهد إليه بالتنفيذ وإذ لم تتمكن من استلام المبنى واستعماله في الغرض الذي أنشئ من أجله بسبب ظهور ميل وهبوط به يهددا بسقوطه ولم تجد مطالبتها لهما بإصلاح هذه الخلل، وأثبت ذلك التقرير الفني الذي وضعه أحد أساتذة كلية الهندسة، وكان الطاعن ومورث باقي المطعون ضدهم مسئولين عن هذا الخلل الذي لحق بالمبني لعدم إتباعهما الأصول الهندسية فقد أقامت الدعوى ليحكم لها بطلبها سالف البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 22 من فبراير سنة 1988 بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ 60000 جنيه. استأنفت الأخيرة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 357 لسنة 44 ق، كما استأنفه الطاعن أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم 376 لسنة 44 ق، وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 8 من مارس سنة 1989 بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعي الطاعن بالأول عنها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الدفع المبدى منه بسقوط حق المطعون ضدها الأولى في التعويض على أن التقادم قد انقطع بإقراره بالدين بالخطاب المرسل منه للمطعون ضدها الأولى المؤرخ 15/ 5/ 1974 المتضمن إقراره بعدم تعرض المبنى لهبوط آخر في حين أن هذه الخطأ لا يفيد الإقرار القاطع للتقادم لأنه غير قاطع الدلالة صراحة أو ضمناً على التنازل عن التقادم الساري لمصلحته فضلاً عن أنه ينصرف على واقعة مادية لا إلى عمل مادي ينطوي على تصرف قانوني وهو ما لا يمكن اعتباره إجراءً قاطع الدلالة في الإقرار بالدين والتنازل عن التقادم كما ذهب الحكم المطعون فيه رغم أن الشركة علمت بالعيب في 10/ 3/ 1973 مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه عول في تقرير انقطاع التقادم على الدلالة المستفادة من خطاب الطاعن المؤرخ 15/ 5/ 1974 إلى الشركة المطعون ضدها المتضمن إقراره بأن هبوط المبنى قد تم وأنه لن يتعرض لهبوط آخر واستدل من ذلك على أن الطاعن يقر بحق الشركة المطعون ضدها وانتهى إلى أن هذا الإقرار يقطع التقادم الذي لم يكتمل بعد ذلك بسبب إقامة الشركة المطعون ضدها لدعواها بتاريخ 7/ 2/ 1977، لما كان ذلك وكان بيان دلالة الورقة الصادرة من المدين في اعترافه بالدين محل النزاع وفيما يترتب على ذلك من الأثر في قطع التقادم هو – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – من المسائل الموضوعية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني أن الحكم المطعون فيه إذ حدد الضرر الموجب للتعويض في تكاليف إصلاح العيب الذي ظهر في البناء وأيد الحكم الابتدائي في تقريره للتعويض دون بيان لعناصر هذا التقرير أو الاستعانة برأي أهل الخبرة في تقدير هذه القيمة التي تقوم على عناصر فنية بالرغم من أنه لا يجوز للمحكمة أن تحل نفسها محل الخبير الفني في مسألة فنية فإنه يكون معيباً بالقصور والخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان سبب النعي وارداً على قضاء محكمة الدرجة الأولى وأسباب الحكم الابتدائي، وكان الطاعن لم يتمسك به أمام محكمة الدرجة الثانية فإنه يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، وإذ كان ما أثاره الطاعن بسبب النعي هو دفاع غير متعلق بالنظام العام موجه على قضاء الحكم الابتدائي الذي اقتصر الحكم المطعون فيه على تأييده لأسبابه في هذا الخصوص، وكان الطاعن لم يتمسك بهذا الدفاع لدى محكمة الاستئناف، فإن تمسكه به ولأول مره لدى محكمة النقض يكون سبباً جديداً ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعي بباقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إن المستفاد من نص المادتين 651، 652 من القانون المدني أن المسئولية عن الأضرار التي تتهدد البناء قاصرة على المقاول والمهندس المعماري دون المهندس الاستشاري وأنها لا تغطي سوى التهدم الكلي أو الجزئي للبناء أو ما يظهر به من عيوب تهدد متانته وإذ خالف الخبير المنتدب في الدعوى النظر المتقدم وانتهي على إلزامه وحده بالتعويض دون المقاول والمهندس المعماري في حين أن ما لحق بالمبنى لا يعدو مجرد ميل طفيف لا يشمله الضمان المنصوص عليه في المادة 651 مدني خاصة وأن الشركة قبلته بالمحضر المؤرخ في 31/ 7/ 1973، فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ اعتمد تقرير الخبير بالرغم من اعتراضه عليه بأن الشركة هي المختصة دونه بالإشراف على تنفيذ أعمال البناء وبأن المسئولية تنحصر في المقاول والمهندس المعماري الذي طلب من المحكمة إدخاله خصماً في الدعوى لما أثبته الخبير في تقريره من عيب في تصميم الدور الأرضي للبناء والتفت الحكم عن اعتراضاته ولم يجبه على طلب الإدخال فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد عاره القصور والإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان النص في المادة 651 من القانون المدني على أن “1 – يضمن المهندس المعماري والمقاول متضامنين ما يحدث خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيدوه من مباني أو أقاموه من منشآت ثابتة أخري وذلك ولو كان التهدم ناشئاً عن عيب في الأرض ذاتها، أو كان رب العمل قد أجاز إقامة المنشآت المعيبة، ما لم يكن المتعاقدان في هذه الحالة قد أرادا أن تبقى هذه المنشآت مدة أقل من عشر سنوات 2 – ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة ما يوجد في المباني والمنشآت من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته”، وفي المادة 652 منه على أنه “إذا اقتصر المهندس المعماري على وضع التصميم دون أن يكلف الرقابة على التنفيذ، لم يكن مسئولاً إلا عن العيوب التي أتت من التصميم” يدل على أن نطاق الضمان المقرر بنص المادة 651 ليس قاصراً على ما يصيب البناء من تهدم كلي أو جزئي بل أنه يشمل أيضاً ما يلحق هذا البناء من عيوب أخرى تهدد متانته أو سلامته ولو لم تكن مؤدية في الحال إلى تهدمه، والأصل في المسئولية عن هذا الضمان أن يكون المهندس المعماري والمقاول مسئولين على وجه التضامن عن هذه العيوب طالما أنها ناشئة عن تنفيذ البناء، وهي مسئولية تقوم على خطأ مفترض في جانبهما، وترتفع هذه المسئولية عنهما بإثبات قيامهما بالبناء وفق التصميم المعد لذلك والأصول الفنية المرعية وأن العيب الذي أصاب البناء ناشئ عن خطأ غيرهما، وبالتالي إذا كانت هذه العيوب ناشئة عن تصميم البناء دون أن تمتد إلى تنفيذه، فإن الضمان يكون على المهندس واضع التصميم وحده باعتبار أنه وحده الذي وقع منه الخطأ، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من تقرير الخبير، وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها دون أن تكون ملزمة بتتبع مختلف أوجه دفاع الخصوم والرد عليها استقلالاً لأن الحقيقة التي اقتنعت بها تكفي رداً ضمنياً عليها، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه عول في قضاءه على ما اطمأن إليه من تقرير الخبير من أن تنفيذ أعمال البناء قد تم وفق الأصول الهندسية والتصميم المعد، وأن العيب الذي ظهر في البناء متمثلاً في هبوط وميل ملحوظ بالعين المجردة ناشئ عن عوار في تصميم أساسات المبنى وخوازيقها وذلك لاستخدام نوع خوازيق بدائي لا يتناسب مع طبقة التربة دون عمل جسات لمعرفة نوع التربة ومقدار تحملها ودون إجراء أعمال اختبار التحميل أو مراعاة أن التصميم للمخازن لا يتناسب مع هذا النوع من تلك الخوازيق، وكان هذا الذي انتهي إليه الخبير وما استظهره الحكم من العقد من أن الطاعن – وبغير نفي منه – هو الذي قام بتصميم أساسات المبنى يؤدي إلى ما رتبه عليه من مسئولية الطاعن وحده عن تعريض الأضرار الناشئة عن هذا العيب ويكفي رداً على أوجه دفاع الطاعن الأخرى وهو ما يكفي لحمل قضائه، فإن النعي بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .