حكم محكمة النقض في دعوى استرداد الحيازة المرفوعة من المستأجر على مشتري العين المؤجرة .

الطعن 368 لسنة 34 ق جلسة 28 / 3 / 1968 مكتب فني 19 ج 1 ق 96 ص 655 جلسة 28 من مارس سنة 1968

برياسة السيد المستشار محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، محمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
————-
(96)
الطعن رقم 368 لسنة 34 القضائية

(أ) حكم. “حجية الحكم”. دعوى. “دعاوى الحيازة”. إجارة. حيازة.
الحكم بنقض حكم دعوى استرداد الحيازة المرفوعة من المستأجر على مشتري العين المؤجرة. لا حجية لهذا الحكم في الدعوى الموضوعية التي أقامها ضد المشتري بطلب التعويض عن الإخلال بالتزامه بتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة. اختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً. الحكم في دعوى الحيازة لا يمس أصل الحق. أساسه توافر الحيازة.
(ب) إجارة. “التزامات المؤجر”. “تعويض”. “بيان عناصر الضرر”.
استظهار محكمة الموضوع إخلال المؤجر بالتزامه بتمكين المستأجر من الانتفاع. قضاؤها بتعويض يوازي أجرة العين المؤجرة باعتبار هذا التعويض كافياً لجبر الضرر الذي لحق المستأجر. بيان لعناصر الضرر.
(ج) تعويض. “تقدير التعويض”. محكمة الموضوع. إجارة.
تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون ما يلزم باتباع معايير معينة في خصومه، من سلطة قاضي الموضوع. مثال.

—————
1 – الحكم الصادر من محكمة النقض والذي يقضي بنقض حكم صادر في دعوى استرداد الحيازة التي أقامها المستأجر على مشتري العين المؤجرة مستنداً فيها إلى حيازته للعين وأن هذه الحيازة قد سلبت بالقوة، لا تكون له حجية في الدعوى الموضوعية التي أقاماه المستأجر على المشتري مطالباً إياه بالتعويض عن إخلاله بالتزامه بتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة وبعدم التصرف له فيها وهو الالتزام الذي يفرضه عليه عقد الإيجار الذي خلف المؤجر الأصلي فيه، وذلك لاختلاف الدعويين موضوعاً وسبباً ولأن الحكم الصادر في دعوى الحيازة لا يمس أصل الحق ولا ينبني على أساس ثبوته أو نفيه وإنما على أساس توافر الحيازة بشروطها القانونية وعدم توافرها.
2 – متى استظهرت محكمة الموضوع ما أتاه المؤجر (الطاعن) من أعمال أدت إلى حرمان المستأجر (المطعون ضده) من الانتفاع بالعين المؤجرة خلال مدة معينة وتعتبر إخلالاً منه بالتزاماته وقضت للمطعون ضده المستأجر على هذا الأساس بتعويض يوازي أجرة هذه العين في تلك المدة اعتباراً بأن هذه الأجرة تعادل الانتفاع الذي حرم منه لأن الأجرة هي مقابل الانتفاع ولما رأته المحكمة في حدود سلطتها التقديرية من أن تلك الأجرة تمثل التعويض الكافي لجبر الضرر الذي لحقه فإن الحكم يكون قد بين عناصر الضرر الذي قضى بتعويضه.
3 – تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه هو من سلطة قاضي الموضوع ولا تثريب عليه إن هو قدر قيمة التعويض المستحق للمستأجر عن حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة بقدر الأجرة خلال المدة التي حرم فيها المستأجر من هذا الانتفاع ما دام القاضي قد رأى في هذه الأجرة التعويض العادل الجابر للضرر الناشئ عن هذا الحرمان.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أنه بتاريخ 14 من أكتوبر سنة 1942 استأجر المطعون ضده ممن يدعى محمد مصطفى درهوس قطعة أرض فضاء ومحاطة بأسوار بقصد استعمالها شونة للخضر والفاكهة لفترة تتجدد بالتتابع ما لم يظهر أحد الطرفين رغبته في عدم التجديد بموجب كتاب موصى عليه قبل نهاية المدة بشهر وذلك نظير إيجار سنوي قدره اثنا عشر جنيهاً. وجاء بالبند التاسع عشر من العقد أنه في حالة بيع العقار المؤجر كله أو بعضه فإن على المالك أن يحتفظ بحق المستأجر (المطعون ضده) في إجراء إصلاحات وإقامة أبنية معينة على حسابه الخاص ودون رجوع على المالك بشيء من قيمتها، وحدد البند الثلاثين مدة العقد بسنتين تنتهيان في 14 أكتوبر سنة 1944 على أنه إذا احتاج المالك لأرضه في نهاية السنة الأولى فلا يحق للمستأجر الاعتراض على تسليمها بما عليها بدون دفع أي تعويض للمستأجر خاصة عن الأبنية الدائمة. وقد أثبت تاريخ ذلك العقد في 15 فبراير سنة 1943 – وفي 23 أكتوبر سنة 1943 أقام المؤجر وهو المالك الأصلي للعقار “محمد مصطفى درهوس” الدعوى رقم 165 سنة 1944 مدني جزئي السيدة زينب على المطعون ضده طلب فيها الحكم بفسخ عقد الإيجار المشار إليه وتسليمه العين المؤجرة استناداً إلى حقه المنصوص عليه في البند الثلاثين من عقد الإيجار فقضى فيها بتاريخ 19 من ديسمبر سنة 1943 بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على أن عقد الإيجار المذكور ينطبق عليه الأمر العسكري رقم 315 سنة 1941 فلا يجوز الإخلاء لغير السببين الواردين به على سبيل الحصر وهما استعمال المكان بطريقة تنافى شروط العقد والتأخير في دفع الأجرة وهو ما لم يتحقق في تلك الدعوى، بعد ذلك باع المالك الأصلي “المؤجر” العين المؤجرة إلى الطاعن بعقد عرفي مؤرخ 14 فبراير سنة 1944 لقاء مبلغ 2160 ج وأثبت في البندين الأول والسادس من عقد البيع علم المشتري الجديد بقبول الإيجار المبرم مع المطعون ضده، وعندئذ أقام المشتري (الطاعن) الدعوى رقم 352 سنة 1944 مدني كلي الزقازيق بعريضة معلنة في 8 من إبريل سنة 1944 خاصم فها المالك الأصلي البائع له والمستأجر (المطعون ضده) ومديرية الشرقية وطلب الحكم بصحة التعاقد الصادر إليه واعتبار الحكم بمثابة عقد ناقل للملكية مع تسليمه قطعة الأرض بما عليها من بناء، فحكم في تلك الدعوى بتاريخ 29 من أكتوبر سنة 1944 بإثبات صحة التعاقد وبرفض طلب التسليم تأسيساً على أن المشتري (الطاعن) كان عالماً عند شرائه العين بواقعة تأجيرها إلى المطعون ضده وأن الأخير لم يتأخر في سداد الإيجار وأن طلب المشتري تسلم العين معناه إخراج المستأجر منها بالمخالفة لأحكام الأمر العسكري السالف الإشارة إليه. وإذ اتضح بعد ذلك لمكتب صحة بندر الزقازيق أن الشونة تدار بغير ترخيص فقد حرر محضر مخالفة ضد المستأجر لها (المطعون ضده) وقضى بتاريخ 9 من ديسمبر سنة 1944 بإغلاق الشونة ونفذ الحكم فعلاً في 27 من ديسمبر سنة 1944، وأثر ذلك تقدم كل من المطعون ضده والطاعن إلى النيابة بطلب التصريح له يفتح الشونة فأذنت النيابة بذلك للأول بتاريخ 18 من فبراير سنة 1945 وللثاني في 24 من فبراير سنة 1945 فسبق الطاعن بتنفيذ أمر النيابة الصادر له وفتح الشونة في 26 فبراير سنة 1945 ونظراً لتضارب أمري النيابة فقد تقدم إليها كل من الخصمين بشكوى وقيدت الشكويان برقم 639 سنة 1945 إداري بندر الزقازيق وأمرت النيابة بمنع تعرض المطعون ضده للطاعن ومكنت الأخير من وضع يده وعندئذ أقام المطعون ضده الدعوى رقم 846 سنة 1945 مدني بندر الزقازيق على الطاعن طلب فيها استرداد حيازته للعين المؤجرة له قولاً منه بأن الطاعن غصبها منه عنوة وفي 24 من أكتوبر سنة 1945 قضى ابتدائياً بعدم قبول هذه الدعوى لعدم توافر ركن القوة غير أن هذا الحكم ألغى استئنافياً وحكم للمطعون ضده بطلباته بتاريخ 19 من فبراير سنة 1946 فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقضت محكمة النقض في 12 من يونيه سنة 1947 بنقض الحكم المطعون فيه تأسيساً على ما قالته في حكمها من أن البادي من الأوراق أن حكم الإغلاق قد قطع الاتصال بين يد المطعون ضده والشونة، ولما أحيلت القضية إلى المحكمة الاستئنافية قضت فيها من جديد في 17 من يناير سنة 1950 بتأييد الحكم الابتدائي، فطعن المطعون ضده في هذا الحكم الجديد بطريق النقض ونقضت محكمة النقض الحكم لعيب شكلي في تشكيل المحكمة وأحالت القضية إلى المحكمة الاستئنافية التي حكمت في 21 من نوفمبر سنة 1953 بتأييد حكم محكمة أول درجة الصادر بعدم قبول دعوى استرداد الحيازة إزاء ذلك أقام المطعون ضده الدعوى الموضوعية رقم 329 لسنة 1954 مدني كلي الزقازيق على الطاعن بعريضة أعلنت إليه في 21 من إبريل سنة 1954 طلب فيها الحكم بتسليمه العين المتنازع عليها وبمنع الطاعن من إجراء كل ما من شأنه الحيلولة دون انتفاعه بها وأسس هذه الدعوى على أن الطاعن قد أخل بالتزامه كمؤجر بضمان انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة طبقاً للمادة 373 من القانون المدني القديم وقام دفاع الطاعن على أن العين المؤجرة قد تغيرت معالمها إذ أزيلت الشونة وأقيمت مكانها عدة حوانيت، وحكم في 9 من فبراير سنة 1956 بتسليم المطعون ضده الشونة المؤجرة له وبباقي طلباته تأسيساً على أن انقطاع حيازة المطعون ضده المادية للعين بتنفيذ حكم الإغلاق لا يعني انقطاع حيازته المعنوية والقانونية لها كمستأجر بل يظل حقه القانوني في الانتفاع بها قائماً وأن تسلم الطاعن العين بناء على أمر النيابة العامة ليس من شأنه إنشاء حقوق له تتعارض مع ما يقضى به القانون. وفي 26 من نوفمبر سنة 1958 تأيد هذا الحكم استئنافياً من محكمة الاستئناف في القضية 137 سنة 8 ق المنصورة. وعندما أراد المطعون ضده تنفيذ ذلك الحكم الأخير استشكل في تنفيذه أحد الأشخاص بمقولة إنه يستأجر الشونة من مالكها الجديد (الطاعن) بموجب عقد مؤرخ 29 من يوليه سنة 1958 وقيد الإشكال برقم 303 سنة 1958 مستعجل الزقازيق وحكم في أول ديسمبر سنة 1958 برفضه موضوعاً غير أنه في الاستئناف رقم 428 سنة 1958 مدني مستعجل الزقازيق قضى في 28 من فبراير سنة 1956 بإلغاء الحكم المستأنف وبوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه وفي 31 من مارس سنة 1960 أقام المطعون ضده الدعوى رقم 289 سنة 1960 مدني كلي الزقازيق على الطاعن والمستشكل طلب فيها تسليم العين المؤجرة فقضى له في 5 إبريل سنة 1961 بطلباته – بعد ذلك أقام المطعون ضده الدعوى الحالية رقم 714 سنة 1960 مدني كلي الزقازيق على الطاعن بعريضة أعلنت إليه في 15 من سبتمبر سنة 1960 طلب فيها الحكم بإلزامه بمبلغ 2000 ج على سبيل التعويض لما أصابه من أضرار مادية بسبب حرمانه من الانتفاع بالشونة وأبان في دفاعه أن التعويض المطالب به يقوم على أسس ثلاثة ( أ ) تعويض أساسه الخطأ المادي الذي ارتكبه الطاعن باعتدائه على حيازته وغصب الشونة المؤجرة مما كان موضوع الشكوى رقم 639 لسنة 1945 إداري بندر الزقازيق (ب) تعويض أساسه المسئولية العقدية لنكول الطاعن عن تنفيذ التزامه الناشئ عن عقد الإيجار المبرم بين المطعون ضده وبين المالك الأصلي البائع للطاعن إذ خسر المطعون ضده مركزه في السوق وفقد نشاطه التجاري (ج) تعويض أساسه الكيد في التداعي في مختلف القضايا المرددة بين الطرفين – وطلب الطاعن رفض الدعوى على أساس أن منازعته للمطعون ضده تستند إلى حقه كمالك للأرض والبناء وركن الأحكام التي صدرت لصالحه ضد المطعون ضده في المنازعات التي نشبت بينهما – وفي 28 من مارس سنة 1962 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى فاستأنف المطعون ضده الحكم وقيد الاستئناف برقم 151 سنة 5 ق المنصورة ومحكمة الاستئناف قضت في 6 من إبريل سنة 1964 ببطلان الحكم المستأنف لعدم تلاوة تقرير التلخيص وفي موضوع الدعوى بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده مبلغ 132 ج على سبيل التعويض – فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن في أولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه بالتعويض على قوله بأن الطاعن أخطأ إذ تعرض للمطعون ضده وسلب حيازته للعين المؤجرة حارماً إياه من الانتفاع بها كمستأجر. هذا في حين أن الحكم الصادر من محكمة النقض في 12 من فبراير سنة 1947 أثبت أن المطعون ضده لم يكن حائزاً للعين عندما تسلمها الطاعن بناء على أمر النيابة العامة. وإذ خالف الحكم المطعون فيه حكم النقض وأقام قضاءه على أن الحيازة كانت للمطعون ضده في هذا الوقت فإنه يكون قد أهر حجية حكم النقض المذكور كما أخطأ في تفسير المادة 373 من القانون المدني التي تلزم المؤجر بعدم التعرض للمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة والتي استند إليها الحكم المطعون فيه أنه يشترط لتطبيق هذه المادة أن يكون المستأجر حائزاً للعين المؤجرة وهو الأمر المنتفي بحكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن الحكم الصادر من محكمة النقض وقد قضى بنقض حكم صادر في دعوى استرداد حيازة أقامها المطعون ضده المستأجر على الطاعن الذي اشترى العين المؤجرة من المؤجر لها مستنداً فيها إلى حيازته لهذه العين وأن هذه الحيازة قد سلبت منه بالقوة فإن حكم النقض المذكور لا تكون حجية في الدعوى التي فصل فيها الحكم المطعون فيه والتي أقامها المطعون ضده على الطاعن مطالباً إياه بالتعويض عن إخلاله بالتزامه بتمكينه من الانتفاع بالعين المؤجرة وبعدم التعرض له فيها وهو الالتزام الذي يفرضه عليه عقد الإيجار الذي خلف المؤجر الأصلي فيه – وذلك لاختلاف الدعويين سبباً وموضوعاً، ولأن الحكم الصادر في دعوى الحيازة لا يمس أصل الحق ولا ينبني على أساس ثبوته أو نفيه وإنما على أساس توافر الحيازة بشروطها القانونية وعدم توافرها ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لم يخطئ إذ لم يعتد بما قرره حكم النقض الصادر في دعوى استرداد الحيازة من أن حكم الإغلاق قد قطع الاتصال بين يد المطعون ضده والشونة المؤجرة كما لم يخطئ الحكم في تطبيق المادة 373 من القانون المدني الملغي ما دام قد أثبت حق المطعون ضده كمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة له وأن الطاعن الذي خلف المؤجر في التزاماته بما آتاه من أعمال بينها الحكم قد حال دون هذا الانتفاع ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والتناقض ومخالفة حكم المادة 121 من القانون المدني القديم وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه اكتفى عند القضاء بالتعويض بذكر قاعدة عامة في تقدير الحد الأقصى للتعويض الذي يستحقه المستأجر عن التعرض الحاصل له من المؤجر. دون أن يستظهر الحكم عناصر الضرر الذي لحق المطعون ضده والذي يستحق من أجله التعويض المقضى به وإذ أغفل الحكم ذلك فقد شابه قصور يبطله. كما أن أسبابه جاءت متناقضة إذ بينما يقرر أن الطاعن لم يتسلم العين إلا إبان إغلاقها وأنه لا يد له في تعطيل أعمال المطعون ضده وهو الأمر الذي ينتفي معه وقوع الضرر إذاً بالحكم يقضي رغم ذلك للمطعون ضده بالتعويض – هذا إلى أن الحكم خالف المادة 121 مدني قديم حين ألزم الطاعن بتعويض يساوي الأجرة دون نظر إلى الضرر الفعلي الذي يمكن أن يكون قد لحق المطعون ضده.
وحيث إن النعي في شقه الأول ومبناه القصور في التسبيب غير صحيح ذلك لأن الحكم المطعون فيه بعد أن خلص إلى ثبوت حق المطعون ضده كمستأجر في الانتفاع بالعين المؤجرة أقام قضاءه باستحقاقه للتعويض المحكوم به على قوله “بأن انتهازه (أي الطاعن) فرصة إغلاق المحل بناء على حكم قضائي ثم تقديمه طلب في 24 من فبراير سنة 1945 إلى النيابة العامة بفتح ذلك المحل وتنفيذ ذلك الأمر فعلاً في 28 من فبراير سنة 1945 ينطوي دون جدال على تعرض مادي محظور عليه وفق المادة 373 من القانون المدني القديم الذي كان معمولاً به وقتذاك. فإن المستأنف عليه (الطاعن) حين جعل عمدته في استصدار إذن النيابة بإعادة فتح العين المؤجرة الصادر حكم بإغلاقها طبقاً لما جاء على لسانه بمحضر الشكوى رقم 639 لسنة 1945 إداري بندر الزقازيق هو انتهاء عقد الإيجار وقد تسلمها فعلاً، فيكون بذلك قد أخل بانتفاع المستأجر بالعين المؤجرة الانتفاع الذي يخوله إياه عقده الإيجار وقد وقع ذلك في أثناء مدة انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة بل في أثناء امتداد الإجارة امتداداً قانونياً بتشريع خاص…” ثم قرر الحكم “وعلى ذلك فإن أراد المستأجر أن يطالب بالتعويض لقاء عدم تنفيذ المستأنف عليه لالتزامه فذلك من مطلق حقه وأنه هدياً بما سلف فإن الأصل في تعويض المستأجر عن التعرض الحاصل له من المؤجر ألا تجاوز قيمة التعويض الأجرة المتفق عليها. وإذ حددت الأجرة السنوية بواقع اثني عشر جنيهاً وسلبت الحيازة في شهر فبراير سنة 1945 حتى أعيدت بالحكم الصادر في فبراير سنة 1956 أي أحد عشر عاماً فإن التعويض الكافي تقدره المحكمة بمبلغ مائة واثنين وثلاثين جنيهاً ليس غير” ومن هذا يبين أن محكمة الموضوع قد استظهرت ما أتاه الطاعن المؤجر من أعمال أدت إلى حرمان المستأجر من الانتفاع بالعين المؤجرة خلال مدة معينة وتعتبر إخلالاً منه بالتزاماته وقضت للمطعون ضده المستأجر على هذا الأساس بتعويض يوازي أجرة هذه العين في تلك المدة اعتباراً بأن هذه الأجرة تعادل الانتفاع الذي حرم منه لأن الأجرة هي مقابل انتفاع المستأجر بالعين المؤجرة ولما رأته المحكمة في حدود سلطتها التقديرية من أن تلك الأجرة تمثل التعويض الكافي لجبر الضرر الذي لحقه وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد بين عناصر الضرر الذي قضى بتعويضه ويكون النعي عليه بالقصور في هذا الخصوص على غير أساس ولا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير محكمة الموضوع للتعويض مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض – والنعي في شقه الثاني ومبناه التناقض غير صحيح أيضاً ذلك بأن من بين عنصر الضرر التي كان يطالب المطعون ضده بتعويضه عنها ما لحقه من خسارة في تجارته بسبب حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة فلم تجبه محكمة الموضوع إلى ذلك استناداً إلى ما قالته في حكمها من “أنه يجوز أن يحكم بتعويض أكبر من قيمة الأجرة إلا إذا سبب تعرض المؤجر للمستأجر أضراراً خاصة غير حرمانه من الانتفاع. والحقيقة الواقعة أن المحكمة لم تستبن أن هناك ثمة أضرار لحقت المستأجر تنطوي على هذا المعنى فإن المستأنف عليه (الطاعن) لم يستلم العين إلا في إبان إغلاقها وكانت أعمال المستأنف (المطعون ضده) بالتالي معطلة بسبب لا يد للمستأنف عليه فيه وإنما المسئول عنه هو المستأنف (المطعون ضده) الذي لم يعمل على الاستجابة لما يفرضه القانون من وجوب استصدار ترخيص بإدارة محله” وإذ كان مؤدى هذا الذي أورده الحكم هو نفي مسئولية الطاعن عما لحق المطعون ضده من أضرار أخرى ادعاها إلى جانب حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة ولا تناقض بين ما قرره الحكم وهو بصدد نفي مسئولية الطاعن عن هذه الأضرار الأخرى وبين قضائه بالتعويض من أجل حرمان المطعون ضده من الانتفاع بالعين المؤجرة إذ لا تلازم وجوداً وعدماً بين هذا الضرر والأضرار الأخرى التي نفى الحكم مسئولية الطاعن عنها. إذ كان ذلك فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص بالتناقض يكون على غير أساس – والنعي في شقه الثالث ومبناه مخالفة حكم المادة 121 مدني قديم عند تقدير التعويض مردود بما سبق الرد به على الشق الأول من هذا السبب وبأن تقدير التعويض متى قامت أسبابه ولم يكن في القانون نص يلزم باتباع معايير معينة في خصوصه هو من سلطة قاضي الموضوع ولا تثريب عليه إن هو قدر قيمة التعويض المستحق للمستأجر عن حرمانه من الانتفاع بالعين المؤجرة بقدر الأجرة خلال المدة التي حرم فيها المستأجر من هذا الانتفاع ما دام القاضي قد رأى في هذه الأجرة التعويض العادل الجابر للضرر الناشئ عن هذا الحرمان.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مسخه للوقائع وافتقاده الأساس المعقول في تقدير التعويض وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اتخذ الأجرة في المدة من فبراير سنة 1945 حتى فبراير سنة 1956 أساساً لتقدير التعويض على اعتبار أنها المدة التي حرم المطعون ضده خلالها من الانتفاع بالعين المؤجرة وأن حيازتها قد عادت إليه بالحكم الصادر لصالحه في فبراير سنة 1956 مع أن الحكم المطعون فيه قد تضمن عند سرده للوقائع أن الحكم المذكور الصادر بتسليم الشونة إلى المطعون ضده قضى بوقف تنفيذه، وبالتالي فلم تعد به الحيازة إليه.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ولا مصلحة للطاعن فيه ذلك أنه إذ لم يجادل في أن المطعون ضده ظل محروماً من الانتفاع بالعين المؤجرة خلال المدة من فبراير سنة 1945 حتى فبراير سنة 1956 وهي المدة التي اعتبر الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده قد حرم فيها من الانتفاع بالعين المؤجرة والتي قام على أساسها تقدير محكمة الموضوع للتعويض، فلا صالح للطاعن في التمسك بأن ما ورد في بيانات الحكم عن وقائع الدعوى مؤداه أن حرمان المطعون ضده من الانتفاع بالعين المؤجرة طال أكثر من هذه المدة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس مما يتعين معه رفضه.

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .