التربية على احترام البيئة كحق من حقوق الأجيال القادمة

د. نوارة حسين، جامعة تيزي وزو / الجزائر.

ملخص:
تحظى البيئة اليوم بالاهتمام الدولي الذي يتزامن مع الوعي البيئي، فالبيئة ليست مشكلة تلوث صناعي فحسب بل إنها بقضاياها ومشكلاتها لها أبعادها الهامة المتجاوزة لحدود التعامل السطحي معها، فالإضرار بالبيئة هو إضرار بالحياة، إضرار آني ومستقبلي واخلال بعملية التنمية، خاصة وقد احتلت قضية البيئة في اطار التنمية المستدامة الصدارة. فصحيح أن الوعي بالبيئة ظهر أولا في الدول المتقدمة جراء ظهور الآثار السلبية للتقدم الصناعي التي ظهرت على الأنظمة البيئية كالجو والتربة والماء، لكن امتد ذلك إلى ظهور الصراع بين البيئة والتنمية التي تلبي حاجة الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجياتهم، وذلك في كل دول العالم لاسيما الجزائر.

فمن الإيجابيات التي تحسب للمؤسس الدستوري في تعديله الدستوري الأخير في 2016توسيعه لدائرة الحقوق والحريات، وذلك بنصه على الحق في البيئة كأحد الحقوق الإنسانية المهمة الواجب مراعاتها والحفاظ عليها، فلأول مرة ينص الدستور الجزائري صراحة على حقوق الأجيال القادمة ضمن الكتلة الدستورية، للتفصيل في ذلك نتناول في هذه الورقة موضوع الحق في البيئة كحق من حقوق الانسان ونتطرق لضرورة التربية على احترام البيئة كآلية لحمايتها.

الكلمات المفتاحية: البيئة- البيئة من حقوق الانسان- التنمية المستدامة- التربية البيئية.

Résumé :

La Conférence des Nations-Unies sur l’environnement, qui s’est tenue en 1972 à Stockholm, a joué un grand rôle en matière environnementale. elle affirme que l’environnement sain et propre est un élément indispensable au bien-être de la personne et à la pleine jouissance de ses droits fondamentaux.

LE droit de l’homme à l’environnement, c’est la reconnaissance d’un niveau minimum de jouissance des ressources communes sans négligé le droit des générations futures , et ce en particulier après avoir intégré la question de l’environnement dans le développement durable, qui exprime l’idée que les ressources vivantes ne doivent pas être ponctionnées telles qu’elles ne puissent à moyen ou à long terme se renouveler.

un développement durable qui vise à satisfaire les besoins de développement et la santé des générations présentes sans compromettre la capacité des générations futures .

Aujourd’hui la protection de l’environnement n’est plus seulement un droit de l’homme, c’est un droit qui devrait être accordé à la nature elle-même et un devoir qui devrait être imposé à l’humanité pour préserver les droits des générations futures.

Dans cet article, nous discutons du droit à l’environnement en tant que droit de l’homme, en expliquant l’importance de l’éducation pour respecter l’environnement en tant que mécanisme consacré pour la protection de l’environnement.

Mots clé : l’environnement – éducation – droit de l’homme- Protection de l’environnement – Développement durable.

مقدمة

لم يرد في الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1948 أي ذكر لحق الانسان في بيئة نظيفة ولم يرد كذلك النص على هذا الحق في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وهذا بسبب عدم انتباه الدول إلى هذا الحق في تلك الفترة، بسبب قلّة التلوث البيئي من جهة، أو تركيز الاهتمام الدولي على مواضيع اكثر اهمية بالمراعاة واكثر مساس بحياة الانسان والدول مثل الحقوق المدنية والسياسية أو الاجتماعية والاقتصادية والثقافية من جهة ثانية، بل ولأن الدول ارادت أن تنظم موضوع البيئة وآليات حمايتها في اتفاقيات خاصة18 وذات طبيعة قانونية مرنة من جهة ثالثة، اذ اسفرت الجهود الدولية في ميدان البيئة عن ابرام العديد من الاتفاقيات الدولية، والتي لاتزال تبرم إلى الدرجة التي شكلت معها قانون خاص بها يسمى” القانون الدولي للبيئة” ([1]) يضم الاتفاقيات الدولية والإقليمية والتي تمتاز جميعا بانها ذات طبيعة مرنة soft law ([2]) تتضمن كل الحقوق المتعلقة بالبيئة والتي تمّ تسميتها بحقوق الجيل الثالث، تستمد قيمتها من موضوعها ونطاقها وغاياتها، وعلاقتها بحياة الانسان.

فمن حيث الموضوع تمثل البيئة الإطار الطبيعي للكائنات عموما وللإنسان على وجه الخصوص، وبما أنّ هذا الأخير هو محور اهتمام القانون لذا فإن حقوق الإنسان تهتم بكل ما يحيط بالإنسان، بما فيه البيئة بمختلف مكوناتها، وبشكل يجعل البيئة حقا من الحقوق الأساسية للإنسان بما يجب أن تتوفر فيها من شروط النظافة والسلامة والامن و الأمان وضروريات الحياة من ماء وهواء ونبات…. أما بالنسبة لنطاق حق العيش في بيئة سليمة فهو يتعلق بالمدى الزماني والمكاني حيث لا يقتصر على الحيز الزمني الآني بل يمتد إلى الأجيال القادمة ، وهو ما تم تضمينه في برامج “البيئة المستديمة” التي تؤكد أن التنمية في البلدان لا تقتصر على الجانبين الاجتماعي والاقتصادي، بل تقوم على تلازم وتكامل البعد البيئي والاجتماعي والاقتصادي نظرا لكون البيئة هي المحيط المادي الذي تتحقق فيه التنمية والتي دونها تكون افتراضية وتفتقر لبعد النظر. كما أن الحق في بيئة سليمة أصبح مسألة عالمية من حيث الحيز الجغرافي إذ شكّل الإطار الدولي بدايةً للاعتراف بحق الإنسان في البيئة عموماَ ثم حقه في بيئة نظيفة.

وقد انطلق الاهتمام والاعتراف بالبيئة كحق من حقوق الانسان منذ تصريح مؤتمر ستوكهولم عام1972، وقبله في المؤتمر الدولي المنعقد حول النظام البيئي عام 1968 ليتواصل الاهتمام بهذه المسألة من خلال الاتفاقيات الدولية والمعاهدات والمؤتمرات وبرامج العمل المُشتركة تحت إشراف الحكومات أو بمبادرة من المنظمات الدولية غير الحكوميّة. فالغاية من الحق في بيئة سليمة هو حماية بقية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية وخاصة الحق في الحياة والصحة وما يتبعهما من امتيازات من جهة، وحماية استمرارية الدولة ومشروعيتها خاصة مع تنامي الوعي لدى الشعوب والأفراد، من جهة أخرى . ([3])

وعليه نشأت فكرة حقوق الإنسان في بيئة نظيفة كرد على مظاهر الظلم البيئي وغياب العدالة البيئية وأساليب التنمية غير المستدامة، على أساس أنّ مأسّسة حقوق الإنسان البيئية لا يمكن أن تتم إلا من خلال تبني أهداف التنمية المستدامة ممثلة بالمساواة بين الأجيال الحاضرة وأجيال المستقبل.

إن عملية مشاركة الجمهور ومؤسسات المجتمع المدني في صناعة القرار التنموي من خلال عملية تقييم الأثر البيئي في اطار ما يسمى بالمواطنة الايكولوجية هي من أحد أهم الآليات باتجاه مأسسة حقوق الإنسان البيئية لتمكين المجتمعات من حماية حقوقها البيئية، من خلال إتاحة المعلومات البيئية حول حجم ومدى الضرر البيئي للمشاريع التنموية وتبني مبدأ من يلوث يدفع للحفاظ على حقوق الإنسان وطبيعة بيئته ومواردها….مع ضمان الاستخدام الأمثل لموارد الطبيعة مع ضرورة الحفاظ على التوازن البيئي الذى تقتضيه سنن الكون التي فطرها الله وهو الامر الذى يعود على الإنسان بالنفع والخير ويحقق الرفاهية للبشر([4]).

وأمام أهمية الموضوع ارتأينا أن نتساءل من خلال هذه المداخلة عن : مكانة البيئة ضمن حقوق الانسان ، ومدى تكريس واجب الحفاظ عليها كحق من حقوقه والتزام من التزاماته، وبذلك مدى أهمية تربيته على احترامها كحق من حقوق الاجيال القادمة؟. وللإجابة على هذه الاشكالية ارتأينا التطرق لمفهوم البيئة كحق من حقوق الانسان في المبحث الاول ثم لعلاقة حماية البيئة بحقوق الانسان وكيف أنّ التربية على حمايتها آلية للحفاظ عليها في المبحث الثاني.

المبحث الاول :

مفهوم البيئة كحق من حقوق الانسان

تعتبر البيئة السليمة شرط مسبق للتمتع بحقوق الانسان[5]، حيت اتجه العالم حاليا نحو استخدام حقوق الانسان قصد بلوغ مستويات ملائمة من الحماية البيئية، وتم إدماج القضايا الاقتصادية والبيئية وقضايا العدالة الاجتماعية في إطار مفهوم التنمية المستدامة للارتقاء بحقوق الانسان في البيئة السليمة والصحية، وللتفصيل نتطرق أولا للاطار المفاهيمي فيما يلي:

المطلب الاول: تعريف البيئة:

لقد ظهر اصطلاح البيئة Ecology منذ القرن التاسع عشر ليعبر عن ذلك الفرع من فروع العلم

الذي يبحث في علاقة الكائن بالبيئة.

فالبيئة لغة: هي المنزل والحال وهي لفظة شائعة الاستخدام يرتبط مدلولها بنمط العلاقة بينها وبين

مستخدمها فنقول البيئة الزراعية، والبيئة الصناعية، والبيئة الصحية، والبيئة الاجتماعية والبيئة الثقافية، والسياسية([6]). ويعني ذلك علاقة النشاطات البشرية المتعلقة بهذه المجالات ([7]).

إن المفهوم الدقيق لكلمة البيئة لا يزال غامضا للكثيرين لاسيما وانه ليس هناك تعريف واحد محدد جامع ومانع يبين ماهية البيئة، فهناك العديد من محاولات تعريف البيئة وتحديد عناصرها على انها مجموعة العناصر الطبيعية والعناصر التي تمارس فيها الحياة الإنسانية.

يرى البعض الآخر أن البيئة تعني الوسط الذي يعيش فيه الكائن الحي أو غيره من مخلوقات الله وهي تشكل في لفظها مجموع الظروف والعوامل التي تساعد الكائن الحي على بقائه ودوام حياته. ويحاول اتجاه آخر التركيز على الإنسان باعتباره أحد مكونات البيئة الفاعلة، فيعرف البيئة بأنها كل مكونات الوسط الذي يتفاعل معه الإنسان مؤثراً ومتأثراً، أو هي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته، من غذاء وماء وكساء ودواء ومأوى… ومنشآت أقامها الإنسان لإشباع حاجاته([8]) ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من أفراد المجتمع، ويبدو أقرب للحقيقة العلمية القول إن البيئة هي مجموع العوامل الطبيعية والبيولوجية والعوامل الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تتجاور في توازن، وتؤثر على الإنسان والكائنات الأخرى بطريق مباشر أو غير مباشر. وهذا التعريف يبيّن بأّن البيئة اصطلاح ذو مضمون مركب: فهناك البيئة الطبيعية بمكوناتها التي أودعها الله فيها، وتشمل ماء وهواء وتربة وشمس، وما يعيش على تلك العناصر والمكونات من انسان ونبات وحيوان. وهناك البيئة الاصطناعية وهي تشمل كل ما أوجده تدخل الإنسان وتعامله مع المكونات الطبيعية للبيئة، كالمدن والمصانع والعلاقات الإنسانية والاجتماعية التي تدير هذه المنشآت([9]).

تعرف البيئة ايضا بانها مجموعة من العوامل الطبيعية والكيميائية والحيوية والعوامل الاجتماعية التي لها تأثير مباشر او غير مباشر حال او مؤجل على الكائنات الحية والانشطة الإنسانية . واخيرا يعرف بعض الفقه البيئة اصطلاحا بانها المحيط المادي الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمل من ماء وهواء وفضاء وتربة وكائنات حية ومنشآت اقامها لإشباع حاجاته.([10])

فعلم البيئة الحديثة يعتبر البيئة بانها الوسط او المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان بما يضم من ظاهرات طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها، وبعبارة اخرى فالبيئة هي كل ما تخبرنا به حاسة السمع والبصر والشم والتذوق واللمس سواء كان هذا من خلق الله سبحانه وتعالى كظاهرة طبيعية ام من صنع الإنسان كظاهرة بشرية.

وقد اوجز إعلان مؤتمر البيئة البشرية الذي عقد في استوكهم عام1972 مفهوم البيئة بانها كل شيء يحيط بالإنسان.([11])

المطلب الثاني– علاقة حق الانسان في البيئة بالتنمية المستدامة:

في ظل مختلف المشاكل المتراكمة التي جاءت كنتاج من الاوضاع التي وصلت إليها البيئة في السنوات الاخيرة فإن الاقتراح بالانتقال من مرحلة سياسات التنمية غير المستدامة باتجاه تنمية مستدامة يشكل خطوة إيجابية بل وضرورية كذلك، لاسيما وأنّ العالم في هذا السياق أصبح يبحث عن تكريس حقوق الإنسان في بيئة نظيفة من خلال خطابات ومبادرات التنمية المستدامة، ومدى قدرتها على معالجة العلاقات المتبادلة ما بين المجتمعات الإنسانية وسياسات حماية البيئة.

إن الهدف من التنمية المستدامة يعتبر محورياً، فكما أشارت وأكدت أدبيات حقوق الإنسان والبيئة إلى حصول تطورات إيجابية في هذا المجال، يجسّد مفهوم التنمية المستدامة بانحيازه للعدالة، حقوق الإنسان في بيئة نظيفة لأنه يشكل معياراً تستطيع من خلاله تحديد مدى التقارب ما بين سياسات التنمية والإنسان.

حيث يشير الاشكال المطروح إلى أن التجاوزات الطارئة على حقوق الإنسان والبيئة هي محصلة علاقة غير متوازنة بين التنمية والبيئة، فقد أشار تقرير مستقبلنا المشترك ويُعرف أيضا باسم تقرير بورتلاند في عام 1987 وتبنيه عالمياً في مؤتمر قمة الأرض في عام 1992 لذي تم التأكيد عليه من خلال المؤتمرات الدولية المتعاقبة، من خلال نظرية التنمية لتنتصر للإنسان الذي أهملته مسارات التنمية بدون حدود لعقود طويلة، فالدعوة إلى تلبية حاجات الأجيال الحالية بدون الأضرار باحتياجات الأجيال القادمة تبرز وتدعم فكرة العدالة مع الحفاظ على محدودية التنمية([12]).

تجدر فقط الاشارة إلى أنّ عملية المصالحة بين التنمية والبيئة واجهت مصاعب كثيرة لما لها من ترابطات شائكة بكل المجالات المتعلقة بالبيئة من اقتصاد، صحة، تجارة، اجتماع، تعليم يعود هذا إلى وجود صعوبات كذلك تواجه عمليات دمج الإرادة السياسية مع الموارد الاقتصادية والفنية والمعرفة بإدارة الموارد الطبيعية والبيئية والتغيرات في السلوك الاجتماعي لأبناء المجتمع المحلي المعني بالأمر ، فالاستجابة لاستحقاقات مفهوم التنمية المستدامة تتطلب:

إنشاء مؤسسات سياسية لمناقشة الآثار السياسة التنموية مما يساعد على إعادة توزيع مكسبات التنمية بعدالة والتي أدى غيابها سابقاً إلى تدهور في قاعدة الموارد الطبيعية ومعاناة وفقر على مستويات مختلفة([13]) .

خلق مؤسسات قادرة على الإيفاء بمستلزمات التنمية المستدامة ، تبذل كل الجهود لحماية البيئة عموما وتشجع الاقتصاد الاخضر.

التربية الانسانية على احترام البيئة، فالإنسان من مكوناتها ومن المؤثرين فيها، لذا يجب توجيه سلوكياته منذ نشأته نحو خدمتها والحفاظ عليها لضمان استدامتها.

وهنا تجدر الاشارة كذلك الى انّ العلاقة القائمة بين التنمية كحق من حقوق الانسان والبيئة، تتصف بالطابع المترابط وغير القابل للتجزئة، وهو ما تتسم به جميع حقوق الانسان، فقد تم التأكيد على مفهوم عدم القابلية للتجزئة ” L’indivisibilité”، في إعلان طهران، ماي 1968، حيث جاء في الفقرة 13 منه: ” نظرا لكون حقوق الانسان وحرياته الأساسية، غير قابلة للتجزئة، يستحيل التحقيق الكامل للحقوق المدنية والسياسية، من غير التمتع بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،…..”[14]

المبحث الثاني:

علاقة حماية البيئة بحقوق الانسان والتربية على حمايتها آلية للحفاظ عليها:

بسبب التفاعل الوثيق بين الأضرار التي تلحق البيئة والتمتع بحقوق الانسان، فإن التدهور البيئي يؤثر سلبا على التمتع بحقوق الانسان، مثل الحق في الحياة، والحق في الصحة، والحق في الأمن….وغيره وذلك حسبما هو معترف به في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان ، والعهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وصكوك اخرى متعلقة بحقوق الانسان، ومن ثمة لا يجوز انكار العلاقة القائمة بين حقوق الانسان والحق في البيئة السليمة (المطلب الاول ) وأهمية تربية النشأ وتوعية ذوي المسؤوليات بضرورة حمايتها للارتقاء بتلك الحقوق (المطلب الثاني).

المطلب الاول – علاقة حماية البيئة بحقوق الانسان:

تربط قضية البيئة بحقوق الانسان علاقة طردية نتجت عن كون التمتع بالبيئة السليمة الصحية ركيزة

أساسية في المساهمة في التطور الاقتصادي والاجتماعي للحقوق وممارساتها، فالإضرار بالبيئة هو

إضرار بالحياة وبالصحة والعكس صحيح. للتفصيل في هذه المسألة نتطرق للعلاقة التي تربط بحقوق

الانسان من حيث نشأتها ثم من حيث تطبيقاتها.

من حيث النشأة : لا تتوقف فلسفة حقوق الإنسان المعاصرة عند التقسيمات التقليدية القديمة لما يعتبره حقا للفرد، فقد تعدت هذه الحقوق، بل وتعدت هذه الفلسفة أطروحات عصر التنوير إلى الرد ليس فقط على تحديات عصرها بل الميراث السلبي للحضارة الغربية، أي باختصار([15])، كل ما كان على حساب الإنسانية وضدها في ثلاثي انطلاقة أوربة لغزو العالم بالثورة الصناعية، النهضة الثقافية والاستعمار.

ينظر أنصار البيئة للعلاقة بينها وبين الإنسان كعلاقة متداخلة حتمية وإجبارية ومتأصلة([16])، وبهذا المعنى لا يمكن النظر إلى الإنسان بمعزل عن البيئة ومتابعة مشكلاته الوجودية بغض النظر عن البيئة، لا سيما وأن الحق في البيئة من الحقوق المتجذرة في الديانة الاسلامية حث عليها الله والرسول.

فهناك تجانس بين السيرورة الاجتماعية-الاقتصادية والتوازنات البيئية الأساسية. ولا يمكن للمرء أن يكون جديا في تناول موضوع الحقوق الإنسانية والرفاه والسعادة دون أن يضع نصب عينيه النتائج الكارثية لبعض المشكلات البيئية كالتصحر أو تلوث الموارد المائية وتدني نوعية الهواء أو التسعير الحراري و الاحتباس الحراري، أو الملوثات الصناعية…وغيره

ولعل دخول حق البيئة في صلب منظومة حقوق الإنسان([17])، يؤصل من جهة للتواصل الإجباري بين الوحدات المجتمعية الصغيرة والوحدات المجتمعية الكبيرة، ومن جهة ثانية لعالمية الحقوق باعتبار أن التفكير في المحيط المباشر لا يمكن أن ينفصل عن الفعل على صعيد شامل وعالمي.

إنّ حقوق البيئة، حقوق جماعية وفردية، وحقوق أساسية وإجرائية، لذا سنجد هذا الحق متأصلا عند استعراض قراءات الشرعة الدولية لحقوق الإنسان المختلفة لا سيما من وجهة نظر الحق في الحياة والحق في الصحة، أو في الدساتير الوطنية لبعض البلدان. وحسب رأينا و رأي بعض الباحثين، نرى أن أي قرار هام وفاعل في قضايا البيئة يبقى قرار سياسي ومجتمعي، وبالمعنى الإجرائي، مازال الطريق طويلا رغم الحصول على قرارات قضائية وتعويضات وقرارات بهدم أو توقيف معامل ملوثة وحاليا صدور قرارات بغلق مصانع ذات الاثر التراكمي على البيئة وحتى وجود قوانين تقرر الضريبة على البيئة كصورة للحماية الخ…

كذلك تجدر الاشارة الى أن خطورة مشكلة البيئة وضرورة إدماجها في حقوق الإنسان تتطلب:

-تكاتف عدة جبهات من أجل تكريس هذا الحق الأساسي([18]).
-الارادة السياسية الصريحة نحو تكريس نظام قانوني شامل لحماية الحق في البيئة.
-رفع المستوى الأخلاقي لأصحاب المشاريع الاقتصادية لتبني معالم الاقتصاد الاخضر
-امتلاك نظرة أكثر ذكاء وشمولا لمستقبل بيئة متوازنة وصحية ووضعها ضمن الاولويات.
-وضع خطة مفصلة لمواجهة مخاطر البيئة بكل عناصرها.
-ادراك العلاقة الصحيحة القائمة بين حقوق الإنسان والبيئة، وبين حماية البيئة والتنمية المتكاملة والمستدامة.
-تكريس سياسات التعاون بين مختلف الوزارات والمنظمات والمؤسسات ذات العلاقة بالتنمية البيئية على الصعيد الدولي والوطني.

2-من حيث التطبيقات الحالية للحق: نظرا للترابط الوثيق بين حقوق الإنسان وبين وجود بيئة صالحة لتطبيق تلك الحقوق، فان حقوق الإنسان تبقى شعارا دون واقع، ما لم تُهيئ لها بيئة ملائمة، تساعد على تحقيقها واستمراريتها، وكلما تقلصت البيئة الملائمة أنخفض مستوى تطبيق حقوق الإنسان، والعكس صحيح تماما.

حيث يقول المختصون في مجال البيئة ومنهم الدكتور أبو بطة وثامر حسني في مجال حقوق الإنسان أنّ: “التمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة جزء لا يتجزأ من التمتع الكامل بمجموعة كبيرة من حقوق الإنسان، من بينها الحقوق في الحياة والصحة والغذاء والحصول على المياه وخدمات الصرف الصحي. ومن دون بيئة صحية، لا نستطيع أن نحقق تطلعاتنا أو حتى أن نعيش في مستوى متناسب مع المعايير الدنيا لكرامة الإنسان. ولهذا يمكن القول إن البيئة والحفاظ عليها هي من صميم حقوق كل إنسان؛ إذ إنها تؤثر على صحته ومعيشته هو وأسرته والمجتمع الذي يعيش فيه، وحقه في هواء نظيف أو مياه نظيفة“.

وكما أن هناك قناعة أن انتهاك حقوق الإنسان في بلد ما لم يعد أمرا قاصرا على حكومة وشعب

هذا البلد، ولكن يتعدى ذلك إلى المجتمع الدولي بأسره([19]) ، فان ذات الشيء أصبح ينطبق أيضا على موضوع البيئة، فلا تستطيع أي دولة أن تحتج أن تلويث البيئة داخل حدودها هو شأن من شؤونها الداخلية ليس لأي دولة أخرى أو حتى للمجتمع الدولي علاقة به([20]). وقد أشار تقرير الأمم المتحدة إلى ما يشبه هذا، على سبيل المثال أعتبر أن كل الدول بلا استثناء مسؤولة بدرجة ما عن ظاهرة الاحتباس الحراري الذي سيقود العالم إلى كارثة بيئية خطيرة. ([21])

وفي الأعوام الأخيرة، تزايد بدرجة كبيرة الاعتراف بالصلة بين حقوق الإنسان والبيئة، لدرجة دسترة مبدأ الحق في البيئة كحق من حقوق الانسان، مثلما فعل المشرع الجزائري الذي لم يقرّر مسألة حماية البيئة في القانون العادي والقوانين الفرعية والنصوص التنظيمية فحسب ،بل تعدى اهتمامه بالبيئة الى تكريس الحماية الدستورية البيئية، فخصها بمكانة هامة في دستور 1989 حينما كرس الحماية القانونية للبيئة لأول مرة معتبرا إياها مصلحة عامة تجب حمايتها.

غير أنه مع احتلال ملف البيئة الصدارة بين مختلف المواضيع الاخرى في الآونة الاخيرة، فان المؤسس الدستوري الجزائري من خلال دستور 2016 خطا خطوة إلى الأمام بالاعتراف الصريح بحق المواطن في العيش في بيئة سليمة تكفل له الحياة الكريمة وذلك في ديباجة الدستور التي أكدت على ضرورة : “بناء اقتصاد منتج وتنافسي في إطار التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة” وتعززت هذه الحماية في المادة 68 التي اعترفت بصفة صريحة بحق المواطن في بيئة سليمة وضرورة حماية هذا الحق من طرف الدولة ومؤسساتها. وبذلك تكون الجزائر قد دشنت عهدا جديدا بمنح الحق البيئي قيمة دستورية عليا ملزمة لكل من الدولة ومؤسساتها([22])، حيث نصت المادة 68على أنه:” للمواطن الحق في بيئة سليمة. تعمل الدولة على الحفاظ على البيئة. يحدد القانون واجبات الأشخاص الطبيعيين والمعنويين لحماية البيئة” . ([23])

المطلب الثاني- التربية على احترام البيئة حماية لها .

يعتبر الإنسان أهم عامل مؤثر في إحداث التغيرات البيئية المختلفة ، فمنذ بدء الخليقة ووجود الانسان على الارض وهو يتعامل مع مكونات البيئة سلبا وايجابا، وبمرور الأعوام ازدادت سيطرة الانسان و تحكمهً في البيئة لدرجة احداث تغيرات مضرة وإن كان يضن أنها تخدمه ([24])، وخاصة باستخدام التقدم العلمي والتكنولوجي الذى اتاح المزيدً من فرص إحداث هذه التغييرات في البيئة بما يخدم مصلحته الشخصية وفقاً لزيادة متطلباته، التي اضطرته لإهمال حقوق الاجيال القادمة في الكتلة البيئية.

وأمام هذه الخطورة تحتاج البيئة في اطار مخطط شامل ومستعجل تكليف كل الجهات ذات العلاقة بحمايتها أو المتسببة في تلويثها بتحمل المسؤولية تجاه الاجيال القادمة بالحفاظ على البيئة بالشكل الذي يضمن التنمية البيئية المستدامة، وتعتبر التربية على احترام البيئة في اطار بناء فلسفة حق الانسان في البيئة من بين أهم الآليات المتبعة حاليا لحماية البيئة.

وبما أن التنمية البيئية تقوم على أربعة ركائز أساسية تعمل الدولة الجزائرية على تطويرها ومتابعتها وهي الركيزة البشرية، الركيزة المؤسساتية، الركيزة القانونية، والركيزة المالية، التي تهدف في مجموعها لتحقيق ما يسمى “بالمواطنة الايكولوجية “بسلوكات وتصورات جديدة للبيئة التي سيترعرع فيها أبناء الجزائر في الغد، نذكر فيما يلي الجهات المسؤولية بالدرجة الاولى على حماية البيئة والمسببين الاولين في تلويثها:

1- الحق في حماية البيئة وتوفير محيط صحي ومتوازن بيئيا واجب الدولة :

إنّ الاهتمام بتحقيق التنمية المستدامة للحفاظ على الكوكب للاجيال القادمة كحق لحماية البيئة أفرزته الجهود الرامية لتعزيز حقوق الانسان، حيث يمثل الحفاظ على حقوق الانسان وحماية البيئة جزء أساسي من استراتيجية التنمية المستدامة، حيث نصت المادة 4 من القانون رقم03/10 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة على أنه: ” مفهوم يعني التوفيق بين تنمية اجتماعية واقتصادية قابلة للاستمرار وحماية البيئة أي إدراج البعد البيئي في إطار تنمية تضمن تلبية حاجات الأجيال الحاضرة و الأجيال المستقبلية“.([25])

فالتنمية المستدامة هي: “التنمية التي تلبي احتياجات الجيل الحاضر دون أن تعرض للخطر احتياجات جيل المستقبل”([26]).وهي من الواجبات الاساسية الدستورية للدولة([27])تمارسها من خلال:

-تكريس ترسانة قانونية شاملة هدفها حماية البيئة
-تبني سياسة عقاب صارمة وردعية للتصدي لمخالفات البيئة والاضرار التي تلحقها
-انشاء اجهزة ومؤسسات متخصصة في مجال البيئة هدفها ترقية البيئة والحفاظ على حقوق الاجيال القادمة.
-اعتبار ملف البيئة من الاولويات وتقرير مبدأ التنمية البيئية المستدامة قبل التنمية الاقتصادية.
-مسؤولية المواطنين و تربيتهم على احترام البيئة والحفاظ عليها:
وتأخذ مسؤولية الفرد أو المواطن أو الانسان عموما عدة أبعاد تبدأ من الحفاظ على البيئة وعدم تلويثها وعدم استنزاف ثرواتها، أو حرق غاباتها، أو تلويث وتبذير مائها، أو تشويه مناظرها، والبناء المكثف في الاراضي الفلاحية، ورمي القاذورات في شواطئها ومساحاتها الخضراء، أو تفريغ نفاياته المنزلية في غير الاماكن المخصصة لذلك…ويشمل الالتزام تربية الاطفال من السن المبكرة على احترام البيئة ومخاطر تلويثها على الصحة كاستثمار بشري دائم ومثمر على المدى القريب والبعيد، فحماية حياتهم تتطلب الى حدّ بعيد حماية المحيط الذي يعيشون فيه من الامراض الناتجة عن الملوثات والنفايات والاوساخ بشكل عام.

حيث تعتبر التدابير الشخصية المتعلقة بالحماية والتهذيب والتربية المتعلقة بأفراد المجتمع لاسيما تلك المتعلقة بالطفل ( داخل الاسرة وداخل المدرسة أو بوسائل الاعلام السمعية والبصرية والاليكترونية ، أو ببرامج التربية …) قد تكون ذات أهمية بالغة لتحميل كل فرد مسؤولية معينة مثلما تفعل الدول المتقدمة كاليابان التي استثمرت الملايين في التربية على النظافة وحماية المحيط والبيئة التي يعيشون فيها في فلسفة “حق البيئة والحق في البيئة“.

وعليه إنّ تمكين الإنسان من الانتفاع بموارد البيئة في الوقت الراهن والمستقبلي وحماية البيئة من التلوث من شأنه تحقيق النظام العام الذي هو “حق تشاركي و التزام جماعي” يقع على عاتق جميع أطياف المجتمع بما فيهم الدولة، كقاعدة عامة موضوعية يلتزم بها الكل .

و على إعتبار أن القواعد الموضوعية لا سبيل لتطبيقها من طرف القاضي إلا من خلال تفعيل قواعد إجرائية كفيلة بنقل القاعدة الموضوعية من حالة الحركة إلى حالة السكون([28]) ، فإن ضمان التطبيق السليم للقواعد المتعلقة بحماية البيئة يجب أن تكون من النظام العام.

مسؤولية الاشخاص المتسببة في التلوث بتكريس مبادئ الاستثمار المسؤول
إنّ معادلة حماية البيئة تتطلب لخلق التوازن البيئي تحميل كل الاطراف المتسببة في الخلل البيئي جزء من المسؤولية، وبما أن من أكبر الاشكالات التي تواجهها البيئة هي التلوث الصناعي، فإن الطرف الاول المسؤول في هذا الصدد هم الاستثمارات التي لا يجوز أن تستثمر بشكل يضر بالبيئة لا على المدى القريب ولا البعيد ، حماية لحقوق الانسان الحالية و المستقبلة في بيئة سليمة.

فلم يعد تقييم شركات الاستثمار يعتمد على ربحيتها فحسب، ولم تعد تلك الشركات تعتمد في بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط، فقد ظهرت مفاهيم حديثة تساعد على خلق بيئة عمل قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والإدارية والايكولوجية عبر أنحاء العالم، ومن أبرز هذه المفاهيم مفهوم “المسؤولية الاجتماعية للشركات“، الذي نتج عنه جعل دور مؤسسات القطاع الخاص والعام محورياً في عملية التنمية، لأنها غير معزولة عن المجتمع، وملزمة عند ضرورة توسيع نشاطاتها مراعاة اشكالية البيئة، وإلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الأضلاع الثلاثة التي عرّفها مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة وهي النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.([29])

كما أنه من المتفق عليه أن الشركات التجارية والاقتصادية والمالية الوطنية والدولية، على حد سواء، ليست بشركات خيرية وأن هاجسها الأول تحقيق أكبر عائد من الربح على أصحابها، ومن هنا تبلورت فكرة وجوب تذكير الشركات بمسؤولياتها الاجتماعية والأخلاقية وحتى الادبية، حتى لا يكون تحقيق الربح عائداً عن أمور غير مقبولة أخلاقياً أو قانونياً كاستنزاف الثروات – القضاء على الثروة الحيوانية – الإضرار بالبيئة –رمي النفايات في أماكن غير مناسبة– تلويث الهواء – تلويث البحار…إلخ .

فالدور الرئيس الذي تلعبه الشركات كونها مصدراً أساسياً للثروة والتحديث وتوليد فرص العمل، يحتّم عليها القيام بواجباتها الاجتماعية وفقاً للمفاهيم الحديثة، كما أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في عصر يتسم بالتغير السريع تحتّم عليها ذلك أيضاً لاسيما من خلال تبني “مبادئ الاستثمار المسؤول” ([30]) حاليا كمبدأ من مبادئ القانون الدولي، يساهم في حماية غير مباشرة لحق الانسان في البيئة بسبب النتائج التي يرمي الى تحقيقها، من تكريس المسؤولية الاجتماعية باعتبارها أدبية ومعنوية، أي إنها تستمد قوتها وقبولها وانتشارها من طبيعتها الطوعية الاختيارية. ومن هنا فقد تعددت صور المبادرات والفعاليات بحسب طبيعة البيئة المحيطة، ونطاق نشاط الشركة وأشكاله، وما تتمتع به كل شركة من قدرة مالية وبشرية. وهذه المسؤولية بطبيعتها ليست جامدة، بل لها الصفة الديناميكية والواقعية وتتصف بالتطور المستمر كي تتوائم بسرعة وفق مصالحها وبحسب المتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتنماوية.

حاليا تقوم منظمة الامم المتحدة بدعم ونشر ” مبادئ الاستثمار المسؤول” وذلك من واقع العلاقة المتنامية لقضايا المسؤولية الاجتماعية للمشروع الاقتصادي باعتبارها وثيقة الارتباط بممارسات الاستثمار بكل أشكاله، وفي هذا الصدد نشير إلى وجود تكامل بين دور القطاعات الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق أفضل نموذج في اتجاه التنمية المستديمة لا سيما البيئية في بعدها الانساني.

ان الاخذ بالاعتبارات البيئية عند وضع السياسات والبرامج المحددة لعمليات التنمية لم يكن مجرد فكرة طرأت ولكنها جاءت لتؤكد ضرورة تحقيق الحد المعقول من التوازن المطلوب بين عملية التنمية الشاملة من جهة، و بين حماية البيئة كحق من حقوق الانسان من جهة ثانية .

فحاليا التنمية والبيئة محوران أساسيان و هامان في سياسة كل الدول الآخذة في النمو، و عليه يقع على عاتق الجهات المسؤولة في الدولة حتى تأتي مبادئ المسؤولية الاجتماعية للمشروع الاقتصادي آثارها أن تعتمد مفهوم “تقييم الاثر التراكمي” للمشروع من الناحيتين القانونية و البيئية، استنادا على “مبدأ العدالة البيئية ” ([31]) بين مختلف المواقع العمرانية على مستوى الدولة كما هو متبنى في القانون الجزائري .

على العموم لا يجوز الاعتماد على قياس الاثر البيئي للمشروع الاستثماري فقط من خلال الدراسات الآنية المنجزة قبل إنشاء الاستثمارات الوطنية والاجنبية حتى تكون شرط البيئة قيد للإنشاء، بل يجب النظر الى تقييم الاثر التراكمي للتلوث في المكان نتيجة ما يضفيه المشروع من المخلفات الغازية والسائلة والصلبة المستمرة والمستقرة داخل عناصر المحيط الحيوي مع تحديد دقيق لأثر ذلك على حياة الانسان والبيئة على المدى البعيد والقريب ([32]) ، بل ومتابعة تطورات آثار تلك الاستثمارات في الزمن ومراقبة مستجدات الانتاج والتصنيع وبالتالي مستجدات النفايات الصناعية والملوثات مهما كانت نوعيتها وطبيعتها حتى بعد سنوات من الانشاء حتى تبقى حماية البيئة قيد على استمرارية الاستثمارات وبذلك فعلية الشرط وفعاليته في حماية البيئة.

وكأحسن تجسيد للفكرة، نذكر أنه مع بداية القرن العشرين بينت دراسات قامت بها منظمات المجتمع المدني المهتمة بالبيئة بأمريكا أن معاَمل البترول ذات المخلفات البيئية الخطيرة على صحة الانسان قد تمركزت في المناطق الفقيرة وقد انتشرت بهذه المناطق اصابات كثيرة جدا بالربو والسل وغيرها من الامراض وسبَب ذلك نتائج عن قياس الاثر البيئي معتمدا على مبدأ الاثر الفردي للمشروع، أي حجم التلوث الناتج عن المشروع الاقتصادي منفردا دون ملاحظة الاثر التراكمي للتلوث في البيئة المحيطة، ورجع ذلك لإهمال القانون الامريكي لهذه الحالة، لكن بعد سنة 1994 صدر قانون لترسيخ مبدأ العدالة البيئية بين المناطق والسكان دون أدنى تمييز.([33])

خاتمة:

أخيرا ومن خلال ما سبق قوله، إنّ التطور من فكرة بيئة الانسان لسنة 1972 الى فكرة البيئة والتنمية لسنة1992 الى فكرة التنمية المتواصلة التي تم تبنيها سنة 2002 ينطوي على تقديم ناضج، نتج عن كون العلاقة بين الانسان و البيئة لا تقتصر على آثار حالة البيئة على صحة الانسان كما كان في بداية الاهتمام بقضية البيئة في 1972، انما للعلاقة وجه آخر هو أنّ البيئة خزانة الموارد التي يحولها الانسان بجهده وبما حصّله من المعارف العلمية والوسائل التقنية الى ثروات، تحتاج الى عدّة أبعاد اجتماعية وأخلاقية في علاقة الانسان بالبيئة، لتحقيق العدل الاجتماعي بين الناس في حاضرهم ومستقبل أبنائهم([34]).

والمشرع الجزائري كرس ترسانة كاملة من النصوص القانونية تتعلق بحماية البيئة، على رأسها الدستور باعتباره أسمى القوانين يتضمن حماية دستورية للبيئة كأحد أهم الحقوق الإنسانية الواجب مراعاتها والحفاظ عليها، بل وينص صراحة على حقوق الأجيال القادمة ضمن الكتلة البيئية.

كما إن التنمية البيئية تقوم على أربعة ركائز أساسية تعمل الدولة الجزائرية على تطويرها ومتابعتها وهي الركيزة البشرية، الركيزة المؤسساتية، الركيزة القانونية، والركيزة المالية، التي تهدف في مجموعها لتحقيق ما يسمى بالمواطنة الايكولوجية بسلوكات وتصورات جديدة للبيئة التي سيترعرع فيها أبناء الجزائر في الغد.

فالإشكال البيئي بدأ يأخذ حقه من الاهتمام بطريقة موضوعية ابتداء من الثمانينات وذلك بوضع الإطار القانوني لحماية البيئة لسنة 1983، نتج عن معاينة أن البيئة تعتبر ركيزة أساسية في المساهمة في التطور الاقتصادي والاجتماعي وحق مهم من حقوق الانسان، فالإستراتيجية الوطنية تمحورت أساسا في وضع عدة أهداف رامية إلى الحماية والحفاظ من كل أشكال التلوث وذلك بإدخال الإدارة كعنصر أساسي وتوضيح معالم تدخلها كسلطة عامة، ثم بتقرير العقاب في حالة الاعتداء على البيئة بمختلف مكوناتها وعناصرها هذا من جهة، ثم الاستثمار في التوعية والتثقيف ونشر ثقافة البيئة النظيفة والاقتصاد الاخضر وحق البيئة علينا بل والتربية على الحفاظ على البيئة لحمايتها على الامد القريب والبعيد ضمانا لحقوق الاجيال القادمة، وذلك من خلال تلبية احتياجات الحاضر بدون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية حاجاتها تحقيقا للمساواة والعدل الاجتماعي.

ونخلص في النهاية الى التوصيات التالية:

-تكريس الحق في البيئة كحق من حقوق الانسان دستوريا، وجعل المساس بها جريمة.
-تسليط عقوبات صارمة ردعية لحماية البيئة.
-جعل التربية على احترام البيئة واحدة من المقررات التي تدرس في جميع الاطوار التعليمية.

[1]- القانون الدولي للبيئة :” مجموعة قواعد و مبادئ القانون الدولي العام التي تنظم نشاط الدول في مجال منع وتقليل الاضرار المختلفة، والتي تنتج من مصادر مختلفة للمحيط البيئي أو خارج حدود السيادة الاقليمية”.

– د. معمر رتيب محمد عبد الحافظ، القانون الدولي للبيئة وظاهرة التلوث، دار النهضة العربية، القاهرة ، 2008، ص56.

[2]- محمد ثامر ، حق الانسان في بيئة نظيفة ، مجلة الحوار المتمدن-العدد: 4108 – 30 ماي2013، مطلع عليه ماي 2018،على الموقع http://www.ahewar.org

[3]- تعدّ البيئة من المسائل المطروحة حاليا على الصعيدين الوطني والدولي نظرا لتعدد دواعيها ومظاهر الإخلال بها .فالتصحر والأمراض والتلوث وطبقة الأوزون والاحتباس الحراري وغيرها من المشاغل والمستجدات التي لا تقتصر على بلد واحد بل هي قاسم مشترك بين الدول وسكان الكوكب، ومن هنا تولد حق حديث هو حق العيش في بيئة سليمة والذي يُعد من حقوق الجيل الثالث المسماة بالحقوق التضامنية التي تعكس التآزر والتكاتف بين الدول.

– د. ليلي اليعقوبي، العدد الثاني، مجلة جيل حقوق الإنسان، ص 47

[4]- فالحق في البيئة السليمة يتطلب توفير وسط بيئي مناسب لعيش الإنسان وممارسة حياته بصورة طبيعية.

د. أحمد لكحل، دور الجماعات المحلية في حماية البيئة، دار هومة، الجزائر ، 2014،ص 19.

[5]. تقرير مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الانسان، دراسة تحليلية بشأن العلاقة بين حقوق الانسان والبيئة، A/HRC/19/34، على الموقع

https://www.ohchr.org/…/HRCouncil/…/A-HRC

[6]- البيئة في اللغة مشتقة من الفعل (بوأ) و (تبوأ) أي نزل وأقام. والتبوء: التمكن والاستقرار. والبيئة: المنزل. والبيئة بمعناها اللغوي الواسع تعني الموضع الذي يرجع إليه الإنسان، فيتخذ فيه منزله ومعيشته.

– محمد ثامر ، حق الانسان في بيئة نظيفة، المرجع السابق.

[7]- البيئة ، مقال منشور في الموسوعة الحرة ويكيبيا، مطلع عليه 27/05/2018، على الموقع: https://ar.wikipedia.org/wiki

[8]- د . ماجد راغب الحلو، قانون حماية البيئة، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، 1994 ، ص 21.

[9]- عبد الوهاب محمد، المسؤولية عن الأضرار الناتجة عن تلوث البيئة، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة،1994، ص20

[10]- تتكون البيئة من عدة عناصر حية وهي الانسان – النبات- الحيوان ، تعيش على اختلاف أشكالها، في نظام حركي متكامل، كل عنصر يتأثر بالعناصر الأخرى، ويؤثر فيها، ويؤدي دوراً خاصاً به، ويتكامل مع أدوار العناصر الأخرى، ويأتي الإنسان على قمة هذه العناصر فينسق بينها ويسخرها لخدمته. وعناصر غير الحية: وأهمها الماء – الهواء- التربة، وكل عنصر منها يشكل محيطاً خاصاً به، فهناك المحيط المائي – والمحيط الجوي أو الهوائي – المحيط اليابس. ترتبط ببعضها البعض، بعلاقات متكاملة متوازنة والاختلال الذي يلحق بالتوازن البيئي يتأتى من ازدياد أو نقصان، غير طبيعي، لعنصر من عناصر النظام البيئي، الذي يحكم كل بيئة من تلك البيئات، بفعل تأثير خارجي، كتلوث الماء، أو الهواء، أو التربة، أو انقراض بعض النباتات أو الحيوانات أو غيرها ويمثل الإنسان أحد العوامل الهامة في هذا النظام البيئي، بل ويعتبر من أهم عناصر الاستهلاك التي تعيش على الأرض، ولذلك فإن الإنسان إذا تدخل في هذا التوازن الطبيعي دون وعي أو تفكير، فإنه يفسده.

– نقلا عن : د. نوارة حسين، التكريس التشريعي للأمن البيئي في قوانين الاستثمار ، مداخلة ملقاة في الملتقى الدولي حول : رهانات الامن البيئي و التنمية المستدامة في التشريعات الوطنية و المواثيق الدولية، يومي 15-16 نوفمبر 2017، ص 3.

انظر ايضا : د. أحمد لكحل، مرجع سابق، ص 19.

[11]- حمّل تقارير مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة البشرية لسنة 1972 الذي عُقد في ستوكهولم في الفترة 5 إلى 16 حزيران/يونيه 1972 بموجب قرار الجمعية العامة 2398 (د-23) المؤرخ 3 كانون الأول/ديسمبر 1968بشأن مشكلات البيئة البشرية وأدى إلى إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة وصدور الوثيقة الختامية: A/CONF.48/14/Rev، من الموقع:

http://research.un.org/ar/docs/environment/conferences

[12]- انظر تقرير اللجنة العالمية المعنية بالبيئة والتنمية 1987،في وثائق الأمم المتحدة: البيئة، مطلع عليه ماي 2018 ، على الموقع: http://research.un.org/ar/docs/environment/conferences

[13]- ان التحول نحو اقتصاد أخضر يتطلب سياسات متماسكة لدمج ركائز التنمية المختلفة، والتي بدورها تتطلب التعاون بين مختلف الوزارات والتلاحم بين المنظمات و المؤسسات التي تتعامل مع مختلف جوانب التنمية على الصعيد الدولي والمستوى الإقليمي. ولتحقيق الجهود لتشجيع التنمية المتكاملة يجب أن ندرك ان الضمان الأساسي لتحقيق بينة متوازنة وصحية هو العلاقة الصحيحة بين حقوق الإنسان وحماية البيئة. حيث لا يمكن تحقيق الاقتصاد الأخضر بدون دمج حقوق الإنسان وحماية البيئة لتحقيق التنمية المتكاملة والمستدامة. ومنذ بدء الاهتمام بالمحافظة على البيئة في أواخر ستينيات القرن الماضي تقريبا بدا تكون نظرة قوية لتأثير عملية حماية البيئة على حقوق الانسان.

– انظر : دكتور وليد ابو بطه، البيئة وحقوق الانسان، مقال منشور في مجلة الدليل نيوز بتاريخ 08 يونيو 2016.

http://aldaleelnews.com/

[14]. Les droits de l’homme et la protection de l’environnement sont indivisibles et inséparables » Christel Cournil et Catherine Colard-Fabregoule, Changements climatiques et défis du droit, Université paris Nord13, centre d’études et de recherches Administratives et politiques, p251.

[15]- د. وليد أبو بطة، البيئة وحقوق الانسان، مقال منشور 9جوان 2016، مطلع عليه :09/05/2018 ، منشور على الموقع http://shbabalnil.com

[16]- يقول في هذا الصدد الدكتور وليد أبو بطة بوزارة الزراعة بأن :” هناك ارتباط أساسي بين الجهود الرامية للحفاظ على البيئة والمضي قدما نحو تحقيق الاقتصاد الأخضر وما سيحققه من فوائد كثيرة فى مجالات الطاقة والغذاء والامن المائى للانسانية, وذلك بالارتباط مع الحفاظ على حقوق الانسان للوصول لتحقيق التنمية المتكاملة والاهداف الانمائية للالفية. حيث يعتبر الإنسان أهم عامل مؤثر في إحداث التغيرات البيئية المختلفة ، فمنذ بدء الخليقة ووجود الانسان على الارض وهو يتعامل مع مكونات البيئة، وبمرور الأعوام ازدادت سيطرة الانسان و تحكمهً في البيئة، وخاصة بعد أن التقدم العلمي والتكنولوجي الذى اتاح المزيدً من فرص إحداث التغير في البيئة وفقاً لزيادة متطلباته .

دكتور وليد ابو بطه، البيئة وحقوق الانسان، منشور بتاريخ 08 يونيو 2016 ، مطلع عليه بتاريخ 10/05/2018،

http://aldaleelnews.com/

[17]- علاقة البيئة وحقوق الانسان ظهرت لأول مرة في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة في ستوكهولم في عام 1972 ، ثم في مؤتمر قمة الأرض في ريو عام 1992، ومؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة لعام 2002، وصولا لمؤتمر قمة المناخ في باريس 2015 حيث تم الاهتمام بقوة بمدى تأثر حقوق الانسان بالسعي للحفاظ على الاستدامة البيئة. وعلى الصعيد الإقليمي تم ربط حقوق الإنسان والبيئة في الاتفاقيات الاقليمية بموجب الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان، و الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، والاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان ، و اتفاقية اللجنة الاقتصادية لأوروبا وذلك للوصول للمعلومات والمشاركة العامة في صنع القرار، للوصول لتحقيق العدالة فيما يتعلق بالبيئة .

[18]- يقترح نزلي شكري في دراسته عن التحديات البيئية والأجوبة العالمية استقراء استراتيجيات عمل تنطلق من المبادئ التالية: الطابع الشرعي للتدخل لحماية البيئة، أن تكون التدخلات عادلة، متناسبة ومتوازنة، أن تكون ذات طابع تطوعي توافقي بعيد عن الإكراه، أن تكون عالمية الطابع وفوق موضوع سيادة الدول، وأخيرا أن تكون أن تكون ذات فعالية عالية.

– نقلا عن د. وليد أبو بطة. عبر الموقع التالي: https://web.com/legal.foryou/posts/

[19]– دوليا قرر مجلس حقوق الإنسان، في آذار/مارس 2012، إنشاء ولاية بشأن حقوق الإنسان والبيئة، ستضطلع بدراسة الالتزامات المتعلقة في مجال حقوق الإنسان بالتمتع ببيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة، وتعزيز أفضل الممارسات المتعلقة باستخدام حقوق الإنسان في رسم السياسات البيئية.

محمد ثامر ، حق الانسان في بيئة نظيفة، مجلة الحوار المتمدن-العدد: 4108 – 2013 / 5 / 30 – على الموقع:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid

[20]-إنّ حماية البيئة هي في الأصل حماية من التلوث باعتباره مجموعة التغيرات غير المرغوبة التي تحيط بالإنسان ومحيطه بكل مكوناته وعناصره، من خلال حدوث تأثيرات مباشرة أو غير مباشرة على البيئة ، ومن شأنها التغيير في المكونات الطبيعية، الكيمائية والبيولوجية للبيئة مما يؤثر على الإنسان ونوعية الحياة.

– د/ معوض عبد الثواب، جرائم التلوث من الناحية القانونية والفنية، الإسكندرية ،منشأة المعارف، 1968، ص ص 9 -10.

[21]-محمد ثامر ، حق الانسان في بيئة نظيفة، مجلة الحوار المتمدن-العدد: 4108 – 2013 / 5 / 30 – على الموقع:

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid

[22]- د / حسين نوارة ، حماية البيئة قيد على حرية الاستثمار، محاضرة ملقاة في يوم دراسي بعنوان البيئة و التنمية المستدامة، كليــــــــة الحقـــــــوق والعلـــــــوم السيــــــــاسية جــــــــــــامعة مولـــــــــود معمـــــــري تيـــــــــــزي وزو، ص1

[23]- د. وليد أبو بطة، البيئة وحقوق الانسان، مقال منشور 9جوان 2016، مطلع عليه :09/05/2018 ، منشور على الموقع http://shbabalnil.com.

[24]- القانون رقم 16-01 المؤرخ في 06 مارس 2016 ، يتضمن الدستور ، الجريدة الرسمية رقم 14 المؤرخة في 7 مارس 2016.

[25]- القانون رقم 03/10 المؤرخ في 20/07/2003 المتعلق بحماية البيئة في إطار التنمية المستدامة ،الجريدة الرسمية العدد 43

لسنة 2003.

[26]- د. اسماعيل سراج ،”حتى تصبح التنمية المستدامة” ،مجلة التمويل والتنمية ، صندوق النقد الدولي ،ديسمبر 1993 ص 7.

[27]- د. . أحمد لكحل، المرجع السابق، ص 42.

[28]- د. فيصل بوخالفة، الجريمة البيئية وسبل مكافحتها في التشريع الجزائري، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة باتنة ، 2016-2017، ص 260.

[29]- هناك عدة تعريفات للمسؤولية الاجتماعية للشركات، تختلف باختلاف وجهات النظر في تحديد شكل هذه المسؤولية. فالبعض يراها بمثابة تذكير للشركات بمسؤولياتها وواجباتها إزاء مجتمعها الذي تنتسب إليه، بينما يرى البعض الآخر أن مقتضى هذه المسؤولية لا يتجاوز مجرد مبادرات اختيارية تقوم بها الشركات صاحبة الشأن بإرادتها المنفردة تجاه المجتمع. ويرى آخرون أنها صورة من صور الملاءمة الاجتماعية الواجبة على الشركات. إلا أن كل هذه الآراء تتفق من حيث مضمون هذا المفهوم. وقد عرف مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة المسؤولية الاجتماعية على أنها “الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل”.

– رقية عيران، المسؤولية الاجتماعية للشركات بين الواجب الوطني الاجتماعي والمبادرات الطوعية، نقلا عن: د/ نوارة حسين،حماية البيئة قيد على حرية الاستثمار، مداخلة ملقاة في اليوم الدراسي بعنوان البيئة و التنمية المستدامة ، كليــــــــة الحقـــــــوق والعلـــــــوم السيــــــــاسية جــــــــــــامعة مولـــــــــود معمـــــــري تيـــــــــــزي وزو، ص 17.

[30]- نقلا عن :د. نوارة حسين، المرجع نفسه، ص18.

[31]- يجدر بنا الاشارة الى أنه في بودابست في ديسمبر 2003 نظمت ورشة عمل عن العدالة البيئية لدول وسط شرق أوروبا و توصلت الابحاث الى ضرورة ارساء ووضع قواعد و اجراءات ذلك المفهوم الانساني للعدالة بين الاقاليم و السكان في الدول الاوروبية . للتفصيل انظر: د. حمدي هاشم ، البيئة و المسؤولية الاجتماعية للمشروع الاقتصادي، على الموقع : www.feedo.net/envirenement .تاريخ الاطلاع 07/10/2016.

[32]- إن دراسة تأثير الاستثمار على البيئة أداة مراقبة ووقاية، لأنه اجراء اداري ذو طابع علمي وتقني مسبق لضمان حماية قبلية للبيئة من أضرار الاستثمارات ومخاطرها، هدفه تحديد مدى ملائمة إدخال المشروع في بيئته مع تقييم آثاره المباشرة وغير المباشرة والتحقق من مدى التكفل في انجازه بالتعليمات المتعلقة بحماية البيئة على المدى القصير و البعيد.

انظر:بن موهوب فوزي ، اجراء دراسة مدى التأثير كآلية لحماية البيئة ، مذكرة لنيل درجة الماجستير في القانون فرع القانون العام ، تخصص تحولات الدولة ، كلية الحقوق و العلوم السياسية ، جامعة عبد الرحمان ميرة ، بجاية، 2012، ص 16 و ما بعدها

انظر: د. بالي حمزة ،د/ شاهد إلياس ، دراسات التقييم البيئي في الجزائر، دراسة تحليلية قانونية، مجلة العلوم القانونية و السياسية، عدد16، 2017، ص ص 88-89.

[33]- نقلا عن :د. نوارة حسين، مرجع سابق، ص19

[34]- د/ عامر طراف ، حياة حسنين ، المسؤولية الدولية والمدنية في القضايا البيئية والتنمية المستدامة، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، لبنان،2012، ص ص 102-103.

إعادة نشر بواسطة محاماة نت