حكم محكمة النقض المصرية في مذبحة قسم كرداسة

الطعن 13324 لسنة 88 ق جلسة 10 / 6 / 2019

باسم الشعب
محكمــة النقــض
الدائرة الجنائية
الاثنين ( ج )
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد القاضي / مـــمـــدوح يـــوســـف نائب رئيس المحكمـة
وعضوية السادة القضاة / مــحـــمــــد خـــــالــــــد و مــــهــــاد خــــلــــيــــفـــــة
ومــجــدى شــبــانـــه و رفـــــــعــــــــت ســـــــــنـــــد
نــواب رئيس المحكمة
وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد / رائد سمير .
وأمين السر السيد / على محمود .
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .
في يوم الاثنين 6 من شوال سنة 1440 هـ الموافق 10 من يونيه سنة 2019 م .
أصـدرت الحكم الآتي :
في الطعن المقيد بجدول المحكمة برقم 13324 لسنة 88 القضائية .
المرفوع مـن :
…….. ” طاعن “
ضــد
النيابة العامة ” مطعون ضدها “

الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن في القضية رقم 11010 لسنة 2013 جنايات كرداسة ( والمقيدة برقم 955 لسنة 2014 كلى شمال الجيزة ).
بوصف أنه في الفترة من 3 من يوليو لسنة 2013 حتى 5 من يوليو لسنة 2013 – بدائرة مركز شرطة كرداسة – محافظة الجيزة .
ــــــ دبر وآخرون سبق الحكم عليهم تجمهراً مؤلفاً من أكثر من خمسة أشخاص من شأنه أن يجعل السلم العام في خطر وكان الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والتخريب والإتلاف العمدي والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم باستعمال القوة .
ـــــ اشترك وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص من شأنها أن يجعل السلم العام في خطر وكان الغرض منه ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فيه والتخريب والإتلاف العمدي والتأثير على رجال السلطة العامة في أداء أعمالهم باستعمال القوة حال حملهم لأسلحة نارية وبيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ، وقد وقعت منهم تنفيذاً للغرض المقصود من التجمهر مع علمهم به الجرائم الاتية :ــــ
1ـــــ قتلوا وأخرون مجهولون المجني عليه / هاني محمود إبراهيم عبد اللطيف عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل قوات الشرطة المتواجدة بمركز شرطة كرداسة وأعدوا لذلك الغرض أسلحة نارية وبيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص وتوجهوا وآخرون مجهولون للمكان سالف الذكر وأطلق مجهولون من بينهم الأعيرة النارية صوب القوات المكلفة بتأمين المركز قاصدين إزهاق روح أياً منهم فحاد إحداها عن هدفه وأصاب المجني عليه – الذي تصادف مروره بمحل الواقعة – فأحدث إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ، وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي حال كون المجني عليه لم يبلغ من العمر ثماني عشرة سنة ميلادية كاملة على النحو المبين بالتحقيقات.
وقد اقترنت بجناية القتل آنفة البيان وتقدمتها وتلتها جنايات أخرى أنه في ذات الزمان والمكان سالفي الذكر .
ــــ شرع وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون في قتل المجني عليهم / علي أحمد مصطفى حسن ، شريف حشمت فهمي محمد إبراهيم ، مصطفى أحمد حسن عمر عدس ، هشام عبد الوهاب محمد إبراهيم ، ياسر عبد الحميد محمد عبد الحميد ، شعبان جمال يونس محمود ، عبد الرحمن صلاح خلف عبد الرحمن ، أحمد إسماعيل دبلان ، أيمن عطا الله أمين حكيم ، إبراهيم عطا الله صموئيل بشاي ، علي نصر عبد الله محمود ، محمد صبحي مصطفى الهيطل ، علي عيد سميح حماد ، أبو زيد جنيدي عبد الله محمد ، أحمد عطا محمد خلف ، أحمد محمد المصري يوسف إبراهيم ، حمادة حامد حامد محمد ، احمد حسنى عبد الحميد أحمد ، عوض كريم صالح كريم ، عبد العزيز محمد عبد العزيز ورضا أحمد قرني عبد الله – من قوات الشرطة – عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل قوات مركز شرطة كرداسة وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة والأدوات سالفة البيان وما إن ظفروا بهم حتى أطلق مجهولون من بينهم صوب المجنى عليهم أعيرة نارية قاصدين إزهاق أرواحهم فأحدثوا بهم إصابتهم الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق ، وقد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو مداركة المجنى عليهم بالعلاج ، وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .
ـــــ استعمل وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون القوة والعنف مع موظفين عموميين وأشخاص مكلفين بخدمة عامة – ضباط وجنود قوات الشرطة المكلفين بتأمين مركز شرطة كرداسة – بأن أطلقوا صوبهم الأعيرة النارية ورشقوهم بالحجارة والزجاجات الحارقة فأحدثوا ببعضهم – المجنى عليهم سالفي الذكر بعالية – إصابتهم الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة بالأوراق ، وذلك لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم ولم يبلغوا بذلك مقصدهم حال حملهم للأدوات والأسلحة سالفة البيان على النحو المبين بالتحقيقات .
ـــــ شرع وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون في التخريب العمدي لمباني وأملاك مخصصة لمصالح حكومية ( مبنى قسم شرطة كرداسة ) بأن أطلقوا صوبه وابلاً من الأعيرة النارية ورشقوه بالحجارة وألقوا عبوات مشتعلة ( مولوتوف ) بداخلة فأحدثوا به التلفيات الموصوفة بتقرير مصلحة تحقيق الأدلة الجنائية ونشأ عن ذلك الفعل تعطيل أعمال مصلحة ذات منفعة عامة وقد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو تصدي قوات الشرطة المكلفة بتأمين مركز شرطة كرداسة لهم ، وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي وبقصد إحداث الرعب بين الناس وإشاعة الفوضى على النحو المبين بالتحقيقات .
ــــــ أتلف وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون عمداً أموالاً منقولة لا يمتلكوها وهي سيارات الشرطة أرقام ( 3188/ب 14 ، 7737/ب 11 ، 7228ب /17 ، ب 11/6212، ب 15/8337 ) وعربة خشبية لبيع ثمار الفاكهة ، وسيارة ملاكي ، إبان تواجدها بمحيط مركز شرطة كرداسة – ونشأ عن ذلك الفعل تعطيل أعمال مصلحة ذات منفعة عامة – وجعل الناس وصحتهم وأمنهم في خطر ، وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .
2ــــ حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة أسلحة نارية ( بنادق آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها وأسلحة نارية مششخنة ( مسدسات وبنادق ( وغير مششخنة ( بنادق وأفرد خرطوش ( بغير ترخيص ، وكان ذلك في أحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام على النحو المبين بالتحقيقات .
3ـــ حازوا وأحرزوا بالذات والواسطة ذخائر مما تستعمل على الأسلحة سالفة الذكر حال كون بعضها غير مرخص لأى منهم بحيازتها أو إحرازها والبعض الأخر مما لا يجوز الترخيص بحيازتها او إحرازها وكان ذلك في أحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام على النحو المبين بالتحقيقات .
4ـــ حازوا وأحرزوا أسلحة بيضاء وأدوات مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية ، وكان ذلك في أحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالأمن والنظام العام على النحو المبين بالتحقيقات.
وأحالته إلي محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر
الإحالة .
والمحكمة الذكورة قررت بجلسة 29 من نوفمبر لسنة 2017 بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي فيها ، وحددت جلسة 14 من يناير لسنة 2018 للنطق بالحكم ، وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الاراء عملاً بالمواد 13، 39، 45/1، 46، 86، 90، 137 مكرر أ/1، 2، 230، 231، 234، 235، 361 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 3 مكرر ، 4 من القانون رقم 10 لسنة 1914 المعدل بالقانون رقم 87 لسنة 1968 بشأن التجمهر والمواد 1، 6، 25 مكرر، 26 من القانون رقم 394 لسنة 1954 بشأن الأسلحة المعدل بالقانون رقم 165 لسنة ۱۹۸۱ والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند 7 من الجدول رقم 1 والجدول رقم 2 والبندين ( أ، ب ) من القسم الأول والبند ” ب ” من القسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحقين بالقانون الأول والمعدل أولهما بقرار وزير الداخلية ، مع إعمال المادة ۳۲ من قانون العقوبات بمعاقبة أشرف محمد علي
عيد أبو حجازه وصحة اسمه أشرف محمد عيسي علي محمد بالإعدام عما نسب إليه وألزمته المصروفات الجنائية .
فقرر المحكوم عليه بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 20 من يناير لسنة 2018 .
وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في 26 من فبراير لسنة 2018 موقعاً عليها من الأستاذ / محمد عبد اللطيف إبراهيم المحامي .
كما عرضت النيابة العامة القضية الماثلة على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة بريها طلبت فيها اقرار الحكم بإعدام المحكوم عليه .
وبجلسة اليوم سمعت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه:-
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تدبير تجمهر من شأنه تعريض السلم العام للخطر ووقع منه تنفيذاً لغرضه جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والشروع فيه واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء أعمال وظيفتهم دون بلوغ مقصده والشروع في التخريب العمدي لأملاك عامة ( مركز شرطة كرداسة ) والاتلاف العمدي له ولأموال منقولة تنفيذاً لغرض إرهابي وحيازة وإحراز بالذات وبالواسطة أسلحة نارية آلية وذخائرها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها وأسلحة نارية مششخنة وغير مششخنة وذخائر بغير ترخيص وأسلحة بيضاء وأدوات مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ وذلك في أماكن التجمعات العامة بقصد استعمالها في الإخلال بالأمن والنظام العام قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والاخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ، ولم يدلل على توافر عناصر المسئولية الجنائية في حقه ، ولم يبين ماهية الأفعال التي قارفها ورابطة السببية بينها وبين ما عاقبه عليه من جرائم ولم يستظهر مدى مشاركته فيها ودوره في ارتكابها ، ولم يدلل على نية القتل وظرفي سبق الإصرار والاقتران ، ولم يستظهر ماهية الضرر الجسيم الذي لحق بالمال العام ، وتساند الحكم إلى أقوال شهود الإثبات رغم ورودها مرسلة مجهلة إذ جرت شهادة الشاهدين الأول والثاني على قولهما “الشيخ أشرف” دون بيان كامل اسمه أو تحديد
أوصافه ، وخلت الأوراق من شاهد رؤية لتعذرها ، فضلاً عن عدم ضبط الطاعن متلبساً، وأسس الحكم قضاءه على الظن والاحتمال إذ عول على تحريات الشرطة التي لا تصلح بذاتها دليلاً على الإدانة فضلاً عن خلو الأوراق عن دليل يؤيدها مطرحاً دفع الطاعن بأنه ليس هو المعنى بالاتهام وأن من توصلت التحريات أنه مرتكب الواقعة هو شخص آخر غيره ولم تجر المحكمة تحقيقاً في ذلك بلوغاً لغاية الأمر فيه ، وعول الحكم في قضائه على التقارير الطبية رغم أنها لا تصلح لنسبة الفعل إلى الطاعن ، الذي أُدين رغم عدم التحقيق معه في أي مرحلة من مراحل الدعوى ، والتفتت المحكمة عن انكاره الواقعة وعن دفاعه المؤيد بمستندات رسمية بعدم وجوده على مسرح الجريمة ولم تحفل بأقوال شهود النفي ، كما لم يعن الحكم بالدفع ببطلان أمر الإحالة لصدوره أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بالنسبة لمتهمين آخرين لهم ذات المركز القانوني للطاعن ، وضرب صفحاً عن الدفع ببطلان المحاكمة لعدم علانية الجلسات وانعقادها بأكاديمية الشرطة دون طلب من رئيس المحكمة أو صدوره قرار من وزير العدل ، وأورد الحكم أسباباً لحكم سبق إصداره على متهمين آخرين مما ينبئ عن أن المحكمة كان لديها الرغبة في الإدانة وتوقيع عقوبة الإعدام على الطاعن ، بل أنها لم تطالع أوراق الدعوى ومفرداتها لوجودها بمحكمة النقض ولعدم وجود نسخة أصلية منها آنذاك ، كما أن مفتي الجمهورية أسس رأيه على الظن والاحتمال ولم يطلع على أوراق الدعوى ، هذا إلى أن الحكم اطرح أوجه دفاع ودفوع الطاعن بردود غير سائغة ولم تجبه المحكمة إلى طلباته ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه – على ما يبين من مطالعة مدوناته – قد حصل واقعة الدعوى بما مفاده أنه بعد خروج مجموع غفيرة من الشعب المصري ضد حكم جماعة الاخوان وعقب إذاعة بيان القوات المسلحة في يوم 3/7/2013 قام المتهم ومن سبق الحكم عليهم ومن والهم من أفراد التنظيم الإخواني والتيارات الاسلامية الأخرى باقتحام مركز شرطة كرداسة ، إلا أن قوات الشرطة تصدت لهم ، وفي يوم 5/7/2013 عقب صلاة الجمعة تجمع عدد من عناصر جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية المواليه لهم أمام مركز شرطة كرداسة مرددين هتافات مناهضة للقوات المسلحة وللشرطة ، وقام الطاعن وآخران سبق الحكم عليهما بمقابلة مأمور المركز طالبين منه إخلائه من القوات وتسليمه لهم وللمتجمهرين، فلما رفض طلبهم ، خرج الطاعن من ديوان المركز ومن كانا معه وأشار أحدهم للمتجمهرين بوضع أصبع على رقبته بما يفيد ذبح قوات الشرطة وظل الطاعن بين صفوف المتجمهرين محرضاً لهم على تصعيد الموقف العدائي ضد القوات ، فعلت الهتافات واشتدت وقذف المتجمهرين ديوان المركز بزجاجات المولوتوف والحجارة وتسلقوا سوره ووضعوا عليه علم تنظيم القاعدة وأطلق عدد منهم الأعيرة النارية صوبه من أسلحتهم النارية التي كانوا يحرزونها ويحوزونها ، فألحقوا به وبسيارات الشرطة التلفيات المبينة بالتحقيقات وقتلوا المجني عليه هاني محمود إبراهيم عبد اللطيف عمداً مع سبق الإصرار لإصابته من عيار ناري معمر بمقذوف مفرد بيسار الظهر وما أحدثه من تهتكات بالرئتين والقلب ونزيف دموي غزير مصاحب ، على النحو الوارد بتقرير الصفة التشريحية ، وشرعوا في قتل المجني عليهم من رجال الشرطة الوارد أسماءهم ووصف إصاباتهم بالتحقيقات والتقارير الطبية المرفقة عمداً مع سبق الإصرار . وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه – على هذه الصورة – في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وتقرير الصفة التشريحية للمجني عليه هاني محمود إبراهيم عبد اللطيف ومن التقارير الطبية للمصابين وتقريري الأدلة الجنائية ومن معاينة النيابة العامة لديوان مركز شرطة كرداسة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان يبين من مجموع ما سطره الحكم بمدوناته أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة تساند قضاؤه مبيناً إياها بصورة وافية ، وجاء استعراض المحكمة للواقعة والأدلة عليها على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها الماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان مجموع ما ساقه الحكم – على النحو السالف بسطه – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، ومبيناً لفحوى أدلتها ، فإن ذلك يكون محققًاً لحكم القانون . ومن ثم فإن النعي بالقصور في التسبيب لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم 10 لسنة 1914 في شأن التجمهر ، حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً ، في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل ، وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة ، أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح ، أو التأثير على السلطات في أعمالها ، أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ، وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه ، هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، واتجاه غرضهم إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض ، وأن تكون نية فيه الاعتداء قد جمعتهم ، وظلت تُصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور ، وأن تكون الجرائم التي اُرتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه ، دون أن يؤدي إليها السير الطبيعي للأمور ، وقد وقعت جميعها حال التجمهر ، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب اتفاق سابق بين المتجمهرين ، إذ أن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه ، عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الاجرامي الذي يهدفون إليه ، مع علمهم بذلك ، وكان ما سطره الحكم المطعون فيه يُوفر أركان جريمة التجمهر مما يرتب تضامناً في المسئولية الجنائية بالنسبة للطاعن – والمحكوم عليهم الأخرين – سواء عُرف من الذي أطلق الأعيرة النارية على المجني عليهم أو تعدي عليهم بالأسلحة البيضاء أو ألقى الحجارة وزجاجات المولوتوف والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة ، أو المتسبب في وفاة القتيل أو السرقة مع حمل سلاح أو لم يُعرف ، وإذ كان الحكم قد التزم صحيح القانون في هذا الشأن ولم يخطئ في تقديره ، فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، هذا إلى أن جناية استخدام القوة ضد المجني عليهم بقصد ترويعهم وتهديدهم بالحاق الأذى المادي والمعنوي بهم والمقترنة بجنايات القتل العمد والشروع فيه التي دان الحكم الطاعن بها – بوصفها الجريمة الأشد – إعمالاً لنص المادة 32 من قانون العقوبات قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ، وحال التجمهر ، ولم يستقل بها أحد من المتجمهرين لحسابه ، وكان وقوعها بقصد تنفيذ الغرض من التجمهر ، ولم تقع تنفيذاً لقصد سواه ، ولم يكن الالتجاء إليها بعيداً عن المألوف ، بحيث يسوغ محاسبة الطاعن عليه ، باعتباره من النتائج المحتملة للاشتراك في تجمهر محظور عن إرادة وعلم بغرضه ، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو ربط تلك الجرائم التي دان الطاعن بها بالغرض الذى قام من أجله هذا الحشد المجتمع أفراده متجمهرين لتنفيذ مقتضاه ، ومن ثم فإن النعى على الحكم في هذا الصدد لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفى لا يُدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني ، فلا يستطيع أحد أن يشهد بها مباشرة بل تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلص منها القاضي مدى توافره ، ما دام موجب هذه الظروف وتلك الوقائع لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، ويشترط بتوافره في حق الجاني أن يكون في حالة يتسن له فيها التفكير في عمله والتصميم عليه في روية وهدوء ، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه – على ما يبين من مطالعة مدوناته – يكفى في استظهار نية القتل ويتحقق به ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وكان تدليله على توافر نية القتل في حق أحد المشتركين في جريمة التجمهر غير المشروع – كما هي معرفة به في القانون – ما ينعطف حكمه على كل من اشترك في هذا التجمهر ، مع علمه بالغرض منه ، بصرف النظر عن مقارفته هذا الفعل بالذات أو عدم مقارفته – ما دام الحكم دلل تدليلاً سليماً على توافر أركان جريمة التجمهر في حق المتجمهرين جميعاً – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – ومن ثم فإن النعى على الحكم في هذا الشأن يكون غير مقترن بالصواب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاقتران بتوافر باستقلال الجرائم المقترنة عن جناية القتل العمد وتميزها عنهم وقيام المصاحبة الزمنية بينهم ، بأن تكون الجنايات قد ارتكبت في وقت واحد وفى فترة قصيرة من الزمن ، وتقدير ذلك موضوعي ، وكان ذلك متوافراً في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فقد توافر في الدعوى ظرف الاقتران بالمعنى المقصود بالمادة 234/2 من قانون العقوبات ولما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر التلفيات التي لحقت بمبنى ديوان مركز شرطة كرداسة وبسيارات الشرطة وقدرت المحكمة أن ضرراً جسيماً قد لحق بهذه الممتلكات العامة ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المجال لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان لا يشترط في شهادة الشاهدة أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المعروضة أمامها ، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الدفع بتعذر الرؤية من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يقول به الطاعن من أن أياً من شهود الإثبات لم ير واقعات الحادث ولم يعاصر أحدهم التعدي على المجنى عليهم وقوله خلو الأوراق من دليل يقيني على إدانته لا يعدو جميعه أن يكون محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين وتشكيك في أقوال الشهود ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد تصدى لما أبداه الطاعن من دفاع بأنه ليس هو المعنى بالاتهام وقضى برفضه على نحو سائغ ، وكان هذا الدفاع في حقيقته نفى للتهمة يكفى للرد عليه ما ساقته المحكمة من أدلة الثبوت ، كما أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها وسائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفى لحمل قضائه – كما هو الحال في الدعوى الماثلة – ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة سائر طلبات التحقيق التي أشار إليها في أسباب طعنه ، ومن ثم فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن التقارير الطبية وإن كانت لا تدل على نسبة إحداث الإصابات إلى المتهمين إلا أنها تصلح كدليل مؤيد لأقوال الشهود في هذا الخصوص ، فلا يعيب الحكم الاستناد إليها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات ، إذ لا مانع في القانون يمنع من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم أو سؤاله ، كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب من المحكمة استجوابه فيما أُسند إليه ، وهو أمر لا يجوز للمحكمة إجرائه من تلقاء نفسها إلا إذا قبل المتهم هذا ، وذلك عملاً بنص المادة 274 من قانون الإجراءات الجنائية ، فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذ إجراء لم يطلبه منها ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم ارتكابه الجريمة وعدم وجوده على مسرحها واطرحه برد سائغ ، فإن ما يُثار في هذا الخصوص لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهى غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وإن في قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المنحنى لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثير شيئاً بشأن بطلان أمر الإحالة ، وكان هذا الأمر إجراء سابقاً على المحاكمة ، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارة بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ، ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكان من المقرر طبقاً للمادة الثامنة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 – أنها اشترطت أن تنعقد محكمة جنايات في كل مدينة بها محكمة ابتدائية – إلا أنها لم تشترط أن تنعقد المحكمة في ذات المبنى الذى تجرى فيه جلسات المحكمة الابتدائية ، وما دامت محكمة الجنايات التي نظرت الدعوى قد انعقدت في مدينة القاهرة – وهو ما لا ينازع فيه الطاعن – فإن انعقادها يكون صحيحاً ، هذا إلى أنه لم يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة والحكم المطعون فيه أنه قد أثبت بهما أن المحاكمة جرت في علنية ، وكان ما أورده الحكم رداً على ما أُبدى في هذا الشأن كافياً وسائغاً ويتفق وصحيح القانون ، ومن ثم فإن النعي عليه ببطلان المحاكمة لعدم علانية الجلسات وانعقادها بأكاديمية الشرطة لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذى كان غائباً من أن تورد الأسباب ذاتها التي اتخذها حكم صدر ضد متهمين آخرين أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة من إدانة المحكوم عليه من المسائل الداخلية التي تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره ، وترك المشرع أمر تقدير الإدانة لما يطمئن إليه القاضي ويرتاح إليه وجدانه ، ومن ثم فإن ما يُثار في هذا الخصوص لا يصح أن ينبئ عليه وجه الطعن . لما كان ذلك ، وكان ما جاء بمحضر جلسة المحاكمة المؤرخ 28/7/2016 من أن مفردات الدعوى قد ضمت إلى طعن بنظر إلى محكمة النقض لا ينفى بالضرورة أن تلك المفردات أو صورة رسمية منها كانت تحت بصر المحكمة حال نظرها الدعوى حتى الفصل فيها ، لا سيما وأن الحكم المطعون فيه قد أثبت اطلاع المحكمة على أوراق الدعوى ، وإذ كانت ورقة الحكم تعتبر متممة لمحضر الجلسة في إثبات إجراءات المحاكمة ، وكان الأصل في الإجراءات أنها روعيت ، ومتى أثبت الحكم الاطلاع على أوراق الدعوى ، فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما أثبته الحكم من تمام هذا الإجراء إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله ، فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون محدداً ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه الدفوع والدفاع التي اطرحها الحكم برد غير سائغ والأوجه الأخرى التي أغفل الرد عليها والطلبات التي لم تجبه المحكمة إليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان القانون رقم 11 لسنة 2017 في شأن تعديل بعض أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض قد اختص محكمة النقض بنظر موضوع الدعوى إذا نقضت الحكم المطعون فيه ، ولما كان تقدير محكمة الموضوع للعقوبة لا يعدو أن يكون خاتمة مطاف الموضوع ومحصلته النهائية ، ومن ثم فإنه من غير المقبول عقلاً ومنطقاً أن يبقى تقدير العقوبة بمنأى عن رقابة محكمة النقض – بعد التعديل الذى سنه الشارع بالقانون المشار إليه والمعمول به في الأول من شهر مايو سنة 2017 ، ومن ثم فقد بات متعيناً بسط رقابة هذه المحكمة – محكمة النقض – على تقدير محكمة الموضوع للعقوبة ، دون حاجة إلى نقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر موضوعه . وتأسيساً على ذلك ، فإن هذه المحكمة تقضى – لما ارتأته من ظروف الطعن – بتصحيح الحكم المطعون فيه الساري عليه التعديل المذكور لصدوره في 14 من شهر يناير سنة 2018 ، وذلك بإلغاء عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه ومعاقبته بالسجن المؤبد بدلاً منها . ورفض الطعن فيما عدا ذلك ، ومن نافلة القول أن ما ينعى به الطاعن بشأن رأى مفتى الجمهورية أصبح ولا محل له .
ثانياً : بالنسبة لعرض النيابة العامة :ـــ
من حيث إنه لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض – مشفوعة بمذكرة طلبت فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم
عليه ، وكانت محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين – من تلقاء نفسها – دون تقيد بمبنى الرأي الذى ضمنته النيابة العامة مذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب ، ويستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة العامة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
ومن حيث إن هذه المحكمة قد انتهت إلى القضاء بتصحيح الحكم المعروض بإلغاء عقوبة الإعدام المقضي بها على المحكوم عليه ومعاقبته بالسجن المؤبد ، فإن موضوع عرض النيابة العامة للقضية صار لا محل له .

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :ـــ أولاً : بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليه شكلاً وعرض النيابة العامة للقضية .
ثانياً : وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه بإلغاء عقوبة الإعدام المقضى بها عليه ومعاقبته بالسجن المؤبد ، ورفض الطعن فيما عدا ذلك .

اعادة نشر بواسطة محاماة نت .