دعوى النقابة في القانون المصري – أحكام واجتهادات قضائية

الطعن 335 لسنة 31 ق جلسة 12 / 1 / 1966 مكتب فني 17 ج 1 ق 14 ص 102 جلسة 12 من يناير سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وإبراهيم عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس، ومحمد شبل عبد المقصود.
————
(14)
الطعن رقم 335 لسنة 31 القضائية

(أ ) دعوى. تقادم. “قطع التقادم”. نقابات. “دعوى النقابة”.
دعوى النقابة. استقلالها عن دعاوى الأعضاء. لا تمنع عضو النقابة من رفع الدعوى بحقه ولا تقطع التقادم بالنسبة له.
(ب) تقادم. “تقادم مسقط”. “تقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل”. عمل. “الدعاوى الناشئة عن عقد العمل”. “تقادمها”.
التقادم المنصوص عليه في المادة 378 مدني. قرينة الوفاء. وجوب توثيقها بيمين الاستيثاق. التقادم المنصوص عليه في المادة 698 مدني لا يقوم على هذه القرينة ولا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور. عدم اتساعه لتوجيه يمين الاستيثاق.

————–
1 – دعوى النقابة هي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء، وتختلف عنها في موضوعها وفي سببها وفي آثارها وفي الأشخاص، إذ هي تتصل بحق الجماعة ويتأثر بها مركزها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها لا باعتبارها نائبة أو وكيلة عنهم. والدعوى من النقابة بحقها هذا المتميز لا تمنع أحد أعضائها من رفع الدعوى بحقه هو الآخر ولا تتعارض معها، وإذ كان الأصل في الإجراء القاطع للتقادم – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – أن يكون متعلقاً بالحق المراد اقتضاؤه ومتخذاً بين نفس الخصوم بحيث إذا تغاير الحقان أو اختلف الخصوم لا يترتب عليه هذا الأثر [(1)]، فإن دعوى النقابة لا تقطع التقادم في دعوى الأعضاء – إذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن القرار الصادر من هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة في الطلب المقدم من نقابة عمال شركة ترام القاهرة لا يترتب عليه قطع التقادم في دعوى الطاعنين فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
2 – التقادم المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني – وهو يقتصر على حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم، وحقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات – يقوم على قرينة الوفاء، وهي “مظنة” رأى الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه وهي يمين الاستيثاق وأوجب “على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً”، بينما التقادم المنصوص عليه في المادة 698 – وهو لا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور وحدها بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل – لا يقوم على هذه المظنة ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل سواء، ومن ثم فهو لا يتسع لتوجيه يمين الاستيثاق لاختلاف العلة التي يقوم عليها ويدور معها، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني “هو تقادم عام ومطلق لم يقيده الشارع بأي إجراء آخر كتوجيه يمين الاستيثاق أو غيرها” فإنه لا يكون قد خالف القانون.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن ورثة المرحوم تاوضروس بخيت أقاموا الدعوى رقم 1346 سنة 1959 تجاري عمال القاهرة الابتدائية ضد شركة ترام القاهرة يطلبون إلزامها بأن تدفع لهم مبلغ 328 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقالوا شرحاً لها إن مورثهم التحق بخدمة الشركة في سنة 1907 واستمر إلى أن فصل في فبراير سنة 1950 وإذ بلغ أجره اليومي 36.5 قرشاً مضافاً إليه 75% علاوة غلاء معيشة وقد صرفت لهم الشركة مكافأة نهاية الخدمة على أساس الأجر الأصلي وحده دون علاوة الغلاء بينما هي جزء من الأجر وصدر قرار هيئة التحكيم في النزاع الذي كان قائماً بين النقابة والشركة بإلزامها بدفع قيمة المكافأة على أساس الأجر مضافاً إليه إعانة الغلاء، فقد انتهوا إلى طلب الحكم لهم بها. ودفعت الشركة بسقوط الدعوى بالتقادم وفقاً للمادة 698 من القانون المدني. وبتاريخ 3/ 4/ 1955 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الدفع بسقوط الدعوى بالتقادم وبسقوطها وأعفت المدعين من المصاريف واستأنف الورثة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم وقيد هذا الاستئناف برقم 450 سنة 76 ق. وبتاريخ 11/ 5/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأعفت المستأنفين من المصروفات. وطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى دائرة العمال، وفي 15 و19 نوفمبر سنة 1964 أعلن قلم الكتاب كلاً من هيئة النقل العام لمدينة القاهرة والحارس الخاص على الشركة بصورة من تقرير الطعن مؤشراً عليها بقرار الإحالة، وأمام هذه الدائرة لم يحضر الطاعنون، ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً، وقدمت هيئة النقل مذكرة قالت فيها إنها لم تكن خصماً في النزاع ولا صلة لها به وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن من الطاعن الثالث غالي تاوضروس بخيت وطلبت قبوله بالنسبة للباقين.
وحيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن من الطاعن الثالث غالي تاوضروس بخيت للتقرير به من غير ذي صفة وعدم تقديم التوكيل الصادر منه للمحامي الذي قرر بالطعن نيابة عنه.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن المادة السابعة من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض توجب أن يكون المحامي الذي يقرر بالطعن موكلاً عن الطالب وإلا كان الطعن باطلاً وحكمت المحكمة من تلقاء نفسها ببطلانه، وإذ كان الثابت أن المحامي الذي قرر بالطعن عن غالي تاوضروس بخيت لم يقدم ما يثبت وكالته عنه فإن التقرير بالطعن يكون باطلاً ويتعين الحكم بعدم قبوله بالنسبة له.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة لباقي الطاعنين.
وحيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه جرى في قضائه على أن المدة المنصوص عليها في المادة 698 من القانون المدني هي مدة سقوط لا تقبل الوقف ولا الانقطاع وعلته هي رغبة الشارع في سرعة تصفية المنازعات الناشئة عن عقد العمل، وهو خطأ ومخالفة لما نصت عليه الفقرة الأولى منها بقولها “تسقط بالتقادم الدعاوى الناشئة عن عقد العمل بانقضاء سنة من وقت انتهاء العقد” وما نصت عليه الفقرة الثانية من أنه “لا يسري هذا التقادم الخاص” إذ يتضح من هاتين العبارتين أن المدة المنصوص عليها هي مدة تقادم يرد عليها الوقف والانقطاع وليست مدة سقوط، يضاف إلى ذلك أن الحكم لم يبين المصدر الذي استقى منه علة السقوط وهو قصور يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه – والحكم الابتدائي معه – يبين أنه لم يعتبر المدة المنصوص عليها في المادة 698 من القانون المدني مدة سقوط بل اعتبرها مدة تقادم وصفه بأنه “تقادم مطلق وعام” وبين العلة فيه وهي حرص المشرع على سرعة تصفية المنازعات الناشئة عن عقد العمل بعد انقضاء العلاقة بين طرفيه، وتفريعاً على ذلك ناقش دفاع الطاعنين وما تمسكوا به لديه من أن رفع النزاع أمام هيئة التحكيم يقطع مدة التقادم المسقط لدعواهم.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن نقابة عمال شركة ترام القاهرة سبق أن أقامت الدعوى رقم 1 لسنة 1951 أمام هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة وكان من بين طلباتها إلزام الشركة بدفع مكافأة العمال على أساس الأجر الأصلي مضافاً إليه إعانة الغلاء وصدر قرار الهيئة بإجابة هذا الطلب، والحكم المطعون فيه لم يعتبر دعوى النقابة والقرار الصادر فيها من الإجراءات القاطعة للتقادم في دعوى الطاعنين استناداً إلى أن هيئات التحكيم لجان إدارية – والإجراءات المتخذة أمامها ليست إجراءات قضائية، وهو خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن هيئات التحكيم هي هيئات قضائية ناط بها المشرع الفصل في المنازعات الجماعية للعمال وتتبع الإجراءات العادية أمام المحاكم وتطبق في شأنها القوانين واللوائح وتصدر قراراتها على النحو الذي تصدر به سائر الأحكام ويكون لها نفس الحجية ومؤدى ذلك أن الطلبات التي تقدم إليها تكون جازمة بالحق المدعى به ويترتب عليها قطع التقادم وفقاً للمادة 383 من القانون المدني، وإذا كانت النقابة هي الممثلة للعمال، وكان القرار الصادر بشأن احتساب المكافأة على أساس الأجر الأصلي مضافاً إليه إعانة الغلاء هو قرار كاشف بالنسبة لمبدأ المكافأة والقواعد التي تحتسب على أساسها في جميع السنين لا في سنة معينة منها وله حجيته بحيث يمتنع على أطرافه المنازعة فيه من جديد، فإن نزاع النقابة أمام هيئة التحكيم والقرار الصادر فيه يقطع التقادم في دعوى الطاعنين.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن دعوى النقابة هي دعوى مستقلة ومتميزة عن دعوى الأعضاء، وتختلف عنها في موضوعها وفي سببها وفي آثارها وفي الأشخاص، إذ هي تتصل بحق الجماعة ويتأثر بها مركزها باعتبارها شخصية معنوية مستقلة عن شخصية أعضائها لا باعتبارها نائبة أو وكيلة عنهم، والدعوى من النقابة بحقها هذا المتميز لا تمنع أحد أعضائها من رفع الدعوى بحقه هو الآخر ولا تتعارض معها، وإذ كان الأصل في الإجراء القاطع للتقادم – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون متعلقاً بالحق المراد اقتضاؤه ومتخذاً بين نفس الخصوم بحيث إذا تغاير الحقان أو اختلف الخصوم لا يترتب عليه هذا الأثر، فإن دعوى النقابة لا تقطع التقادم في دعوى الطاعنين وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى أن القرار الصادر من هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة في الطلب رقم 1 لسنة 1951 المقدم من نقابة عمال شركة ترام القاهرة لا يترتب عليه قطع التقادم في دعوى الطاعنين فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الشركة قدمت مخالصة صادرة من الطاعنين تدل على قبضهم مبلغ 376 ج مكافأة مورثهم في يناير سنة 1953 وتعتبر اعترافاً بالالتزام يترتب عليه قطع التقادم وإذ لم يعول الحكم المطعون فيه على هذه المخالصة رغم تمسكهم بدلالتها فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن الطاعنين لم يقدموا ما يفيد تمسكهم لدى محكمة الموضوع بدلالة المخالصة على الاعتراف بالحق من جانب الشركة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على أن التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني هو تقادم مطلق وغير مقيد بيمين الاستيثاق، وهذا من الحكم خطأ ومخالفة للقانون، إذ أن التقادم المنصوص عليه فيها لا يختلف عن تقادم حقوق العمال والخدم والإجراء المنصوص عليه في المادة 378 وهي توجب على من يتمسك به أن يحلف اليمين بأنه أدى الدين فعلاً فكلاهما مؤسس على قرينة الوفاء ويتعين معه حلف اليمين، وإذا كان الشارع قد نص في المادة 698 على “تقادم الدعوى” بدلاً من “تقادم الحق” فإن ذلك لا يعني اختلاف المقصود من كل منهما، وهو ما أفصحت عنه الأعمال التحضيرية للقانون وردده الفقهاء تأسيساً على أن الرابطة التي تجمع بين الحق والدعوى تجعل من المستحيل وجود فارق بينهما وأن السبب الذي يقوم عليه التقادم السنوي لا يمكن أن يختلف بالنسبة لكل منهما، وإذ كان التقادم المنصوص عليه في المادة 378 يستند على قرينة الوفاء التي لا يمكن إسقاطها إلا باليمين فإنه لا يجوز إسناد تقادم الدعوى المنصوص عليه في المادة 698 – وهو صورة من تقادم الحق – إلى اعتبار آخر يمكن معه استبعاد اليمين.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن التقادم المنصوص عليه في المادة 378 من القانون المدني – وهو يقتصر على حقوق التجار والصناع عن أشياء وردوها لأشخاص لا يتجرون في هذه الأشياء، وحقوق أصحاب الفنادق والمطاعم عن أجر الإقامة وثمن الطعام وكل ما صرفوه لحساب عملائهم، وحقوق العمال والخدم والأجراء من أجور يومية وغير يومية ومن ثمن ما قاموا به من توريدات – يقوم على قرينة الوفاء، وهي “مظنة” رأى الشارع توثيقها بيمين المدعى عليه – هي يمين الاستيثاق – وأوجب “على من يتمسك بأن الحق قد تقادم بسنة أن يحلف اليمين على أنه أدى الدين فعلاً”، بينما التقادم المنصوص عليه في المادة 698 – وهو لا يقتصر على دعاوى المطالبة بالأجور وحدها بل يمتد إلى غيرها من الدعاوى الناشئة عن عقد العمل – لا يقوم على هذه المظنة ولكن على اعتبارات من المصلحة العامة هي ملاءمة استقرار الأوضاع الناشئة عن عقد العمل والمواثبة إلى تصفية المراكز القانونية لكل من رب العمل والعامل سواء، ومن ثم فهو لا يتسع لتوجيه يمين الاستيثاق لاختلاف العلة التي يقوم عليها ويدور معها، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على أن التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني “هو تقادم عام ومطلق لم يقيده المشرع بأي إجراء آخر كتوجيه يمين الاستيثاق أو غيرها” فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن مكافأة نهاية الخدمة لها طبيعة الأجر وصفاته فتأخذ حكمه وتسري عليها قواعد التقادم الخاصة به، وبالتالي فهي تتقادم بخمس سنوات وفقاً للمادة 375 من القانون المدني لا بسنة ومع تمسك الطاعنين بهذا الدفاع فقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليه، وهو قصور يعيبه ويبطله.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه متى كان الحكم المطعون فيه قد طبق على دعوى الطاعنين أحكام التقادم المنصوص عليه في المادة 698 من القانون المدني فإنه بذلك يكون قد أطرح دفاعهم في هذا الخصوص ولم يعول عليه.

[(1)] نقض 26/ 4/ 1962. الطعن رقم 256 لسنة 26 ق – السنة 13 ص 506.
ونقض 10/ 12/ 1959. الطعن رقم 102 لسنة 25 ق – السنة 10 ص 756.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .